أكدت أن الحسم سيتم قبل الأسبوع الأول من فبراير
مصادر قريبة من «حزب الله» لـ «الراي»: جنبلاط إما معنا أو يدفعنا إلى «الخيار الأسوأ»
الجمعة 21 كانون الثاني 2011 - 5:33 ص 3000 محلية |
خاص ـ «الراي»
تَخضع خيارات «حزب الله» ومواقفه لمعاينة الداخل والخارج و«لحظة بلحظة» ولا سيما بعدما «فاجأ» الجميع بـ «المناورة» التي نفذتها وحداته فجر الثلاثاء كـ «تمرين» للسيطرة على بيروت، وقبل ساعات من وصول وزيريْ خارجية قطر جمد بن جاسم وتركيا داود اوغلو الى لبنان.
ومع تدافُع «صواعق الانفجار» التي تحوط بالوضع اللبناني، وهو ما فُهم من الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وقال فيه ان المملكة «رفعت يدها عن مساعي التسوية في لبنان»، محذراً من «خطر الانفصال والانقسام»، اتجهت الانظار سريعاً الى «حزب الله» الذي لم يتردد أخيراً في الاعلان ان ما بعد القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ليس كما قبله.
وقالت مصادر قريبة من «حزب الله» لـ «الراي»، تعليقاً على موقف الوزير الفيصل، انه أطلق «رصاصة الرحمة» على المساعي السورية ـ السعودية ما يعني ان الخيارات ضاقت ولم يعد امامها الا واحد من بابين: إما ان يحسم الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط موقفه «المتذبذب»، وإما اللجوء الى الخيار السيئ (الأمني والعسكري)، او ذهاب الاوضاع الى الاحتمال الأسوأ.
ورأت هذه المصادر ان النائب جنبلاط هو مَن وضع نفسه في المكان الصعب، «فبعدما كان في مرحلة الـ 2005 زعيماً لـ «14 مارس» ومرجعيتها الأولى والأخيرة، انتقل ليكون مناصراً للمقاومة عروبي اللهجة، ولكنه لم يتخلّ عن الموقف السياسي لـ «14 مارس»، وأوهم سورية والمقاومة انه يمكن الاعتماد عليه في اي لحظة عندما تصبح الامور ذاهبة في اتجاه الحسم».
وكشفت المصادر القريبة من «حزب الله» ان زيارة جنبلاط الأخيرة للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله «أعطت صورة لم تكن واضحة قبلاً عندما أبلغ جنبلاط الى السيد نصر الله انه سيُعطي 8 مارس في استشارات التكليف أقل من نصف أعضاء كتلته (11 عضواً)، فما كان من الامين العام لـ «حزب الله» الا ان ترك له حرية الخيار وبارك ذهابه الى سورية، من دون اضافة اي شيء آخر»، مشيرة الى «ان «حزب الله» كان على علم تام بموقف جنبلاط عشية الاستشارات (يوم الأحد) حين قال السيد نصر الله في إطلالته ان 8 مارس لن تسمي الحريري، مدركاً ان المعارضة لا تملك الغالبية، وتالياً على جنبلاط «تقليع شوكه» بيديه من جراء ما زرعه من ضبابية».
ولفتت هذه المصادر الى «ان لجنبلاط حساباته الخاصة، فهو لا يريد حصر حركة سفره بين لبنان وسورية وايران، بل يرغب في إبقاء المجال الجوي لديه أوسع، بتقاطُعه مع الولايات المتحدة الاميركية في دعم ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، ولديه حسابات في الخارج وعائلة في اوروبا، و«معارضة اشتراكية داخلية» في حال دعمه لفريق 8 مارس».
وفي كلام لم يخلُ من «اللهجة التحذيرية»، قالت المصادر القريبة من «حزب الله» ان جنبلاط «لم يحسب حساب المجال الجوي الذي سيضيق عليه أكثر فأكثر في منطقة الجبل على حدود المناطق الشيعية من كل الجهات، الجنوبية والبقاع الغربي والضاحية»، مشيرة الى «ان التركيز على جنبلاط مرده الى انه «حصان طروادة» ولان موقفه اذا استمرّ على هذا المنوال سيتسبب باعتماد «حزب الله» الخيار السيئ (الامني العسكري) الذي لا يعود من الممكن تفاديه مهما كانت النتائج سلبية».
ورأت «ان يوم الاثنين (موعد الاستشارات) لناظره قريب، وتأجيل الاستشارات قد يكون الفرصة الأخيرة التي تُبقي الوضع خارج سياق تفجيري، لا سيما بعدما سُدت الابواب عقب تصريحات الوزير الفيصل».
