أخبار لبنان..الاحتلال يُحمِّل برِّي وميقاتي مسؤولية دعم جبهة الجنوب..ونصرالله: لن نتراجع مهما طال الوقت..حركة بري تحت سقف "الحزب": الخيار الثالث مقابل تشريع السلاح..رئيس الاستخبارات الفرنسية في بيروت: الجنوب والإرهاب والهجرة..ضحية جديدة من «حماس» للاغتيالات الإسرائيلية في لبنان..استعراض مسلّح في بيروت يثير مخاوف العودة لزمن الفوضى..حصة لبنان في تمويل «حماس»..معدومة..«حزب الله» يتّبع «استراتيجية الصبر» لمنع توسعة الحرب..إطلاق مخطط إعادة إعمار مرفأ بيروت..القطريون بحثوا مع معاون بري انتخاب «أي مرشح» خلال الهدنة..الشراكة وتفعيل التفاهمات الداخلية ومع السلاح «دفاعاً عن لبنان»: التيار يدشّن مرحلة «التموضع العقلاني»..

تاريخ الإضافة الخميس 14 آذار 2024 - 3:24 ص    التعليقات 0    القسم محلية

        


الاحتلال يُحمِّل برِّي وميقاتي مسؤولية دعم جبهة الجنوب..

الخماسية والاعتدال «تضامن وتكافل» لإجراء الانتخابات.. ونصرالله: لن نتراجع مهما طال الوقت..

اللواء...بدا الحديث الرئاسي في البلاد طاغياً على ما عداه في الشأن السياسي العام، وسط الكشف عن مخطط لإعادة اعمار مرفأ بيروت بتعاون فرنسي - لبناني، في حين ان الجبهة الاصلية في غزة، وكذلك جبهات الاسناد هي في حالة تحفز لضربات وصدامات مع الاحتلال من ساحات المواجهة الى المسجد الاقصى الشريف.. مع ضخ تهويلات اسرائيلية، تخطت وزير الدفاع الى جنرالات «الكابينت الحربي» من ان لا تراجع عن حرب رفح، غير عابئين بموقف ادارة الرئيس جون بايدن الرافض لتوسيع جغرافيا الحرب، والبحث عن اطار لوقف اطلاق النار. ويتزايد التحريض في اسرائيل ضد لبنان الدولة، وليس المواجهة فقط مع حزب الله على الارض، وذلك من اجل الضغط على الدولة، لا سيما الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي لعدم السير في دعم حزب الله. أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، الى الدوائر المختصة في الوزارة بتقديم شكوى امام مجلس الامن الدولي، بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة في نيويورك، عقب سلسلة اعتداءات إسرائيلية تعتبر الأعنف، بتاريخ ١١ و١٢ آذار ٢٠٢٤ طالت المدنيين في محيط مدينة بعلبك والقرى المجاورة.

تحرك الخماسية

رئاسياً، ووفقاً لما اشارت اليه «اللواء» امس فإن اللجنة الخماسية على مستوى السفراء ستزور عين التينة الاسبوع المقبل. وقالت أوساط نيابية لـ«اللواء» إن أي تطور جديد بالنسبة إلى مسعى تكتل الاعتدال الوطني الرئاسي لم يسجل بإستثناء مواقف بشأن التشاور المنشود وإعادة تأكيد كل فريق مقاربته، وبالتالي لم ينضج المناخ المناسب من أجل وضع المسعى على سكة التطبيق. ولفتت هذه الأوساط إلى أن نواب التكتل لم يتحدثوا عن انكفاء المسعى إنما عن جولة من المشاورات بشأن التوجه المقبل، معلنة أن الأجوبة التي كان قد حصل عليها من الكتل النيابية لم يكن قد طرأ عليها تعديل رسمي مؤخرا بأستثناء تعليق نواب المعارضة على موقف الرئيس بري الأخير. واوضحت هذه الأوساط أن حالة من الترقب تسود اجواء التكتل لما يمكن أن يصدر من معطيات محلية وخارجية جديدة مع العلم أن الموقف الأميركي بشأن الخيار الثالث في الملف الرئاسي يتوافق مع روحية المسعى. واستقبل المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان وفد تكتل «الاعتدال الوطني» الذي وضعه في طبيعة مبادرة التكتل حول عقد جلسات تفضي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقال النائب احمد الخير ان المفتي اعطى التكتل الدعم، وان المبادرة مستمرة. واضاف: ان المبادرة اخذت موافقة غالبية الاطراف اللبنانية ولا شيء يمنع الاستمرار.

إعادة إعمار المرفأ

وفي خطوة، على درجة من الاهمية اطلق في بيروت امس مخطط لبناني - فرنسي لاعادة اعمار مرفأ بيروت بعد 4 اعوام على انفجاره.. بكلفة لا تقل عن ستين ومئة مليون دولار، سيتم تغطيتها من ايرادات المرفأ للخزينة. وكانت وزارة الاشغال العامة والنقل وإدارة واستثمار مرفأ بيروت اطلقت «الإعلان عن العرض الخاص لمخطط إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت» في قاعة المرفأ، برعاية وحضور الرئيس  ميقاتي الذي القى كلمة، حيّا في بدايتها «أرواح ضحايا انفجار المرفأ، متمنيا أن يتغمدهم الله برحمته ويبلسم جراح ذويهم وأهلهم». واعتبر الرئيس ميقاتي ان المرفأ يمثل شرياناً حيوياً بارزاً على البحر الابيض المتوسط، ويربطنا بالعمق العربي. ونوه ميقاتي بالدور الفرنسي، وقال: «إن الترجمة العملية لدعم فرنسا عملية النهوض بالمرفأ اطّلعنا عليها اليوم (أمس)، مؤكدين أن المشروع الذي نحن في صدده والذي اعدته فرنسا دعما للبنان، سيأخذ طريقه الى التنفيذ في اسرع وقت ، سواء من خلال مساهمات خارجية نتطلع الى توافرها، او من إيرادات المرفأ، كما تفضل وقال معالي وزير الاشغال. وفي الحالتين فان هذا المشروع باذن الله سيسلك طريقه الى التنفيذ». الى ذلك، ترأس الرئيس ميقاتي اجتماعا شارك فيه وزير الاتصالات جوني القرم، المدير الاقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط جان كريستوف كاريه، المدير العام لهيئة «اوجيرو»، عماد كريدية، ومستشار رئيس الحكومة سمير الضاهر، في السراي. وقال الوزير القرم بعد الاجتماع: اجتمعنا مع ممثلي البنك الدولي، وهناك توجه لدى البنك بتحويل المساعدات أو القروض التي يود منحها للبنان الى مواضيع انتاجية وليس استهلاكية، فلديه ميزانية قدرها نحو 250 مليون دولار ستوزع على قطاعات الطاقة والمياه والاتصالات. ونحن بدورنا لدينا عدة مشاريع سنقوم بدرسها وسنتقدم بطلبات من أجل الحصول على حصة من هذه المساعدات والقروض لتطوير الشبكة وتحسينها، من اجل تقديم خدمة أفضل مما سيكون له اثر إيجابي على الاقتصاد اللبناني.

نصر الله: كلمة لجبهات المساندة في رمضان

ووسط الغموض الذي يحيط بالعمليات والعمليات العسكرية في غزة والجنوب، اعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان جبهات الاسناد في لبنان واليمن، سيكون لها كلمتها ايضاً في شهر رمضان. وقال نصر الله: مسؤوليتنا جميعاً مواجهة هذا الاحتلال الاسرائيلي، مشيراً الى الآلام والمعاناة من سقوط الشهداء، الى تدمير المنازل وحرق الحقول. واعتبر ان ما يجري في غزة هو حجة إلهية على كل شعوب العالم، متحدثاً عن انجازات استراتجية حققها طوفان الاقصى. وقال: حماس تفاوض اليوم عن كل جبهات المقاومة. وأكد نصر الله ان الصمود وبالصبر سيفرض على العدو وقف العدوان وينسحب بعد التعب والانقسام الذي يعاني منه. وأكد الوقوف الى جانب قيادة حماس، وكل فصائل المقاومة وستبقى جبهات المساندة مساندة مهما طال الوقت وكانت التضحيات. واعتبر ان حماس تريد وقفاً للعدوان الاسرائيلي على غزة، وليس فقط وقف النار او تبادل الاسرى، وحين تفاوض «حماس» بشأن غزة فهذا دليل على قوة المقاومة وبقائها وثباتها وعلامة من علامات النصر.. مشيراً الى ان اهالي غزة ما زالوا يحتضنون المقاومة رغم كل المجازر والتجويع.. وقال ان جبهة لبنان تؤدي دورها بالضغط على العدوان.. ولاحظ نصر الله ان لا احد يصدق ان بايدن لا يملك القدرة على وقف العدوان في غزة وارسال بعض المساعدات جواً.

الوضع الميداني

ميدانياً، استهل جيش الاحتلال نشاطه، بقصف وسط سهل مرجعيون بقذيفتين. وشن الطيران الحربي الاسرائيلي غارة استهدفت منطقة اللبونة في الناقورة. كما شُنت غارة على علما الشعب فهرعت سيارات الإسعاف الى المكان، وشُنت غارة ثانية استهدفت منطقة اللبونة في الناقورة. وشن الطيران غارة استهدفت احد المنازل في بلدة كفرا. كما اغار على منزل في بلدة ياطر، ما ادى الى وقوع عدد من الاصابات الطفيفة. وشن غارة ثالثة على بلدة القنطرة استهدفت منزلا بصاروخ. وتعرضت اطراف بلدة يارين الحدودية، وبلدة الضهيرة، لقصف مدفعي. واستهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة عند مفترق طرق قانا - الحوش عند المدخل الشمالي لمدنية صور صباح أمس. على الاثر أعلنت حركة «حماس» عن مقتل أحد عناصرها في الغارة، ويدعى هادي مصطفى من مخيم الرشيدية للاجئين، وهو قيادي في القسام ومسؤول عن الدعم اللوجستي. واعلن الجيش الإسرائيلي «اننا قتلنا القيادي في حماس هادي علي مصطفى بقصف سيارة كانت تقله في لبنان»، مضيفا: سنواصل استهداف حركة حماس في كل ساحة تنشط فيها. وقد افيد عن سقوط قتيل فلسطيني واخر من التابعية السورية كان على متن دراجة نارية، وصودف مروره لحظة الاعتداء، كما سقط جريحان.

نصرالله يعتبر أنّ هزيمة إسرائيل تتطلّب "بعض الوقت"

حركة بري تحت سقف "الحزب": الخيار الثالث مقابل تشريع السلاح

نداء الوطن..بعيداً من الضوضاء التي أثارتها المواقف الأخيرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، كان كلام هادئ يدور في الأروقة الديبلوماسية يتمحور على السؤال: هل يريد «حزب الله» فعلاً الذهاب الآن الى الانتخابات الرئاسية التي عطّلها منذ نهاية تشرين الاول عام 2022؟ وإذا كان الجواب «نعم»، فلماذا على سبيل المثال لا الحصر، لم يعطِ «الحزب» جواباً حتى الآن على المبادرة التي حملها إليه وفد تكتل «الاعتدال» النيابي في الرابع من الجاري؟ .......ويقول ديبلوماسي عربي لـ»نداء الوطن» يشارك في اللقاءات الجارية بين السفراء العرب والأجانب إنه لمس «امتعاضاً» من اسلوب التسويف الذي يعتمده الرئيس بري في ادارة الاتصالات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، ما يشير الى أنه يحاول أن يظهر قدر المستطاع «الاستقلالية» في مواقفه، فلا يبدو لصيقاً بـ»حزب الله»، الا أنّ الأمور في نهاية المطاف أظهرت بوضوح أن الرئاسة الثانية هي عملياً تحت سقف «الحزب». ويضيف الديبلوماسي العربي: «سمع معظم الديبلوماسيين من مراجع مسيحية عليا أنّ هناك تطاولاً مكشوفاً يمارسه «حزب الله» على المواقع المسيحية وفي مقدمها استحقاق الرئاسة الاولى، وهو أمر لا يساعد على حل الأزمة وواجب الرئيس بري معالجته». ويستدرك: «هذا لا يعني أن كلمة «الحزب» ستكون هي النافذة. والسبب الأول هو أنّ الوضع المسيحي لا يمكن تهميشه. وما يحصل في موضوع الرئاسة الأولى سيجعله أكثر تماسكاً وتشدداً». ويشدّد الديبلوماسي العربي على أنّ «أي حل أو تصور أو مشروع كي يترجم، يتطلب وجود رئيس للجمهورية ورئيس حكومة وحكومة. وإذا ما بقي البلد في هذا الفراغ، فسيواجه تداعيات أصعب مما مرّ به لبنان حتى الآن». ويعود الديبلوماسي نفسه الى المداولات الجارية بين السفراء المعتمدين في لبنان، فيشير الى أن هناك «شكوكاً في الأهداف المبيّتة لـ»حزب الله»، فهل يريد فعلاً انتخاب رئيس للجمهورية؟ والمعطيات تشير الى أن «الحزب» يريد تغيير النظام السياسي، ما يؤدي الى قوننة سلاحه؟ بصرف النظر عما إذا كان في مستطاعه ان يصل الى ما يريد». ويتساءل الديبلوماسي: «هل من المعقول تعطيل الانتخابات الرئاسية في مرحلة حرب تهدد لبنان وسط انهيار يكاد ان يدفع لبنان الى المجهول؟». ويخلص الديبلوماسي العربي الى القول: «إنّ «حزب الله» جاهز فعلاً لتسوية رئاسية، لكن شرط تعديل النظام، ما يؤدي الى مزيد من إمساكه بمفاصل هذه الدولة دستورياً. وفي المقابل، كل المعطيات تشير الى أنّ كل المكونات الطائفية في لبنان باستثناء المكوّن الشيعي المرتبط بإيران، يرفض النيل من دستور الطائف الذي صار في جوهره صنو بقاء الكيان، والذي بفضله حظي لبنان بتوازن العيش المشترك». في موازاة الانشغال الديبلوماسي بالملف الرئاسي، أدت أمس غارة إسرائيلية في منطقة صور على سيارة الى مقتل قيادي في حركة «حماس» هو علي محمّد مصطفى من مخيم الرشيدية. كما أدت الغارة الى مقتل سوري كان على متن دراجة نارية وصودف مروره لحظة الغارة. وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق أن إحدى طائراته استهدفت «عنصراً رئيسياً» في «حماس» يعمل لصالح «القسم المسؤول عن أنشطتها الارهابية حول العالم»، على حدّ تعبير تل ابيب. ومساءً أطلّ الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله، خلال الأمسية القرآنية الرمضانية في مجمع السيدة زينب في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال في كلمته التي نقلت عبر الشاشة «إنّ خسائر شمال إسرائيل أكثر مما هي خسائر الجنوب في المواجهة الدائرة، والسبب أنّ الجنوب «مهمل فلا سياحة فيه ولا مصانع ولا مشاريع ضخمة». وإذ لفت الى وصول الغارات الإسرائيلية الى البقاع قال إنّ الرهان هو على «عض الأصابع»، وأنّ الأمر يحتاج الى «بعض الوقت كي يوقف العدو عدوانه وأن يُهزم ويعترف بفشله».

نصرالله: ملتزمون إسناد غزة مهما طال الوقت

الاخبار.. في الشكل واللغة، بدا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في تناوله أمس، لواقع العدو وغزة والمقاومة على كلّ الجبهات، أن جبهة جنوب لبنان جزء لا يتجزّأ من معركة غزة، من موقع الإسناد، وكما لو أنها محور من محاورها تتكامل معها في مفاقمة الضغوط الأمنية والسياسية والشعبية والاقتصادية وصولاً إلى الأهداف المنشودة. وفي المضمون كانت مواقف نصرالله ترجمة لهذه الحقيقة، متوجّهاً إلى بيئة المقاومة وإلى العدو. فكرّر التزام المقاومة في لبنان بمواصلة إسناد المقاومة في غزة، مهما طال الوقت، وهو موقف يبدّد أي رهانات يمكن أن تراود تل أبيب وواشنطن، ويضعهما أمام تحدّي القرار، في ضوء إدراكهما بأن عليهما التسليم بواقع الجبهات المفتوحة من لبنان إلى اليمن، أو اتخاذ قرار مفصلي بهذا الاتجاه أو ذاك. كما كان واضحاً بأن النصر يحتاج إلى مزيد من الصبر والتحمل، في مقابل مؤشرات التعب التي بدأت تظهر جلياً في كيان العدو، والتي ستجبره على التراجع أمام صمود المقاومة وأهل غزة.وتوقّف نصرالله عند الرسائل التي تكمن في ارتداع العدو حتى الآن عن خيار الحرب مع لبنان، بعد دخول الحرب على غزة شهرها السادس، وتحديداً ما يتصل بموقع حزب الله في معادلة الردع التي لا تزال تحكم السياسة العملياتية لجيش العدو. وشدّد على أن كل سياسات التعتيم الإعلامي التي يتّبعها العدو إزاء خسائره بفعل عمليات المقاومة لم تنجح لا في ثني المقاومين ولا في تراجع الضغط على جبهة لبنان، خصوصاً أنه لم ينجح في إخفاء بعض النتائج الاستراتيجية لهذه الجبهة، سواء لجهة تهجير عشرات آلاف المستوطنين من مستوطناتهم، أو لجهة الحزام الأمني الذي تشكّل داخل فلسطين المحتلة من دون أن يضطر المقاومون للدخول برياً إلى هناك. وفي كلمة له في افتتاح الأمسيات القرآنية الرمضانية مساء أمس، أكّد الأمين العام لحزب الله أن الجبهة في الجنوب تؤدي دورها في الضغط على العدو الإسرائيلي، وأن «جبهة المساندة ستبقى في موقع المساندة أياً يكن الوقت». وأشار نصرالله إلى أن العدو «في الجبهة الشمالية يعتمد تكتّماً شديداً على الخسائر البشرية وفي الآليات (...) لكنّ وزير حرب العدو ورئيس الأركان قالا إن جنود الجيش الإسرائيلي يقاتلون في غزة والجبهة الشمالية ويتكبّدون أثماناً باهظة»، مؤكداً أن «الجيش الإسرائيلي اليوم مستنزف في غزة والجبهة الشمالية والضفة الغربية، ومجتمع العدو بدأت مظاهر التعب عليه، وجيشه وسياسيوه تعبوا والمشكل الداخلي كبير». وحول جبهة غزة، قال السيد نصرالله، إن «غزة ما زالت تقاوم بشجاعة وبصلابة وتصمد عبر مقاومتها وشعبها صموداً أقرب إلى المعجزة». وأشار إلى «خسارات استراتيجية في ما يجري بغزة منذ 7 تشرين الأول (...) العدو خسر الحرب حتى ولو ذهب إلى رفح لأنه لم يقدّم مشهد نصر ولم يحقق أي هدف من الأهداف التي أعلن عنها». ورأى أن «واحدة من علامة النصر للمقاومة والهزيمة للعدو الإسرائيلي، عدم تحقق أول هدف أعلنه العدو هو القضاء على حركة حماس. اليوم، في الشهر السادس، حماس تفاوض عن كل المقاومة الفلسطينية وعن كل جبهات المقاومة (...) وهذا يؤكد أن حماس ما زالت قوية وقادرة وتضع الشروط»، و«أهل غزة ما زالوا يحتضنون المقاومة، ورغم كل الأدوار التي تقوم بها قنوات عربية لم يتمكنوا من لحمة وصلابة الموقف في قطاع غزة». وتحدّث نصرالله عن «النفاق الأميركي»، مؤكداً أن الرئيس الأميركي جو بايدن «قادر بشحطة قلم أن يوقف العدوان على غزة، سواء في مجلس الأمن أو في غيره». وإذ أكّد أن «المطلوب من الإدارة الأميركية وقف العدوان على غزة»، أكّد أنه «لم يتمكن الأميركي ولا البريطاني ولا من لحق بهما من أوروبيين من منع الإخوة اليمنيين عن ضرب السفن المتجهة إلى فلسطين المحتلة»، فيما «المقاومة الإسلامية في العراق مستمرة في إرسال المُسيّرات والصواريخ إلى الكيان».

