الورقة الفلسطينية "المضغوطة" في لبنان من يعمل لإشعالها والإفادة من وهجها؟

تاريخ الإضافة الأحد 8 شباط 2009 - 9:29 م    عدد الزيارات 863    التعليقات 0

        

ابراهيم بيرم

ما الذي يُعَدّ للمخيمات الفلسطينية في لبنان؟ هذا السؤال يطرح بإلحاح في الاوساط السياسية المعنية التي ترصد من كثب منذ أيام حركة غير اعتيادية في داخل أكبر هذه المخيمات، لا سيما في الجنوب، تدفع عمليا التناقضات في اتجاه انفجار ما بين التيارين الفلسطينيين المتناقضين. والتي تتناهى الى سمعها في المدة الاخيرة معلومات عن ضغوط من عواصم تندرج في خانة دول الاعتدال، وتمارس على الرئاسة الاولى في لبنان، كي تبادر هذه الى فعل أمني وعسكري معين في داخل هذه المخيمات من أجل الغاء أي دور فاعل لحركة "حماس"، ولكي تسلس الامور لحركة "فتح" ومن يواليها ويسير في ركابها من الفصائل المنتمية الى منظمة التحرير الفلسطينية.
وحسب ما رشح من أكثر من مصدر أمني وسياسي مطلع على موضوع المخيمات، ابلغت الجهات الامنية الرسمية خلال الاسبوع الماضي الى القيادات والمراجع السياسية المعنية ان في حوزتها معلومات تثبت ان ثمة داخل المخيمات من يراكم جملة حوادث صغيرة ميدانيا كي تتحول بين لحظة وأخرى انفجارات واسعة.
وعرضت تقارير هذه المصادر أحداثا، من نوع حرق الصور والرموز، ولا سيما تلك العائدة الى حركة "حماس"، مشفوعة بحركة استنفارات واسعة و"عرض عضلات" واستفزازات ميدانية وكلامية.
ووفق التقارير نفسها أخذت هذه الاحداث طريقها الى التصعيد في اعقاب تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" والشخصية الابرز فيها خالد مشعل الداعية الى اسقاط منظمة التحرير الحالية، توطئة للبحث عن مرجعية فلسطينية أخرى.
وبالطبع استغلت الجهات التي فتحت الباب المفضي الى الاشكالات في المخيمات هذا الخطاب السياسي المثير للجدل كي تعلي من اعتراضها ومن منسوب استفزازها لخصومها، خصوصا ان الدعوة الى هدم هيكل منظمة التحرير، وان كان واهيا ومتداعي الاركان بفعل صروف الدهر السياسية والعسكرية، إلا أن ذلك بالنسبة الى السواد الاعظم من الفلسطينيين يعني دعوة صريحة الى شطب جزء عزيز جدا من ذاكرته النضالية، امتدت على مساحة ما يقرب من خمسة عقود.
لكن مصادر في حركة "حماس" في لبنان تأخذ المشهد كله الى أبعد من ذلك، لتتحدث عن مخطط مضمر يراد منه النيل من الصمود الاسطوري الذي مارسته المقاومة وشعبها في غزة، وبالتالي تشويه صورة حركة "حماس" بما تمثله من عصب أساسي للتيار الذي ما زال يؤمن بالمقاومة والمواجهة والسعي الحثيث الى رذل المقاومة فضلا عن تحميلها زورا المسؤولية.
وفي كل الاحوال تبدي حركة "حماس" أقصى درجات ضبط النفس وتسعى الى امتصاص كل محاولات الاستفزاز التي واجهتها في المخيمات منذ فترة وهو ما تعتقد مصادر فلسطينية لبنانية انه كان العاصم الاساس حتى الآن من انفراط سبحة الوضع الهش في داخل المخيمات وأمكنة التجمعات الفلسطينية.
إلا أن ذلك، على أهميته، لا ينفي اطلاقا ان الهواجس والمخاوف القائمة قد زالت الى غير رجعة، فالذين يطلون على وضع المخيمات الفلسطينية، ولا سيما الكبرى منها يقيمون على اعتقاد فحواه أن ثمة معطيات وعناصر عدة ما برحت تلقي بظلها الحالك على المشهد الفلسطيني في لبنان وربما دفعت به نحو المحظور وأبرزها:
1 – ان الوضع في داخل المخيمات وضع هجين ومن الصعوبة بمكان معرفة عناصر الخريطة الامنية والسياسية الفلسطينية اذا ما تداعى الوضع، وبالتالي يصعب ضبطه.
2 – ان ثمة اخطارا أخرى من خارج المخيمات وبالتحديد من الجهات الداخلية والاقليمية التي تطالب صراحة بسد المنافذ سلفا أمام أي تمدد لحركة "حماس" في مخيمات لبنان على نحو يجعل من هذه الحركة الاسلامية التوجه صاحبة الكلمة الاعلى في مخيم او اكثر لا سيما في الجنوب او بيروت انطلاقا من ان ذلك يحمل في طياته الكثير من المحاذير.
3 – ان ثمة من يربط بين انفجار الوضع في مخيم عين الحلوة والوضع في صيدا، نظرا الى التداخل الضارب جذوره عميقا بين هذا المخيم، الذي يضم بين جنباته التجمع الفلسطيني الاكبر اطلاقا في لبنان ويضم حسب بعض التقديرات ما يتعدى الـ65 الف نسمة.
4 – ثمة من يفكر بصوت عال في أن "اشتعال" أي فتيل في داخل المخيمات ستتخطى نيرانه وتأثيراته حتما، الى محيط هذه المخيمات ما يعني حكما وجود علاقة جدلية بين تداعيات الصراع في داخل هذه المخيمات وبين الاصطفافات السياسية اللبنانية الحالية القابلة لتأجيج صراعاتها المفتوحة أصلاً. وعليه فهو يبني اكثر من حساب داخلي لبناني على أساس انفجار التناقضات الفلسطينية المتراكمة في لبنان.
ومع وجاهة كل هذه المعطيات والوقائع الثابتة بعناد، إلا أن المعلومات الواردة من اكثر من جهة سياسية، خصوصا في اوساط المعارضة، تؤكد ان معطيات مضادة فرضت نفسها خلال الايام الماضية مما خفف  اندفاعة المندفعين والمراهنين على امكان حصول صدامات فلسطينية، وتوسعها جسر عبور الى الداخل اللبناني الملتهب.
وفي مقدم هذه المعطيات:
- ان جهات رسمية لبنانية وفي مقدمها الرئاسة الاولى أبلغت من يعنيهم الامر، أنها لا يمكن ان تؤدي أي دور في حسم الامور لهذه الجهة او تلك في المخيمات الفلسطينية، وأنها ستستمر في النهج الرسمي اياه المتبع منذ مدة طويلة حيال الملف الفلسطيني الشائك.
- ان ثمة جهات في المعارضة تحديدا أبلغت ايضا من يلزم أنها ترفض اطلاقا أي محاولات سياسية وغير سياسية لتوجيه ضربة الى حركة "حماس" وللنيل منها في لبنان او لتغيير الصورة الحالية للمخيمات وتوازن القوى القائم في داخلها وفي محيطها بصرف النظر عن عناوين هذا الامر وأدواته.
- كما ان الجهات اياها في المعارضة أبلغت الى الجهات الفلسطينية المضادة لحركة "حماس" أن عليها توخي الحذر في اطلاق الخطاب السياسي التصعيدي المعادي لحركة "حماس" لان ذلك من شأنه أن يوتر الوضع ويحقنه بمزيد من عناصر التفجير.
- إن ثمة توجها لدى بعض رموز المعاضة الى مواجهة الدعوات الى ازالة السلام الفلسطيني من خارج المخيمات من خلال تبني الخطاب الذي يطالب بنزع كل السلاح الفلسطيني في لبنان أو ترتيب أمره بحيث لا ينزع من يد جهة ويبقى بيد جهة أخرى.
وبناء على كل المعطيات الآنفة الذكر، ثمة من يراهن على أن ثمة امكانا كبيرا في المدى المنظور لتحييد الورقة الفلسطينية من يد المتنازعين اللبنانيين أقله بناء على توازن القوى وأخطار انفجار الوضع على الجميع، ولكن الامر يحتاج الى جهد أكبر، فمن يضمن؟

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,367,244

عدد الزوار: 7,755,650

المتواجدون الآن: 0