لماذا تخريب العلاقات السنّية - المسيحية ؟

تاريخ الإضافة الخميس 19 شباط 2009 - 10:52 ص    عدد الزيارات 891    التعليقات 0

        

جورج ناصيف (النهار)

الخطاب السياسي والاعلامي الذي التزمته القيادات اللبنانية المقرّرة في السلم والحرب (السيد حسن نصرالله، النائبان سعد الحريري ووليد جنبلاط) خطاب محمود وبالغ الأثر في حماية السلم الأهلي، ويشكل ترجمة أمينة لحال الارتخاء السياسي في العالم العربي.

فسواء في خطب ساحة الحرية، او في خطاب "مجمّع سيد الشهداء"، كانت رغبة جليّة في طي صفحة الجروح الأليمة، والتزام آداب التخاطب السياسي الهادئ، الخالي من الاستفزاز والتجريح.

الى نبرة التهدئة، تجلّت في خطابي الحريري وجنبلاط فكرة الانتماء الحصري الى الدولة، وهو انتماء مدني سلمي، بديلاً من العصبيات الأهلية المسلحة والهائجة. والانتماء الى الدولة، تعريفاً، هو انتماء الى الديموقراطية والقانون والمواطنية والمساواة.

لكن هذا الانحياز الى الدولة لا يؤتي ثماره من غير انحياز الدولة نفسها الى مواطنيها جميعاً، بلا تفرقة، افراداً وهيئات سياسية وأهلية، فلا ترفع الهراوة في مكان وتخفض جناح الذل والمسكنة في مكان.

واليوم، على اعتاب الانتخابات، يبدو الامتحان الذي تقف أمامه الدولة أكثر مصيرية على مستقبل البلاد، ومستقبل فكرة الدولة نفسها. فإما ان تستحق الدولة اسمها ودورها، وإما ان تكون كياناً هزيلاً لا يطمئن احداً ولا يردع احداً...

II

قد يكون العماد ميشال عون حراً كفرد، في ان يمتدح من يشاء ويهجو من يشاء. لكنه ليس حراً في ان يمضي بهذا العداء الفظ، اليومي، المهين، لقيادات السنّة في لبنان، حين يكون ناطقاً باسم شطر من المسيحيين.

أليس عجباً ان "يتخصّص" الجنرال بالهجوم على جميع الهيئات التي يرأسها سنة، من رئاسة الوزراء، الى تيار "المستقبل"، الى الهيئة العليا للإغاثة، الى مجلس الانماء والاعمار، الى وزارة المال، الى جهاز الأمن الداخلي، فتنجلي حملته على الفساد حملة مخصوصة على تيار "المستقبل" وعموم الأكثرية فقط، من غير أن يرشق بوردة رموز الفساد في "المعارضة"؟

أليس عجباً ألا يخطئ، ولو مرة واحدة، فيهاجم هيئة يرأسها قيادي من غير أهل السنّة؟ هل يحلو في عينيه، الى هذا الحد، مجلس الجنوب مثلاً؟

الأمر صار معيباً. فالقيادات الشيعية الاساسية في "المعارضة"، والمنخرطة في نزاع سياسي وانتخابي مع رموز سنية، أكثر اتزاناً منه. أكثر ابصاراً. أكثر حرصاً على الضوابط الوطنية (خطاب السيد حسن نصرالله اخيراً نموذجاً) أكثر عدلاً وتأدباً في الانتقاد. أكثر ادراكاً لأثر هذه البشاعات اللفظية على الجمهور المتلقي، سواء سنياً او من مسيحيي العماد عون.

العلاقة السنّية – المسيحية، كما العلاقة الشيعية – المسيحية، يجب ان يرعاها قوم هادئون، عقلاء، متزنون، لا شبهة كيد او انتقام او حقد او ممالأة في مواقفهم.

نحن نريد ان نعيش مع السنّة، كما عشنا أجيالاً في بيروت وطرابلس وصيدا وعكار وحاصبيا، عيش التواد والتحاب.

نريد أن نعيش مع الشيعة، كما عشنا أجيالاً في الجنوب والبقاع والضاحية وجبيل، بالتواد نفسه والتراحم نفسه.

نريد ان نكون جسر تواصل اذا انقطع الجسر او اهتز. نريد ان نكون بناة الدولة المتوازنة، الواحدة، العادلة، إذا قامت الدويلات.

نريد ان نشع وداً وسلاماً وإبداعاً وخدمة على الوطن كلّه.

أما الاحقاد، فتدمّر اصحابها قبل سواهم.

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,336,045

عدد الزوار: 7,754,893

المتواجدون الآن: 0