احتجاجات مصر تظهر حماقة السياسة الخارجية الأميركية

تاريخ الإضافة الخميس 10 شباط 2011 - 4:23 ص    عدد الزيارات 761    التعليقات 0

        

احتجاجات مصر تظهر حماقة السياسة الخارجية الأميركية

ستيفن كينزر...  نيوزويك

في يوم من الأيام قبل أسبوعين كنت أسير باتجاه وزارة الخارجية البريطانية من أجل لقاء مخططين لسياسات الشرق الأوسط· لقد قال مضيفي وهو يرحب بي <إن تونس تذوب والحكومة اللبنانية قد سقطت لتوّها، إنها أوقات مثيرة>·

خلال اجتماعنا، لاحظ أحد الدبلوماسيين البريطانيين المخضرمين بأنه منذ أن شهدت السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط حالة من الجمود، فإن التغيير يحصل هناك حال وجود أزمة· وقد سألته أين يتوقع أن تندلع الأزمة التالية· فأجابني: <في مصر>·

قد شهدت الأحداث تسارعاً كبيراً منذ أن تم إسقاط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، لقد اختار حزب الله رئيس وزراء جديد (في لبنان) وقد نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع في مصر مطالبين بوضع نهاية للحكم الديكتاتوري للرئيس حسني مبارك الذي استمر 30 عاماً· إن الشرق الأوسط ينفجر، والولايات المتحدة تراقب الوضع من بعيد· ومع عدم القدرة على توجيه الأحداث، فإنه ليس بإمكانها أن تقوم بأكثر من الهتاف لحلفائها وأن تتمنى أن لا تقوم الحشود الغاضبة بإسقاطهم·

إن واشنطن ترى في الصراعات الوطنية والداخلية المتنوعة في الشرق الأوسط على أنها جزء من معركة من أجل السيطرة على المنطقة ما بين الولايات المتحدة وإيران· إذا كان هذا الأمر صحيحاً، فإن الولايات المتحدة تشهد خسارة· إن هذا الأمر يعود إلى أنها تمسكت بقوة بسياسات الشرق الأوسط التي صممت أصلاً من أجل الحرب الباردة· إن البيئة الأمنية في المنطقة قد تغيرت بشكل مثير منذ ذلك الوقت·

لقد أظهرت إيران أنها سريعة جداً في تكييف نفسها مع القوى الجديدة الصاعدة التي تتمتع بدعم الملايين· وفي هذه الأثناء فإن الولايات المتحدة لا زالت متحالفة مع الدول والقوى التي كانت تبدو قوية قبل 30 أو 40 سنة ولكنها ليست كذلك الآن·

كما أن القوى الموالية لإيران قد نجحت في الحصول على مكاسب قوية في العراق· إنهم يسيطرون بقوة وفعالية على الحكومة العراقية، كما أن زعيمهم المؤثر مقتدى الصدر قد استقبل استقبال الأبطال حين عاد إلى العراق بعد أن كان مقيما في إيران· من خلال غزو العراق عام 2003، وإزالة صدام حسين من السلطة، فقد قامت الولايات المتحدة بتسليم العراق إلى إيران على طبق من ذهب· والآن فإن إيران تقوم باستكمال تعزيز موقعها في بغداد·

إن الولايات المتحدة مبقية على مبارك في الحكم وقد أعطت نظامه 1,5 مليار دولار على شكل مساعدات السنة الماضية، لأنه و بشكل أساسي يدعم سياسات الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، وخصوصاً من خلال مساعدة إسرائيل في خنق قطاع غزة· كما أن الولايات المتححدة تدعم عباس لنفس السبب: فهي ترى أنه قادر على التفاوض مع إسرائيل، ومن أجل هذا فهو مفاوض مرغوب به· لقد أدى هذا الأمر إلى إحراج كبير لعباس من خلال وثائق ويكليكس المسربة التي تظهر كم أنه كان تواقا لتلبية طلبات إسرائيل، حتى من خلال التعاون مع قوات الأمن الإسرائيلية من أجل اعتقال الفلسطينيين غير الموالين له· إن دعم أميركا لكل من عباس ومبارك مستمر على الرغم من أن كلا الرجلين لا يمتلكان أي شكل من أشكال الشرعية؛ إن مبارك يدير الإنتخابات بشكل مسرحية بكل وقاحة، كما أن عباس يحكم من خلال مرسوم منذ أن انتهت فترة رئاسته عام 2009·