العدو خسر الحرب حتى ولو ذهب إلى رفح لأنه لم يقدم مشهد نصر ولم يحقق أياً من الأهداف التي أعلن عنها

ميدانياً، تابع العدو اعتداءاته على لبنان أمس، واستهدفت مُسيّرة إسرائيلية القيادي في حركة حماس هادي مصطفى في مدينة صور، وقصفت مدفعية العدو سهل مرجعيون وبلدات يارين والضهيرة وأطراف الناقورة وراشيا الفخار، وشنّ الطيران الحربي المعادي غارات استهدفت أطراف علما الشعب - الناقورة، وبلدات القنطرة وياطر وميس الجبل. فيما واصل حزب الله عملياته مستهدفاً تجمعاً لجنود العدو ‏شرق ‌‏موقع حانيتا، وثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، وثكنة راميم.‌‌‌‏ ‏ وبعد توسيع إسرائيل اعتداءاتها في اليومين الماضيين إلى منطقة البقاع، وردّ حزب الله بزيادة ملحوظة في عدد الصواريخ والقذائف التي أطلقها على المواقع والأهداف الإسرائيلية، كتب عاموس هرئيل في «هآرتس» أن «توسيع إسرائيل عملياتها نحو بعلبك خطوة تعبّر عن زيادة المخاطرة الإسرائيلية، على أمل أن تتراجع قيادة حزب الله تحت وطأة الضغط العسكري»، بعدما كان الأمل بأن يتمكن موفد الرئيس الأميركي عاموس هوكشتين من «التوصل إلى حل يُبعد عناصر حزب الله عن الحدود، ويعيد الهدوء إلى الجبهة، ويُرجع سكان الشمال إلى منازلهم». وأشار إلى أن «الحقيقة الواضحة هي أن منطقة الحدود خلت من سكانها بأوامر من الجيش والحكومة منذ الأسبوع الأول للحرب. وتسعى إسرائيل إلى تصحيح هذا الانطباع، ربما بواسطة التصعيد، وعدة أيام من القتال تزيد فيها عدد هجماتها، وعدد الأهداف. لكن ليس هناك ما يضمن أن تحقق هذه الخطوة هدفها وتؤدي إلى تراجُع حزب الله. وفي الوقت عينه، تزداد احتمالات خروج الأمور عن السيطرة، والدخول في مواجهة شاملة».

رئيس الاستخبارات الفرنسية في بيروت: الجنوب والإرهاب والهجرة

الاخبار..هيام القصيفي .. رغم أن زيارة رئيس الاستخبارات الفرنسية الخارجية الأولى لبيروت استطلاعية، إلا أنها تأتي في توقيت دقيق سياسياً وأمنياً، خصوصاً في ملفَّي الإرهاب والجنوب، وانتظار فرنسا أجوبة على الورقة الفرنسية..... قام رئيس الاستخبارات الفرنسية الخارجية نيكولا ليرنر أمس بزيارة خاطفة إلى لبنان، هي الأولى له بعد تعيينه في منصبه كانون الأول الماضي.وكان تعيين ليرنر شكّل مفاجأة مزدوجة بوصفه آتياً من الاستخبارات الفرنسية الداخلية، ولحلوله محل السفير المخضرم برنار إيمييه إثر عودة الأخير من جولة شرق أوسطية بعد اندلاع حرب غزة. وهو معروف في الأوساط الفرنسية بحنكته وخبرته في مجال الأمن والمعلومات، وقد عمل طويلاً في ملفات الأمن الداخلي، قبل أن يختاره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعمل في الأمن الخارجي، مع دخول فرنسا على خط حرب غزة ومع تطورات الحرب في أوكرانيا وتعمّق المأزق الفرنسي في أفريقيا. وقد حملت زيارته للبنان طابعاً استطلاعياً بالدرجة الأولى، إذ التقى مسؤولين أمنيين في زيارة تعارف إلى ساحة تهتم بها فرنسا أمنياً واستخباراتياً، ويتم التعاون فيها مع الجيش اللبناني في ملفات عدة. غير أن مصادر مطّلعة تؤكد أن مهمة ليرنر المقرّب من ماكرون لا يمكن أن تنحصر بالإطار العسكري والاستخباراتي البحت، ولا سيما في هذا التوقيت الذي تعيشه المنطقة. علماً أن مجالات البحث الفرنسي - اللبناني المتعلق بالجيش كثيرة، لجهة انتشاره جنوباً وفق أي ترتيب جديد يُعمل عليه، وإعادة تفعيل برنامج مساعدات الجيش أوروبياً وعربياً. وتعمل فرنسا على خطين منذ اندلاع حرب غزة: العمل على التوصل إلى هدنة وتأمين المساعدات الإنسانية. وتسعى، لبنانياً، إلى وضع خطوط عريضة لبوادر اتفاق ملائم لإسرائيل ولبنان. واذا كان مصير اقتراحات الورقة الفرنسية بات معروفاً بعدما دخل الأميركيون على الخط للجم أي محاولة من باريس للتفرد بترتيب وضع لبنان والجنوب، إلا أن فرنسا لا تزال تنتظر رسمياً جواباً لبنانياً على الورقة، قد لا يصل أبداً. وبحسب المعلومات، بحث ليرنر في لبنان في موضوعين أساسيين مرتبطين بحرب غزة وتفاعلاتها في لبنان والمنطقة:

الأول، وضع الجنوب والتطورات العسكرية فيه، وفي إطار أوسع العمل الدبلوماسي الجاري في الشرق الأوسط، ومنها جولة رئيس الاستخبارات الأميركية وليم بيرنز للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واحتمال انعكاس ذلك على لبنان. وربطاً بذلك، مصير جواب لبنان على الورقة الفرنسية وما يمكن أن يوافق عليه لترتيب وضع الجنوب والتعامل مع المقترحات الفرنسية بإيجابية للانتقال إلى مرحلة عملانية. علماً أنه سبقت زيارة المسؤول الفرنسي زيارة أخرى لمسؤول أمني فرنسي كانت محصورة بوضع القوات الفرنسية والوضع العسكري جنوباً عطفاً على ارتدادات ما يجري على القوات الدولية العاملة في الجنوب.

أبلغ المسؤولون الأمنيون اللبنانيون ضيفهم الفرنسي عن تنشيط بعض الخلايا الإرهابية

الثاني، مكافحة الإرهاب في إطار التنسيق بين لبنان وفرنسا، إذ إن الأجهزة اللبنانية طالما اعتمدت على تبادل المعلومات مع فرنسا في ملف الإرهاب. وقد عرض المسؤولون الأمنيون اللبنانيون لضيفهم الفرنسي العمل اللبناني في مجال تفكيك شبكات الإرهاب، وملامح عودة تنشيط بعض الخلايا الإرهابية بعد ركود استمر نحو سنتين في بعض البقع الأمنية التي شهدت أخيراً تفكيك عدد من الخلايا والشبكات. وليرنر الآتي من عالم الأمن الداخلي والذي خبر ملفات الإرهاب في فرنسا وأوروبا على مدى خمس سنوات، معني جداً بهذا الجانب، ومطّلع على حيثياته في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وهو طالما تحدّث في لقاءات إعلامية إبان مهمته على رأس الاستخبارات الداخلية عن مخاطر التنظيمات الأصولية وعن ظهورها مجدّداً بعد مرحلة انحسار. علماً أن فرنسا استنفرت كل أجهزتها الأمنية في الآونة الأخيرة منذ تصاعد موجات ردود الفعل ربطاً بحرب غزة، إضافة إلى استعداداتها للألعاب الأولمبية والمخاطر الأمنية التي ترافقها. واستحوذ هذا الملف على كثير من المتابعة في ظل اهتمام فرنسا ولبنان بمجالات التنسيق وتبادل المعلومات والتعاون في تفكيك شبكات الإرهاب. ولم يغب موضوع النزوح السوري عن المحادثات، ولا سيما من الجهات اللبنانية التي وضعت ضيفها في مخاطر هذا الملف وتداعياته على لبنان، وطرح مساعدة فرنسا والاتحاد الأوروبي في مواجهة أعباء هذا النزوح والتخفيف من آثاره على لبنان. علماً أن لبنان يتعاطى مع هذا الملف كأولوية، في حين لا تزال الدول الأوروبية تتعامل معه بحذر وعلى قاعدة إبقاء النازحين حيث هم، وضبط الهجرة غير الشرعية إليها. مع فارق بسيط بدأ يظهر لدى دول متوسطية، بدأت تستشعر المخاطر نفسها وتتفهّم حاجات لبنان وقلقه.

ضحية جديدة من «حماس» للاغتيالات الإسرائيلية في لبنان

مخاوف من التفلت الأمني بعد ظهور مسلح لـ«الجماعة الإسلامية» في بيروت

بيروت: «الشرق الأوسط».. استأنفت إسرائيل ملاحقة قيادات «حركة حماس» في لبنان؛ حيث اغتالت القيادي هادي مصطفى عبر استهداف سيارته في مدينة صور التي تُقصف أطرافها للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وباتت المدينة جزءاً من الساحات التي يتحرك فيها سلاح الجو الإسرائيلي لملاحقة قياديين وعناصر في «حزب الله»، و«حماس». واستهدفت إسرائيل، قبل ظهر أمس (الأربعاء)، سيارة في محيط مدينة صور، قرب مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، ما أسفر عن مقتل مصطفى داخل السيارة، وسوري «كان على متن دراجة نارية تصادف مروره لحظة الاعتداء»، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. وفيما نعت «حماس» مصطفى، أعلن الجيش الإسرائيلي أن إحدى طائراته استهدفت «عنصراً رئيسياً» في «حماس». ووفق الجيش الإسرائيلي، فإن الضحية الجديدة لاغتيالاته، مصطفى، تولى «توجيه خلايا وأنشطة إرهابية في الميدان»، ودفع باتجاه «هجمات إرهابية ضد أهداف يهودية وإسرائيلية في دول عدة». في غضون ذلك، أثار الظهور المسلّح في العاصمة بيروت، وتحديداً في منطقة الطريق الجديدة، خلال تشييع «الجماعة الإسلامية» أحد مقاتليها الذين سقطوا في الجنوب، مخاوف أبناء العاصمة من إعادة مدينتهم إلى زمن التفلت الأمني. وقال رئيس المكتب السياسي في «الجماعة» علي أبو ياسين، إن الجماعة الإسلامية «لا تستعرض عسكرياً في بيروت، وإن الظهور المسلّح ليس إلّا حالة تفاعل من قبل رفاق الشهداء مع الحدث، والرسالة موجهة إلى العدو الإسرائيلي، وليس إلى اللبنانيين». بدوره، عدّ نائب بيروت، ملحم خلف، أن «الظهور المسلّح يعبّر عن وضع غير سليم يعيشه البلد».

