الصحوة العربية الثانية

تاريخ الإضافة الجمعة 18 آذار 2011 - 5:03 ص    عدد الزيارات 884    التعليقات 0

        

*الصحوة العربية الثانية

كريستوف فانتورا ماريان الفرنسية تدلّ الأحداث الجارية في العالم العربي، بالنسبة للمؤرخ الباكستاني البريطاني طارق علي، على وجود تناقض في طروحات المحافظين الجدد الذين لا يعترفون بموجة الديمقراطية في المنطقة العربية·

في حواره مع الصحفي كريستوفر فانتورا في مجلة <ماريان> الفرنسية، قال علي بأن الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي هي <ثاني موجة تاريخية للصحوة العربية>· الصحوة الأولى كانت ضد القوى الاستعمارية، أمّا هذه الموجة الجديدة فإنها ضد الطغاة المهيمنين على معظم بلدان المنطقة·

هكذا، ترفض الشعــوب العربيــة اليوم تقبيل الأيادي التي تمسك العصا، التي بقيت تعاقبها على مدى عقود، ما يفتح فـصلاً جديداً في تاريخ الأمة العربية· وبهذا فإن قناعة المحافظين الجدد بأن العرب والمسلمين لا يميلون وراثياً إلى الديمقراطية، قد احترقت كالورقة البالية·

المروِّجون لهذه <العقيدة اللامنطقية، هم الأكثر تعاسة وخوفاً>· الحديث هنا عن كل من إسرائيل وجماعات الضغط في أوروبا والولايات المتحدة، أو من يسمّيها علي <الأورو-أميركا>، وكذلك <الصناعة العسكرية التي تبيع كل ما بوسعها للأنظمة العربية·

وعلى سبيل المقارنة مع التاريخ الأوروبي، يمكننا تشبيه ما يجـري حالياً بأحداث العام 1848، عندما أخذت الانتفاضــات الثورية شكلاً قارياً، بمعزل عن بريطانيا وإسبانيا فقط·

واليوم، تكافح الشعوب العربية ضد الهيمنة الأجنبية، كما فعل الأوروبيون في العام 1848· وتشير دراسة حديثة إلى أن 82 بالمئة من المصريين يحملون <صورة سلبية عن الولايات المتحدة>· ولم يكن مجدياً طبعاً الاستيضاح عن آرائهم بالنسبة للأوروبيين··· أنهم يقاتلون ضد انتهاك حقوقهم الديمقراطية وضد نخبة عمياء، بسبب لا شرعيتها· أنهم يريدون المزيد من العدالة الاقتصادية·

سمات الصحوة العربية الثانية مختلفة عن سمات <الموجة الأولى من القومية العربية>، التي كانت تقوم على محاربة الإمبريالية، وكان هدفها الرئيس تخليص المنطقة من بقايا الإمبراطورية البريطانية·

في الصحوة الثانية، حشدت الثورات العربية الحالية، الناجمة عن الأزمة الاقتصادية، إرادة وإبداع وقوة حركات جماهيرية ضخمة· ومع ذلك، لم تكن جميع جوانب الحياة الإنسانية موضع تساؤل· شكّلت الحقوق الاجتماعية والسياسية والدينية مادة للجدل العنيف في تونس، ولكن ليس في مكان آخر، على الأقل حتي الآن· حتي اليوم، لم يبصر أي حزب سياسي جديد النور، ما يوحي بأن المعارك الانتخابية المقبلة، ستكون على شكل مواجهة بين الليبرالية العربية والمحافظين العرب، الذين يأخذون شكل الإخوان المسلمين، ما يُعتبر نسخة محلية من الديمقراطية المسيحية الأوروبية·

الأخوان المسلمون يضعون في نصب أعينهم النموذجين التركي والأندونيسي، <القابعين، بشكل مريح في حضن الولايات المتحدة>· يقترح قادة جماعة الإخوان المسلمين انتقالاً منظماً جداً، إذا ما لعبت واشنطن اللعبة معهم، وهو احتمال وارد· لكن الفارق مع النموذج التركي، يكمن في أن الحركات الجماهيرية هي التي قلبت وهدّدت الطغاة في العالم العربي· قد يفاجئنا المستقبل إذا سبّبت الأنظمة الانتقالية أو أنظمة ما بعد الثورات، خيبات أمل على المستوى الاجتماعي·

وأين الولايات المتحدة من كل هذا؟ الجواب بسيط: هيمنة الولايات المتحدة على المنطقة توقفت، ولكنها لم تُدمّر· ستعود هذه الهيمنة لاحقاً، ولكن بشكل آخر· ستكون أنظمة ما بعد مرحلة الاستبداد، أكثر استقلالاً في التفكير، وإن كانت القوات المسلحة، كما في حالتي مصر وتونس، ستبقى موجودة لضمان عدم تجاوز بعض الخطوط·

