تقارير..الأزمات الدولية: تصاعد العنف في العراق بات يسهّل تهريب السلاح إلى سوريا ويفاقم أزمتها

إعادة بناء قدرات مكافحة الإرهاب في العراق...تقدم عسير إلى الأمام في مصر

تاريخ الإضافة الإثنين 5 آب 2013 - 6:05 ص    عدد الزيارات 1959    القسم دولية

        


 

إعادة بناء قدرات مكافحة الإرهاب في العراق
مايكل نايتس
مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن.
أسفرت عملية الهروب من سجن أبو غريب في 21 تموز/يوليو عن إطلاق سراح مئات السجناء، من بينهم العديد من مقاتلي تنظيم «القاعدة في العراق» الذين سيتعذر إلقاء القبض عليهم مرة أخرى في وقت قريب. ويأتي هذا النجاح ليتوج عاماً حافلاً بالانجازات بالنسبة للجماعة السلفية الجهادية، التي عاودت الظهور بشكل ملحوظ منذ أن وصلت إلى أدنى مستوياتها في عام 2010. ورداً على ذلك، ليس هناك شك بأن مستشاري السياسة الأمريكية سوف ينصحون بقيام المزيد من التعاون الأمني مع قوات مكافحة الإرهاب العراقية، التي من شأنها أن تكون مفيدة. بيد، إن حل الأزمة يتطلب رؤية أوسع بكثير من مجرد إدخال تحسينات تكتيكية على قدرة بغداد على اعتقال وقتل الإرهابيين. فقد عملت ثلاث سنوات من التناحر السياسي الداخلي السام على وضع الأساس للتعافي الجزئي لـ تنظيم «القاعدة في العراق»، والأعمال السياسية وحدها هي التي تستطيع تقويض الحركة مرة أخرى.
ولادة من جديد لـ تنظيم «القاعدة في العراق»
بحلول نهاية عام 2010، بدا تنظيم «القاعدة في العراق» عاجزاً عن الحركة، حيث بلغ متوسط محاولاته لتنفيذ هجمات إرهابية تُحدث خسائر ضخمة بين صفوف الجماهير 10 هجمات شهرياً فقط، ومعظمها كانت فاشلة (مقارنة بنحو ستين أو سبعين هجوماً شهرياً في عام 2006، مع نسبة نجاح أعلى من تلك التي حدثت عام 2010). وكان التنظيم قد فقد قيادته العليا أمام الهجمات الأمريكية، بينما كان التنسيق بين الخلايا أمراً محفوفاً بالكثير من المخاطر لدرجة أن التنظيم لم يستطع تنفيذ سوى هجوم واحد أو هجومين "كبيرين" منسقين في عدة مدن في العام الواحد. وبناءً عليه، بدأ تنظيم «القاعدة في العراق» يتفتت إلى شبكات شبه إجرامية مستقلة تركز على السرقة والابتزاز.
ولكن بحلول نهاية عام 2012، استعاد التنظيم عافيته، حيث كان يشن أكثر من أربعين هجوماً كبيراً شهرياً إلى جانب هجمات منتظمة في عدة مدن. واليوم، تقوم القبائل في المناطق النائية المتاخمة لسوريا مرة أخرى بإبرام اتفاقات عدم اعتداء مع الجماعة وتصوغ ذلك في صورة عقود محلية. فكيف حدث ذلك التعافي، وماذا نستشف منه عن احتياجات مكافحة الإرهاب للحكومة العراقية؟
من الواضح أن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق بحلول نهاية عام 2011 كان إحدى العوامل في تعافي تنظيم «القاعدة في العراق»، لأنه أدى إلى استبعاد ترتيب بالغ الفاعلية للأصول الاستخباراتية والقوات الخاصة وفرق الهجمات الجوية. إن ذلك قد وفر للتنظيم القدرة على التنسيق مرة أخرى، الأمر الذي أدى إلى زيادة الهجمات في عدة مدن. وكان نقل سجناء تنظيم «القاعدة في العراق» من الحجز القضائي الأمريكي إلى السلطات العراقية عاملاً هاماً آخر؛ وتم لاحقاً الإفراج عن مئات من هؤلاء السجناء، مما أعاد قوة بشرية هائلة من الإرهابيين المدربين إلى العمل. كما كانت الحرب الدائرة في سوريا عاملاً محفزاً، حيث كانت بمثابة نموذج للمتمردين السنة في العراق في الوقت الذي وفرت فيه مزايا لوجستية وملاذات جديدة تمخضت عن قيام تمردَيْن سنيَيْن بالقتال إلى جانب بعضهما البعض.
 [وفضلاً عن ذلك]، كانت القرارات التي اتخذها تنظيم «القاعدة في العراق» وبغداد حتى الآن عاملاً على نفس القدر من الأهمية على الأقل في بث الحياة مرة أخرى في الجماعة. وقد أكد أبو بكر البغدادي وأبو سليمان الناصر - الزعيم والقائد العسكري الجديدان لـ تنظيم «القاعدة في العراق»، على التوالي - على القيادة العراقية لـ التنظيم وركزا دعايتهما على القضايا التي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للسنة العراقيين: وهي تحديداً، مصير السجناء السنة، ونطاق النفوذ الإيراني على بغداد، والعقاب الجماعي للسنة من خلال عمليات مكافحة الإرهاب العشوائية وجهود حل حزب البعث غير التمييزية. لقد استهدفت هجمات تنظيم «القاعدة في العراق» بشكل متزايد المتعاونين مع الحكومة من الشيعة والسنة، على الرغم من أنه قد توخي الحذر بعدم تنفير عموم السكان السنة من خلال شن هجمات أو فرض قيود غير تمييزية على حياتهم اليومية.
وفي غضون ذلك، لعبت بغداد دوراً صب في صالح الدعاية التي قام بها تنظيم «القاعدة في العراق». فمنذ أن بدأ انسحاب الولايات المتحدة في عام 2009 وتدهور الشراكة بين القوات العراقية والأمريكية، تخلى الجيش العراقي عن النموذج الناجح المتمثل في جهود مكافحة التمرد التي تركز على السكان. فقد تم إقصاء جماعات "الصحوة" - وهي قوات شرطة شبه عسكرية من أهل السنة تم تعيينها من قبل الحكومة - بشكل تدريجي: فقد أصبحت رواتب أفرادها متقطعة، وتم تقييد حقهم في حمل الأسلحة للدفاع عن النفس، وكثيراً ما ألقي القبض على قادتهم. والآن أصبحت جماعات "الصحوة" في حالة تراجع وفرار، إذ باتوا أهدافاً سهلة للقتلة التابعين لـ تنظيم «القاعدة في العراق» ويسعون بشكل متزايد إلى إبرام اتفاقات مع الإرهابيين.
كما تخلت قوات الأمن العراقية عن العديد من المبادئ الأساسية الأخرى لعمليات مكافحة التمرد القائمة على السكان. فالقوات تعيش حالياً بعيداً عن مجتمعاتها المحلية؛ وبسبب التغيب المتزايد لأفرادها بصورة جزئية، فقد انسحبوا من الشبكة الكثيفة التي تضم مواقع قتالية في الأحياء إلى قواعد أكبر يسهل تزويدها بالرجال ودعمها لوجستياً. وفي العديد من المواقع، تبنوا نفس وجهة النظر غير التمييزية تجاه السكان المحليين التي تبنتها قوات التحالف في عام 2003، لكن مع اختلاف هام: لم تستطع قوات التحالف في بادئ الأمر التمييز بين المتمردين والمدنيين بسبب جهل حقيقي، بينما كانت الوحدات العراقية (بأخذها زمام المبادرة من السياسيين الوطنيين المتناحرين) تقوم غالباً بتجميعهم مع بعضهم البعض بصورة متعمدة بسبب التعصب الطائفي وعدم الرغبة في الالتزام بالعمل الصعب لمكافحة أعمال التمرد القائمة على السكان. ونتيجة لذلك، أصبحت أحياء سنية كاملة في غرب بغداد مناطق معزولة لسنوات حتى الآن، وعرضة لحصار اقتصادي ولمداهمات دورية وفقاً لنزوات القادة العسكريين المحليين. ويحاول الجيش الآن القيام بعمليات تطهير واسعة النطاق - ويذكرنا ذلك مرة أخرى بجهود التحالف في الفترة 2003-2004، عندما كانت النتائج متواضعة أو حتى عكسية على نحو مماثل.