استعراض مسلّح في بيروت يثير مخاوف العودة لزمن الفوضى

«الجماعة الإسلامية» تبرر أسباب ظهور مقاتليها وتطمئن

الشرق الاوسط..بيروت: يوسف دياب.. أثار الظهور المسلّح في العاصمة بيروت، وتحديداً في منطقة الطريق الجديدة، خلال تشييع «الجماعة الإسلامية» أحد مقاتليها الذين سقطوا في الجنوب، مخاوف أبناء العاصمة من إعادة مدينتهم إلى زمن الفوضى، خصوصاً في ظلّ عجز الدولة عن التصدّي لهذه الظاهرة؛ سواء في بيروت أو غيرها من المدن والمناطق اللبنانية. وشيّعت «الجماعة الإسلامية» - «قوات الفجر»، ثلاثة من مقاتليها الذين سقطوا يوم الأحد في الجنوب، هم: محمد رياض محيي الدين من بيروت، وحسين هلال درويش من بلدة شحيم (جبل لبنان)، ومحمد جمال إبراهيم من بلدة الهبارية (الجنوب)، وتخلل التشييع انتشار عشرات المسلحين المقنعين فيما وضعه البعض في سياق استعراض القوّة. وبرَّر رئيس المكتب السياسي في «الجماعة الإسلامية»، علي أبو ياسين، ما حصل، بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام خطر محدق، وبمواجهة عدو صهيوني يرتكب المجازر يومياً في لبنان وفلسطين»، مشيراً إلى أن «(الجماعة الإسلامية) أخذت مسار الدفاع عن لبنان بمواجهة هذا العدوان، لأننا في حالة حرب مع عدّو تجاوز كل الخطوط». وطمأن أبو ياسين إلى أن «(الجماعة الإسلامية) لا تستعرض عسكرياً في بيروت، وأن الظهور المسلّح ليس إلّا حالة تفاعل من قبل رفاق الشهداء مع الحدث، والرسالة موجهة إلى العدو الإسرائيلي، وليس إلى اللبنانيين». وأضاف: «مشروعنا كان ولا يزال بناء الدولة والشراكة الحقيقية مع كل المكونات اللبنانية، ونطالب في هذه اللحظة الحرجة بوحدة اللبنانيين في مواجهة العدو الإسرائيلي ومشاريعه». ولم تشهد العاصمة بيروت ظهوراً مسلّحاً منذ انتهاء الحرب الأهلية، باستثناء السابع من مايو (أيار) 2008، عندما نفَّذ «حزب الله» وحلفاؤه اجتياحاً عسكرياً للعاصمة. وعدّ نائب بيروت، ملحم خلف، أن «الظهور المسلّح يعبّر عن وضع غير سليم يعيشه البلد». وقال: «في حال كانت هناك أعمال عسكرية على الحدود مع العدو الإسرائيلي، فإن الاستعراض المسلّح في العاصمة غير مبرَّر». وأكد النائب خلف لـ«الشرق الأوسط»، على «ضرورة استعادة الدولة القوية والقادرة والعادلة التي تحمي جميع أبنائها»، مشيراً إلى أن «كل تغييب للدولة هو انتقاص من أمن اللبنانيين وطمأنينتهم في العاصمة وكلّ المناطق». ويتخوَّف اللبنانيون من العودة إلى الفوضى الأمنية، في ظلّ انشغال الدولة بالتطورات العسكرية في الجنوب، وترقّب ما سيؤول إليه التصعيد الإسرائيلي، ووضع الوزير السابق رشيد درباس، الاستعراض العسكري في بيروت خلال التشييع في سياق «استعراض القوّة لفريق معيّن». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الظهور المسلّح «لا يعني أن بيروت ستعود إلى الوراء ولا لزمن الفوضى المسلحة». وقال: «الفوضى لا تكون بقرار مجموعة معينة، بل تتخذه دول كبرى إذا أرادت تعميم الفوضى في كلّ لبنان». وشدد درباس على أن «الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الشرعية يمتلكون القدرة والشجاعة على لجم أي محاولة للعبث بالأمن وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء». وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خالد حمادة، قراءة مختلفة عن قدرة الدولة على ضبط الأمن، ورأى أن «(الجماعة الإسلامية) اختارت العمل المسلّح تحت مظلّة (حزب الله)، والهدف من دورها في الجنوب يقوم على تبني مشروع المقاومة، وإيصال رسالة مفادها أن الحزب ليس وحده بمواجهة إسرائيل، بل السنَّة منخرطون معه». وعبّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أسفه لأن «قدرة الدولة على السيطرة الأمنية محدودة جداً جداً». ولفت إلى أن «الأمن الرسمي في لبنان شبه مغيّب، وإذا كان ثمة مناطق آمنة، فالسبب يعود إلى أن الناس ملتزمة بالأمن والقانون، وأنهم ليسوا من أتباع الميليشيات».

عن خفايا سعي واشنطن لقطْع «حبل السرة» المالي بين ساحات «الممانعة»

حصة لبنان في تمويل «حماس»... معدومة

| بيروت - «الراي» |

- زيارة وفد الخزانة الأميركية: إلتزامٌ صارمٌ في القطاع المالي وإرباكٌ وأجوبةٌ ملتبسة من الأطراف السياسية

«... التزامٌ صارمٌ في القطاع المالي، وارباكٌ وأجوبةٌ ملتبسة لدى الأطراف السياسية»، هكذا اختصرتْ مصادر واسعة الاطلاع في بيروت عبر «الراي»، حصيلةَ لقاءاتِ وفد وزارة الخزانة الأميركية في لبنان الأسبوع الماضي مع حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري وجمعية المصارف ومسؤولين ونواباً في البرلمان. ومنذ أن أنهى الوفد الأميركي برئاسة نائب مساعد وزير الخزانة لمنطقة آسيا والشرق الأوسط جيسي بيكر زيارته لبيروت، كثرت التكهنات حول أبعادها وخلفياتها وخفاياها «العميقة»، هي التي حملت عنوانَ قطع «حبل السرة المالي» بين ساحات محور «الممانعة» وتحديداً عبر لبنان، ووقْف تدفّق التمويل لـ «حماس»، ومكافحة أموال «حزب الله»، «الآتية من إيران إلى لبنان ثم إلى مناطق إقليمية أخرى»، وشركات الخدمات المالية غير المشروعة التي ازدهرت مع انهيار النظام المصرفي بما في ذلك الصرافة غير القانونية، مع دعوة إلى سدّ «الخاصرة الرخوة» التي يشكّلها الاقتصاد النقدي المنفلش والذي بات بمثابة «فجوة» تَعْبر منها الأموال «للأشخاص والمجموعات المحظورة في النظام المالي الرسمي بسبب العقوبات الأميركية»، مع تأكيدِ «أن امتثال لبنان للمعايير العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو ركيزة أساسية لجذْب الاستثمارات من الولايات المتحدة وبقية العالم وإخراج لبنان من أزمته». وأبلغت المصادر واسعة الاطلاع «الراي»، أن أجواء لقاءات منصوري ووفد الخزانة الأميركية «كانت ممتازة»، حيث «أشاد الوفد بالإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان المركزي في شأن التعامل مع الاقتصاد النقدي»، والأهمّ «أن الوفد كان يطرح هاجس تمويل حماس عبر نظام الحوالة في عدد من دول المنطقة». وتبيّن وفق المصادر نفسها «أن حصة لبنان في تمويل حماس، معدومة، باعتبار ان لا تحويلات مالية من لبنان إلى فلسطين»، كما «أن لبنان يضبط بشكل كامل التحويلات عبر الالتزام بإجراءات المركزي ضمن القواعد والأطر الدولية». وبالتالي، عُلم ان الوفد الاميركي أشاد بتلك الاجراءات وأكد «ان الثقة بالضوابط اللبنانية كبيرة، وهي التي دفعت بوفد الخزانة إلى زيارة بيروت، بينما لا يقوم الوفد بزياراتٍ لدول غير منضبطة مالياً ضمن اجراءاته». ووفق المصادر، فإنه وعلى عكس هذا المناخ، لم يعبّر اللقاء مع النواب اللبنانيين عن الأجواء نفسها «انطلاقاً من الحسابات السياسية التي تَحْكُمُ الخطابَ اللبناني».

«اليونيفيل»: دبابة إسرائيلية قتلت المصور عصام عبد الله في جنوب لبنان

بيروت: «الشرق الأوسط».. توصل تحقيق للأمم المتحدة إلى أن دبابة إسرائيلية قتلت مصور وكالة «رويترز» عصام عبد الله في لبنان يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإطلاق قذيفتين من عيار 120 ملليمترا على مجموعة من «الصحافيين يمكن التعرف عليهم بوضوح» في انتهاك للقانون الدولي. وقال التحقيق الذي أجرته قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، والذي اطلعت «رويترز» على ملخصه إن أفرادها لم يسجلوا أي تبادل لإطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان لأكثر من 40 دقيقة قبل أن تفتح دبابة إسرائيلية من طراز «ميركافا» النار. وقال تقرير «اليونيفيل»: «إطلاق النار على المدنيين، وهم في هذه الحالة صحافيون يمكن التعرف عليهم بوضوح، يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي (1701) (لعام 2006) والقانون الدولي». وأضاف التقرير المؤلف من سبع صفحات بتاريخ 27 فبراير (شباط): «تشير التقديرات إلى أنه لم يكن هناك تبادل لإطلاق النار عبر الخط الأزرق وقت وقوع الحادث. ولا سبب معروفا للضربات على الصحافيين». وبموجب القرار «1701» لعام 2006 الذي أُقر لإنهاء الحرب بين إسرائيل ومقاتلي «حزب الله» اللبناني، انتشرت قوات «اليونيفيل» لمراقبة وقف إطلاق النار على طول خط ترسيم الحدود الذي يبلغ طوله 120 كيلومترا، أو ما يعرف باسم الخط الأزرق، بين إسرائيل ولبنان. وتسجل «اليونيفيل»، بوصف ذلك جزءا من مهمتها، انتهاكات وقف إطلاق النار وتضطلع بالتحقيق في أفظع الحالات. وإلى جانب مقتل عبد الله، أصابت القذيفتان ستة صحافيين آخرين في مكان الحادث. وردا على سؤال حول تقرير «اليونيفيل»، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نير دينار، إن «حزب الله» هاجم الجيش الإسرائيلي بالقرب من تجمع هانيتا السكاني في إسرائيل في 13 أكتوبر. ورد الجيش بنيران مدفعية ودبابات للقضاء على التهديد، وتلقى بعد ذلك تقريراً يفيد بأن صحافيين أصيبوا. وأضاف دينار: «جيش إسرائيل يستنكر وقوع أي إصابات في صفوف الأطراف غير ذات الصلة، ولا يطلق النار عمداً على المدنيين، بما في ذلك الصحافيون... جيش إسرائيل يعد حرية الصحافة ذات أهمية قصوى مع توضيح أن الوجود في منطقة حرب أمر خطير». وقال إن آلية تقصي الحقائق والتقييم التابعة لهيئة الأركان العامة، والمسؤولة عن مراجعة الأحداث الاستثنائية، ستواصل التحقيق في الحادث. وبحسب الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي، يقدم فريق تقصي الحقائق مراجعاته إلى قسم الشؤون القانونية بالجيش الإسرائيلي الذي يقرر مدى استحقاق الأمر لإجراء تحقيق جنائي.