الانتفاضة الليبية لا تختلف في جذورها عن الثورتين في تونس أو مصر·

حَكَم معمر القذافي البلاد بقبضة من حديد· وإذا كان قد تمكّن أحياناً من اللجوء إلى الخطاب المعادي للامبريالية في الماضي البعيد، فإنه تعاون، في العقود الأخيرة، مباشرة مع أوروبا وأميركا· قام المنظّر انطوني جيدنز، وهو منظّر طوني بلير، بمدح هذا الزعيم بشكل مفرط ومبالغ فيه، مع أن أسلوب حياة القذافي وسياساته الغريبة جعلته غير مؤهل بتاتاً لتحديث بلاده· وعلى الرغم من السنوات الأربعين التي قضاها في السلطة، فإن الثقافة والمستوى التعليمي لليبيين يعتبر أسوأ من المستوى التعليمي لدى التونسيين مثلاً، كما أن النظام الصحي في البلاد يعدّ متخلّفاً جداً·

سجل القذافي ليس إلا عبارة عن دولة حزب واحد متآكل وهرم، وسجـون والكثير من التعذيب· وهو يعمل جاهداً على الحفاظ على هذا السجل، لكي يبقي عائلته في السلطة· وقد أدى قراره استخدام القوة الجـوية والجيش لقمع شعبه إلى تحرير بنغازي من قبضته، وتسبب في انشقاق داخل المؤسسة العسكرية· وقد قامت فرق الموت التابعة لهذا الدكتاتور بإعدام الجنود الذين رفضوا فتح النار على المتظاهرين· والقول أن هذا النظام تقدمي يشكل وصمة عار·

اليوم، يبدأ العدّ العكسي لأيام القذافي·

 

*أوباما والعرب: اتخاذ الجانب الصحيح من التاريخ كريستوفر هيل  بروجيكت سنديكيت إن العالم لم ير منذ عام 1989 مثل هذا التوقد الجامح الغامر للرغبة في الحرية والديمقراطية، وهذه المشاعر الحارقة التي تكتسح الآن مختلف أنحاء منطقة شاسعة وقديمة كانت في حاجة ماسة إلى الإصلاح· فمن المغرب إلى المشرق العربي إلى شبه الجزيرة العربية، تحرك التاريخ العربي· ويبدو أن جيلاً جديداً من الزعامات بات مستعداً الآن لتولي المسؤولية هناك·

والواقع أن لحظات مثل هذه تشكل تحدياً خاصاً لصانعي السياسات الخارجية، والذين يتعين عليهم أن يضعوا عيناً على العالم كما هو والعين الأخرى على العالم كما قد يكون في المستقبل· وفي محاولة للقيام بهذه المهمة خوطب الرئيس الأميركي باراك أوباما بمشاعر حماسية ملتهبة بشأن الحاجة إلى <الانحياز إلى الجانب الصحيح من التاريخ>، أو على حد تعبير بوب ديلان <فلتبتعد عن الطريق الجديد إن لم تكن قادراً على مد يد المساعدة>·

إنه في واقع الأمر وقت حساس ودقيق ومتغير بالنسبة للولايات المتحدة، وخاصة حين يتوقع الأميركيون من رئيسهم أن يكون كبير المعبرين عن مشاعرهم· والكيفية التي يدير بها أوباما الدعوات من اليسار واليمين التي تطالبه بالمزيد من العمل، قد تشكل البيئة حيث تتكشف هذه العملية في نهاية المطاف ـ وهي عملية يملك ناصيتها ويديرها العرب·

وبينما تنتقل إدارة أوباما من أزمة إلى أخرى في العالم العربي، فيحسن بها أن تتبع بعض المبادئ التوجيهية التي لا تتغير مع كل جولة من الأنباء·

أولا؛ يتعين علينا أن ندرك أن اتخاذ الجانب الصحيح من التاريخ أمر منطقي ومطلوب، أما أن نقترح أن الولايات المتحدة تلهم أو توجه الثورات العربية فهو أمر مختلف تماما· أن تجنب مثل هذه التصورات قد يكون صعباً في بعض الأحيان: ففي الكثير من أنحاء المنطقة يُنظَر إلى وسائل الإعلام الأميركية باعتبارها ذراعاً لأميركا المطلقة النفوذ· لذا فعندما يصل القائمون على إرسال التقارير الإخبارية حد التهليل والتشجيع (وهو أمر شائع الحدوث نسبيا)، فإن التصور بأن أميركا تدير الأحداث يكتسب زخماً جديدا·

لذا فمن الحكمة إلا يحاول أوباما الاضطلاع بدور ضابط مرور الأزمات اليوم· فهناك أوقات حيث يكون من الأفضل لرئيس الولايات المتحدة أن يبقى في الظل، حتى ولو جعله ذلك يبدو وكأنه غائب ومنسحب· والآن أحد هذه الأوقات·