إعادة تفعيل أعمال مكافحة الإرهاب في العراق
يمثل إصلاح قوات مكافحة الإرهاب العراقية أولوية قصوى، ولا شك أن بعضاً من هذا العمل يجري القيام به من خلال قنوات سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (فضلاً عن التعاون الجلي مع وزارة الدفاع). بإمكان واشنطن أن تساعد أيضاً على تقليل الضغط على وحدة مكافحة الإرهاب الرئيسية في البلاد - "قوات العمليات الخاصة العراقية" - البالغ قوامها 4,100 شخص والمعروفة بقوتها.
وتعمل "قوات العمليات الخاصة العراقية" حالياً تحت قيادة "جهاز مكافحة الإرهاب" (CTS)، وهو عبارة عن وكالة ليس لها أي أساس قانوني لأن البرلمان عجز بشكل متكرر عن تمرير مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي عُرض للمرة الأولى عام 2007. وقد ترك ذلك "قوات العمليات الخاصة العراقية" في حالة فراغ قانوني ومالي، فهي ليست جزءً من تسلسل القيادة في وزارة الدفاع كما أنها ليست مخصصة إلى وكالة معتمدة وممولة من قبل البرلمان. وفي عام 2010، تلقت القوات تمويلاً بقيمة 170 مليون دولار فقط، مقارنة بتكلفتها التشغيلية السنوية البالغة نحو 350 مليون دولار. كما أنها واجهت صعوبات حادة في الحصول على أفراد بدائل من وزارة الدفاع. ففي عام 2009، تم توفير 67 في المائة فقط من أفراد "قوات العمليات الخاصة العراقية" المخصصين لهذا المستوى التنظيمي، بل إن هذا الرقم هو اليوم أدنى من ذلك، الأمر الذي يزيد من إجهاد الوكالة.
ولذلك، فإن إحدى أهم المتطلبات قصيرة الأجل والأكثر إلحاحاً هي أن تتم إعادة هيكلة "قوات العمليات الخاصة العراقية" ضمن قوات الأمن العراقية من خلال دعم تمرير قانون مكافحة الإرهاب ووضع "جهاز مكافحة الإرهاب" تحت الرقابة البرلمانية باعتباره وزارة جديدة. وتقوم فصائل المعارضة العراقية بانتظام بتكوين أغلبيات ساحقة في البرلمان، وينبغي أن يتوافق قانون مكافحة الإرهاب مع رغبتهم في تطبيع عمليات القيادة والتحكم في القوات الخاصة وحل مشكلة تنظيم «القاعدة في العراق». ووفقاً لذلك، يجب على واشنطن أن تستخدم مساعيها الحميدة لتشجيع قيام محاولة جديدة لتمرير هذا التشريع.
لكن حتى في حالة عودة "قوات العمليات الخاصة العراقية" إلى وضعها الطبيعي، لا يستطيع العراق أن يشق طريقه خروجاً من الأزمة الأمنية الراهنة. فبيئة التجنيد لـ تنظيم «القاعدة في العراق» أصبحت مواتية جداً في الوقت الراهن بحيث لا تستطيع بغداد الاعتماد فقط على العمليات الخشنة لمكافحة الإرهاب، وهو ما قد تجربه لو سمحت لها واشنطن بذلك. فتحقيق مصالحة وطنية أوسع نطاقاً وإصلاح عملية حل حزب البعث والعودة إلى أساليب مكافحة التمرد القائمة على السكان وتعزيز سلطات الحكومة البرلمانية والمحلية يمكن أن توجه جميعها صفعات قوية لـ تنظيم «القاعدة في العراق». ورغم أن واشنطن تستطيع المساعدة من خلال تقديم المزيد من التعليم العسكري المهني حول الجوانب الفنية لعمليات مكافحة التمرد القائمة على السكان، إلا أن الاستراتيجية الأوسع نطاقاً تتطلب قرارات سياسية عراقية تقوض من وضع المتطرفين من خلال التوصل إلى تسويات.