صور الحادثة

ودعت رئيسة تحرير «رويترز» أليساندرا جالوني إسرائيل إلى توضيح كيفية وقوع الهجوم الذي أودى بحياة عبد الله (37 عاما) ومحاسبة المسؤولين عنه. وقال شخصان مطلعان إن تقرير «اليونيفيل» أُرسل إلى الأمم المتحدة في نيويورك في 28 فبراير ثم أُرسل إلى الجيشين اللبناني والإسرائيلي. وقال التقرير في توصياته: «يجب على جيش إسرائيل إجراء تحقيق في الحادث ومراجعة كاملة لإجراءاته حينذاك لتجنب تكراره... يجب على الجيش الإسرائيلي مشاركة (يونيفيل) في نتائج تحقيقاته». وجاء في التقرير أن «اليونيفيل» أرسلت، في سبيل التحقيق، فريقاً لزيارة الموقع في 14 أكتوبر، وتلقت أيضاً مساهمات من القوات المسلحة اللبنانية، ومن شاهد لم يذكر اسمه كان موجوداً على التل وقت وقوع الضربات. وتفاصيل الحوادث في منطقة عمليات «اليونيفيل» ترد في تقارير دورية يصدرها الأمين العام للأمم المتحدة حول تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «1701»، لكن تحقيقات «اليونيفيل» لا يتم نشرها عادة، ولم تتمكن «رويترز» من تحديد احتمال أن يكون هناك أي متابعة من الأمم المتحدة. وقال المتحدث باسم «اليونيفيل» أندريا تينينتي إنه ليس في وضع يسمح له بمناقشة التحقيق. وتدعم النتائج التي توصلت إليها «اليونيفيل» تحقيقاً أجرته «رويترز»، ونشر في السابع من ديسمبر (كانون الأول) وأظهر أن سبعة صحافيين من «وكالة الصحافة الفرنسية» و«الجزيرة» و«رويترز» أصيبوا بقذيفتين عيار 120 ملليمترا أطلقتهما دبابة على بعد 1.34 كيلومتر في إسرائيل. وكان الصحافيون يرصدون ويسجلون القصف عبر الحدود من مسافة بعيدة في منطقة مفتوحة على تلة بالقرب من قرية علما الشعب اللبنانية لمدة ساعة تقريبا قبل الهجوم. وفي اليوم التالي، قال الجيش الإسرائيلي إن بحوزته بالفعل صورا للحادث ويحقق فيها. ولم ينشر الجيش الإسرائيلي تقريرا عما توصل إليه من نتائج حتى الآن. وقالت «اليونيفيل» في تقريرها إنها بعثت برسالة واستبانة إلى جيش إسرائيل تطلب مساعدته. ورد الجيش برسالة لكنه لم يرد على الاستبانة. ولم تطلع «رويترز» على نسخة من الرسالة التي وجهت للجيش الإسرائيلي التي لخص تقرير «اليونيفيل» فحواها.

نصر الله: إسرائيل تتكتم على خسائرها البشرية والمادية في الجبهة الشمالية

بيروت: «الشرق الأوسط».. قال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، اليوم (الأربعاء)، إن الجبهة اللبنانية مستمرة في تأدية دورها بالمواجهة مع إسرائيل، وفق ما أفادت به «وكالة أنباء العالم العربي». وفي كلمة بمناسبة حلول شهر رمضان، قال نصر الله: «من جبهتنا اللبنانية المساندة نؤكد وقوفنا مع كل الفصائل الفلسطينية، ومع قيادة (حماس)، ومع شروط (حماس) المحقة» لوقف الحرب. وأضاف نصر الله: «ازداد انفعال العدو وغضب المستوطنين بفعل تواصل عمليات المقاومة... هذه الجبهة (اللبنانية) تقوم بدورها بالكامل». وتابع: «حركة (حماس) تتفاوض اليوم نيابة عن المقاومة، وليس من موقع الضعف، وهي تضع الشروط». وأشار نصر الله إلى أن «كل الفصائل الفلسطينية وإرادة أهل غزة تجمع على وقف العدوان، وليس وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار». وأضاف: «كبار خبراء العدو يسلمون بالخسارات الاستراتيجية». وقال إنه «في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك هجمة إعلامية وسياسية في لبنان للقول إنه لا فائدة لما نقوم به في الجنوب، وهو تضليل». وذكر نصر الله أن 100 ألف جندي إسرائيلي ينتشرون على الحدود منذ 5 أشهر «فإذا كانت جبهتنا غير مفيدة؛ فلماذا يبقيهم هنا؟». وأضاف: «هناك تكتم على الخسائر البشرية والمادية في الجبهة الشمالية لإسرائيل... الجيش الإسرائيلي متعَب ومستنزَف في كل الجبهات، وأعداد الجرحى والقتلى أكثر مما يعلنه الإسرائيلي، وهناك نقص في الضباط والجنود». وانتقد نصر الله موقف الإدارة الأميركية من الحرب، وقال: «الإدارة الأميركية من خلال إسقاط المساعدات بالجو تعتقد أنها ستقنع العالم بأن هذا سيغير موقف الشعوب منها». كما عبَّر عن اعتقاده بأن الرئيس الأميركي جو بايدن يخشى أن يخسر الانتخابات الرئاسية نتيجة سياسته في غزة. وختم: «مَن يصدق أن بايدن لا يستطيع أن يوقف الحرب على قطاع غزة؟! بجرة قلم يستطيع بايدن أن يوقف الحرب على قطاع غزة وأن يوقف العدوان».

انتخاب رئيس للبنان يفتقد لرافعة دولية لا تربطه بصراعات المنطقة

«حزب الله» يتّبع «استراتيجية الصبر» لمنع توسعة الحرب

هل يكون الحل بتفعيل دور اللجنة الخماسية ودعمه برافعة دولية؟

الشرق الاوسط..بيروت: محمد شقير...بدأت معظم القوى السياسية في لبنان تتصرف على أساس أنه لم يحن أوان إنضاج الظروف التي من شأنها أن تدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، لارتباطه بما ستؤول إليه المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين «حركة حماس» وإسرائيل، التي تصر على توسيع المواجهة العسكرية مع «حزب الله» لاستدراجه إلى توسعة الحرب على امتداد الجبهة الشمالية، من دون أن تلقى منه التجاوب المطلوب، كونه يتبع «استراتيجية الصبر»؛ استجابة للنصائح التي أُسديت إلى قيادته بضرورة ضبط النفس، وعدم توفير الذرائع لإسرائيل التي تحاول استدراجه إلى ملعبها في ظل تعثّر الوساطة الأميركية التي يتولاها أموس هوكستين لخلق الظروف المواتية لتطبيق القرار الدولي «1701». فالتسوية الخاصة بلبنان ما زالت بعيدة المنال، لارتباطها الوثيق بالجبهة الغزاوية، وهذا ما يدفع بحكومة تصريف الأعمال إلى وضع خطة للتعايش مع ربط التسوية الخاصة بلبنان بما سيؤول إليه الوضع العسكري على الجبهة الغزاوية، والذي يؤشر إلى وجود نيّة لإعادة النظر في الخريطة السياسية للمنطقة، من دون المساس، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بحدود لبنان المعترف بها دولياً.

الحاجة إلى رافعة دولية

ولفت المصدر النيابي إلى أن فك ارتباط انتخاب رئيس للجمهورية بأزمة الشرق الأوسط من البوابة الغزاوية بات في حاجة ماسة إلى رافعة دولية وإقليمية تضغط لإدراج انتخاب الرئيس بوصفه البند الأول على جدول أعمال المجتمع الدولي، من خلال اللجنة «الخماسية» التي تضم الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، والتي تتصرف منذ اللحظة الأولى لولادتها على أنها تشكل مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخابه من قبل البرلمان. وسأل المصدر عن الأسباب الكامنة وراء تعذّر إنضاج الظروف، أكانت دولية أو محلية، لانتخاب الرئيس، ليس لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية فحسب، وإنما لأن هناك ضرورة لانتخابه لتأمين جلوسه إلى طاولة المفاوضات في حال تقرر إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، لقطع الطريق على من يحاول التفريط بحدوده المعترف بها دولياً. ورأى المصدر أن الوضع المشتعل في المنطقة يجب أن يشكل حافزاً لانتخاب رئيس الجمهورية، اليوم قبل الغد، وهذا يتوقف على مدى استعداد الكتل النيابية لتقديم التسهيلات السياسية المطلوبة لملاقاة اللجنة «الخماسية» في منتصف الطريق؛ لأنها لن تنوب عن النواب لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزّم.

الكتل النيابية مدعوة لـ«النزول عن الشجرة»

وأكد المصدر نفسه أن الاستعداد الذي تبديه الكتل النيابية للتعاون مع «الخماسية»، ممثلة بسفرائها لدى لبنان، لا يكفي ولا يمكن صرفه بالمفهوم السياسي للكلمة، ما لم تبادر للنزول عن الشجرة والانفتاح على الأفكار المطروحة لجهة ترجيح الخيار الرئاسي الثالث. وقال إن «الخماسية» تدعم أي تحرك يراد منه تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما يفسّر مباركتها للمبادرة التي أطلقتها كتلة «الاعتدال الوطني»، مع أنها ما زالت في طور التأسيس، وهي اصطدمت برفض قوى المعارضة أن يرعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحوار بين الكتل النيابية، فيما تنتظر من «حزب الله» أن يقول كلمته، وما إذا كان على استعداد للانخراط في مشاورات يمكن أن تؤدي إلى تعبيد الطريق أمام انتخابه. فطلب «حزب الله» التمهُّل في تحديد موقفه من المبادرة يعود إلى أنه يتعامل مع انتخاب الرئيس من زاوية ما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الغزاوية وارتباطها بالجبهة الشمالية، من دون أن يعني استعداده للدخول طرفاً في ترجيح الخيار الرئاسي الثالث، الذي يتطلب منه عدم التمسُّك بترشيح زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية. كما أن دعوة النواب لانتخاب رئيس للجمهورية تتوقف على مدى استعداد الكتل النيابية لترجيح كفة الخيار الثالث، لأن الرئيس بري يتريث في تحديد موعد لعقد جلسة تُخصص لانتخابه ما لم يتأمن التوافق، لئلا تنتهي إلى ما انتهت إليه جلسات الانتخاب السابقة.