بالنسبة لإسرائيل نفسها، فإنها سوف تفقد الكثير إذا كان القادة العرب الجدد هم ممن يرفضون أن يكونوا شركاء صامتين· وعلى الرغم من ذلك فإن إسرائيل متعلقة بالاعتقاد بأنها سوف تكون قادرة على ضمان أمنها على المدى الطويل بالاعتماد على الأسلحة فقط· إن الولايات المتحدة تدعمها بهذه النظرة، وهي ترسل رسائل إلى الإسرائيليين بأنه ليس مهما الشكل الذي سوف تصبح عليه سياسات الرافضين لها، فهي بإمكانها الاعتماد على دعم واشنطن غير المحدود·

لقد أرادت الولايات المتحدة ولفترة طويلة أن تمنع الديمقراطية عن العالم العربي، خشية أن الديمقراطية سوف تؤدي إلى ظهور النظم الإسلامية· بشكل ملاحظ، فإن الثورة التونسية لا يبدو أنها تتجه بهذا الإتجاه، ولا يبدو حتى أن الزعماء الإسلاميين يحاولون قيادة المحتجين في مصر· لربما مراقبة القمع الشديد الذي يمارسه الملالي في إيران قد قاد العديد من المسلمين إلى إعادة التفكير في قيمة دفع رجال الدين للسلطة·

حتى لو لم تكن الأنظمة الديمقراطية في الشرق الأوسط أصولية، فإنها سوف تعارض بقوة سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل· إن العلاقة ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل تضمن بأن العديد من المسلمين على إمتداد العالم سوف يستمرون في رؤية الولايات المتحدة على أنها ممكنة للشر· على الرغم من خطايا أميركا في الشرق الأوسط فإن العديد من المسلمين لا زالوا يكنون الإحترام للولايات المتحدة· إنهم يرون أن قادتها مخطئون بشكل كبير في الدعم غير المشروط لإسرائيل، ولكنهم معجبون بما حققته الولايات المتحدة و هم يريدون بعضا من نسخة الحرية والإزدهار الأميركي مطبقة في بلادهم· إن هذا الأمر يوحي بأن الوقت لم يفت بعد بالنسبة للولايات المتحدة من أجل تعديل سياستها تجاه المنطقة بطرق يمكن أن تأخذ الحقائق الجديدة على الأرض بحسبانها·

إن قبول أن العرب لديهم الحق في انتخاب زعمائهم يعني القبول بظهور حكومات لا تتشارك مع أميركا في سياساتها المؤيدة بشدة لإسرائيل· إن هذه هي المعضلة التي تواجهها واشنطن في الوقت الحالي· لم تكن الأمور أكثر وضوحاً من الآن بحاجة الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم استراتيجتها الشرق أوسطية طويلة المدى· إنها بحاجة إلى طرق جديدة وشركاء جدد· إن الاستماع بشكل أكبر إلى تركيا الحليف الأقرب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط المسلم سوف يشكل بداية جديدة· والخطوة الحكيمة التالية سوف تكون تغيير السياسة تجاه إيران من المواجهة إلى البحث الأصيل عن تسويات· إن الأمراض العاطفية الموجودة في السياسات الأميركية التي تغذيها العواطف والتي تمنع من التقييم الهادئ للمصالح الوطنية مستمرة في شل حركة الخيال الدبلوماسي الأميركي· حتى انفجارات هذا الشهر قد لا تكون كافية لإيقاظ واشنطن من سباتها الطويل·