هناك مؤشرات على أن اثنين من أكبر السياسيين العراقيين - رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي ورئيس البرلمان السني أسامة النجيفي - يدركان الحاجة إلى الابتعاد عن حافة الهاوية الطائفية، حتى وإن كان ذلك فقط من أجل ضمان مستقبلهما السياسي. إذا أرادت واشنطن إضعاف تنظيم «القاعدة في العراق»، ينبغي عليها أن تركز على تعزيز استراتيجية مصالحة وطنية متكاملة، يمكن تنفيذها قبل وأثناء وبعد الانتخابات الحيوية في العراق عام 2014. وفي غضون ذلك، ومع نمو تنظيم «القاعدة في العراق»، من المحتمل أن يتجاوز التنظيم مرحلة الترحيب به بين مجتمعات السنة مرة أخرى. ويجب أن تستعد استراتيجية مكافحة الإرهاب العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة لاستغلال تلك اللحظة عندما تحين.
 
الأزمات الدولية: تصاعد العنف في العراق بات يسهّل تهريب السلاح إلى سوريا ويفاقم أزمتها
بغداد / المدى
أكدت مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل، أمس السبت، أن العنف تضاعف في العراق مؤخرا، بسبب تزايد عمليات القتل الطائفي التي شنها تنظيم القاعدة في طول البلاد وعرضها، فيما أشارت إلى أن الأخطار تعمقت في العراق إلى درجة أنها فاقمت الوضع مع سوريا.
وقالت المجموعة في تقرير يحمل الرقم 120، اطلعت عليه ( المدى برس)، إن "تقرير الأمم المتحدة الأخير أكد أن آلاف العراقيين تم قتلهم في شهر تموز- يوليو الفائت، وهو أعلى مستوى في القتل منذ شهر نيسان- أبريل من العام 2008".
وأضافت المجموعة إن "هجمات القاعدة الأخيرة التي استهدفت سجني التاجي وأبو غريب التي نجحت في إطلاق سراح مئات السجناء العراقيين والأجانب، إضافة إلى الهجمات التي شنتها القاعدة على المناطق الشيعية في بغداد فاقمت الأوضاع سوءا في العراق".
وخلصت المجموعة في تقريرها إلى القول بأن "الأخطار تعمقت في العراق إلى درجة أنها فاقمت الوضع مع الجارة سوريا وارتبطت بالصراع المسلح الدائر هناك، حيث تجد قوات الحكومة السورية صعوبة في وضع حد لعمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود مع العراق".
وتشهد سوريا، منذ 2011، حركة احتجاج شعبية واسعة بدأت برفع مطالب الإصلاح والديمقراطية وانتهت بالمطالبة بإسقاط النظام بعدما ووجهت بعنف دموي لا سابق له من قبل قوات الأمن السورية وما يعرف بـ"الشبيحة"، مما أسفر حتى اليوم عن سقوط ما يزيد على100 ألف قتيل، وعشرات آلاف المعتقلين، فضلاً عن أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ ومهجر.
في هذا السياق، أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها من وصول أعداد القتلى في العراق إلى أكثر من ألف قتيل خلال شهر واحد فقط، عادّة طريقة استخدام الأبرياء من أجل زرع الفتنة وعدم الاستقرار أمر "مشين ومقرف"، فيما شددت على أن غالبية الشعب العراقي مستمر في معالجة القضايا الأمنية والسياسية.
