ماذا سيقول العرب لميتشل؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 28 كانون الثاني 2009 - 4:34 م    عدد الزيارات 1006    التعليقات 0

        

 عبدالله اسكندر
ما صدر، حتى الآن، عن الإدارة الأميركية الجديدة لا يشكل تحولاً كبيراً في النظرة الى النزاع العربي - الاسرائيلي وكيفية حله. لكنه تضمن اشارات الى انها تضع هذا النزاع بين أولوياتها، وستتعامل معه في اسرع وقت ممكن، وإلى ان هذا التعامل سيُبنى على العناصر التي افرزتها العملية السياسية خلال الاعوام الماضية، خصوصا مفهوم الدولتين ومبادرة السلام العربية.
وإذ يبدو ان الكارثة الانسانية في قطاع غزة، الناتجة عن العدوان الاسرائيلي، قد تسرّع في مجيء الموفد الرئاسي الاميركي جورج ميتشل الى المنطقة، من غير المتوقع ان تصبح قضية الحل على نار حامية، قبل استحقاقات في المنطقة، خصوصا الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية في الشهر المقبل والرئاسية الايرانية في نيسان (ابريل). وخلال ذلك تنعقد القمة العربية الدورية المقررة في آذار (مارس). وبذلك سيكون الربيع المقبل الموعد المعقول لبدء الانخراط الاميركي في قضايا المنطقة. ما يعني ان الفترة الفاصلة عن هذا الموعد ستكون فترة إعداد واستعداد، لبلورة المواقف والأهداف ولتجميع الأوراق. علماً ان هذا الاستحقاق، وربما للمرة الاولى منذ انطلاق العملية السلمية في مدريد قبل عقدين، سيكون حاسماً لجهة تمكّن العرب من ملاقاة النهج الاميركي الجديد، المتمثل خصوصاً بإصرار الموفد ميتشل على انه ليس هناك مشكلة غير قابلة للحل، وفي ضوء نظرته المتوازنة الى عناصر الحل.
عندما يقوم ميتشل بجولته المقبلة على المنطقة، والاستطلاعية من دون شك، هل سيسمع في العواصم العربية كلاماً واحداً؟ الأرجح كلا، استناداً الى ما حصل في «قمة غزة» في الدوحة وبعدها مباشرة في القمة العربية في الكويت، وإلى ما زلنا نسمعه حتى اليوم، رغم اعلان الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن انتهاء عهد الخلافات. فما نلاحظه من حملات متبادلة بين «فتح» و«حماس»، ليس مجرد نزاع على تمثيل او سلطة او إشراف على اعادة إعمار في غزة فحسب، انه يتعلق بعدم القدرة على التمييز بين الوطني الضروري والجامع وبين الحزبي الضيّق الذي يريد ان يكون جامعا. وفي مثل الوضع الفلسطيني الراهن يصبح هذا العجز كارثيا، ليس انسانيا واجتماعيا واقتصاديا فحسب كما حصل في القطاع، وانما ايضا على المشروع الوطني والاستقلالي الفلسطيني. وفي هذا المعنى ليست المصالحة الفلسطينية الصعبة حاليا، تقاسما لدوائر في السلطة ومكسبا حزبيا. ولا معنى لهذه المصالحة ما لم تنتج وحدة للسلطة وادواتها، وموقفا موحدا يسمعه ميتشل من الفلسطينيين عندما يبدأ مهمته فعليا في البحث عن سلام.
ومثل المصالحة الفلسطينية، ستقتصر اي مصالحة عربية على أساس ان يجذب طرف الآخر الى موقعه على مجرد نيات لا غد لها. واذا كان واضحا ان الولايات المتحدة لن تتعاطى إلا مع السلطة الشرعية الفلسطينية، وينبغي ان تتعاطى معها وحدها بغض النظر عن طبيعتها، سواء بالاتفاق بين الفلسطينيين او نتيجة انتخابات، فإن الأمر يختلف مع البلدان العربية المتعددة وصاحبة الأهداف المتباعدة. أي أن حال التعارض العربي في النظرة الى الحل ومقوماته، ستنعكس تعارضاً في الرسائل التي قد يتلقاها ميتشل على نحو قد يشل القدرة على الانتقال الى مفهوم الحل الشامل.
لقد اشار الرئيس اوباما الى المبادرة العربية التي ما تزال رسميا على الأقل مطروحة على الطاولة. والتحدي امام العرب هو ان يخرجوا في قمتهم المقبلة بموقف يستطيع ميتشل ان يسمعه في اي عاصمة عربية يزورها، سواء لجهة تعليق المبادرة وطرح بديل منها او بإعلان الاستعداد على الاستمرار في السير فيها.
وليست المصالحة الفلسطينية والموقف العربي الموحد من الحل مجرد ادوات ضرورية لمقابلة الموقف الاميركي وتفعيله وتطويره، وانما هي تعبير ايضاً عن ان مشروع السلام في المنطقة خيار للجميع. وانه، بذلك، لا يخضع لاعتبارات مشاريع حزبية تريد ان تأخذ المنطقة، من منطلقات ايديولوجية، الى أهدافها الخاصة.

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,389,280

عدد الزوار: 7,756,027

المتواجدون الآن: 0