استعداداً لمعركته مع »الشيطان الأكبر« في عقر داره
ترجمة لينا يحيى ريدان
اذا يحدث في فنزويلا؟! تحت هذا العنوان كتبت نيكول فيراند تحقيقاً سلّط الضوء بقوة، على تغلغل النفوذ الإيراني في فنزويلا - هوغو شافيز، الزعيم الثوري المتأثر بخطى أرنستو تشي غيفارا، والذي أفسح المجال واسعاً أمام هذا النفوذ لنظام الجمهورية الإسلامية في طهران التي يردد قادتها مع الجماهير »الموت لأميركا«.. وكشفت عن التسهيلات »الثورية« التي يوفرها وزير داخلية فنزويلا، طارق العيسمي، وهو من أصل سوري وابن أخ شبلي العيسمي الذي كان أميناً عاماً للقيادة القومية في الستينات وأطيح بقيادته، فلجأ إلى العراق وهناك استمر في الأمانة العامة للقيادة القومية أيام صدام حسين. كاتبة التحقيق، نيكول م. فيراند، محللة، باحثة ورئيسة تحرير »ذي أميريكز ريبورت«، وقد كتبته لمشروع »مانغس« للأمن القومي في نصف الكرة الغربي في مركز السياسة الأمنية في واشنطن - العاصمة. منذ انطلاقتنا قبل عامين، ونحن نتابع العلاقة المتزايدة بين الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. ورغم أن معظم المعلومات المتداولة في وسائل الإعلام تشير إلى أن العلاقة بين الرئيسين بدأت عام 2005، غير أن الحقيقة هي أن تلك العلاقة بدأت فعليّاً مع تسلّم تشافير الحكم عام 1999. هذا وقد نشرت صحيفة »اعتماد ملّي« الإيرانية الإصلاحية في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 مقالة جاء فيها أن العلاقات بين طهران وكاراكاس بدأت مع تشكيل الحكومة الإصلاحية (الإيرانية)، وذلك عندما قام الرئيس السابق لإيران محمد خاتمي، بزيارة فنزويلا في فترة توليه الحكم، وأصبح الرئيسان مقربين جداً لدرجة دفعت الرئيس شافيز عام 2005 إلى تقديم أعلى وسام في فنزويلا (وسام المحرر) إلى الرئيس الإيراني وذلك كرمز للعلاقة القوية التي تربط البلدين. وقد عمد الرئيس الفنزويلي إلى تشجيع رؤساء كل من بوليفيا ايفو موراليس، والإكوادور رافائيل كوريرا ونيكارغوا دانيال أورتيغا على إقامة علاقات مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وقد تحقق ذلك بالفعل. والآن تتمتع جميع تلك البلدان إضافة إلى فنزويلا، بعلاقات متينة مع إيران وقد وقّعت معها اتفاقيات في مجالات اقتصادية عدة. في المقابل نالت إيران العديد من المكاسب بما فيها وجود قوي في أميركا اللاتينية إضافة إلى دعم تلك البلدان الأربعة لها، لمواجهة العقوبات التي فرضتها عليها الأمم المتحدة. ورغم المزاعم التي يطلقها المطّلعون بأن إيران لا مصلحة لها في تطوير علاقات مع كاراكاس بحد ذاتها، غير أن نظام خاتمي كان يواجه ضغطاً دولياً لعقد تحالفات جديدة مع دول حيادية. في الشرق الأوسط، تتمتع إيران، بعلاقات وطيدة مع سورية وقطر، غير أنها لا تملك فيهما أي قاعدة تستطيع من خلالها تهديد الولايات المتحدة فعلياً، من هنا أصبحت كاراكاس محط اهتمام. ووفقاً لذلك، وضعت إيران خطة، بعد أن بلغها أن شافيز سيتسلم السلطة، لتوطيد نفسها في الدول التي تخضع لنفوذ الرئيس الفنزويلي. هذا وقد كان مونشهاير هونرمند خير شاهد على تطوير العلاقة الإيرانية - الفنزويلية. هونرمند هذا هو صحفي ايراني معارض يحمل الجنسية الدانماركية ، وقد اعتاد كتابة عمود في الصحيفة المعارضة »كيان الدولية«، ومقرها لندن. وقد قرر هونرمند، السفر إلى الولايات المتحدة لتوسيع مجال توزيع الصحيفة. وفي كانون الأول/ ديسمبر وخلال رحلة استجمام إلى أميركا الجنوبية، وفيما هو جالس في قاعة الترانزيت في مطار كاراكاس بانتظار طائرته، اقترب منه رجلان إيرانيان، ما لبث أن انضم إليهما شرطيان فنزويليان، وطلبا منه التعريف عن نفسه. وبعد أن فعل وضعا أغلالاً في يديه واقتاداه إلى مكتب وراء قاعة الترانزيت، حيث جرى ضربه وإرغامه على توقيع أوراق باللغة الإسبانية لم يفهم شيئاً مما جاء فيها. وبعد ذلك بساعات قليلة، زُجّ هونرمند في السجن بتهمة تجارة المخدرات. ولم يُسمح له بالاتصال بالسفارة الدانمركية. وقد جاء في تقرير للحرس الوطني الفنزويلي أن »حقيبته الملأى بالمخدرات« قد وجدت على طائرة تابعة للخطوط الجوية الكوبية »Copa Airlines« رغم أن هونرمند كان مسافراً على الخطوط الجوية الملكية الدانمركية »KLM«. جُرّد السيد هونرمند من متاعه وماله وأوراقه وعمدت الشرطة الفنزويلية إلى مصادرة جواز سفره الدانمركي. غير أنه وخلال وجوده في السجن، أتيح له الاتصال برئيس تحرير الصحيفة التي يعمل فيها، هوسانغ فازبري، الذي وعده بمساعدته. إلا أن الأخير سرعان ما اختفى، ليُعثر عليه لاحقاً ميتاً في باريس. أُطلق سراح هونرمند عام 2005 وذلك بفضل الضغوط التي مارستها الحكومة الدانمركية. هذا وكان السيد هونرمند قد تحدث خلال وجوده في كاراكاس مع معارضين ناشطين لنظام شافيز أخبروه عن وجود رسميين إيرانيين في كل قطاع من القطاعات الاقتصادية وأن أولئك الإيرانيين يتبوأون مراكز رفيعة المستوى في الحرس الوطني والشرطة. وقد أخبروه أيضاً بأن الرسميين الإيرانيين ينخرطون في القطاعات الأكثر فقراً في المجتمع الفنزويلي لتجنيد أتباع لهم. لكن ما يخشاه أولئك المعارضون هو إمكانية تولي متطرفين مراكز حكومية. وقد أثار تعيين طارق العيسمي وزيراً للداخلية والعدل في فنزويلا قلقاً وذلك لعلاقاته المعروفة بمجموعات المتطرفين. السيد العيسمي هو مواطن فنزويلي من أصل سوري شغل قبل تعيينه وزيراً للداخلية والعدل مركز نائب وزير الداخلية للأمن العام. وتجدر الإشارة إلى أن والده، كارلوس العيسمي، وهو رئيس الفرع الفنزويلي لحزب البعث السياسي العراقي، وكان قبل غزو العراق، قد عقد مؤتمراً صحافيّاً وصف فيه نفسه بأنه »طالبان« ووصف أسامة بن لادن بـ»شيخ المجاهدين الكبير أسامة بن لادن«. أما عمّ طارق الأكبر، شبلي العيسمي، فقد كان إيديولوجيّاً عقائدياً بعثياً بارزاً ومساعداً للأمين العام للحزب في بغداد خلال فترة حكم صدام حسين. وقد تبيّن أنه تمّ تعيين العيسمي عام 2003، إلى جانب تلميذ متطرف قيادي آخر من جامعة الأنديز في مدينة مريدا اسمه هيغو كابيزاز ليترأسا دائرة الجوازات والتجنيس في فنزويلا ومكتب الهجرة ومنح الهوية. وقد جاء اختيارهما ليشغلا هذين المنصبين مفاجئاً نظراً للعلاقات التي تربطهما بحركات العصابات في جامعة الأنديز (ULA). هذا، وهناك إثباتات بأنهما خلال تلك الفترة أصدرا جوازات سفر فنزويلية ووثائق تعريف شخصية لأعضاء من »حزب الله« و»حماس«. وخلال فترة الدراسة في جامعة الأنديز كان العيسمي قيادياً يسيطر سياسياً على الحركة الطالبية، وأيضاً على المساكن الجامعية التي كانت تستخدم لإخفاء السيارات المسروقة وصفقات المخدرات. وقد استطاع العيسمي إدخال أعضاء من العصابات إلى المساكن الطلابية. وتشير التقارير أنه من أصل 1122 شخصاً يعيشون في المساكن الطلابية التابعة للجامعة، 387 شخصاً فقط هم طلاب فعليون فيما أكثر من 600 شخص لا علاقة لهم بالجامعة. وفي هذا الصدد، تقول باتريسيا يوليو، وهي صحافية استقصائية فنزويلية معروفة فرّت إلى ميامي وتعيش هناك، إن السيد العيسمي يقوم بتجنيد الشباب الفنزويلي المتحدر من أصول عربية وإرسالهم لتلقي تدريبات عسكرية على حرب المدن في المعسكرات التي يشرف عليها »حزب الله« في جنوب لبنان. وحسب ما نشرته باتريسيا في صحيفة »نيوفو بيس« أي السلام الجديد - فإن العيسمي تلقى دعماً كبيراً من الديبلوماسي غازي نصر الدين الذي يعمل في السفارة الفنزويلية في دمشق، وتهدف التدريبات إلى إعداد المجندين ليكونوا مستعدين لأجل حرب محتملة ضد الولايات المتحدة. وعند عودة أولئك المجندين إلى فنزويلا، يستقبلهم أعضاء متطرفون من الحزب الاشتراكي الفنزويلي التابع للجامعة التي تديرها القوات المسلحة وللجامعة البوليفارية الفنزويلية ويتم نقلهم إلى معسكرات تدريب في ولايات مونغاز، ميرندا، إلبارموا، فالكون، ياراكوي، يومار وترجيلو. وفي الضواحي: ماترن، لوس تكويز، الجاري، تشريغورا وسيرادي سان لويس، حيث يُصار إلى استكمال تدريبهم على استعمال الأسلحة والذخيرة والمتفجرات. وتشرف على هذه المجموعات والأشخاص منظمة »حزب الله« في فنزويلا إلى جانب العراقيين التابعين للقاعدة الذين يقيمون حالياً في فنزويلا، إضافة إلى الجبهة الديموقراطية الفلسطينية التي يرأسها ساليد أحمد رحمان الذي يقع مكتبه في ساحة كاراكاس الرئيسية. منذ أن أصبح شافيز رئيساً، استخدم كلٌّ من »حزب الله«، »حماس« و»القاعدة « فنزويلا كجسر لهم لبلوغ دول أخرى في أميركا اللاتينية. وتفيد بعض المعلومات عن وجود مجموعة من الناشطين العراقيين المنتمين للقاعدة في كراكاس حالياً. ووفق المعلومات فإن أعضاء هذه المجموعة هم، محمد عدنان ياسين، فلاح أمين طه، محيي علوان ومحمد القيسي. وجميعهم وصلوا إلى كاراكاس حاملين سمات دخول موقتة معطاة وموافق عليها من قبل رؤساء مكتب الهجرة وتعيين الهوية (كايزاز والعيسمي). ويعتقد أن تلك المجموعة خطيرة جداً، وهي تشرف على نشاطات تلك المنظمات الإرهابية في منطقة مثلث الحدود مع نيكاراغوا والأرجنتين. وعلاوة على ذلك؛ فقد دخل أعضاء آخرون من »حزب الله« إلى فنزويلا عبر سمات دخول مماثلة، وهم خبير المتفجرات اللبناني الجنسية عبد الغني سليمان وأكد وهو يمثّل اليد اليمنى لحسن نصرالله، ورضا رامل أسعد المولود في برانكويلا - كولومبيا وأبو شنب دايشوم داني وهو منظم المجموعة. حرّي بنا التنبّه جيداً لما يجري في فنزويلا. فقد حذرت وسائل الإعلام المستقلة من أن نظام شافيز يصدر وثائق شخصية إلى متطرفين إسلاميين، الأمر الذي يساعدهم على العمل والانتقال بحرية إلى دول أخرى، وإنه لمن المقلق والخطير جداً تعيين متطرف مثل العيسمي كمسؤول عن إصدار بطاقات الهوية والجوازات، إلا أن ذلك يخدم أهداف الرئيسين الإيراني والفنزويلي في جهودهما المشتركة لنشر التطرف في المنطقة وإنشاء شبكات إرهابية.
بقلم نيكول م. فيراند عن ذي أميركز ريبورت