وقالت سارة ماري هارف، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية خلال الإيجاز اليومي الذي نشره موقع الوزارة واطلعت عليه (المدى برس) إن " سقوط أكثر من ألف قتيل خلال شهر تموز في العراق فقط أمر يعرب عن القلق حول طبيعة هذه الهجمات التي رأيناها في معدلات العنف بالعراق".
وأضافت ماري أن "استهداف الناس الأبرياء من أجل تحقيق عدم الاستقرار والانقسام في البلد هو أمر شائن حقا ومقيت"، متابعة " نحن مقتنعون بأن الإرهابيين الذين يعملون على تصعيد معدلات العنف هم لا يمثلون المجتمع العراقي بأجمعه وأن الغالبية الواسعة من الشعب مستمرة برفضها لهذا العنف وتدعو للحوار السياسي".
وأشارت ماري إلى أن " الولايات المتحدة الأمريكية تشجع قيام الكثير من السياسيين وزعماء الدين باتخاذ موقف ضد هذا العنف وإنهم مستمرون بالبحث عن طرق لمعالجة القضايا الأمنية والسياسية المستمرة".
إلى ذلك أعلنت الأمم المتحدة، امس السبت، عن تعيين وزير خارجية بلغاريا السابق نيكولاي ملادينوف مبعوثها الخاص في العراق ورئيس بعثة اليونامي بدلا من مبعوثها السابق مارتن كوبلر، فيما أعربت عن تقديرها لجهود وخدمات كوبلر في قيادته لبعثتها في العراق.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان اطلعت عليه، (المدى برس)، إن الأمم المتحدة قررت "تعيين وزير خارجية بلغاريا السابق نيكولاي ملادينوف مبعوثا خاصا للعراق ورئيس بعثة اليونامي كذلك بدلا من مبعوثها السابق مارتن كوبلر".
يشار إلى أن المبعوث الجديد للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف يتمتع بخبرة واسعة في الخدمات العامة وكونه وزير خارجية سابقا لبلغاريا فقد قاد سياسة بلده الخارجية بالتعامل مع عدد واسع من الشركاء بضمنهم دول في الشرق الأوسط، وخدم كذلك كوزير للدفاع في بلده وكعضو في البرلمان الأوروبي وفي لجنة شؤونه الخارجية والوفد المبعوث للعراق. وقد تقلد ملادينوف عدة مناصب أخرى في قطاعات حكومية وغير حكومية منها في البنك الدولي والمعهد الديمقراطي القومي والمعهد الجمهوري الدولي.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، في حزيران الماضي، عن استبدال ممثلها في العراق مارتن كوبلر، وقررت إرساله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما أكدت أن قرار الاستبدال "روتيني" وليس له علاقة بالاتهامات التي وجهها له بعض الأطراف السياسية في العراق بشأن "عدم حياديته".
 
 تقدم عسير إلى الأمام في مصر
مجموعة الأزمات الدولية.القاهرة/بروكسل 
مع ترنح مصر على شفير مواجهة كارثية، تصعب معرفة أيهما كان أقصر نظر من الآخر: إخوان مسلمون متغطرسون أساؤوا قراءة مكاسبهم الانتخابية وظنوا أنها تمنحهم شيكّاً على بياض، أو معارضة متهوّرة بدت مستعدة لإغراق البلد مقابل إسقاط الإسلاميين، والتي يمكن لمعاييرها في إسقاط الرئيس ـ الافتقار إلى الكفاءة بشكل العام وانعدام الشعبية على نطاق واسع ـ أن تجعل العديد من الرؤساء يحزمون أمتعتهم ويغادرون. يجب أن تكون الأولوية اليوم تجنب المزيد من إراقة الدماء، وأيضاً ضمان أن يكون الفصل التالي في المرحلة الانتقالية المضطربة في مصر، على عكس سابقه، شاملاً وإجماعياً. أما البديل فهو الاستمرار في الممارسات السياسية الصدامية والإقصائية، لكن مع درجة أكبر من العنف وتغيير يقتصر على الشخصيات التي تتربع على سدة الحكم.
