الحل الأميركي المتاح في لبنان: سلام سوري - إسرائيلي

تاريخ الإضافة الثلاثاء 8 شباط 2011 - 6:02 ص    عدد الزيارات 812    التعليقات 0

        

الحل الأميركي المتاح في لبنان:  سلام سوري - إسرائيلي
بقلم نيكولاس نوي – بيروت

بعد ستّة أعوام بالتمام والكمال تقريباً من اندلاع ثورة الأرز التي أدّت إلى انسحاب سريع للقوات السورية من لبنان، يبدو أن حلم الولايات المتحدة بأن بإمكانها استعمال هذا البلد الهش منصّة لبناء شرق أوسط جديد – ذي نزعة موالية للولايات المتحدة بصورة مؤكّدة – قد انهار.
يمكن القول بأنه انهار في تمام الساعة 11:58 من ظهر يوم الثلثاء [25 كانون الثاني] عندما دخل نائب مسيحي في البرلمان اللبناني يدعى نقولا فتوش من البقاع القصر الرئاسي وصوّت ضد رئيس الوزراء سعد الحريري. والأخير هو نجل رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق الذي يشكّل اغتياله في شباط 2005 أساساً للقرار الظنّي المتوقَّع صدوره قريباً عن المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشأتها الأمم المتحدة.
على الرغم من أن رئيس الوزراء الجديد، نجيب ميقاتي، لم يكن بحاجة إلى دعم فتوش لهزم سعد الحريري – فقد منحته أصوات التنظيم الشيعي القتالي "حزب الله" وأكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب برئاسة الجنرال ميشال عون إلى جانب بعض المسلمين السنّة والدروز، التفوّق العددي – إلا أنه كانت لتصويت فتوش أهمية خاصة. فهو لم يكن حليفاً لسعد الحريري وحسب، بل إن السفيرة الأميركية مورا كونيلي كانت قد زارته قبل بضعة أيام فقط في دارته وحظيت الزيارة بتغطية إعلامية واسعة.
يطرح قيام شخصية غير ذات شأن كبير معروفة بمساوماتها السياسية بصدّ المحاولة التي بذلتها قوّة عظمى للاحتفاظ بصوتها لمصلحة الرجل الذي تدعمه هذه القوّة، علامة استفهام حول سوء الأداء الشديد الذي أظهرته سياسة "الماكسيمالية" التي انتهجتها واشنطن – أي ممارسة ضغوط متقطّعة على حلفائها فيما ترفض التفاوض بجدّية مع خصومها – في لبنان والشرق الأوسط في شكل عام. تحتاج إدارة أوباما إلى مقاربة مختلفة كلياً للتعامل مع لبنان "الجديد".
لكن لسوء الحظ، سيكون هذا التغيير أصعب بكثير الآن مما كان عليه قبل ستة أعوام عندما كان "حزب الله" في مأزق سياسياً، إذ كان يفتقر إلى الدعم خارج قاعدته الشيعية وإلى الضمانات التي يؤمّنها له وجود القوات السورية في البلاد.
في نيسان 2005، ذهب "حزب الله" إلى حد إرسال أحد السياسيين التابعين له، طراد حماده، للاجتماع بالمسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية من أجل التوصّل إلى تسوية موقّتة. وقد غادر واشنطن صفر اليدين: كانت إدارة بوش تعتقد أن التأثير الأميركي يتنامى في لبنان وأنه يمكن حشر "حزب الله" في الزاوية للموافقة على نزع سلاحه قبل إجراء أي مفاوضات فعلية.
بدلاً من تقويض الدعم السياسي لـ"حزب الله" عبر توسيع التحالفات مع الشخصيات الموالية للولايات المتحدة في لبنان ومعالجة المخاوف التي يعبّر عنها عدد كبير من اللبنانيين – من أن إسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية في الجنوب، ومن وجود لبنانيين في السجون الإسرائيلية، ومن أن البلاد بحاجة إلى دفاع وطني أقوى – اكتفت إدارة بوش بمجموعة ضيّقة من الحلفاء المحليين وطبّقت استراتيجيا "إما معنا وإما ضدنا" التي هدفت إلى إلغاء "حزب الله".
وفي أقل من عام، أسفرت هذه السياسة، ويا للأسف، عن اجتياح إسرائيلي فاشل أدّى إلى مقتل وإصابة آلاف المواطنين اللبنانيين، ومنح "حزب الله" شعبية غير مسبوقة في المنطقة.
حالياً، استعادت سوريا الجزء الأكبر من سيطرتها في البلاد – هذه المرّة من دون الكلفة المترتّبة عن نشر جنود – وتقع مجدداً في صميم السياسة الإقليمية. ويجمع الكل على أن قدرات "حزب الله" العسكرية تعزّزت كثيراً، ويبدو أن هناك اعتقاداً خطراً لدى عدد كبير من قادته بأنّ بإمكانهم الفوز حكماً في مواجهة "نهائية" مع إسرائيل. كما أن الحزب أبقى بدهاء على تحالفاته السياسية – وبينها تحالف مع حوالى نصف المسيحيين في البلاد – لا بل وسّعها، مما منحه القدرة على تغيير الحكومة بوسائل دستورية.