تفعيل دور «الخماسية»

وكشف المصدر النيابي أن «الخماسية» تدرس حالياً إمكانية انعقادها على مستوى ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة للبحث في تفعيل دورها، على أن يشارك في الاجتماع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تواصل الأحد الماضي مع الرئيس بري للوقوف منه على ما لديه من معطيات ومستجدات يمكن أن تؤدي، بالتعاون مع «الخماسية»، إلى حصول متغيرات يمكن أن تساعد في إحداث نقلة إيجابية من شأنها أن ترفع من منسوب التفاؤل لوضع انتخاب الرئيس على نار حامية. وقال المصدر إن الجديد الذي أبلغه الرئيس بري للودريان يكمن في المبادرة التي طرحتها كتلة «الاعتدال»، وأنه يبارك تحركها لعلها تحدث خرقاً في الحائط المسدود الذي يمنع انتخاب الرئيس. وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن لودريان يتريّث حتى الساعة في تحديد موعد لعودته إلى بيروت، رغم أنه كان تعهّد بأن يعود في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهذا ما أبلغه لرؤساء الكتل النيابية في زيارته الأخيرة التي اختتمها بترجيحه للخيار الرئاسي الثالث، انطلاقاً من تقديره بأن فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور يواجهان صعوبة في حصول أحدهما على تأييد الغالبية النيابية لانتخابه رئيساً.

قطر تدخل على خط الاتصالات

لذلك تستمر «الخماسية»، ممثلة بسفرائها لدى لبنان، بالتواصل مع الكتل النيابية لحثها على تجاوز الخلافات لصالح إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، فيما قررت قطر الدخول على خط الاتصالات باستقبالها المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل، الذي يلبي بالإنابة الدعوة التي وُجّهت لبري من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. فزيارة بري لقطر تبقى قائمة، وتلبيتها تتوقف على ما يتوافر من معطيات من شأنها أن تدفع بتفعيل الحراك السياسي لانتخاب الرئيس، بخلاف ما هو قائم حالياً لجهة إطالة أمد الشغور في رئاسة الجمهورية. وتأتي زيارة النائب خليل في سياق الدعوات التي وجّهتها قطر لعدد من القيادات السياسية، ومن بينهم الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وتردد بأن دعوة عدد من القيادات لزيارة قطر أحدثت «نقزة» لدى باريس، من زاوية أنها تنم عن محاولة للالتفاف على المهمة التي أوكلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للودريان، مع أن مصادر مواكبة للدور القطري في بيروت تنفي وجود نية لدى قطر للدخول في مبارزة أو سباق مع فرنسا، وتؤكد أنها تسعى لاستكشاف المواقف، وصولاً لتحديد الأسباب التي ما زالت تعطل انتخاب الرئيس، والتي تتولى «الخماسية» تذليلها بتواصلها مع القوى اللبنانية، إضافة إلى أن قطر تدعو لالتقاط الفرصة لانتخاب الرئيس في حال تم التوصل إلى هدنة في غزة، وتنصح «حزب الله» بتفويت الفرصة لتوسعتها للحرب، وهذا ما أبلغته لقيادة الحزب عبر خطوط التواصل المفتوحة بينهما.

إطلاق مخطط إعادة إعمار مرفأ بيروت..وميقاتي: المشروع سينفذ من إيراداته أو عبر المساعدات

أعدّته فرنسا التي تراه إحدى الأولويات في دعم لبنان

بيروت: «الشرق الأوسط».. أطلقت وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية العرض الخاص لمخطط إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت، الذي أعدته فرنسا، بينما كان تأكيد المسؤولين اللبنانيين أن المشروع سيأخذ طريقه إلى التنفيذ عبر مساهمات خارجية أو من إيرادات هذا المرفق. وشكر رئيس حكومة تصريف الأعمال فرنسا، مثنياً على دعمها المستمر للبنان، قائلاً: «هذا الدعم له أهمية خاصة لأن فرنسا تمثل قلب المجتمع الدولي المكون من أشقائنا العرب وأصدقائنا في العالم»، مستذكراً «زيارة التضامن التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان ومرفأ بيروت تحديداً بعد يومين من التفجير المدمّر في 4 أغسطس (آب) 2020 التي تلتها زيارة ثانية في بداية سبتمبر (أيلول) 2021». وأكد أن هذا المشروع سيأخذ طريقه إلى التنفيذ في أسرع وقت، من خلال مساهمات خارجية نتطلع إلى توافرها أو من إيرادات المرفأ، مضيفاً: «نتطلع إلى استئناف التحقيق في ملف تفجير المرفأ لإحقاق الحق والعدالة». وأكد ميقاتي أن «ورشة النهوض بمرفأ بيروت من جديد وإعادة إعماره ونفض غبار الحرب عنه، تبقى أولوية وطنية واقتصادية، لكون هذا المرفأ هو الشريان الحيوي الأبرز على البحر الأبيض المتوسط وإلى العمق العربي». من جهته، قال وزير الأشغال علي حمية إن إعادة النهوض بمرفأ بيروت لا بد أن تمر بمحطات ثلاث؛ التفعيل والإصلاح وإعادة الإعمار. وأكد أن «المحطة الثالثة هي درة التاج في استكمال مسار النهوض بهذا المرفق الحيوي، حيث قاربنا هذه المحطة من خلال السير بين خطوط وطنية بامتياز تراعي دور المرفأ ونظرتنا الحالية والمستقبلية إليه، وتحاكي تاريخه وموقعه وجواره على حد سواء، فلم نكن لنقبل مطلقاً بأي مخططات تُخرج المرفأ من دوره وتاريخه وموقعه، ولم نكن لنرضى مطلقاً بأي مشاريع وتصورات لمخططات تجعل من المرفأ فاقداً لهويته التي هو عليها، أو أن تجعله متمدداً إلى خارج نطاقه الجغرافي نحو ممتلكات جيرانه، بل إن ما أردناه فعلاً أن يكون هذا المخطط مراعياً لكل ذلك، وعاملاً على خدمة الصالح العام على صعيدي الدولة والناس معاً». بدوره، استذكر السفير الفرنسي هرفيه ماغرو ضحايا الانفجار المأساوي الذي ضرب مرفأ بيروت منذ أكثر من ثلاث سنوات وعائلاتهم، متوقفاً عند الخلاف حول هدم الإهراءات، قائلاً: «نحن ندرك رمزية الإهراءات وبالتالي لم تشملها الدراسات، إذ لا يعود للخبراء الفرنسيين اتخاذ القرار بشأنها». وأضاف: «يبقى مرفأ بيروت أداة أساسية للبنان ولاقتصاده، ولهذا السبب أراد الرئيس إيمانويل ماكرون أن تدعم فرنسا تعافيه. وهو اليوم إحدى أولوياتنا في دعمنا للبنان ومحور رئيسي لتعاوننا». وذكّر السفير الفرنسي بما قامت به بلاده منذ اليوم الأول للانفجار، من انتشار الجيش الفرنسي خلال شهر أغسطس 2020 للمساعدة في تأمين منطقة الكارثة وفرز وجمع الأنقاض الرئيسية، إلى تمويل إزالة وإعادة تدوير الحبوب من الصوامع المنتشرة حول الميناء، وتمويل دراسة لتقدير قيمة الحطام الذي يجب إزالته. كما قدمت باريس ​​جهاز مسح لمرفأ بيروت، الذي لا يزال هو الوحيد العامل حتى اليوم، إضافة إلى حشد إحدى الشركات الفرنسية العديد من الخبراء الفنيين لمساعدة المرفأ على تحديث إدارته وسلامته وأمنه. ولفت إلى أن «فرنسا تعمل بشكل خاص على استعادة قدرات تكنولوجيا المعلومات الجمركية ووضع استراتيجية لإدارة المخاطر»، مؤكداً أن ميناء مرسيليا ملتزم بالكامل إلى جانب ميناء بيروت، على النحو الرسمي في اتفاقية التعاون الموقعة في يونيو (حزيران) 2022. وأعلن عن تقديم «إنجازين مهمين على أنهما دليل على هذا التعاون: من ناحية تقديم مقترحات لتنظيم الميناء، بالإضافة إلى الوثائق الفنية التي ستمكن من إطلاق دعوات لتقديم العطاءات بشأن أعمال البنية التحتية ذات الأولوية، إضافة إلى تقييم أمن المرفأ ويتضمن إجراءات عملية لتهيئة الظروف الأمنية في مرفأ بيروت بما يتوافق مع المعايير الدولية. وهذا أمر ضروري، ولكنه يمثل أيضاً ميزة اقتصادية وتجارية على المدى الطويل». كذلك، تحدث مدير مرفأ بيروت عمر عيتاني، معلناً أن مرفأ بيروت بات اليوم جاهزاً لتقديم كل الخدمات المرفئية في حال بدأت عملية إعادة إعمار سوريا. وأكد أن المرفأ «استطاع تخطي أزمة السيولة التي كان يمر بها نتيجة الانهيار الاقتصادي»، متوقفاً عند المساعدة القيمة التي قدمتها الدولة الفرنسية عبر تخصيص موازنة لمساعدة المرفأ ترجمت بتكليف شركة استشارية وخبراء دوليين عبر دراسة خطة للتخلص من مخلفات الانفجار ووضع مخطط لإنشاء الطاقة المستدامة، كما تم توقيع مذكرة تعاون مع مرفأ مرسيليا لتبادل الخبرات. وأوضح: «أما بالنسبة للإيرادات فقد استطاع مرفأ بيروت في عام 2023 تحقيق ما يقارب 150 مليون دولار أميركي مجمل إيرادات بعد أن كانت قد وصلت إلى أدنى مستوياتها في عام 2020، حيث بلغت ما يقارب 182 مليار ليرة أي ما يوازي 9 ملايين دولار أميركي في حينه لتعود وترتفع تدريجياً، حيث حقق المرفأ في عام 2021 ما يقارب 140 مليار ليرة و5 ملايين دولار، ليستعيد مرفأ بيروت عافيته المالية مجدداً. كما واصل المرفأ تحقيقه أرقاماً قياسية فيما يخص موضوع الحاويات، حيث وصل عدد الحاويات النمطية التي تعامل معها المرفأ في شهر أغسطس إلى ما يقارب 90 ألف حاوية مع العلم أن هذا الرقم لم يحققه المرفأ منذ عام 2019». كذلك سُجّل ارتفاع تدريجي لمجموع الحاويات النمطية من 500 ألف حاوية سنة 2021 إلى ما يقارب 800 ألف حاوية سنة 2023، والتعامل أيضاً مع ما يقارب 900 باخرة في عام 2023 مقابل 731 باخرة في عام 2021.

