الحرب التي ربحها الأسد....لا يوجد خيار سهل أمام الأسد في سوريا.. سواء رحل أم لم يرحل، مؤيدوه يقولون إن عليه إما التشبث بطموح والده أو التدني إلى وضع جده

«الحر» يبدأ «عملية المغيرات صبحا» في حلب ويسيطر على «حارم» في إدلب، مقتل رئيس مفرزة المخابرات العسكرية في جرمانا.. والفلسطينيون يتوحدون لمواجهة النظام إلى جانب المعارضة....انشقاق نائب سوري وعدد من الضباط.. ومعلومات عن خطوات سياسية وعسكرية مماثلة قريبا...المعارضة تؤكد استخدام النظام السلاح الكيماوي في حمص.. مقابل تشكيك موسكو، منشق من إدارة السلاح الكيماوي: يستحيل الحصول على عينة من «السارين»

تاريخ الإضافة الخميس 27 كانون الأول 2012 - 5:05 ص    عدد الزيارات 1954    القسم عربية

        


 

«الحر» يبدأ «عملية المغيرات صبحا» في حلب ويسيطر على «حارم» في إدلب، مقتل رئيس مفرزة المخابرات العسكرية في جرمانا.. والفلسطينيون يتوحدون لمواجهة النظام إلى جانب المعارضة

جريدة الشرق الاوسط.... بيروت: كارولين عاكوم ... تتسارع الأحداث الأمنية والعسكرية على أرض سوريا، وهذا ما يبدو واضحا من العمليات التي ينفذها كل من الجيشين الحر والنظامي في معظم المناطق التي تشهد اشتباكات وقصفا عنيفا. إذ في حين أعلن الجيش الحر عن بدء عملية «المغيرات صبحا»، لتحرير الأجزاء المتبقية في جنوب غربي مدينة حلب، ونجح في السيطرة على مدينة حارم في محافظة إدلب، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن مسؤولا في المخابرات السورية، قتل ليل أمس، في كمين نصبه مقاتلون من المعارضة، في منطقة جرمانا في دمشق. ووصل عد قتلى أمس، إلى 111 شخصا، كحصيلة أولية بحسب ما ذكرت لجان التنسيق المحلية.
وأفادت لجان التنسيق المحلية عن وقوع اشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في حي تشرين في دمشق، وتجدد القصف على حي العسالي. وفي إدلب، أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن الجيش السوري الحر سيطر على مدينة حارم في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وذلك بعدما نجح في السيطرة على آخر الحواجز العسكرية لقوات النظام في المدينة التي باتت تحت سيطرتهم بشكل كامل، واستولى على أسلحة ثقيلة ودبابات تابعة للجيش النظامي.
من جهته، أوضح المركز الإعلامي السوري، أن الجيش الحر نفذ هجوما على رتل عسكري لقوات النظام السوري على طريق مطار دمشق الدولي، أسفر عن تدمير الكثير من الآليات العسكرية. كما قصفت قوات النظام براجمات الصواريخ بلدة كورين بريف إدلب بالتزامن مع حركة نزوح للأهالي عن المنطقة جراء القصف المستمر.
كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن رئيس مفرزة المخابرات العسكري في مدينة جرمانا قتل إثر كمين نصبه مقاتلون ليل الاثنين وذلك بعد انفجار عبوة ناسفة في المدينة أسفرت عن إصابة 5 مواطنين بجروح. وقد أفادت «شبكة شام الإخبارية» بأن مدينة الزبداني بريف دمشق تعرضت لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة من قبل قوات النظام المرابطة في الحواجز القريبة من المدينة.
وفي حلب، أعلنت تشكيلات عسكرية من الجيش الحر بدء عملية عسكرية واسعة، أطلقت عليها تسمية «المغيرات صبحا»، لتحرير الأجزاء المتبقية في جنوب غربي مدينة حلب. وقال قيادي في الجيش الحر من مدينة حلب لـ«وكالة الأناضول»: «إن أهداف العملية هي تحرير مدرسة الشرطة ومعمل الكابلات والمطحنة وحواجز الجيش في خان العسل».
وأدت أولى المواجهات العسكرية إلى مقتل اثنين من مقاتلي الجيش الحر، وجرح 12 آخرين، كما تكبدت قوات النظام خسائر في الأرواح والمعدات، وتأتي هذه الأحداث مع استمرار الاشتباكات في مطار منغ العسكري حيث تمت السيطرة على أجزاء منه فيما يواصل المقاتلون الثوار حصارهم لمطار النيرب، واللواء (80) دفاع جوي.
وكان قائد المجلس العسكري في حلب عبد الجبار العكيدي قد أعلن أن الجيش الحر يحاصر ثلاثة مطارات عسكرية، هي النيروب وكويرس ومنغ، إضافة إلى مقر لمخابرات القوات الجوية. وقال لوكالة «رويترز» إن مقاتلي الكتائب المنضوية تحت إمرته رغم حصارها لتلك المواقع تواجه صعوبات في التصدي لهجمات تشنها مقاتلات حربية تابعة للنظام تستطيع أن تنطلق حتى من المطارات المحاصرة.
أما في حماه، حيث معركة تحريرها لا تزال مستمرة منذ أكثر من أسبوع، فقال ناشطون سوريون إن مقاتلي المعارضة في المحافظة أسقطوا طائرة مقاتلة تابعة للجيش السوري في معارك على مشارف المدينة. وأفادت لجان التنسيق عن تعرض بلدة «مورك» لقصف عنيف بالمدفعية وراجمات الصواريخ والطيران الحربي ترافق مع اشتباكات بين الجيش الحر وجيش النظام.
ولم تسلم دير الزور بدورها، من طائرات النظام الذي نفذت قواته مجزرة في مدينة البصيرة بريف دير الزور، ذهب ضحيتها أكثر من عشرة قتلى وعشرات الجرحى، بعد استهداف تجمع للمدنيين في المدينة بصاروخين. وذكرت لجان التنسيق أن قصفا عنيفا بالطيران الحربي استهدف حي دير بعلبه في حمص، أدى إلى تدمير عدد كبير من المنازل وسجلت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام على طريق الستنين وسط محاولات قوات النظام اقتحام الحي. وفي درعا، وتحديدا في بلدة جملة الحدودية، قال ناشطون إن الجيش الحر اقتحم الكتيبة الـ29 التابعة للواء 61 وأسر بعض أفراد الكتيبة واستولى على كميات من الأسلحة والذخائر. فيما أفادت لجان التنسيق عن تعرض الحراك للقصف براجمات الصواريخ.
أما في مخيم اليرموك، حيث لا تزال الاشتباكات المتقطعة بين الحين والآخر، أعلنت مجموعة من الفصائل المسلحة توحدها تحت اسم «لواء فلسطين الموحدة». وجاء في بيان تشكيل اللواء: «نحن إلى جانب إخوتنا السوريين، دمنا دمهم، وأرواحنا فداء لهم، وسنستمر بالنضال معا حتى التخلص من النظام الجاثم على صدورهم، وحتى تحرير الجولان وفلسطين».
في المقابل، وفي حين أعلن هيثم المالح رئيس هيئة أمناء الثورة السورية، عن هروب الفتاة طل الملوحي المعتقلة منذ عام 2009 بأحد السجون التابعة لجهاز المخابرات السوري على خلفية نشرها بعض المواد «ذات الخلفية السياسية» على مدونتها، استبعد مصدر في لجان التنسيق المحلية في سوريا، لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الخبر صحيحا، وقال: إنه لغاية الآن لم يتم التأكد من صحته أم عدمه، لافتا إلى أن المعلومات الأخيرة التي وصلت إليهم تفيد بنقل الملوحي إلى فرع فلسطين، فيما المالح حصل على هذا الخبر من أحد الضباط في السجن.
في موازاة هذه المستجدات، يزداد تدفق اللاجئين إلى دول الجوار، لا سيما إلى الأردن وتركيا التي استقبلت 146 ألفا، كما أفاد منسق شؤون مخيمات اللاجئين في ولاية غازي عنتاب «والي دالماز» مشيرا إلى أنهم يتوزعون في 13 مخيما ومجمع للمساكن الجاهزة.
 