 

*العالم العربي يتحدى جدار الخوف سيلفي كوفمان لوموند ثمة جدار ينهار على الضفة الشرقية للبحر المتوسط· جدار غير مرئي لكنه موجود بقوة بعد أن شكل خلال عدة عقود جحراً لولادة أنظمة مشكوك في شرعيتها· وهذا الجدار، إن صح القول، هو جدار الخوف· ونعني بذلك الخوف من نظام تعسفي وعلى كل المستويات بدءاً من أنظمته البوليسية والقضائية، واستعداده لسحق كل من يتجرأ على المطالبة بحقوقه تحت رحاه الطاحنة· وكذلك الخوف من العنف الذي تمارسه دوائر ضيقة في الدولة يدفعها إلى ذلك طمأنتها بأنها سوف لن تحاسب أو تعاقب· وأيضاً الخوف من العنف الذي تمارسه السلطة الحاكمة من خلال رفضها لكل معارض لها· وأخيراً، سقط هذا الجدار في تونس أولاً تحت ضربات الشعب التونسي المقهور والمهان منذ زمن طويل، والعازم الآن على ألا يقبل بالمصير الذي كان مرسوماً له في السابق· وحالياً يتهاوى هذا الجدار تحت ضربات الشعب المصري الثائر في شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس، والذي أوضح بأنه سوف لن يرضى بأن يبقى محكوماً عليه بالسلبية والهامشية· إن ما يجري اليوم في مصر يكفي لجعل النظام يعيش أزمة لا مثيل لها في حياته في بلد عملاق وتحت إدارة مريضة· إن الزلزال الذي يهز ضفتي نهر النيل سوف لن يقف هنا بل سيمتد ليشمل دولاً أخرى انطلاقاً من مصر التي هي <صوت العرب>· وهكذا فالثورة ستطال من الآن فصاعداً الدول التي دهست شعوبها بأقدامها تحت شعارات موجهة نحو أعداء النظام الخارجيين بهدف الحفاظ على بقاء النظام خالداً ومستمراً· لذا، فقد يحق للدول الواقعة على شرق القاهرة وغربها بأن تقلق اليوم على مصيرها نتيجة عدم قدرتها على إجراء إصلاحات جوهرية منذ عدة عقود من الزمن متذرعة بهذه الحجة وهي أن قيامها بأي تراخٍ سوف يعرض شعوبها إلى الفوضى·

ثمة بَلَدان تحديا استراتيجية الخوف هذه وهما تونس ومصر· ومع ذلك تحتفظ دول الغرب بذكرى مريرة من دمقرطة إيران بعد زوال الشاه عنها حيث تحول البلد من حليف لها في السابق إلى عدو لها في الحاضر· يجب علينا الاعتراف بأن صيرورة التاريخ هي العامل الحاسم الذي يحدد مصير هذه الحكومات التي أظهرت عن عجزها عن إيقاف مسيرة التاريخ· فقبل البدء بالثورة في مصر أعلن النظام الحاكم بأن ما جرى في تونس ليس من الضروري أي يحصل في مصر· وها هي ساعات حتى بدا واضحاً بأن التونسيين ليسوا وحدهم في هذه المعمعة·

 

*الاستعداد للقادم والتر رودجرز كريستيان ساينس مونيتور يبدو البعض من الأنظمة العربية مؤهلاً أكثر من غيره للسقوط في فخ المواجهة بين الشعب والسلطة على غرار ما يجري في مصر، وما يدفع على الاعتقاد بذلك هو ناحيتان اثنتان، أولاهما هي تصريحات وتصرفات المسؤولين في تلك الأنظمة والثانية هي التشابه القائم بين هذه الأنظمة والنظام المصري، وبهذه المناسبة يمكن القول إن درجة التشابه بينهما تكاد تصل إلى درجة التماثل والانطباق، فأية مقارنة بين أي من أنظمة الحكم في الدول العربية وبين نظام الرئيس المصري حسني مبارك يظهر مقداراً كبيراً من التشابه إلى أبعد الحدود يكاد يصل إلى حد تكرار النسخة بحدّ ذاتها من النظام المصري في كلّ واحد من تلك الأنظمة العربية، وهذا هو ما يشجع على الاعتقاد بأن هذه الأنظمة مقبلة على مواجهة مصير واحد يبدو شبيهاً تماماً بمصير النظام المصري الذي يصارع من أجل البقاء أمام حركة شعبية جارفة تتجه بلا تراجع نحو إسقاط نظام الحكم في مصر والتخلّص من سلطة مبارك·

ولا مجال في هذا الإطار لتفادي التطرّق إلى الدور الذي تلعبه أجهزة الإعلام في هذا الصدد، فالقنوات الفضائية تقوم الآن بدور يكاد يكون مخيفاً من حيث قدرة هذه القنوات على نقل الوقائع الجارية على الأرض إلى جماهير الشعوب العربية، وهذا هو في واقع الأمر ما يؤجج المشاعر على الساحة الشرق أوسطية· ولا مجال في هذا الإطار أيضاً لتفادي ضرورة التطرق إلى الأوضاع في الدولة العبرية التي تجد نفسها وسط حالة جديدة من الصراعات الداخلية في الدول العربية، وهي حالة تفرض نفسها بقوة على الساحة السياسية والاجتماعية في إسرائيل التي ترتبط باتفاقيات ومعاهدات سلام مع كل من مصر والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية، وتخشى الدولة العبرية من أن تتطور الأوضاع في مصر بحيث يتم قلب نظام حكم الرئيس حسني مبارك ويتولى مكانه نظام آخر قد يكون إسلامياً وقد يتحرك نحو إسقاط المعاهدات التي لا تزال قائمة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، أي بمعنى أن إسرائيل تجد مصلحتها مع نظام الحكم القائم في مصر لكنها لا تستطيع بأي حال من الأحوال التدخل للحفاظ على نظام مبارك، وهو نفس الوضع الذي ينطبق على إدارة الرئيس أوباما التي تجد أن نظام مبارك هو النظام الأمثل الذي يمكن له المحافظة على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وخدمتها على نحو أبعد من ذلك، لكن إدارة أوباما لا تستطيع هي الأخرى التدخل في الشأن المصري الداخلي وإن كانت تجد أن من واجبها الإدلاء بتصريحات تدعم فيها الديمقراطية والحريات في مصر على غرار التصريحات التي أدلى بها حتى الآن المتحدثون باسم الإدارة الديمقراطية معربين عن دعم إدارة أوباما للمواقف التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية وتحقيق حالة من التنمية الاجتماعية وتطوير الواقع السياسي المتردي بما يضمن مشاركة أوسع لفئات الشعب المصري في السلطة والحكم·

وتبدو دول كسوريا واليمن والأردن مرشحة أكثر من غيرها لتكرار السيناريو المصري، ولذلك تبدو حركة الاستعدادات الجارية في تلك الدول أكبر من غيرها تماماً·

وفي محاولة لاستباق ما يجري في مصر قام الرئيس اليمني بالتصريح بأنه لن يترشح للرئاسة ولن يقوم بترشيح ابنه، كما قام الملك الأردني بإقالة الحكومة وإجراء التحضيرات لحكومة جديدة، وهي خطوات تعكس في مجملها خشية الأنظمة العربية من تكرار السيناريو المصري وتبدو واضحة تماماً في تصريحات المسؤولين في البلدان العربية على نحو يظهر مدى القلق الذي يشعرون به إزاء تداعيات ما يتعرض له نظام مبارك في مصر·


 

 

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,431,691

عدد الزوار: 7,757,676

المتواجدون الآن: 0