لم تكن الانقسامات العميقة في مصر واضحة بهذا الشكل الصارخ في يوم من الأيام بقدر ما كانت في هذه الأيام الأخيرة. خرج الملايين إلى الشوارع في 30 حزيران/يونيو للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي. وخرجت أعداد كبيرة، وإن كانت أقل، أيضاً رداً على ذلك وإصراؤاً على بقائه في منصبه. وظهر كلام من كلا الطرفين حول الدم والشهادة ـ من الإخوان، ومن حركة تمرّد التي أطلقها الشباب ومن الجيش نفسه. إن إزاحة أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً بالقوة من منصبه يخاطر بإرسال رسالة إلى الإسلاميين بأن ليس لهم مكان في النظام السياسي؛ وزرع المخاوف في أوساطهم بأنهم سيتعرضون لجولة أخرى من القمع الدموي؛ مما قد يؤدي إلى العنف وحتى إلى مقاومة يائسة من قبل أتباع مرسي.
تشكّل الأزمة الحالية إلى درجة كبيرة نتاجاً لعملية انتقال سياسية تعتريها عيوب كثيرة. لم يتمكن اللاعبون السياسيون من التوصل إلى اتفاق أساسي على قواعد اللعبة أو على النظام السياسي المطلوب، وبدلاً من ذلك مضوا بعقلية "الفائز يأخذ كل شيء" والتي كان من المؤكد أنها ستهمش ـ وتخيف ـ الخاسرين. بدلاً من المشاورات وبناء الإجماع، فإن الانتخابات والاستفتاءات ـ التي تفوَّق فيها الإخوان المسلمون الأفضل تنظيماً، باتت هي الحَكَم في مواجهة سياسية كانت تزداد استقطاباً. مع انتقال مصر من منافسة انتخابية إلى أخرى، تصوّر الإسلاميون أن انتصاراتهم المتتالية، رغم أنها كانت بهامش ضيق، تشكل تفويضاً لهم لصياغة الشكل السياسي للدولة الناشئة وبالشكل الذي يرونه مناسباً، وتجاهلوا الحاجة لتقاسم السلطة. تجاهلوا المعارضة التي ينبغي الإقرار بأنها كانت غير فعالة، وركزوا بدلاً من ذلك على محاولة إما التهميش ـ في حالة الجهاز القضائي) أو استمالة (في حالة القطاع الأمني) أجهزة الدولة التي اعتبروها أكثر أهمية، وبالتالي تشكّل تهديداً أكبر لهم. وقد كان ذلك خطأ فادحاً. غير الإسلاميين عانوا من علة معاكسة، واعتبروا نتائج الانتخابات غير ذات معنى، وطالبوا في كثير من الأحيان بتمثيل يفوق حجمهم في هيئات صنع القرار؛ وتحدّوا المبدأ الأساسي المتمثل في الإرادة الشعبية؛ واستسلموا للإغراء المتنامي باستعمال الوسائل غير المؤسساتية، سواء كانت الإثارة والتحريض في الشوارع أو الدعوة إلى التدخلات القضائية أو العسكرية. كل ذلك أدى إلى ظهور أكثر المشاهد تنافراً وتناقضاً؛ فما يُزعم أنها معارضة ديمقراطية ليبرالية تدعو صراحة إلى تدخّل الجيش لإنهاء فترة حكم أول رئيس منتخب ديمقراطياً. يمكن أن يتبيّن أن هذا الخطأ سيشكّل سابقة لا تقل فداحة. ولكن الأمر الذي لا شك دفع أعداد غفيرة من المصريين للخروج إلى الشوارع هي الحالة الإقتصادية شديدة التدهور والإحساس العام بغياب الدولة.
من الصعب معرفة ما الذي أدى في المحصلة إلى دفع الجيش ـ الذي كان قد سعى لبعض الوقت لتجنّب الانخراط السياسي المباشر ـ إلى دخول الحلبة بالدرجة التي قام بها في 1 تموز/يوليو عندما أمر الرئيس بالاستسلام لمطالب منتقديه أو مواجهة التبعات. قد تكون عدم قدرة الرئيس على تحقيق الإجماع السياسي، أو معالجة الوضع الاقتصادي المزري، أو تطمين الجهاز القضائي أو فرض القانون والنظام جميعها لعبت دوراً، وكذلك إطلاقه لإشارات ـ مثل تعيين محافظ للأقصر عضو في جماعة متشددة أو دعم مرسي العلني للدعوة إلى الجهاد ضد النظام السوري ـ توحي بأن الرئيس كان يجنح نحو أجندة إسلامية صارخة. لكن بشكل جوهري، فإن الجيش والقطاع الأمني برمته لم يشعر بالارتياح لوجود قائد أعلى منتمي للتيار الإسلامي، رغم جهود الرئيس لتهدئة هذين القطاعين. كان كذلك حال الجهاز القضائي، الذي كان الرئيس وحلفاؤه قد سعوا لإعادة هيكلته، خصوصاً بتهديد القضاة بإحالتهم المبكرة إلى التقاعد على أساس أنهم كانوا من بقايا حقبة مبارك. كما كان الغضب حيال الإخوان أعمق داخل جهاز الشرطة، الذي رأى نفسه منذ البداية على أنه وقع بشكل غير منصف ضحية انتفاضة عام 2011 ولم يستطع استيعاب أن يُحكم من قبل الإسلاميين. نتيجة لذلك، فإن رئيساً يُتّهم بشكل متكرر من قبل منتقديه بأنه يعمل على الإمساك بمختلف مفاصل السلطة انتهى به الأمر بسيطرة لا تذكر على أي من مؤسسات الدولة ذات الأهمية الحاسمة.
تشير المؤشرات الأولية إلى اتجاه مقلق يتمثل في تدخل ثقيل يقوم، بالحد الأدنى، بعكس المكاسب التي تحققت من حيث حرية الصحافة وحقوق المشاركة السياسية. تعرضت مكاتب الإخوان المسلمين بشكل متكرر للإحراق والنهب دون أي جهد من قبل الشرطة للمدافعة عنها، كما تعرضت التجمعات الموالية لمرسي لهجمات مسلّحة من قبل مهاجمين مجهولين. فيما يتعلق بالعملية السياسية المستقبلية، فقد أعلن الجيش تعليقه للدستور بالتوازي مع انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة وعين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً.
إذا كان الوضع الراهن لا يمكن استدامته، فإن التحوّل نحو سيطرة الجيش، حتى لو تمت ممارسته بشكل غير مباشر، سيشكل سابقةً مقلقة. إذا أريد للمرحلة الانتقالية الثانية أن تكون ناجحة ينبغي أن تستند إلى مصالحة شاملة فعلاً ـ وهو ما يعني هذه المرة، مقاربة تشمل الإسلاميين بجميع فئاتهم، بما في ذلك الإخوان المسلمين. أية محاولة لقمع الإسلاميين وحرمانهم من حقوقهم السياسية ـ تكون مصحوبة بقيود على وسائل الإعلام وما شابه ـ ستكون علاجاً أسوأ من المرض، وقد تدفع الجماعات الإسلامية إلى العمل السري ما سيؤدي إلى ظهور جيل من الإسلاميين الراديكاليين، في مصر وفي غيرها، سيكون قد فقد أي إيمان بالتغيير السلمي الديمقراطي. يبقى من غير الواضح إلى أي حد سيمضي إسلاميو مصر في تحدي ما يعتبرونه انقلاباً غير شرعي. لكن من المرجح أنهم لا يزالون أقوياء بما يكفي لإفساد نجاح خصومهم على المدى البعيد. ولن تكون المشاكل الكامنة في الأسباب الجوهرية للاستياء الشعبي ـ الأزمة الاقتصادية أولاً وقبل كل شيء ـ أسهل على الحل بوجود احتكار غير إسلامي للسلطة مما كان مع وجود احتكار إسلامي لها.