القوات الحكومية السورية ترتكب مجزرة جديدة على أحد الحواجز بمعضمية الشام، بينهم عائلة كانت في طريقها للبحث عن ملاذ آمن

جريدة الشرق الاوسط.... القاهرة: أدهم سيف الدين ... قامت القوات النظامية بارتكاب مجزرة جديدة بحق المدنيين بالقرب من أحد الحواجز العسكرية في وقت مبكر من صباح أمس (الثلاثاء)، في بلدة معضمية الشام جنوب دمشق بريف العاصمة، راح ضحيتها بحسب رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، أكثر من 17 مواطنا مدنيا، بينهم أب وأطفاله الثمانية من بلدة داريا المحاصرة، كانوا قد اعتقلوا على الحاجز الأمني أثناء محاولتهم دخول بلدة المعضمية بحثا عن مكان أكثر أمنا.
وقد بدت على جثث الضحايا في الصورة التي وصلت لـ«الشرق الأوسط» من الرابطة السورية لحقوق الإنسان، آثار صريحة وواضحة لجروح يعتقد أنها ناتجة عن سلاح أبيض وآثار لطلقات نارية تم إطلاقها من مسافة قريبة جدا استهدفت الضحايا في الوجه والرأس مباشرة.
وقال عبد الكريم الريحاوي، رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان، مقرها دمشق، لـ«الشرق الأوسط»: «قوات الأمن السورية ارتكب جريمة بشعة بحق مدنيين من بلدة داريا جنوب دمشق أثناء انتقالهم إلى بلدة المعضمية القريبة منهم بحثا عن ملاذ آمن، والذي تفتقر إليه داريا منذ عدة شهور»، وأضاف الريحاوي: «تأتي هذه الأحداث في ظل وجود الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي والأممي إلى سوريا لإنقاذ الشعب السوري من العنف الدائرة منذ أكثر من 21 شهرا».
وأدانت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان هذه المجزرة المروعة بحق المدنيين الأبرياء التي تأتي في سياق الحملة الأمنية والعسكرية التي تستهدف البلدات والمدن السورية الثائرة على نظام المجرم بشار الأسد، وقالت الرابطة إنها تحمل السلطات السورية المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة وتعتبر جميع القادة الأمنيين والعسكريين وقادة وعناصر المليشيات المسلحة فيها مجرمين ضد الإنسانية يتوجب على المجتمع الدولي تجرميهم وملاحقتهم أما القضاء الدولي المختص.
وأشار الريحاوي إلى أن: «هذه ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها قوات الأمن السوري مجازر بحق المدنيين، فقد سبق وأن قتلوا الأبرياء في ظل وجود بعثة المراقبين العرب وكذلك بعثة الأمم المتحدة»، مضيفا: أن «المجتمع الدولي تخلى عن وجباته الإنسانية في الدفاع عن حقوق السوريين».
 
انشقاق نائب سوري وعدد من الضباط.. ومعلومات عن خطوات سياسية وعسكرية مماثلة قريبا، إدلبي لـ «الشرق الأوسط»: نعول على دور اللواء الشلال أحد الشهود الأساسيين على جرائم النظام السوري

