صيدا و.."الخطوط الحمر"

تاريخ الإضافة الأربعاء 25 آذار 2009 - 4:27 م    عدد الزيارات 911    التعليقات 0

        

محمد سلام

لا يمكن النظر إلى جريمة اغتيال اللواء كمال مدحت، نائب ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، بعبوة استهدفت سيارته بين مخيمي المية ومية وعين الحلوة إلا من ضمن مخطط الخطوط الحمر السائلة التي ترسم حول مدينة صيدا مع اقتراب الانتخابات النيابية.
لصيدا خصوصية خاصة جدا في انتخابات السابع من حزيران المقبل.

المدينة، عاصمة الجنوب، لم تعد جزءا من الدائرة الواسعة التي يحدد فيها ناخبون من غير أهلها من يمثلها في المجلس النيابي.

هذا التبدل الناتج عن تسوية الدوحة وضع صيدا في خصام، بل في مواجهة، مع الجغرافيا السياسية المحيطة.

معسكر 8 آذار الإيراني، الممثل بـ"حزب السلاح"، يريد الاحتفاظ بنفوذه في صيدا عبر التسويق لنظريات التسوية الانتخابية والحفاظ على "التعددية" السياسية في المدينة، ما يعني، عمليا، الإصرار على الاحتفاظ بنائب "التزكية" أسامة سعد في أحد مقعدي صيدا البرلمانيين.

 الكلام السياسي الصادر عن معسكر 8 آذار الإيراني، سواء في وسائله الإعلامية أو تلك التي تدور في فلكه، يروج لمثل هذه التسوية، ويلوح بـ"عصا" إذا لم يتم الامتثال لها.

والعصا التي يلوح بها هذا المعسكر تختصر بكلمة واحدة: "المخيمات الفلسطينية".

ولكن لا أحد يقول لنا من معسكر 8 آذار ما دخل المخيمات الفلسطينية بالانتخابات النيابية اللبنانية في صيدا، ومنذ متى تلعب المخيمات الفلسطينية دورا في الانتخابات النيابية اللبنانية، سواء في صيدا أو غيرها؟

التهويل، بل التهديد، يعكس مأزقا لدى 8 آذار، بل أكثر من مأزق:

معسكر 8 آذار الإيراني يريد صيدا غرفة لعملياته شمالي الليطاني وجنوبي الأولي، ولا يستطيع الاحتفاظ بغرفة العمليات هذه، التي يأمل في أن ترث غرفة غزة الفلسطينية، إلا إذا احتفظ بوكيله الصيداوي نائبا عن المدينة.

ويبدو أن هذا المعسكر الإيراني يعتبر أن حظوظ وكيله الصيداوي في الاحتفاظ بمقعده النيابي مهزوزة، لذلك يعمد إلى سياسة الترغيب والترهيب تحت عنواني التقارب والتعددية، اللذين يرفضهما في دوائره الانتخابية المقفلة ولا يقبل بأن يسمع بهما حتى.

لذلك، تم تحريك "المعمم غير الماهر" بعد تكريم رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في صيدا، ليكيل الشتائم لكل من يخالف معسكر إيران في لبنان.

ولذلك أيضا تم إطلاق معادلة صيدا خط أحمر من قبل معسكر إيران، في محاولة فاضحة للتدخل في التعبير عن رأي أهل المدينة في الانتخابات المقبلة، تحت شعار أن أي إخلال بالتمثيل السياسي القائم المستند إلى نائب "التزكية" قد يشعل المخيمات الفلسطينية.

وكان معسكر إيران بذلك يرد على المعادلة الأمنية التي فرضها مخيم عين الحلوة في السابع من أيار الماضي عندما كانت صيدا تتعرض للانتهاك من قبل جحافل "حزب السلاح" وملحقاته.

يومها صدر عن مخيم عين الحلوة معادلة ميدانية-أمنية جديدة، قالت إن "أمن صيدا من أمن المخيم" فتوقف، وبقدرة قادر، الهجوم الذي كان قد بدأ على صيدا والذي كان قد أدى حتى إلى انشقاقات ميدانية في صفوف أنصار نائب "التزكية".

معسكر إيران بحاجة ماسة للاحتفاظ بتمثيله في صيدا كي يبقى ممسكا بغرفة عملياته بين الليطاني والأولي.

ومعسكر إيران يعتبر أن خسارة وكيله في صيدا قد تعني، في التعبير الجيوسياسي، أن رقعة عملياته قد حصرت تحديدا في المنطقة الممتدة من الليطاني جنوبا إلى جسر سينيق -جنوبي صيدا- شمالا، ما يفقده منطقة استراتيجية ترفد تواجده في إقليم التفاح وتؤمن عمقا لانتشاره في مرتفعات جزين التي تصل جنوبه ببعض البقاع الغربي.

وخسارة صيدا تبعد معسكر إيران عن التماس مع مفاصله سواء في إقليم الخروب الشوفي أو تلك المتاخمة له بمحاذاة نهر الأولي، شرقي تلة الشرحبيل.

ضمن هذا الإطار التحليلي الجيو سياسي، نقرأ التطور الأمني الخطير المتمثل بسرقة "عقل الحاسوب" (السيرفر) الذي يتحكم بكاميرات المراقبة التي ترصد الممر الضيق تحت جسر الرميلة، عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا، قبل نحو شهر، علما أن هذا الممر الحيوي كان قد شهد محاولة اغتيال المقدم في شعبة المعلومات سمير شحادة، إضافة إلى عملية تفجير استهدفت آلية لليونيفل.

وكانت دورية لبلدية الرميلة قد رصدت عملية سرقة "السيرفر" ليلا من غرفة في أحد البساتين المطلة على الجسر نفذها عنصران فرا في سيارة بي إم دبليو، ولم تتمكن الدورية من اعتراضهما "لعدم الاختصاص".

لذلك لا يمكن أن تقرأ عملية اغتيال اللواء مدحت إلا بتسليط الضوء على سرقة "سيرفر" الرميلة وشبكة الخطوط الحمر المحيطة بصيدا، سيما وأن منظمة التحرير الفلسطينية، لم تسارع إلى اتهام "البصمات الصهيونية" بالضلوع في الاغتيال، بل شددت على أن الجريمة لن تجر المخيمات إلى ساحة الدم.

صيدا في عين العاصفة... حاذروا تسويات الخطوط الحمر.

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,367,373

عدد الزوار: 7,755,656

المتواجدون الآن: 0