ولعل أكثر ما يثير الإحباط هو أن "حزب الله" نجح إلى حد كبير في تقويض شرعية المحكمة التابعة للأمم المتحدة في العالمَين العربي والإسلامي. وحظي في مجهوده هذا بمساعدة أميركية غير مقصودة. فكما ورد في تقرير صدر حديثاً عن "مجموعة الأزمات الدولية"، أدّت الطريقة التي أنشئ بها التحقيق، "بضغط من قوّتين غربيتين تملكان أهدافاً استراتيجية واضحة"، أي الولايات المتحدة وفرنسا، إلى "تلويث" العملية.
إذاً ما الذي تستطيع الولايات المتحدة فعله لوقف الزخم الجديد الذي اكتسبه "حزب الله"؟ خياراتها محدودة. فنظراً إلى التغيير الحكومي، قد يحاول الكونغرس قطع المساعدات عن لبنان والجيش اللبناني. وعلى الأرجح أن إدارة أوباما سوف تُجدّد دعمها للمحكمة الدولية وتمارس ضغوطاً دعماً لأي قرار ظنّي يدين شخصيات من "حزب الله". بيد أن أياً من الخطوتين لن تمارس تأثيراً كبيراً على حسابات الحزب أو رغباته الأساسية.
سوف يستمرّ "حزب الله" في تعزيز قوّته العسكرية، ويقترب أكثر فأكثر مما وصفه المسؤولون الإسرائيليون بـ"الخط الأحمر" من الإمكانات والقدرات التي من شأنها أن تدفع بإسرائيل إلى شن هجوم "استباقي" واسع النطاق. وكما في عام 2006، من شأن هذه الخطوة أن تكون مدمِّرة للبنان، ولإسرائيل على الأرجح، وللمصالح الأميركية في المنطقة بكل تأكيد، لا سيما أن "حزب الله" سوف يصمد في الغالب، لا بل قد يكتسب أتباعاً جدداً في أوساط الأشخاص الذين يتضرّرون من الهجمات الإسرائيلية على البنى التحتية والمناطق المدنية اللبنانية.
لكن لا يزال المجال متاحاً أمام واشنطن لاستنباط بديل معقول وغير عنيف، من خلال الدفع باتّجاه الإنعاش الفوري لمحادثات السلام بين سوريا وإسرائيل. قبل أحد عشر عاماً، تداعى اتفاق سلام بين البلدين كان من شأنه أن يتضمّن نزع سلاح "حزب الله"، والسبب الأساسي هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إيهود باراك، وجد أنه من الصعوبة بمكان على الصعيد السياسي تسليم سوريا بضع مئات من الأمتار المتبقّية حول الزاوية الشمالية الشرقية لبحيرة طبريا عند حدود مرتفعات الجولان.
على الرغم من أن التوصّل إلى اتفاق جديد حول الجولان لن يؤدّي إلى انتهاء "حزب الله" في المدى المباشر، إلا أنه من شأنه أن يحدّ من قدرة التنظيم على استخدام العنف ورغبته في ذلك، إذ إنه سيكون على سوريا أن تتعهّد إغلاق الطرقات التي تُستعمَل الآن في تهريب الأسلحة الإيرانية (والسورية) إلى لبنان. وعندئذٍ سيجد "حزب الله" المستضعف عسكرياً والذي فقد الدعم السوري أو لا يحظى بالكثير من الدعم السياسي في الداخل لمواصلة مهمّته من أجل تحرير القدس – سيجد إذاً صعوبة كبيرة في تهديد حدود إسرائيل الشمالية.
لا شك في أن بعض الإسرائيليين يدركون منافع مثل هذا الاتفاق.
قال إيلان مزراحي، وهو نائب سابق لرئيس "الموساد" ومستشار الأمن القومي في إدارة رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، في مقابلة معه منذ فترة قصيرة إنه أوصى في أول يوم عمل له بأن يعقد أولمرت اتفاقاً مع سوريا لأن من شأنه "تغيير الوضع الأمني في الشرق الأوسط". وأضاف أنه لا يزال على رأيه هذا.
ولدى سؤاله إذا كان الانسحاب يولّد تهديداً لإسرائيل في الجولان، أجاب مزراحي "لا يعتقد رئيس الأركان عندنا ذلك. ولا رئيس الاستخبارات العسكرية... يقول خيرة الجنرالات الإسرائيليين إن بإمكاننا التفاوض على المسألة، وأنا أصدّقهم".
هل سيكون الضغط على إسرائيل كي تنسحب بالكامل من الجولان مسألة صعبة سياسياً بالنسبة إلى الرئيس أوباما؟ بالتأكيد، تماماً كما أن الانسحاب صعب سياسياً على رئيس الورزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لكن نظراً إلى البدائل بالنسبة إلى لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة، فإن كل ما هو دون ذلك لن يعدو كونه مجرّد رفع سواتر موقّتة لتأخير كارثة إقليمية تلوح في الأفق.
 

"نيويورك تايمز"
ترجمة ن. ن
.
 


(رئيس تحرير موقع Mideastwire.com ومحرّر كتاب
 Voice of Hezbollah: The Statements of Sayyed Hassan Nasrallah (صوت "حزب الله":
تصريحات السيد حسن نصرالله).
)      


 

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,419,532

عدد الزوار: 7,756,687

المتواجدون الآن: 0