لكن ينبغي أن يكون الإخوان المسلمون قد تعلموا دروساً من محاولتهم الفاشلة في الحكم: أن المرء لا يستطيع الحكم بمفرده في مرحلة من الاستقطاب والتحوّل السياسي والاجتماعي وأن الدستور هو عقد اجتماعي طويل الأمد بين المصريين من مختلف النزعات الأيديولوجية والخلفيات العرقية، والطبقية والدينية، وليس حصيلة عملية تجري مرة واحدة يهيمن عليها الفصيل السياسي الأكثر تنظيماً في حينه.
من الصعب رؤية شيء صحي يتمخض عن هذا على المدى القريب. ولكن في ضوء خارطة الطريق التي أُعلن عنها حديثاً، ينبغي اتخاذ عدد من الاجراءات الهامة من قبل اللاعبين المصريين، وبدعم دولي:
    إدانة الجيش، والشرطة، والمعارضة لأي شكل من أعمال العنف، خصوصاً ضد مؤسسات وأعضاء جماعة الإخوان وفي نفس الوقت رفض أي عنف يمارسه الإسلاميون؛
    ينبغي للحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها بقيادة مدنية، أن تشمل طيفاً واسعاً وأن تكون انتقالية ويترأسها شخصية مستقلة تحظى باحترام واسع؛
    وأن يتم الشروع بحوار وطني يتعلق بالمسار السياسي المستقبلي، خصوصاً فيما يتعلق بالدستور، والذي ينبغي أن يكون شاملاً لجميع الأطراف قدر الإمكان دون إقصاء.
في النهاية، فإن المسألة لا تتعلق بمن يقود بقدر ما تتعلق بحدود الممارسة السياسية السلمية، وينبغي أن ينص على ذلك دستور يحدد القواعد الإجماعية العامة لتلك العملية. مهما حدث خلال الساعات أو الأيام القادمة، فإن على المسؤولين والسياسيين التركيز على مناقشة عملية يمكن من خلالها تعديل الدستور أو إعادة صياغتها بطريقة مقبولة للاعبين السياسيين الرئيسيين وللمكونات الرئيسية للمجتمع المصري. كما ينبغي على الحكومة المؤقتة وللجنة الدستورية، إذا أريد لهما أن تكونا فعالتين أن تشركا الإخوان المسلمين وحلفاءهم، وهو ما يعني بدوره الإحجام عن أية عمليات قمع ذات دوافع سياسية. لقد أثبت مع مضي الوقت أن الافتقار إلى بناء الإجماع الواسع كان الخطيئة الأصلية في المرحلة الانتقالية الأولى. لا ينبغي أن تكون خطيئة المرحلة الثانية أيضاً.

المصدر: مصادر مختلفة


السابق

مجزرة على الحدود وتوتر في البقاع الشمالي كونيللي لـ"النهار": على الزعماء الاقتداء بسليمان...دعوة الحريري الحكومية لن تلقى تجاوباً عند "حزب الله" وطريقة ربط الشيعة بفلسطين لم تلق استحسان جنبلاط.....باسيل: شعب أجنبي على ارضنا ولن نسمح بتغلغله في مناطقنا...الجميّل يعتبر خطاب الحريري مهمّاً على الصعيد الوطني.. وسعيد: وحّد "14 آذار"

التالي

«الجيش الحر» ينقل معاركه إلى اللاذقية.. ويسيطر على أربع بلدات بريفها ومقتل 12 عنصرا من لواء أبو الفضل العباس العراقي بكمين......تنظيم كردي إيراني يعلن استعداده لإرسال مقاتلين لـ «الدفاع» عن أكراد سوريا ...روحاني: «أي قوة في العالم» لن تزعزع علاقة إيران الراسخة بسوريا ....ديمبسي يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث الموضوعين السوري والإيراني....مؤسس الجيش الحر: من يريد تحرير القدس لا يجتاح حمص والثوار يطلقون معركة اللاذقية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,299,277

عدد الزوار: 6,986,363

المتواجدون الآن: 68