بعدما صار الشيوعيون شيعة ضائعة في "أمة حزب الله"

تاريخ الإضافة الأربعاء 26 تشرين الثاني 2008 - 8:44 ص    عدد الزيارات 1981    التعليقات 0

        

منال صقر
 
\"\"
 
\"\"
 

\"\"


\"\"

انتسب سعدالله مزرعاني (وهو اليوم على مشارف الستين من العمر) الى الحزب الشيوعي ايام العصر الذهبي لليسار في ستينات القرن الماضي، وخصوصاً في صفوف الحركة الطالبية والمدرسين في التعليم الرسمي. وبعد نشاطه في "الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية" التي كان طالباً في كليتها للتربية، وتخرج منها من دون ان ينخرط في سلك التعليم الثانوي، بل تفرغ طوال الحرب (1975-1990 ) للعمل الحزبي، متدرجاً في المراتب التنظيمية ضمن المجموعة الحزبية التي تصدرها جورج حاوي، فانتخب في المؤتمر السادس للحزب سنة 1992، نائباً لحاوي الذي كان يشغل منصب الأمين العام.

وترشح مزرعاني للانتخابات النيابية منذ العام 1992 عن المقعد الشيعي في منطقة مرجعيون- حاصبيا، وحصل على نحو 37 الف صوت في الجنوب كله في دورة العام 2000.

 وفي العام 2004 اصبح الرجل مقرباً من "حزب الله"وتحديداً من نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي. وبعد حرب تموز- آب 2006 ، توثقت علاقته بـ"حزب الله"، الى حد ذهاب بعض المعلومات ان "حزب الله" ابدى موافقته المبدئية على ترشح مزرعاني على لائحته في انتخابات ايار 2009.

لكن الحليف الشيعي للحزب اي حركة "أمل"، لا يزال يضع فيتو على مزرعاني في انتظار حسم المفاوضات حول المقعد السني في البقاع الغربي، والذي كان فاروق دحروج قد ترشح له في دورة انتخابية سابقة.

من جهة ثانية لا تزال بلدة حولا تشكل معقلاً للشيوعيين وكذلك بلدات عيترون وفرون ومحيبيب وكفرمان وانصار وصريفا، وبدرجة اقل الطيبة وزوطر.

هذا إضافة إلى قرى شيعية في البقاع الجنوبي مثل لبايا وقليا وحربتا. مما يعني  ان السواد الأعظم من الشيوعيين بات في القرى الشيعية مع وجود خجول في عكار والكورة.

بعد توقيع ما عرف بـ"وثيقة التفاهم" بين "حزب الله" و "التيار الوطني الحر" سار الحزب الشيوعي على خطى حليفه "حزب الله" فاعلن نائب الأمين العام سعدالله مزرعاني عن توقيع الوثيقة في ساحة الاعتصام الشهير لقوى 8 آذار في وسط بيروت. لكن الوثيقة لم يجر تفعيلها بسبب الخلافات الكثيرة بين التيار العوني والشيوعيين وهذا ما ظهر جلياً في انتخابات نقابتي الأطباء والمهندسين، اضافة الى طموح الشيوعي بإعادة ترشيح احد قيادييه، عطا جبور، للمقعد النيابي الأرثوذوكسي في قضاء الكورة، الأمر الذي يرفضه التيار العوني، عدا عن وضعه فيتو على ضم الشيوعيين إلى لائحة 8 آذار في قضاء بعبدا في الانتخابات النيابية المقبلة.

\"\"

لا يكشف الحزب الشيوعي اللبناني، أسوة بغيره من الأحزاب، عن العدد الحقيقي لأعضائه. الا ان المؤتمر التاسع الذي عقد في مطلع العام 2004، شارك فيه نحو 300 مندوب يمثلون الشيوعيين في مختلف المناطق اللبنانية.

وتبعاً للنظام الداخلي للحزب فان كل 25 شيوعياً يمثلون بمندوب واحد في المؤتمر العام . وبعملية حسابية بسيطة يتبين ان عدد الشيوعيين المنظمين في الحزب او المنضوين في صفوفه يصل الى نحو سبعة آلاف منتسب الا ان هذا العدد تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة التي تلت انعقاد المؤتمر التاسع للحزب، لأن الأمين العام السابق جورج حاوي كان ابتعد عن الحزب وقيادته الحالية وبدأ التحضير لإطلاق حركة يسارية جديدة تحت اسم "الحركة اللبنانية الوطنية للتغيير" (حلوة). لكن حاوي اغتيل قبل ان يبصر مشروعه النور . وفي المناسبة كانت قيادة الحزب بعد ساعة من وقوع الجريمة قد اتهمت الموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف اغتيال حاوي! وكان النزف الشيوعي الكبير قد استمر بعد انفصال القيادي والنائب الحالي الياس عطاالله عن الحزب مع مجموعة من الكوادر الشيوعية التي شكلت "حركة اليسار الديموقراطي". هذا اضافة الى مغادرة عدد لا بأس به من كوادر الحزب، بعد اغتيال حاوي والتحاقها ببعض الأحزاب في قوى 14 آذار.

\"\"

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي كان الحزب الشيوعي اللبناني قد دخل في أتون أزمة فكرية مالية، حاول التخلص من تداعيات الزلزال الكبير الذي هز حصون الأحزاب الشيوعية العالمية الدائرة في فلك "الرفاق السوفييت". وفي مؤتمره السادس في العام 1992 أعيد انتخاب جورج حاوي أمينًا عامًا للحزب، لكن حاوي إستقال بعد التعيينات النيابية واستبعاد الشيوعيين من البرلمان فخلفه المحامي فاروق دحروج كأول امين عام مسلم لحزب علماني.

استطاع دحروج الحفاظ على وحدة الحزب حتى المؤتمر التاسع عندما أطيح به ليخلفه مسلم آخر هو خالد حدادة. لكن رياح الانقسامات عصفت بالحزب فخرجت مجموعة من الكوادر بزعامة النائب الحالي الياس عطاالله، الذي شكل ما يسمى بـ"قوى الإصلاح والديموقراطية" في الحزب الشيوعي. أما عودة حاوي الى رئاسة المجلس الوطني في الحزب  فقد شكلت دافعاً للشيوعيين. واستطاع حاوي الحصول على جمهور لا بأس به من الشيوعيين الى ان استقال بعد خلافات مع نائب الأمين العام سعدالله مزرعاني. ومع استقالة حاوي فقد الحزب رائداً أساسياً أدى إلى تلاشي نفوذه ومناصريه في جبل لبنان.

بعد فترة وجيزة أصدر المكتب السياسي قرارات تنظيمية فصل بموجبها القيادي منير بركات في الجبل، فاختار الأخير تأسيس "الحركة اليسارية اللبنانية" مستقطباً الشيوعيين في منطقة عاليه. وعلى خطى بركات سار يوسف مرتضى ومحمد علي مقلد اللذين أسّسا "حركة الإنقاذ". وفي المحصلة فقد الحزب الروافد الدرزية والمسيحية ليصبح العنصر الشيعي هو الطاغي وليكون مزرعاني القائد الفعلي لهذا الجناح في الحزب، علماً ان معظم الشيوعيين الذين غادروا صفوف الحزب، إما انضموا الى قوى 14 آذار او فضلوا عدم ممارسة العمل الحزبي. وبدا ذلك جلياً في مسيرة تشييع الشهيد جورج حاوي في 24 حزيران 2005 ،عندما قدر عدد الشيوعيين بنحو 50 الفاً.

\"\"

"ما بيدوم ما بيدوم الا المنجل والقدوم"، كان بعض من الشيوعيين في الحزب، يرددون هاتفين في اقصى قاعة قصر الأونيسكو، قبل أكثر من شهر، يوم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ84 لتأسيس حزبهم. وفي مكابرة مريرة للبقاء والاستمرار أخذ الحاضرون في القاعة الكبيرة يجيبون على الهتاف، مرددين بحماسة: "شيوعي شيوعي شيوعي".
القاعة، كما هو معروف، تتسع لنحو 1500 شخص. كانت مقاعدها مليئة وفاض الحاضرون عن سعتها متحلقين على المدخل وفي البهو الخارجي.

والجمهور الحزبي الشيوعي المتبقي بعد التشققات الكثيرة والمزمنة، صار معروفاً ان الآلة التعبوية للحزب تنقله بالحافلات بين المهرجانات المختلفة في المناطق، خصوصاً بين ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب.

وأعمار هذا الجمهور متفاوتة جداً، وتتراوح بين 16 سنة و80 سنة. الكهول منهم ثابتون على انتمائهم المزمن لحزبهم، اما الشبان والفتيان، فيمكن اعتبارهم من أبناء هؤلاء الكهول وأحفادهم.

كانت الأعلام الحمراء كثيرة في القاعة. وحين إعتلى المنصة الأمين العام الحالي للحزب الدكتور خالد حدادة شرع في عرض مواقف حزبه حول الأوضاع الراهنة، مكرّرًا مقولته عن ان "الحكومة البريستولية (نسبة إلى لقاء البريستول ونسجًا على منوال السيد حسن نصرالله الذي كان يقول "حكومة فيلتمان") غير قادرة على حكم لبنان (من دونه ربما)، وان الحل باقامة نظام علماني يكون عابر للطوائف والمناطق"، ناسياً ان الحزب الشيوعي الذي يقوده، عبر الطوائف منذ 40 سنة، لكن على نحو معكوس، ليصير شيعة صغيرة ضيقة في الطائفة الشيعية التي يحكمها "حزب الله".

في الاحتفال حلفاء الحزب في 8 آذار من قادة "حزب الله"، حركة "امل"، الحزب "السوري القومي الإجتماعي"، و"التيار الوطني الحر" . فالبقية الباقية من الحزب الشيوعي اللبناني لم تعد قادرة ومنذ 14 شباط 2005، على تحديد الموقع السياسي للحزب، فهي كعادتها من يوم عاد في أزمنة الحرب، تجاهر بموقع مستقل بين فريقي 8 و14 آذار فيما هي تحالف  قوى 8 آذار وتقوم قيادتها بزيارة سوريا للقاء الرئيس بشار الأسد، للمرة الثانية خلال 4 أعوام.

 

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,049,203

عدد الزوار: 7,619,560

المتواجدون الآن: 0