وذكّرت بأن «احد أهداف المناورة الميدانية لـ «حزب الله» فجر الثلاثاء كان اكتشاف ردات الفعل عبر عملية استطلاع بالقوة، فلوحظ حصول استنفار في بعض المناطق اضافة الى رصد اتصالات «أمنية» تشي «باستعدادات طوائفية».
وتوقفت المصادر ايضا «عند رصد دخول اعداد من الرعايا العرب الى لبنان في الفترة السابقة وجميعهم من الشبان»، متسائلة: «هل سيتحول لبنان أرض نصرة وجهاد كما توعد عدد من زعماء القاعدة سابقا»، جازمة ان الحسم سيحصل قبل الاسبوع الاول من فبراير.
المساعي الديبلوماسية لكبح الانزلاق في «القعر المفتوح» تكاد ان تلفظ انفاسها، والازمة السياسية مرشحة لـ «اقتحام» الشارع، والايحاءات المتزايدة بـ «حرق المراكب» يعزز الانطباع بان الاتجاه هو لـ «الهروب الى... الهاوية».
فلبنان بلا حكومة حتى اشعار «طويل» وبرلمانه «كأنه لم يكن» ورئاسة الجمهورية فيه «مغلولة اليدين» بالتوافق وجيشه بالكاد يحمي نفسه من الانهيار، والعالم يتنازع فيه وعليه ومن حوله، اما مصيره فمن غير المستبعد ان يذهب مع الريح.
«حزب الله» الذي دشن فجر اول من امس مرحلة «ما بعد» القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بـ «مناورة» للسيطرة على الداخل، يلوح بواحد من خيارين: إما «انقلاب سلمي» وإما «قلب الطاولة» عبر الشارع.
وهذا يعني ان الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل لمعاودة تسمية رئيس حكومة «تصريف الاعمال» سعد الحريري رئيساً مكلفاً، بحسب التوازنات الحالية، لن تمر، بالتأجيل اذا امكن، وربما بـ «التفجير» بعدما قال الحزب «لا كبيرة» لعودة الحريري الى السرايا الحكومية.
هذا المشهد، الذي من المتوقع ان يتعامل معه المجتمع الدولي على انه «انقلاب موصوف» في وجه العدالة الدولية بعدما سلم المدعي العام الدولي دانيال بلمار قراره الاتهامي عصر الاثنين الماضي الى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، سيجعل لبنان بين «فكي كماشة»، من المرجح ان تضيق عليه.
ولم يكن ادل على هذا الانزلاق الدراماتيكي للوضع اللبناني من الموقف الحاد الذي اعلنه وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الذي تحدث عن ان المملكة رفعت يدها عن الوساطة في لبنان، في اشارة الى حجم المأزق الذي ينتاب العلاقة السورية ـ السعودية، وهو الموقف الذي «باغت» رئيس الوزراء القطري الشيح حمد بن جاسم ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو اللذين كانا وصلا الى بيروت في مهمة تحت سقف مبادرة «السين السين»، وسرعان ما اتضح ان افق تحركهما... مقفل.
وفي موازاة حركة الموفديْن القطري والتركي في بيروت والدخول السعودي المفاجىء على خط اعلان رفع الرياض يدها عن الوساطة التي أجرتها مع سورية لحل الأزمة في لبنان، تلقفت بيروت باهتمام 3 تطورات اقليمية ودولية متصلة بالوضع اللبناني:
* «المحادثات الهاتفية» التي جرت بين الرئيسيْن باراك اوباما وحسني مبارك والتي تناولت الوضع في كل تونس ولبنان، حيث شكر اوباما نظيره المصري على دعم القاهرة للمحكمة الخاصة بلبنان «التي تحاول إنهاء عهد الإفلات من العقاب في الاغتيالات السياسية في لبنان وتحقيق العدالة للشعب اللبناني».
واكتسبت المحادثات بين اوباما ومبارك أهميتها في ما خص الوضع اللبناني لأنها جاءت وسط المعلومات عن تحفظ اميركي عن الاقتراح الفرنسي بتشكيل مجموعة اتصال عربية دولية تواكب الازمة اللبنانية، واعتراض سوري على مشاركة مصر فيها وسط استمرار القطيعة بين القاهرة ودمشق، واستياء مصري من تقدم الدور التركي على حساب الادوار العربية.
| |||
|
المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية