إسرائيل: تحولات كبيرة

تاريخ الإضافة الخميس 29 كانون الثاني 2009 - 5:10 م    عدد الزيارات 1089    التعليقات 0

        

رنده حيدر 

شهد الرأي العام الاسرائيلي تحولات كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة غيرت بصورة جذرية موقفه من موضوع التسوية السلمية. وساهمت حرب غزة في تسليط المزيد من الأضواء على هذا التغير الذي يشير بوضوح الى ان غالبية الإسرائيليين اليوم باتوا اقرب الى الاقتناع بأن العالم العربي ليس مستعداً للقبول بوجود دولة اسرائيل حتى لو انسحبت الى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وقبلت بتقسيم القدس.
ابرز مؤشر على هذا التغير الصعود المتواصل في شعبية الأحزاب اليمينية القومية المتشددة وعلى رأسها حزب "الليكود" وحزب "اسرائيل بيتنا"، والتراجع المستمر في مكانة حزب الوسط "كاديما" وعدم قدرة حزب "العمل" على تحقيق المزيد من التقدم في استطلاعات الرأي على الرغم مما يعتبره الاسرائيليون "أداء جيداً" لزعيمه ايهود باراك كوزير للدفاع في حرب غزة. والمفارقة أن "النجاح" العسكري الذي ادعت الحكومة تحقيقه في الحرب على "حماس" والتأييد الشعبي الذي حظيت به العملية العسكرية انعكسا سلباً بصورة خاصة على "كاديما". فالدرس الأساسي الذي خرج به الجمهور الاسرائيلي من هذه الحرب أن اليمين الإسرائيلي كان محقاً عندما عارض خطة أرييل شارون الانسحاب من طرف واحد من قطاع غزة صيف 2005 وعندما حذّر من أن ذلك سيؤدي الى استهداف عسقلان وأشدود بالصواريخ، وهذا ما حدث بالفعل.
كما لم ينسَ الجمهور الإسرائيلي الاخفاقات في حرب تموز2006، تماماً مثلما لم ينسَ أن ما حدث في لبنان في ذلك الصيف هو نتيجة الانسحاب من طرف واحد الذي نفذه زعيم حزب "العمل" ايهود باراك عام 2000.
من هنا يمكن القول ان الجمهور الاسرائيلي لم يعد يؤمن بالسياسات الدفاعية الفاشلة التي طبقت في الأعوام الماضية، ولا باحتمال التوصل الى تفاهم على السلام مع العرب. لذا يظهر اليمين الاسرائيلي بزعامة نتنياهو البديل المطلوب للمرحلة المقبلة.
وتشير استطلاعات الرأي الى ان الجمهور الاسرائيلي لم يعد يؤمن بأن أحزاب وسطية مثل حزب "كاديما" قادرة على تمثيله. فهذا الحزب الذي استطاع أن يقنع الناس قبل ثلاثة أعوام بأنه يجمع افضل ما في اليمين واليسار بات اليوم في نظر الاسرائيليين أقرب الى اليسار المتطرف. وهو في نظر البعض منهم يقف الى يسار حزب "العمل" وبات في بعض مواقفه من التسوية مع الفلسطينيين وقبوله الانسحاب من 98 في المئة من اراضي الضفة أقرب الى ما يسمّونه "السياسة الانهزامية" لحركة "السلام الآن"، بحسب وصف أحد المعلقين.
ولا يعاني الحزب من مشكلة هوية فقط وانما هناك تخوف حقيقي من مواقفه من التسوية السلمية التي من شأنها برأي الاسرائيليين تعريض أمن اسرائيل للخطر لاسيما فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب دولة اسرائيل. اسرائيليون كثر مقتنعون اليوم ان العرب لن يقبلوا الاعتراف بدولتهم حتى لو انسحبت اسرائيل الى الخط الأخضر، وقسّمت القدس و"طلبت المغفرة" من عرب 48 و67 ودفعت ملايين الدولارات كتعويضات.
ثمة سبب آخر يساهم بصورة غير مباشرة في اضعاف "كاديما" هو تسيبي ليفني. الحرب في غزة جعلت الاسرائيليين يشعرون بمدى حاجتهم الى زعيم قوي مجرب ومحنك يقودهم في المرحلة المقبلة، وليفني رغم كل ايجابياتها في نظرهم فإنها لم تستطع لا سيما خلال الحرب على غزة أن تحسن صورتها وسط الجمهور الذي ما زال يراها غير قادرة على تحمل المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقها.
يبدو واضحاً للمراقب أن ارتفاع شعبية الأحزاب اليمينية في اسرائيل في الآونة الأخيرة مرتبط في جزء كبير منه بصعود نفوذ التيارات الأصولية في العالم العربي والنفس الجهادي المعادي لمبدأ دولة اسرائيل. وهذا ما سيصطدم به كل من سيحاول تحريك العملية السلميّة في المنطقة وبصورة خاصة الادارة الأميركية الجديدة.

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,378,829

عدد الزوار: 7,755,838

المتواجدون الآن: 0