لبنان: «الاعتدال الوطني» متمسكة بمبادرتها لانتخاب رئيس بمعزل عن «العقد الشكلية»

سفراء «الخماسية» يلتقون بري والراعي الأسبوع المقبل

بيروت: «الشرق الأوسط».. جددت كتلة «الاعتدال الوطني» البرلمانية التأكيد أن مبادرتها لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان «لا تزال مستمرة»، بمعزل عن العقد التي واجهتها، من دون أن تثمر حتى الآن أي خرق مؤثر، فيما يواصل سفراء «المجموعة الخماسية» في لبنان لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين بدءاً من الأسبوع المقبل. وقالت مصادر مواكبة لحراك سفراء «المجموعة الخماسية» (الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا ومصر وقطر) إنهم سيزورون رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الاثنين المقبل، وذلك ضمن «جولة معتادة» على المسؤولين اللبنانيين المعنيين والمؤثرين في الحراك الساعي إلى إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان.. ويصرّ «حزب الله» حتى هذا الوقت، على دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فيما يرى معارضو وصول فرنجية أنه لا سبيل لإنهاء الشغور الرئاسي إلا بالبحث في «الخيار الثالث»، في إشارة إلى استبعاد النقاش بفرنجية، كما استبعاد جهاد أزعور الذي رشحته المعارضة في آخر جلسة انتخابية في البرلمان في يونيو (حزيران) الماضي.

أبو فاعور

وغداة عودته من زيارة إلى المملكة العربية السعودية، زار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور رئيس مجلس النواب نبيه بري، جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية وشؤون تشريعية، حسبما أفادت رئاسة مجلس النواب في بيان. وكان أبو فاعور قال، الثلاثاء، في تصريح إن اللجنة الخماسية (المؤلفة من ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا ومصر وقطر) توافق على مبادرة «كتلة الاعتدال»، مضيفاً أنه «لن يكون هناك انتخاب رئيس من دون الوصول إلى فكرة الخيار الثالث، وعندما ستتم الدعوة لجلسة انتخاب رئيس لن تكون إلا على أساس توافق مسبق». وأضاف: «أول المكاسب التي حققتها مبادرة كتلة الاعتدال هو الاتفاق على فكرة الجلوس إلى الطاولة، والتصوّر الأساسي كان بأن يحصل حوار ويتم استبعاد كل الأسماء التي لا تحظى بموافقة الطرفين، والمبادرة لم تنتهِ».

كتلة «الاعتدال الوطني»

وتتمسك «الاعتدال الوطني» بمبادرتها. ووضع وفد منها، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في أجواء التطورات المتصلة بها، خلال زيارة إلى دار الفتوى. وأكد النائب أحمد الخير متحدثاً باسم الكتلة: «أن وجودنا عند المفتي والدفع والدعم اللذين أعطانا إياهما، والدعم الذي تلقته المبادرة من خلال دعم المجموعة الخماسية والبطريرك الماروني بشارة الراعي ومجلس المطارنة الموارنة، يؤكد أن هذه المبادرة مستمرة»، مشيراً إلى أن «الشكليات والآليات، تفاصيل لن تمنع استمرارنا بتحركنا لإنهاء هذا الشغور». وأكد الخير أن «هذه المبادرة بالمضمون أخذت موافقة غالبية الأطراف اللبنانية»، لافتاً إلى أن «العقد بدأت عندما بدأنا الكلام بالآليات والشكليات وما إلى ذلك من نقاط، ولكن لا نرى أن هذه التفاصيل سوف تمنع سعينا واستمرارنا بتحركنا لإنهاء هذا الشغور». وأضاف: «الكتلة اليوم نقطة التقاء بين كل اللبنانيين من خلال هذا اللقاء التشاوري الذي يجب أن يحصل تحت كنف المجلس النيابي، ويؤدي بطبيعة الحال إلى الذهاب للمجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية من خلال ممارسة النواب واجبهم الدستوري». وتابع: «لا نريد الدخول في فترة زمنية بخصوص المبادرة»، لافتاً إلى أن «المساعي مستمرة».

«الوطني الحر»

في غضون ذلك، رأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون، أن «الصورة لا تزال ضبابية رئاسياً، ومبادرة (الاعتدال) تترنح». ورأى في حديث إذاعي أن «لقاء الرئيس نبيه بري بسفراء اللجنة الخماسية سيحدد مصير الحراك الرئاسي، وأن أي ترجمة للمبادرات ستتم عبر الرئيس بري؛ لكونه أولاً رئيساً للمجلس، وثانياً أحد مكونات الثنائي (الشيعي)». ووصف مواقف الرئيس بري بأنها «تتسم بالليونة، وأن ذلك قد يحسم الأمور». وفيما شدد عون على «أنه لا مصلحة لنا في انتظار الحسم في غزة»، أشار إلى أن صيغة «فرنجية رئيساً ورئيس حكومة للمعارضة سقطت»، مشيراً إلى أن «المطلوب الوصول إلى مرشح رئاسي لا يشكل تحدياً لأي فريق»، مشيراً إلى أن «الرئيس بري يلاقي الباقين في منتصف الطريق اليوم لإيجاد الحلول». ولفت إلى أن الاتصالات لم تنقطع يوماً بين «التيار» والرئيس بري، وأن «هناك لقاءات وتواصل حالياً ليست موجهة ضد أحد، بل هي للخروج من الأزمة».

القطريون بحثوا مع معاون بري انتخاب «أي مرشح» خلال الهدنة

الأخبار .. رغم التكتم الشديد الذي أحاط بزيارة المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل إلى الدوحة، الأسبوع الماضي، علمت «الأخبار» أنها أتت تلبية لدعوة رسمية من الدوحة، التي ستوجّه دعوات مماثلة لمسؤولين لبنانيين آخرين؛ من بينهم النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. وبحسب المعطيات، كانت دعوة مرتبطة بقناعة قطرية بالتوصل الى هدنة في غزة قبل شهر رمضان الحالي. وشدّد مسؤولون قطريون أمام خليل على «ضرورة ضبط الجبهة الجنوبية وعدم ترك الأمور تذهب الى التصعيد أو تأخذ منحى دراماتيكياً مهما وسّع العدو الإسرائيلي دائرة استهدافاته، في انتظار دخول الهدنة في غزة حيّز التنفيذ، لأن العمل جارٍ بشكل جدّي كي تنسحب الهدنة في غزة وقفاً لإطلاق النار في لبنان، من دون الدخول في تفاصيل الترتيبات الأمنية على الحدود». وكشفت مصادر أن «القطريين ناقشوا مع خليل إمكانية تحريك الملف الرئاسي والحوار بين مختلف الأطراف»، لافتين إلى أن «الهدنة يُمكن أن تكون فرصة لانتخاب رئيس باتَ ضرورةً ربطاً بالتطورات في المنطقة والتحديات المفروضة على لبنان». وأكّد القطريون أنهم لا يعملون لتسويق أي إسم للرئاسة، وأنهم مع أي اسم مرشح تتفق عليه الأطراف السياسية اللبنانية. واعتبرت المصادر أن «الزيارة لم تحقق ما يمكن البناء عليه، وخصوصاً بعد تعثر المفاوضات وبعدما أصبحت الظروف أكثر تعقيداً مع تمسك كل طرف بشروطه، وعليه عدنا إلى معادلة أن لا وقف لإطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة، وكل كلام في السياسة مؤجل الى ما بعد انتهاء الحرب التي يبدو أنها ستكون طويلة».

الشراكة وتفعيل التفاهمات الداخلية ومع السلاح «دفاعاً عن لبنان»: التيار يدشّن مرحلة «التموضع العقلاني»