وثانيا؛ كثيراً ما يتباهى الأميركيون باتخاذ نهج تبادلي في التعامل مع العالم· ولكن ما يحدث في العالم العربي ليس سلسلة من الصفقات؛ بل أنه تحول ثقافي جذري من حيث مواقف الأجيال، والعلاقات بين الجنسين، والتوترات الحضرية والريفية· لا شك أن المواجهة بين الديمقراطية والدكتاتورية تشكل خط صدع واحد·

إن التحليل الدقيق لما يجري على الأرض أمر أساسي، ولكن هذه المهمة قد تكون بالغة الصعوبة في عالم تحول إلى شيء أشبه بغرفة ترجيع لصدى الرموز الثقافية· ورغم أن العديد من الأميركيين يحبون أن يتصوروا أن خطوط المعركة كانت مرسومة بين مستخدمي تويتر وبين من لا يستخدمونه، أو بين أصحاب الحسابات على الفيس بوك وبين هؤلاء الذين لم ينشئوا لأنفسهم حسابات عليه، فإن الأرجح هو أن هويات أخرى كانت مسؤولة عما يحدث الآن·

بالطبع، لا أحد يحب أن يشير إلى <القَبَلية> أو الصراع <العشائري>، ولكن عناصر الهوية هذه كثيراً ما تلعب دوراً رئيسياً في تحديد مدى استعداد الناس للنزول إلى الشوارع· والواقع أن هالة الانحراف السياسي التي تحيط بمثل هذه المصطلحات تعكس غياب أي مبدأ منظم مماثل في المجتمعات الحديثة الخاضعة للعولمة· ولكن هذا ليس بالسبب الكافي لاستبعاد فئات التحليل هذه حيثما كانت قابلة للتطبيق·

وثالثا؛ هناك دافع واحد على الأقل وراء الثورات العربية، وهو الدافع المتغلغل في السياسة الغربية أيضا: إلا وهو الرغبة في نسيان الحقائق، والمخاطر، والمستقبل، والتركيز فقط على التخلص من الأوغاد والأنذال· ونستطيع أن نرى هذه المشاعر منعكسة في الشعار الذي ارتفع في كل أرجاء المنطقة: <الشعب يريد إسقاط النظام>·

وأخيراً، يتعين على إدارة أوباما أن تضع في اعتبارها أن النظام القديم في بعض البلدان سوف يستبدل قريبا· ولكن قد يتبين مع الوقت أن التغيير كان أقل من المأمول في مستهل الأمر، بل ولعله يجلب معه وضعاً قد يكون أسوأ من الوضع الراهن (ويحضرني هنا ما حدث بعد الثورة الفرنسية، والثورة البلشفية، والثورة الإيرانية)· ولكن لا شك أن النتائج في بلدان أخرى قد تكون مبشرة (كما حدث في أعقاب الثورة الأميركية، وثورات أوروبا الشرقية في عام 1989)·

بيد أن بعض العمليات التاريخية قد تتعثر في النهاية على الرغم من انطلاقها المفاجئ السريع· ذلك أن الدكتاتور الذي لم يبال بشعبه قد يبرهن في واقع الأمر على براعته في التشبث بالسلطة· وفي ظل ظروف كهذه سوف تنطلق حتماً أصوات تطالب الغرب ـ الولايات المتحدة على وجه التحديد ـ بالإطاحة بالطغاة عسكريا·

وحين تُبرِز مثل هذه الوصفات نفسها، فيتعين على صناع السياسات أن يتوخوا الروية والحذر وأن يسألوا أنفسهم كيف وصل الطاغية إلى مكانته تلك في المقام الأول· فعندما أطاحت القوات التي قادتها الولايات المتحدة بالدكتاتور صدّام حسين في عام 2003، لم يُبذَل إلا أقل القليل من الجهد لمحاولة فهم الكيفية التي تمكن بها طاغية من أصل ريفي مثل صدّام حسين من الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها طيلة تلك الفترة، وكيف نجح في استغلال العلاقات المعقدة بين السُنّة والشيعة، أو كيف تمكن من إدارة النظام القَبَلي المعقد في العراق·

بالطبع، كان الإرهاب هو الأداة التي استخدمها صدّام، ولكن ما ساعده أيضاً كان فهمه للعمليات السياسية والاجتماعية الداخلية· والواقع أن الولايات المتحدة ـ التي تبدأ عامها التاسع من التورط في العراق، الذي كلفها أكثر من تريليون دولار، والذي أسفر عن آلاف الضحايا من الأميركيين والعراقيين ـ كانت لتحسن صنعاً لو فهمت أولاً تلك العمليات بنفس القدر من الدقة·

لا شك أن هذا الدرس لا بد وأن يفرض نفسه على استجابة الولايات المتحدة لنشوء عالم عربي جديد ـ ولكنه ليس بالضرورة عالما انتقل إلى الديمقراطية حديثا·

 مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق لشؤون آسيا·

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,452,263

عدد الزوار: 7,758,519

المتواجدون الآن: 0