بيروت: كارولين عاكوم ... عادت وتيرة الانشقاقات السياسية والعسكرية في صفوف النظام السوري لتتحرك بعد جمودها لفترة قصيرة، وهذا ما يبدو واضحا من خلال وصول عدد من الشخصيات إلى تركيا والأردن، بحسب ما أعلنت مصادر المعارضة السورية؛ إذ وبعد يوم واحد من الإعلان عن انشقاق اللواء الركن قائد الشرطة العسكرية في سوريا عبد العزيز الشلال، ذكر المركز السوري للإعلام والاتصال أن الشلال وصل إلى تركيا أمس الثلاثاء، عبر معبر باب الهوى، كما أعلن أيضا عن انشقاق النائب في البرلمان السوري محمد عدنان عربو، والعميد علي خالد العلي رئيس فرع الشؤون الإدارية في إدارة السجلات العسكرية. ولفت المركز إلى أن انشقاق الشلال جاء بعد قيام النظام بتعيينه رئيسا للمحكمة الميدانية الثانية في سوريا، وقد غادر دمشق وفق ترتيبات تابعها المجلس الوطني السوري الذي سهل عملية الوصول إلى تركيا وتأمين استقبال رسمي له.
ولفت المركز إلى أن عددا من الشخصيات السياسية والعسكرية الرفيعة تجري اتصالات مع المجلس الوطني للانشقاق عن النظام رغم القيود الأمنية الشديدة المفروضة عليهم.
وفي حين قالت مصادر المعارضة إن عربو، النائب عن محافظة ريف حلب، وصل برفقة عائلته إلى الأراضي التركية، مشيرة إلى أن العملية تمت بالتنسيق مع المجلس الوطني السوري المعارض، أكد عمر إدلبي، الناطق باسم لجان التنسيق المحلية، لـ«الشرق الأوسط» الخبر، لافتا إلى أن «المعلومات التي حصلنا عليها تفيد بوصوله إلى تركيا بمساعدة مجموعة من الجيش الحر، لكننا لغاية الآن لم نتمكن من التواصل معهم». مع العلم بأن انشقاق عربو هو الرابع بين أعضاء مجلس الشعب الجديد، بعدما سبقه النواب تركي الزايد وإخلاص بدوي ومحمد حبش.
وفي ما يتعلق بانشقاق اللواء الشلال، قال إدلبي: «مما لا شك فيه أن انشقاقه سيشكل دعما للثورة السورية، ونعول على دوره لأنه سيكون شاهدا أساسيا على جرائم النظام التي ارتكبها بحق شعبه، نظرا لقربه من دوائر النظام، ولا سيما من خلال عمله في الفترة الأخيرة رئيسا لمحكمة عسكرية وقائدا للشرطة العسكرية؛ حيث كان يتم احتجاز المعارضين المعتقلين وسجناء الرأي»، لافتا إلى أن الشلال كان على تواصل خلال الأشهر الخمسة الأخيرة مع الثوار والناشطين من أبناء بلدته دير بعلبة في حمص، إلى أن تمكن في النهاية من الانشقاق والخروج من سوريا إلى الأردن بحسب ما ذكرت بعض المعلومات.
وأشار إدلبي إلى أن الشلال الذي كان من كبار الضباط الذين لهم دور في العمليات الأمنية خلال الثورة، يمتلك ثروة من المعلومات حول المحاكمات التي كانت تتخذ بحق المعتقلين، لافتا إلى أنه على علم أيضا بتحركات قوات الأمن السوري وتسلسل إصدار القرارات حول التعامل مع المظاهرات والتصدي لها.
وعما إذا كان له دور في العمليات العسكرية والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري، وكيف سيتم التعامل معه حينها، قال إدلبي: «لم يكن عمل الشلال ضمن الأفرع الأمنية التي شاركت مباشرة في قمع المظاهرات»، مؤكدا أن «المعارضة ترحب بأي انشقاق عن النظام وإن كان متأخرا، لكن هذا لا يعني أنه سيتم إعفاء هؤلاء الأشخاص من المسؤولية إذا كان لهم دور في الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري، مع مراعاة وضعهم».
في موازاة ذلك، كشفت مصادر عسكرية أردنية حدودية أن 13 ضابطا سوريا من ذوي الرتب العالية لجأوا مع عائلاتهم إلى الأردن. وقالت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن اسمها إن الضباط المنشقين وصلوا إلى منطقة «تل الشهاب» المحاذية للحدود الأردنية وبرفقتهم 71 شخصا من عائلاتهم.
وأشارت المصادر عينها إلى أنه تم نقل المجموعة وسط إجراءات أمنية إلى مخيم «الراجحي» للمنشقين من الجيش السوري في منطقة «منشية العليان» بمحافظة المفرق. مع العلم بأن مخيم «الراجحي» بمحافظة المفرق الأردنية يضم حاليا نحو 820 عسكريا سوريا منشقا، وكان مصدر عسكري أردني قد أعلن في وقت سابق أن هناك ما يزيد على 2053 عسكريا سوريا انشقوا عن جيش بلادهم ولجأوا إلى الأردن منذ بدء الأحداث قبل سنة ونصف السنة.
 
المعارضة تؤكد استخدام النظام السلاح الكيماوي في حمص.. مقابل تشكيك موسكو، منشق من إدارة السلاح الكيماوي: يستحيل الحصول على عينة من «السارين»

بيروت: نذير رضا ... شككت وزارة الخارجية الروسية، أمس، في صحة تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أعلن استخدام القوات النظامية السورية السلاح الكيماوي في حي الخالدية في حمص، في حين أكدت المعارضة السورية استخدامه. بينما أكد قائد الشرطة العسكرية المنشق عبد العزيز الشلال في حديث لقناة «سكاي نيوز» أن «النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية في حمص وفي حي الخالدية تحديدا»، مشيرا إلى أن «هناك احتمالا كبيرا لسقوط أعداد كبيرة من القتلى في المرحلة المقبلة».
بدوره، أكد النقيب عبد السلام عبد الرزاق الذي انشق من إدارة الأسلحة الكيماوية في سوريا، أن المادة المستخدمة في حمص «هي مادة السارين السامة»، مشيرا إلى أن هذا الغاز «يؤدي إلى حالات الإغماء والتشنج، وهو ما ظهر في مقاطع الفيديو الواردة من حمص».
وإذ اعتبر عبد الرزاق في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن استخدام هذا الغاز في حمص أول من أمس «بمثابة اختبار ليتحسس النظام ردة فعل المجتمع الدولي»، أشار إلى أن هذا النوع من الغاز «يسهل استخدامه، كونه لا يدوم أكثر من دقائق في الجو، مما يتيح للقوات النظامية الدخول إلى الموقع الذي استهدفته بهذا الغاز بعد أقل من نصف ساعة»، موضحا أنه «عبارة عن رذاذ، وتزول أعراضه إذا لم تؤدّ إلى الوفاة خلال يوم على أبعد تقدير».
ولفت إلى أن هذا الغاز «عوارضه تصيب الجهاز العصبي مباشرة»، وأكد أن «الحصول على عينة منه مستحيل، إلا إذا كان الخبراء موجودين في موقع إطلاقه، حيث يأخذون العينة فورا، لأنه يتطاير بسرعة، وبالتالي لا يمكن توثيق استخدام هذا الغاز بسهولة من قبل المجتمع الدولي».
ولفت إلى أن هذه القنابل «تتميز بصوت انفجار خفيف، لأنها لا تعتمد على القدرة التدميرية بقدر اعتمادها على إصابة المحيطين بالسموم».
وعن الدخان الأبيض الذي رصده الناشطون، قال عبد الرزاق إن «جميع القنابل السامة ينبعث منها دخان أبيض». ولفت إلى أن الترسانة الكيماوية السورية «تتضمن كميات كبيرة من غاز السارين وغاز التابون، فضلا عن الخردل»، مشيرا إلى أن سوريا «هي رابع دولة في العالم من حيث كمية الأسلحة الكيماوية التي تمتلكها».
وفي الإطار نفسه، أكد المجلس الوطني السوري استخدام القوات النظامية للسلاح الكيماوي، معتبرا أنه «تحدّ صارخ لكل القوانين والأعراف وكل المبادئ والقيم الإنسانية، وتحدّ لمن سمحوا له باستخدام كل أنواع الأسلحة إلا السلاح الكيماوي باعتباره خطا أحمر سيترتب على تجاوزه نتائج خطيرة». وأكد المجلس الوطني في بيان أن النظام السوري «تجاوز الخط الأحمر»، محذرا من أن «سوريا أرضا وشعبا وحياة في خطر شديد، كذلك محيطها الجغرافي والسكاني في خطر حقيقي».
ورأى المجلس أن «إنقاذ الحياة في مهد الحضارة الإنسانية يتطلب إعلان العالم أجمع أنه ملتزم بحماية الشعب السوري من الإبادة، واتخاذ كل ما يلزم لمنع وقوع هذه الإبادة، وخاصة فرض حظر جوي فوري على كل الأراضي السورية، وحظر تزويد النظام بكل أنواع السلاح وفرض الحصار الكامل عليه، وإعلان كل من يأمر باستخدام الأسلحة الكيماوية أو ينفذ هذا الأمر مجرما بحق الإنسانية تلاحقه العدالة في كل العالم».
وطالب المجلس المجتمع الدولي بتزويد الجيش السوري الحر «بالأسلحة التي تمكنه من منع تنفيذ خطة إبادة الشعب السوري»، مشيرا إلى أنه إذا لم يحصل ذلك «تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والدول المؤيدة للنظام مسؤولة مسؤولية كاملة عن إبادة شعب الحضارة الأولى».
في المقابل، شككت وزارة الخارجية الروسية، أمس، في تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي زعم فيه أن القوات السورية استخدمت غازا غامضا ضد المعارضة المسلحة قرب مدينة حمص. ونقلت قناة «روسيا اليوم» على موقعها الإلكتروني عن مصدر في الخارجية الروسية قوله إنه «ليس لدينا ثقة كبيرة في المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من شقة في لندن مقرا له».
وأضاف المصدر أنه «ليست لدى موسكو أي أدلة على استخدام دمشق أسلحة كيماوية، ولا داعي لاستخدام السلطات السورية هذا النوع من السلاح»، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف شدد على أن استخدام السلاح الكيماوي سيكون بمثابة «الانتحار السياسي» بالنسبة للسلطات السورية. بدوره، نفى الناطق باسم السفارة الروسية في دمشق سيرجي ماركوف وجود أي معلومات لدى روسيا عن استخدام السلاح الكيماوي من جانب القوات السورية ومجموعات المعارضة المسلحة.
وفي سياق منفصل، كشفت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن الخارجية الروسية استحدثت مركزا لمساعدة مواطنيها في الخارج وتسهيل إجراءات إجلائهم من المناطق الساخنة وخصوصا في سوريا. وقالت الصحيفة إنها علمت من مصادر مطلعة أن العمل في هذا المركز سينطلق مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل، وأنه سيكون على مدار الساعة. وبحسب الصحيفة، فإن الأحداث الجارية في سوريا عجلت في اتخاذ هذه الخطوة، إذ إن أوضاع المواطنين الروس وموظفي المؤسسات الروسية في هذا البلد تزداد صعوبة من يوم إلى آخر.
 
الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: لا علم لنا بمكان جهاد مقدسي، تقرير بريطاني أشار إلى تعاونه مع الاستخبارات المركزية

جريدة الشرق الاوسط... واشنطن: محمد علي صالح... نفى مسؤول في الخارجية الأميركية علم الخارجية بمكان وجود جهاد مقدسي، المتحدث السابق باسم الخارجية السورية الذي غاب عن الأنظار منذ مطلع الشهر الجاري، عقب أنباء عن انشقاقه عن النظام السوري، وإذا ما كان مقدسي وصل إلى الولايات المتحدة أو لا.
وقال المسؤول إنه لا يقدر على نفي أو تأكيد تقارير إخبارية تشير إلى أن مقدسي في الولايات المتحدة بترتيب من وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ورفض المسؤول الحديث عن أي دور تقوم به «سي آي إيه». وكانت صحيفة «غارديان» البريطانية التي أوردت الخبر أمس قالت إن «سي آي إيه» رفضت الإجابة عن أسئلتها عن مقدسي.
واكتفى المسؤول في الخارجية الأميركية بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن الشيء الهام هو أن «مؤيدي نظام الأسد ينفضون من حوله واحدا بعد الآخر»، وأضاف: «يسرنا دائما أن نسمع ذلك، ونتوقع مزيدا من هروب واستقالات الذين حول الأسد».
وقبل أسبوعين، كان مارك تونر، نائب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أيضا نفى علم الوزارة بمكان مقدسي، ونفى وجوده في الولايات المتحدة. وقال: «نحن لا نقلل من أهمية المقدسي لأنه المتحدث باسم النظام، وفي أي حكومة، المتحدث باسمها شخص هام».
وكان تونر قال، قبل ذلك بيوم، ردا على أسئلة صحافيين في المؤتمر الصحافي اليومي، إن المقدسي في لندن. لكن تونر، في اليوم التالي، كرر بأن ذلك ليس صحيحا، واعتذر عن ما قال. وعندما سئل إذا كان في الولايات المتحدة، قال: «أقدر أن أقول بكل تأكيد إنه (مقدسي) ليس في الولايات المتحدة».
وكرر أمام أسئلة ملحة من الصحافيين: «لا أعرف أين هو»، عندما سئل إن كان يقول ذلك لدواعٍ استخباراتية. كما أكد تونر أن مقدسي لم يدخل الولايات المتحدة بطريقة قانونية، بحسب معلوماته.
وفي مطلع الشهر، نفى مسؤولون سوريون أن مقدسي قد انشق، مدعين أنه في «إجازة إدارية» لمدة ثلاثة أشهر.. بينما أكد تلفزيون «المنار» اللبناني التابع لحزب الله، أن مقدسي «أقيل من منصبه لإدلائه بتصريحات لا تعكس المواقف الرسمية للحكومة»، مشيرا إلى «إعفائه بسبب ارتجاله مواقف خارج النص الرسمي السوري»، دون ذكر تفاصيل أخرى. بدورها، أفادت قناة «العالم» الإيرانية أنه «تم إعفاء المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي من منصبه»، فيما أشارت قناة «الجديد» اللبنانية إلى أن مقدسي «غادر إلى بريطانيا عبر مطار بيروت الدولي».
ويعد مقدسي من أبرز المسؤولين المنشقين من الدائرة المقربة إلى الأسد، نظرا لاتصاله المباشر مع وزير الخارجية وليد المعلم ووزير الإعلام السابق عدنان محمود (الذي عين لاحقا سفيرا لسوريا لدى إيران)، مما أهله للاطلاع على كثير من الأسرار والملفات الحساسة.
وبرز مقدسي كبديل في الإعلام لسد تغييب المستشارة الإعلامية في القصر الرئاسي بثينة شعبان ووزير الخارجية وليد المعلم، بعد تنامي الهجوم عليهما من قبل المعارضة لضعف أدائهما الإعلامي، والإدلاء بتصريحات تحولت إلى نكات للتندر على النظام السوري.. إلا أن أداء مقدسي لم يكن أفضل بكثير، إذ أقر في تصريح شهير له بوجود سلاح كيماوي في سوريا «ولكنه لن يستخدم إلا في حال التدخل الخارجي»، كما أثارت تصريحاته حول مجزرة الحولة - والتي اتسمت بالاستخفاف - الكثير من ردود الفعل السلبية.
 
