عودة الدور المصري

تاريخ الإضافة السبت 14 آذار 2009 - 7:38 ص    عدد الزيارات 816    التعليقات 0

        

تتابع اسرائيل بإهتمام شديد جهود الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية الدائرة في القاهرة حالياً نظراً الى الاهمية البالغة لهذه الوساطة على التهدئة الهشة في قطاع غزة وعلى مجمل الوضع الأمني السائد على طول الحدود المصرية مع غزة واسرائيل. وفي الحقيقة فإن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وضعت العلاقات المصرية-الإسرائيلية في وضع حرج وشكلت في نظر بعض الاسرائيليين تهديداً حقيقياً لاتفاقية السلام المعقودة بين اسرائيل ومصر.
تحولت الحرب على غزة مع تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية وارتفاع عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين الى تحدٍ جدي للزعامة العربية لمصر، كما شكلت تهديداً حقيقياً للإستقرار الداخلي المصري لا سيما في ظل الاتهامات التي وجهت الى السطات المصرية خلال الأيام الأولى للحرب، بالتواطؤ مع اسرائيل وبعدم فتح معبر رفح أمام مرور المساعدات الطبية والانسانية الى القطاع، وموجة الإحتجاج الشعبي التي اجتاحت الشارع المصري دعماً لحركة "حماس" ولأهالي غزة.
كل ذلك أثار القلق في اسرائيل على مستقبل العلاقات بينها وبين مصر وتالياً على مصير اتفاقية السلام معها. ويتابع المسؤولون في اسرائيل منذ وقت التطورات الداخلية في مصر والانعكاسات السلبية للتطورات الإقليمية على مكانتها في العالم العربي ويراقبون بقلق تراجع هذه المكانة نتيجة ضعف معسكر الاعتدال العربي والصعود الكبير لمعسكر الممانعة بزعامة ايران.
والسؤال الذي طرحه الاسرائيليون: الى اي حد عرضّت حرب غزة الأخيرة اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل للخطر؟
في دراسة نشرها "مركز السادات- بيغن" عدّد الباحث ايهود عيلام الأسباب التي تثير قلق الاسرائيليين من انهيار معاهدة السلام مع مصر. ومن بين الأسباب الداخلية تخوف الاسرائيليين من مرحلة مابعد الرئيس المصري حسني مبارك والصراع الدائر على الوراثة ومحاولات الرئيس المصري اعداد نجله لتسلم السلطة من بعده، وما قد ينجم عن ذلك من صراعات داخلية قد تؤدي الى تصاعد الاتجاهات المعادية لإسرائيل داخل مؤسسات الحكم وتهدد تالياً معاهدة السلام. يضاف الى ذلك الخوف من صعود الاسلام الراديكالي في مصر واحتمال تسلم حركة الأخوان المسلمين السلطة مما سيشكل تهديداً جدياً للسلام البارد بين البلدين.
كما أشار الباحث الى الانعكاسات السلبية الناجمة عن حصول ايران على السلاح النووي فمثل هذا التطور سيدفع مصر الى الحصول هي أيضاً عليه الأمر الذي تعتبره اسرائيل خرقاً للسلام بين البلدين.
لطالما اعتبرت اسرائيل اتفاقية السلام مع مصر بمثابة حجر الأساس في الدفاع عن موقعها كدولة يهودية في وسط من الدول العربية المعادية. من هنا فكل ما يهدد هذا السلام البارد مع اكبر دولة عربية اسلامية من شأنه أن يزعزعها بصورة جدية وعميقة.
ان استرجاع مصر هيبتها ودورها الإقليميين ومحاولتها من جديد لعب دور الوسيط سواء بين الفلسطينيين واسرائيل أو بين الفلسطينيين أنفسهم من شأنه أن يعيد القضية الفلسطينية من جديد الى العرب بعدما نجحت ايران في الظهور بمظهر المدافع الأول عن حقوق الفلسطينيين وعن قضية العرب الأولى. من هنا يمكن ادخال الوساطة المصرية الأخيرة ضمن الجهود الآيلة الى كبح الدور الإيراني المتصاعد في قطاع غزة وتفكيك التحالف الذي أقامته مع التنظيمات الفلسطينية الإسلامية الراديكالية. ويمكن أيضاً ادخال المصالحة المصرية-السورية التي ترعاها السعودية ضمن هذا المسعى العربي للجم الدور الايراني المتصاعد في المنطقة وذلك من خلال احتواء سوريا عوضاً من عزلها واستعدائها.
لكن اذا كانت هذه العودة للدور المصري قد تخفف من قلق اسرائيل فإنها من جهة أخرى ستكون مصدراً لوجع رأس آخر لها. فعودة الدور المصري معناها بث الروح من جديد في وحدة الموقف العربي، وعودة الحياة الى المبادرات العربية للتسوية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في قمة بيروت عام 2000 والتي ترفضها اسرائيل. كما ان نجاح الوساطة التي تقوم بها مصر اليوم حالياً سيقوي الى حد كبير موقف السلطة الفلسطينية في مواجهاتها المقبلة مع حكومة اليمين المتطرف التي سيشكلها بنيامين نتنياهو.


 

رنده حيدر

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,356,941

عدد الزوار: 7,755,462

المتواجدون الآن: 0