الاخبار..غسان سعود... عشية مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا، كان التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل قد خبرا كل السلبيات الممكنة. كُبِّل التيار بسلطة استنزفت شعبيته من دون أن تحقّق له أدنى المكاسب، ولم يظفر منها بمشروع إنمائي كبير واحد بعد إيقاف مرفأ جونية السياحي والسدود ومعامل الكهرباء. وحتى حين كان يقترب من إنجاز شيء ما، كالنظام النسبي في الانتخابات النيابية أو اتفاقية تنقيب وترسيم، تعرّض لحملات منهجية لإفراغ أيّ إنجاز كهذا من أيّ مضمون إيجابي وتحويله من نعمة إلى نقمة. قيل للقوى الوطنية إن التيار «قوة طائفية رجعية انعزالية (...)». وقيل للقوى الطائفية إنه «قوة مسيحية تريد أن تحاصصهم وتأخذ منهم في كل كبيرة وصغيرة» مع التوقف طويلاً عند «لازمة» حرّاس الأحراج. وقيل للرأي العام المسيحي إنه «قوة ذمّية تابعة تغطي استيلاء حزب الله على الدولة». قيل لكل مجموعة - مهما كان حجمها أو دورها - كل ما تودّ سماعه وأكثر لتنقم على الرجل وتياره، طبعاً من دون إغفال العثرات والخطوات الناقصة واللامبالاة العونية التقليدية بعدم توضيح الموقف بذريعة عدم امتلاك الإمكانات الإعلاميةوهنا ثمة مفارقات: خلال 18 عاماً، عقد التيار تفاهمات سياسية مع حزب الله والحزب الشيوعي (7 كانون الأول 2006) والتنظيم الشعبي الناصري والقوات اللبنانية وسعد الحريري، فيما الانطباع السائد أنه قوة صدامية «لا تترك للصلح مطرحاً». عقد تحالفات انتخابية مع مختلف المكوّنات السياسية، فيما الانطباع أنه «لا يأخذ ولا يعطي» أو يسعى دائماً ليأخذ من دون أن يعطي. ومن المفارقات أيضاً أن الإعلام لا يحرّك ساكناً أمام أحزاب (وجمعيات) تُموّل من الخارج أو تستخدم موارد الدولة لتمويل نفسها، فيما تقوم قيامته إذا نظّم التيار عشاء لجمع الأموال. وإذا كانت وسائل الإعلام اللبنانية استخدمت كل «ذخيرتها» ولم تبقِ في المستودعات شيئاً، ذهبت الولايات المتحدة إلى أبعد ما يمكنها الوصول إليه حين وضعت باسيل على لائحة العقوبات السياسية، وكذلك فعل الأوروبيون حين أخرجوا أنفسهم بأنفسهم من دائرة التأثير في باسيل أو عليه، فيما أخذ الخليجيون الأمر بشكل شخصيّ جداً بعد رفض باسيل بوصفه وزيراً للخارجية اللبنانية عزل سوريا وإخراجها من جامعة الدول العربية، ففعلوا بدورهم أكثر بكثير من «كل ما يمكن فعله». وفي ظل النقمة الشعبية والاستقطاب الموجّه والمدروس من الجمعيات للحزبيين، والمشاكل الداخلية المتراكمة، كان يمكن القول إن التيار شهد أياماً لا يمكن أن يمرّ في السياسة أسوأ منها، وخصوصاً بعد مغادرة عون للقصر، وإدراك عدد كبير من الضباط والقضاة أن مصلحتهم ليس فقط في «نقل البندقية»، بل في قطع كل أشكال العلاقة مع العونيين. وبلغ السوء ذروته مع تضعضع الخطاب السياسي للتيار، فلم يعد «ضياع» المنسقين والمسؤولين ينبع من وجود خطابين اقتصاديين للتيار، واحد خاص بمجلس الوزراء وآخر في مجلس النواب، وإنما من وجود خطابين سياسيين أيضاً مع أخذ رئيس التيار الوطني الحر مداه في بلورة «التموضع» وتثبيته. لكن، اليوم، عشية استعداد التيار لإحياء ذكرى 14 آذار بعدد كبير من الأنشطة، من بينها إقرار ورقة سياسية جديدة، تبدو مجمل الظروف الخاصة بالتيار أفضل مما كانت في مثل هذه الأيام من العام الماضي. على مستوى الخطاب السياسي، يمكن ترجمة ما قاله باسيل في مقابلته الأخيرة وما ينوي قوله في الأيام القليلة المقبلة بأن هناك ثلاثة أفرقاء في البلد: فريق مع سلاح حزب الله، أينما كان وكيفما كان من دون قيد أو شرط؛ وفريق ضد هذا السلاح، أينما كان وكيفما كان ومن دون أي اعتبار للمصلحة الوطنية أو غيرها؛ وفريق ثالث، يرى التيار نفسه من ضمنه، يؤيّد هذا السلاح حين يكون الهدف من استخدامه حماية الثروات اللبنانية وضمان التنقيب عن الغاز وتحرير الأراضي اللبنانية أو حمايتها، سواء من الإسرائيليين أو من التكفيريين، لكنه يعارضه أو يعترض عليه حين يكون الهدف من استخدامه شيئاً آخر. وإذا كان التيار مدركاً لصعوبة ما يصفه بـ«التموضع العقلاني» في اللحظات العاطفية المفصلية، فإنه لن يقبل أن «يُدفش»، غصباً عنه، من الفريق الأول ليكون ضمن الفريق الثاني، ولا من الفريق الثاني ليكون ضمن الفريق الأول. وفي الاستحقاق الرئاسي، يقول باسيل عملياً ما مفاده أن ثمة ثلاثة أفرقاء: فريق لديه مرشح واحد يريد أن يقتنع الآخرون بانتخابه رئيساً؛ وفريق يريد انتخاب رئيس من دون حوار مع حزب الله وغصباً عنه وضده؛ وفريق ثالث يقول التيار إنه في صلبه، لا يريد انتخاب مرشح الحزب، لكن لا يريد انتخاب مرشح غصباً عن الحزب أو ضدّه أو بمعزل عن رأيه. وما ينطبق على السلاح والرئاسة، بكل رمزيتهما وأهميتهما، ينطبق على بقية القضايا، من دون أن يغيب عن ذهن التيار، هنا، أنه حين أحكمت واشنطن حصارها على عهد الرئيس عون بسبب مواقفه السياسية من النازحين السوريين والدولة السورية وسلاح حزب الله، كان رأي الحزب أن التعامل بمرونة كما يفعل الرئيس نبيه بري كان ليكون أفضل. وحين عوقب باسيل أميركياً، كان موقف الحزب أنه يتفهم أن يفعل أصدقاؤه وحلفاؤه ما من شأنه تجنيبهم العقوبات، ما فُهم - ولا يزال - بأن باسيل لم يكن مضطرّاً إلى الوصول في علاقته بالأميركيين إلى حد القطيعة الكاملة، في وقت يتبيّن فيه لرئيس التيار أن الصمت الذي مارسه غيره يعود عليه اليوم بفوائد أكبر من المواقف الحاسمة والحازمة التي أخذها هو إبان الأزمة السورية، وأدت إلى نقمة خليجية هائلة عليه حتى من دول كانت صديقة جداً للرئيس عون كالكويت مثلاً. بناءً على ذلك، يبني التيار تموضعاً جديداً أكثر هدوءاً لا يكون بموجبه ملَكياً أكثر من الملك. ثمة ثبات استراتيجيّ: هو مع الانفتاح الاقتصادي والسياسي على الشرق، شرط أن يريد الشرق ذلك ويظهر خطوات عملية تتجاوز ما يردده بعض الخبراء هنا وهناك عن أخبار لم تقدّم يوماً حيث يجب وكما يجب في الوزارات اللبنانية، كما تفعل جميع الدول المهتمة بالاستثمار في لبنان. وهو مع السلاح حين ترتبط السردية بحماية لبنان، وضدّ عزل أيّ مكوّن لبناني، سواء كان شيعياً أو سنّياً أو مسيحياً، حتى لو كان سيتّهم بالذمية والتبعية حين يرفض عزل المكوّن الشيعي، وسيتّهم بالطائفية حين يرفض تجاوز الشراكة. والشراكة ستمثل العنوان الرئيسي للتيار في المرحلة المقبلة، في مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية، إذ يأمل العودة إلى روحية تفاهم مار مخايل من جهة، وإلى تثبيت وعي مشترك مع بكركي والقوات اللبنانية والكتائب وغيرهم من جهة أخرى، بأن الشراكة قضية استراتيجية لا يجوز التفريط فيها أو تسهيل المسّ بها لمجرد الاختلاف بشأن موظف هنا أو موقف سياسي هناك. والمؤكّد أيضاً أن رئيس التيار لن يسير قدماً مع الموجة الانعزالية التي يقول إن لديها الحق في الشعور بالخيبة، لكن لا يمكنها في لحظة المصالحة الإيرانية - السعودية والسورية - الإماراتية وتبادل الرسائل الإيجابية بين واشنطن وطهران أن تدعو إلى الصدام، تماماً كما لا يمكن للتيار أن يدفع خلال عهد الرئيس عون ثمن التصادم السياسي الكبير بين الولايات المتحدة وإيران، ثم يدفع ثمن التفاهمات. والأكيد، في هذا السياق، أن باسيل يريد أن يقول عبر الورقة السياسية والمحطات الإعلامية المتتالية إنه يرأس تياراً يؤمن بالتفاهمات السياسية، ويرى - خلافاً لخصومه في الدوائر المسيحية - أن الحل يكمن في التفاهمات التي تؤمن استقراراً سياسياً واقتصادياً وازدهاراً، فيما لا تؤمّن الصدامات غير الحروب والحصار والتعطيل وتبادل التخريب، مع التشديد دائماً على أن شرط التفاهمات الأول هو الشراكة والاعتراف المتبادل بالحيثيات.

يسمح التموضع الجديد للتيار بالتقاط أنفاسه وتصالحه مع نفسه من دون أيّ تفريط بخياراته الاستراتيجية

هذا التموضع السياسي الذي يفترض أن يظهره باسيل يثير ردود فعل سلبية هنا وهناك، لكنه يريح التيار بحسب تقدير باسيل، ويسمح له بالتقاط أنفاسه وتصالحه مع نفسه دون أيّ تفريط بخياراته السياسية الاستراتيجية. ويترافق هذا مع ارتياح أكبر للتيار على مستويَين إضافيَّين: أولاً، علاقات التيار الداخلية، سواء مع الرئيس نبيه بري أو مع النائب السابق وليد جنبلاط أو مع كتلة الاعتدال الوطني وعدّة نواب مستقلين؛ يتقدّمهم كل من فريد الياس الخازن ووليم طوق وعبد الرحمن البزري وفؤاد مخزومي وعدد مقبول من النواب التغييريين. وثانياً، علاقات التيار الخارجية الإقليمية التي تجاوزت المربع الإيراني - القطري - التركي - السوري باتجاه مصر للمرة الأولى والإمارات من جديد والسعودية، مع الإشارة إلى أن الأميركيين يقاطعون رئيس التيار، لكن ليس الرئيس ميشال عون ولا النواب والمسؤولين الحزبيين الذين أعادت السفارة وصل ما انقطع معهم على نحو شبه كامل قبل أكثر من عشر سنوات.



السابق

أخبار وتقارير..مسلحون روس معارضون يتوغلون من أوكرانيا ويسيطرون على قرية..بوتين: إذا دخلت قوات أميركية أوكرانيا فستعاملها روسيا على أنها دخيلة..اعتداء على ليونيد فولكوف حليف نافالني قرب منزله في المنفى..البيت الأبيض ينفي مزاعم روسية بمحاولة التدخل في الانتخابات..انفجار صاروخ تابع لشركة فضاء يابانية بعد إطلاقه مباشرة..توتر بين الهند والصين بعد زيارة لمنطقة حدودية..الإفراج عن زعيم أكبر حزب إسلامي في بنغلاديش بعد سجنه أكثر من 15 شهراً..الهند تباشر تطبيق قانون للجنسية يرفضه المسلمون..

التالي

أخبار فلسطين..والحرب على غزة..بيان أميركي عربي أوروبي: لا بديل للطرق البرية لإدخال مساعدات غزة..بلينكن: مقترح قوي الآن لوقف النار بغزة فهل ستقبل به حماس؟..إسرائيل تراهن على تحولات في قيادة «حماس»..هنية: الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق متعدد المراحل إذا تخلت حكومة المحتل عن تعنتها..وينسلاند يُحذّر من تحويل الصراع إلى «ديني»..غزة..«سلاح الجوع» و«حرب على الأطفال»..إسرائيل تقول إنها "ستغرق" غزة بالمساعدات..استعدادا للهجوم على رفح..إسرائيل تخطط لوضع الفلسطينيين في "جزر إنسانية"..واشنطن تعكف على إقامة وتشغيل ممر بحري لنقل المساعدات إلى غزة..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,693,581

عدد الزوار: 6,961,559

المتواجدون الآن: 64