الإبراهيمي يتفق مع «معارضي الداخل» على الحل السياسي ولجان التنسيق ترفض «خيارات ابتزاز الشعب»، المعارضة مصرة على موقفها.. وتحذر من «حصار بهدف انتزاع قبولنا بالتسوية»

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: نذير رضا القاهرة: أدهم سيف الدين .... أعلن المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة حسن عبد العظيم أن لقاء المعارضة الداخلية مع موفد الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في دمشق أمس أثمر عن اتفاق الطرفين على «ضرورة وجود توافق دولي روسي أميركي لحل الأزمة السورية»، في وقت لفتت فيه صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى أن الجهود التي يبذلها الإبراهيمي «غير مجدية، ولن تؤتي ثمارها في حل الأزمة السورية أو إنهاء الحرب الأهلية المندلعة في البلاد».
وتزامن هذا الإعلان مع ما أكدته مصادر المعارضة السورية في الخارج لـ«الشرق الأوسط» من أن «وجهة نظرنا تجاه حل الأزمة لم تتغير، ولن تتغير»، مؤكدة إصرار المعارضة على أنه «لا تفاهمات حول الحلول قبل تنحي (الرئيس السوري بشار) الأسد». وقالت المصادر إن موقفها «واضح للغاية»، مشيرة إلى أنه يتلخص «في رحيل الأسد عن السلطة قبل الدخول في أي حوار». ولفتت إلى أن الإبراهيمي «سيحمل موقف المعارضة إلى موسكو ويبلغها إصرارنا على موقفنا الرافض لأي مرحلة انتقالية يكون الأسد وأعوانه جزءا منها».
وجاء الإعلان عن الاتفاق أمس خلال لقاء الإبراهيمي وفدا من المعارضة الداخلية ضم ستة أشخاص، وترأسه رئيس هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي حسن عبد العظيم، ويرافقه محمد أبو قاسم من حزب التضامن وبسام تقي الدين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، غداة لقاء الإبراهيمي الرئيس السوري بشار الأسد.
وتضم هيئة التنسيق أحزابا قومية عربية وأكرادا واشتراكيين وماركسيين. وهي قريبة من روسيا وترفض أي فكرة لتدخل خارجي أجنبي في سوريا. وأعلن عبد العظيم أنه «اتفق خلال لقائه المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي على ضرورة وجود توافق دولي روسي أميركي لحل الأزمة السورية»، موضحا أن «ذلك يتم عبر الحلول السياسية ونبذ العنف».
في هذا الوقت، أعلنت لجان التنسيق المحلية «رفضها لأي مبادرة تحاول وضع السوريين أمام خيارات تبتز الشعب وتخيره بين قبول تسويات جائرة أو استمرار جرائم النظام بحقه وبحق ممتلكاته وبنية دولته»، وحذرت من «منح الفرص مجددا للنظام ومنحه المزيد من الوقت للاستمرار في القتل والتدمير»، مؤكدة أن «رحيل الأسد وجميع مسؤولي نظامه العسكريين والأمنيين والسياسيين عن السلطة شرط لازم لنجاح أي مبادرة للحل».
في هذا السياق، حذر عضو الائتلاف الوطني د. أحمد رمضان من أن «الأيام والأسابيع المقبلة قد تشهد لحظات عصيبة يشتد فيها الحصار بكل أصنافه، بهدف انتزاع قرار سياسي من الثورة السورية بقبول التسوية مع نظام مجرم». ولفت في صفحته على موقع «فيس بوك» إلى أن الحصار سيتمثل في «نقص في الغوث وندرة في الذخائر وتضييق في الإمدادات وتجفيف لمنابع الدعم»، مضيفا أن «رفضنا لقبول التسوية الظالمة بعد خمسين ألف شهيد قد ندفع ثمنا له في التضييق على حركة الثوار على الأرض، ومساومتنا في الحصول على مساعدات لا نسمع عنها إلا في المؤتمرات والإعلام، وبعضها ما زال موقوفا في المصارف والحسابات ولا يجد طريقه إلى الناس».
ودعا رمضان الثوار للحفاظ على «وفرة الذخيرة والسلاح إن توفرت من غنائم حصلتم عليها في المعارك الأخيرة»، مؤكدا «حاجتنا إلى احتياطي في الذخيرة وآخر في الغذاء والوقود، حتى لا نُمكّن من يخطط لحصارنا من انتزاع قرارنا الحر والنجاح في ما يخطط له».
من جانبها، قالت سهير الأتاسي، نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض: «لا حل سياسيا مع بشار الأسد أو أي حل يكون النظام جزءا منه يضمن بقاءه في سوريا بعد أن ارتكب كل هذه الجرائم والمجازر هو ونظام أركانه بحق الشعب السوري».
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» قالت الأتاسي: «إن الإبراهيمي التقى بالائتلاف في القاهرة قبل مغادرته إلى دمشق ولكن ليس بصفته وسيطا بين الائتلاف والنظام السوري، ولم نسمع من الإبراهيمي عن خطط واستراتيجيات يطرحها في دمشق على النظام السوري لإيجاد مخرج أو حل للأزمة».
وعما ترده الوسائل الإعلامية عن أن الإبراهيمي يقدم خطة روسية - أميركية تتضمن تشكيل حكومة انتقالية مؤلفة من وزراء يحظون بقبول طرفي الأزمة في سوريا، على أن يحتفظ الأسد بالسلطة حتى استكمال ولايته عام 2014، ولكن دون أن يحق له الترشح في الانتخابات القادمة. قالت الأتاسي: «الإبراهيمي لم يقدم للائتلاف أي أجراء أو آلية بخصوص هذه الخطة، ولا نعلم ما مدى مصداقية ودقة ما نشرته صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية. ونحن في الائتلاف واضحون. لا حل سياسيا مع بشار الأسد أو أي حل سياسي آخر يكون بشار جزءا منه، بعد أن ارتكب كل هذه الجرائم والمجازر هو ونظام أركانه بحق الشعب السوري».
وأشارت الأتاسي إلى أن «اجتماع الائتلاف مع الإبراهيمي في القاهرة كان بغرض معرفة المعارضة السورية ما مدى التطورات والمقترحات والحلول التي وصل إليها السيد الإبراهيمي في جولاته حول العواصم العالمية بشأن الأوضاع في سوريا».
وعن الحلول المقترحة من قبل الائتلاف السوري قالت الأتاسي: «ليس هدفنا هدم مؤسسات وأركان الدولة، لذلك الائتلاف مستعد للتحاور مع القائمين على مؤسسات وهيئات ومرافق الدولة السورية ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء الشعب السوري بعد رحيل الأسد وكل أركانه، وذلك حرصا من الائتلاف وحفاظا على أركان ومؤسسات الدولة السورية من الانهيار أو حلها ولكي تبقى قائمة».
في موازاة ذلك، لفتت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في عددها الصادر أمس إلى أن الجهود التي يبذلها الإبراهيمي «غير مجدية ولن تؤتي ثمارها في حل الأزمة السورية أو إنهاء الحرب الأهلية المندلعة في البلاد»، مؤكدة أنه لم يقدم أي دلائل على إحراز أي تقدم نحو حل تفاوضي لتسوية الصراع السوري بين النظام والثوار السوريين المطالبين بالإطاحة بالرئيس «الأسد».
ولفتت الصحيفة إلى أن «الإبراهيمي» لم يحرز أي تقدم يذكر في التوسط لإنهاء الصراع منذ بدأ عمله في سبتمبر (أيلول) الماضي، عازية السبب إلى رفض كلا الجانبين بشدة إجراء أي محادثات معا، حيث تصف الحكومة الثوار السوريين بأنهم إرهابيون مدعومون من الخارج لتدمير البلاد، وتقول المعارضة إنها لن تجلس مع القوات التي قتلت أكثر من 40 ألفا من الشعب السوري.
 
لا يوجد خيار سهل أمام الأسد في سوريا.. سواء رحل أم لم يرحل، مؤيدوه يقولون إن عليه إما التشبث بطموح والده أو التدني إلى وضع جده

جريدة الشرق الاوسط.... بيروت: آن بارنارد وهويدا سعد**.... يوجد الرئيس السوري بشار الأسد في قصره على قمة الجبل في حين تدور رحى الحرب عند السفح، ويزلزل دوي المتفجرات ضواحي دمشق، وبلده يغرق في الفوضى أكثر فأكثر. والتقى مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي، الأسد في قصره يوم الاثنين الماضي في محاولة للتوصل إلى حل للصراع الذي اندلع قبل عامين.
ويعتمد رد فعل الأسد على مناشدة الإبراهيمي تكوينه النفسي الذي شكّله الشعور القوي بالرسالة التي ورثها عن والده ذي القبضة الحديدية، حافظ الأسد، ومستشاروه المقربون الذين يصفهم المؤيدون بالحرس القديم المتشدد الذي كان مع والده.. إلى جانب تقديرات الأسد الشخصية، التي لا يعرفها سواه، بشأن ما ينتظره في حال بقائه في سدة الحكم وهل مصيره هو النصر أم الموت على أيدي شعبه.
يستطيع الأسد رؤية عدة احتمالات مستقبلية من عليائه، بينما يقع المطار شرق القصر ويمثل بوابة محتملة مفتوحة على المنفى، وهو طريق يرجح البعض أن تكون والدته وزوجته قد سلكتاه بالفعل. مع ذلك، لا يخلو الطريق من العراقيل، التي لا تتمثل في الثوار فحسب، بل أيضا في اعتقاد الأسد ومستشاريه، بحسب قول المؤيدين، أن الهروب يعد خيانة لبلده وتاريخ وإرث والده. إنه يستطيع البقاء في دمشق والتشبث بطموح والده في فرض نظام سوري علماني والتصرف بوصفه زعيم العروبة على الساحة الإقليمية والعالمية بل الموت دون ذلك، أو يستطيع التوجه إلى المنطقة الجبلية الساحلية التي يتمركز فيها العلويون، الذي ينتمي إليهم، ويترك باقي المناطق لقوى الثورة التي تقودها الأغلبية من السنة.. وسيعني هذا سقوطا دراميا كبيرا، حيث سيتدنى إلى مكانة جده، الذي كان شيخ قبيلة لأقلية مهمشة جل ما تطمح إليه هو البقاء.
ولم يفصح الإبراهيمي عن تفاصيل اللقاء، لكنه حذر خلال الأسابيع القليلة الماضية قائلا إنه من دون حل سياسي، ستكون الدولة السورية على شفا انهيار ومقبلة على سنوات من الحرب الأهلية يتضاءل أمامها كل ما نراه من دمار خلّف وراءه 40 ألف قتيل.
وقال دبلوماسي يقيم في دمشق يوم الاثنين الماضي إن الأسد «يدرك جيدا» أن عليه مغادرة منصبه رغم إنكاره الرسمي، وإنه «يبحث عن مخرج» رغم عدم وجود جدول زمني واضح يلوح في الأفق. وقال الدبلوماسي، الذي يوجد حاليا خارج البلاد لكنه يمتلك سلطات داخل البلاد: «الأهم من ذلك هو شعور الرجال النافذين في الدائرة المقربة من النخبة الحاكمة في دمشق بأن عليهم العثور على مخرج». مع ذلك، يقول مقربون من الأسد ودائرته إن أي انسحاب سوف يصطدم بشعوره المترسخ بالعظمة وكذلك بأماني مسؤولي الأمن، الذين يتزايد نفوذهم، ويراهم أحد أصدقاء الأسد «متهورين».
ويعتقد الأسد أنه يحمي بلده وشعبه ونظامه ونفسه من التطرف الإسلامي والتدخل الغربي؛ على حد قول جوزيف أبو الفضل، المحلل السياسي اللبناني، الذي يؤيد الأسد وتقابل مع مسؤولين في الحكومة السورية الأسبوع الماضي في دمشق. ويقول محللون في روسيا، التي تعد من أهم حلفاء سوريا، إنه مع محاولة الثوار تضييق الخناق على دمشق وقطع كل طرق الهروب عبر حماه، يسيطر الذعر على القصر كما يتضح من الاستخدام العشوائي للأسلحة، حيث إن استخدام صواريخ «سكود» ضد جيش أفضل من استخدامها ضد جماعة متمردة، والألغام البحرية التي تتساقط من الجو مكانها الصحيح هو قاع البحر. مع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان القادة العسكريون سيدعون الأسد يهرب إن أراد، لاعتقادهم أنهم في حال تسليمهم السلاح سيموتون هم وعائلاتهم في أعمال انتقامية، ويحتاجون إليه من أجل جمع الصفوف؛ على حد قول المحللين الروس.
يقول سيميون باغداساروف، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بموسكو وهو يضحك بوقار: «إذا كان يستطيع الهروب من دمشق، فهناك إدراك للمسؤولية أمام الآخرين. وسيكون بذلك هو الذي خان الملايين من أقرب الناس إليه». لا يزال كثير من السوريين يعتقدون، مثل الأسد، أنه يحمي الدولة السورية، وهو ما يساعد في تفسير صموده حتى هذه اللحظة.
وخلال غداء فاخر أقامه سياسي لبناني خارج بيروت في سبتمبر (أيلول) الماضي، تحدث مؤيدون سوريون بارزون للأسد من علويين وسنة ومسيحيين عن الرئيس، وأمامهم كؤوس مترعة، باعتباره حصن الدولة السورية الحديثة التي تتسم بالتنوع الثقافي. مع ذلك، تجرأ أحد أصدقاء الأسد وقال بصراحة إن مستشاري الأسد «متهورون» حيث قالوا له: «أنت ضعيف، ويجب أن تكون قويا». وأضاف قائلا: «إنهم ينصحونه بشن مزيد من الهجمات بالطائرات على أي وجه كان. إنهم يتحدثون عن الثوار وكأنهم كلاب أو إرهابيون أو إسلاميون أو وهابيون. لهذا سيتمادى حتى النهاية». وأوضح الصديق أن الأسد، رغم حديثه عن الحوار أحيانا، فإنه لا يريد سوى أن يكون البطل الذي يدافع عن البلاد ضد هجوم خارجي. وقال: «إنه لا يفكر سوى في النصر؛ النصر فحسب».
هذه الأزمة هي آخر شيء متوقع بالنسبة للشاب بشار الأسد. لقد كان الأخ الثاني الخجول ذا الذقن المنحسر الذي اضطر للتخلي عن حياته الهادئة بصفته طبيب عيون في لندن بعد موت شقيقه الأكبر باسل عام 1994 في حادث أثناء توجهه إلى المطار، وهو الطريق نفسه الذي يحاصره القتال الآن. تولى حافظ الأسد السلطة منذ عام 1970 حتى 2000. وتمكن خلال تلك السنوات من رفع مقام العلويين الذين كانوا مهمشين، والوصول بهم إلى السلطة والغنى. مع ذلك، يقول المنتقدون إن عائلة الأسد لم تعمل خلال أربعة عقود من الحكم على تعزيز الوحدة بين الطوائف العرقية والدينية، بل على توطيد أركان حكم العلويين خلف قناع علماني.
بعد اندلاع الثورة في موجة من الاحتجاجات السلمية في مارس (آذار) عام 2011، رفض الأسد كل الدعوات بإجراء إصلاحات حقيقية جادة التي كانت موجهة من شعبه، والمسؤولين الأتراك الذين قضوا سنوات في دعمه، بل ومن جماعتين مسلحتين طالما دعمهما وهما حماس وتنظيم حزب الله، الذي عرض التوسط في محادثات مع الثوار، بحسب حركة حماس.
بدلا من ذلك، استمر الأسد على خطى أبيه، الذي هدم أحياء بأكملها وقتل عشرة آلاف شخص على الأقل في الثمانينات لقمع ثورة إسلامية. ويقود الابن الآن حربا أهلية بدأت بالأساس بوصفها عملية قمعية عدد ضحاياها أكبر من ضحايا أبيه بأربعة أمثال ولا يزالون يتساقطون.
في ظل نظام أصبح يزداد كتمانا، من المستحيل معرفة كيفية اتخاذ الأسد قراراته على وجه الدقة. ويقول البعض إنه أراد إجراء إصلاحات، لكن أقنعته والدته وكذلك أقنعه القادة العسكريون وقادة أجهزة الاستخبارات، الذين كانوا من أخلص رجال والده، بأن الإصلاحات سوف تؤدي إلى سقوطه.
ويقول يورغن تودينهوفر، الصحافي الألماني الذي أجرى معه مقابلة في يوليو (تموز) الماضي: «هناك شخصيتان داخل بشار الأسد؛ واحدة تتسم بالهدوء لا تحب هذه الوظيفة وتبحث عن مخرج، بينما الأخرى تريد أن تؤكد للعائلة والعالم أنها قوية الشكيمة وليست خانعة».
ويقول آخرون إن دوافع الأسد الإصلاحية كانت دائما تهدف إلى التمتع بمباهج الحياة والترف ومباركة الغرب. لقد تولى الوالد، حافظ الأسد، والخال، اللذان كانا يتسمان بالعدوانية، تربية الأخوين وكانا دائما يرسخان في عقليهما أنهما أنصاف آلهة وأن سوريا هي مملكتهما؛ على حد قول رنا قباني، ابنة دبلوماسي بارز تعرفهما مذ كانوا طفلين.
ويقول مسؤولون أتراك إن الأسد كان ينصت إلى انتقاداتهم بهدوء خلال المحادثات الكثيرة التي كانت تجرى خلال الأشهر الأولى من الثورة، وأشاروا أنه أكد أنه مسؤول عن أفعال الحكومة ووعد بالتوصل إلى حل. وقال مسؤول تركي بارز رفض ذكر اسمه: «إما أنه ماهر في الكذب، أو غير قادر على تنفيذ وعوده».
أمام الأسد، الذي يبلغ الآن 47 عاما، مجموعة من الخيارات الكريهة. من الصعب تخيل أن الأسد، الذي نشأ في دمشق وتزوج من عائلة تنتمي إلى النخبة السنية ويحسد على لكنته الدمشقية، يهرب ويصبح مجرد قائد جماعة مسلحة علوية كما يوضح جوشوا لانديز، الأستاذ بجامعة أوكلاهوما الذي يدرس الشؤون السورية والعلويين. لقد ظل الاعتقاد بأن الأسد يستمع إلى نصح أمه وأخيه ماهر رئيس الفرقة الرابعة في الجيش التي تثير الرعب، وزوج شقيقته آصف شوكت، وأبناء أخواله من آل مخلوف، سائدا لفترة طويلة. مع ذلك، يُعتقد أن أمه هربت من سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية، في حين قُتل شوكت نائب وزير الدفاع في تفجير خلال شهر يوليو (تموز) الماضي. ويُعتقد كذلك أن آل مخلوف يهرّبون الأموال من البلاد. ووردت أنباء عن فقدان ماهر إحدى رجليه أثناء التفجير، لكنه لا يزال يقود القوات.
ويتفق المحللون الأتراك والروس والسوريون واللبنانيون على أن مستشاري الأسد الأساسيين حاليا هم رجال والده المتشددون وقادة الشبيحة الذين نفذوا هجمات ضد معارضي الأسد. وإذا كان في يوم من الأيام هناك معتدلون في النظام السوري قد يقنعون الأسد بتسليم السلطة إلى خليفة له يستطيع الحفاظ على تماسك الدولة السورية، فهذا الخيار بات بعيد المنال الآن. ويوضح باغداساروف قائلا: «لقد أريقت الدماء وبات من المستحيل القيام بذلك».
وقال رجل أعمال من الطائفة العلوية في المنطقة الساحلية، يزعم أنه على علاقة بدائرة الأسد، إن الشخص الوحيد القادر على إقناع الأسد بالتخلي عن الحكم هي زوجته أسماء، لكنها لم تلعب دورا محوريا في هذه الأزمة، فقد غادرت البلاد مع أبنائها أو ربما منعها ماهر من ذلك أو ربما لا تزال مصرّة على البقاء بحسب آخر شائعة آتية من دمشق التي تموج بالغضب والاضطرابات.
* شارك في إعداد التقرير كريم فهيم وديفيد كيركباتريك من بيروت وإيلين باري من موسكو وسيبنيم أرسو من إسطنبول وريك غلادستون من نيويورك وأحد مراسلي «نيويورك تايمز» من طرطوس بسوريا
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
الحرب التي ربحها الأسد

سمير عطا الله... جريدة الشرق الاوسط.... لقد ربح الرئيس بشار الأسد جزءا من حرب المؤامرة الكونية عليه، والتي بدأت في درعا عام 2011.. فقد قال إن الأزمة سوف تمتد آثارها إلى المنطقة، وهذا واضح: تركيا ولبنان والأردن، غارقة في فيضان اللاجئين السوريين. وعلى الصعيد الكوني مجلس الأمن مشلول. وروسيا مصابة بما يعرف في علم النفس بانفصام الشخصية: لافروف ينفي في المساء ما قاله بوتين في الصباح. والصين أصيبت بـ«التوحد»: لا كلمة في الصباح ولا في المساء ولا بعد الظهر. وأميركا ملهية بتبديل الحرس في الخارجية.
الجزء الذي لم يربحه الأسد في الحرب هو مطار دمشق. ومدينة حلب. وأمان سوريا. ورغيف السوريين الذين انتخبوه وهو في الرابعة والثلاثين، مدنيا برتبة رئيس للجمهورية العربية السورية، وعسكريا برتبة فريق في الجيش العربي السوري.
حتى الآن النظام باق لكن ماذا بقي من سوريا؟! ووحدة الجيش صامدة لكن قوته تخرج كل يوم خاسرة من امتحان جديد. ولم يعلن الاقتصاد السوري انهياره بعد لكن الدمار الذي حل بالبلاد هدم اقتصادها إلى عقود. وباستثناء حركة المواجهات العسكرية ومجازر الأفران، كل شيء آخر متوقف في سوريا.
وصول الأخضر الإبراهيمي عن طريق بيروت، علامة سيئة. جرت العادة لسنوات طويلة أن يأتي الزوار إلى دمشق ثم يسمح لهم بالسفر إلى بيروت. نقل وزير الداخلية السوري للعلاج في بيروت علامة غير حسنة. هذا يعني أن بعض جهات الحرب الكونية في وضع متأزم.
المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الإعلام السوري، كان علامة أخرى. عدد الصحافيين الحاضرين كان محليا جدا وكئيبا. والمؤتمر كان خطابيا لا إخباريا. وخيل إلى الناس بادئ الأمر أنه سوف يسهب في شرح مهمة الإبراهيمي، لكنه اكتفى بالقول إنه لا يدري عن زيارته، مع أن تلفزيون «المنار» كان قد أعلن موعد وصول الإبراهيمي قبل يوم. والافتراض المنطقي أن «المنار» علم بالموعد من دمشق لا من المبعوث الدولي. كان أداء المؤتمر - وليس الوزير - معاكسا للهدف منه. بدأ النظام يربح معركة روسيا بينما المهم معركة دمشق. ويكرر رفض الضغوط الخارجية مع أن المسألة الكبرى صارت حول المطار. وحرص على استقبال الإبراهيمي بقصف طابور الخبز في حلب، وكأنه يريد تبديد المهمة قبل بدئها. كل شيء بدا قديما في دمشق، كأنما درعا لم تكن: الخطاب السياسي والأداء السياسي والمظاهر «البايتة». لكن سوريا كانت تبدو من الخارج بعيدة جدا عن الصور المتجمدة واللغة المستنسخة. كانت تبدو محزنة في كل شيء.
 
 
 
 
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,708,547

عدد الزوار: 7,039,944

المتواجدون الآن: 104