تقارير...حوار الولايات المتحدة الاستراتيجي مع المغرب والجزائر...كيف يمكن ان تغيّر الأزمة الأوكرانية العالم؟

الجولة القادمة في غزة...اللاجئون الفلسطينيون: أوهام الهجرة...إنكفاء الإسلام السياسيّ وحظوظ الديموقراطيّة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 نيسان 2014 - 7:36 ص    عدد الزيارات 2049    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

إنكفاء الإسلام السياسيّ وحظوظ الديموقراطيّة
النهار...صلاح أبو جوده...أستاذ في جامعة القدّيس يوسف
أدّى انكفاء الإسلام السياسيّ الطوعيّ في تونس والقسريّ في مصر عن السلطة، إلى ازدياد الكلام على إخفاق الإسلام السياسيّ السنيّ بصيغته "الإخوانيّة"، بعد أقلّ من عقدَين على ما اعتبره آصف بيات قيامَ مجتمع "ما بعد الإسلام السياسيّ" في إيران (1996).
لقد رأى عالم الاجتماع هذا أنّ الاتّجاهات الاجتماعيّة والسياسيّة في المجتمع الإيرانيّ بعد الخميني، كشفت عن أنّ شرعيّة الإسلام السياسيّ قد استُنفدت لما ينطوي عليه هذا الإسلام من تناقضات داخليّة زادتها حدّة مطالبةُ أوساط الشبيبة والطلاّب والنساء والمثقّفين بالديموقراطيّة والحقوق الفرديّة والتسامح والمساواة بين الرجل والمرأة، مع المحافظة على دور الدين في حقل الأخلاق.
وقد أدّى هذا الواقع إلى تغييرات مهمة في الخطاب الدينيّ الإيرانيّ في بداية التسعينات مهّدت لما يمكن تسميته "الحركة الإصلاحيّة" في نهاية القرن المنصرم. غير أنّ الإسلام السياسيّ الإيرانيّ الذي أعاد خلق نفسه تحت وطأة تناقضاته الداخليّة والتطوّرات المجتمعيّة، لم يتجاوز ما سمّاه الفيلسوف جواد طبطبائي "التناقض الجوهريّ" بين سيادة الشعب (وهذا ما تعنيه لفظة "الجمهوريّة") وسيادة الله، وبالتالي رجال الدين (وهذا ما تعنيه لفظة "الإسلاميّة").
ذلك أنّ رجال الدين المصلحين عجزوا عن فهم هذا التناقض وعن إيجاد حلول له (مقابلته مع جريدة Libération بتاريخ 27 تشرين الأوّل 2001). فلا عجب إذًا أن يبقى المشهد الإيرانيّ يرواح بين، من جهة، مساعي إصلاح دينيّ أسير التناقض الجوهريّ وبطش الثيوقراطيّة بكل مَن ينادي بالديموقراطيّة الكاملة، أي تلك الديموقراطيّة، كما يقول طبطبائي، غير المحصورة في حدود الإسلام أو غير المستنتجة من الإسلام، ومن جهة ثانية، قوى تغيير ديموقراطيّ تواجه القمع ولكنّها في الوقت نفسه توقظ النظام على تناقضاته الداخليّة ووهنه في مواجهة التحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة وإخفاق إيديولوجيّته المستندة إلى «أسلمة» المجتمع انطلاقًا من رأس الهرم. وعلى ما يبدو، آلت الصيغة «الإخوانيّة» في الحكم، على نحوٍ ما، إلى مأزق الإسلام السياسيّ الإيرانيّ عينه.
فلا شكّ في أنّ سبب انكفاء الحزبَين الإسلاميَّين اللذين توصّلا إلى السلطة في تونس ومصر في أعقاب ما بات يُسمّى «الربيع العربيّ»، لا يقتصر على قلّة كفاية قادتهما في إدارة الشؤون العامّة ومواجهة التحدّيات الاقتصاديّة والأمنية الضاغطة فحسب، بل يعود إلى التباس مشروع حكمهما أيضًا، في وقت لم يخفِ فيه الحزبان توجّههما لأسلمة الدولة والمجتمع وفقًا لمدرسة حسن البنّا، مع اختلاف الأساليب من بلد إلى بلد، مظهرَين بذلك عجزهما عن فهم الروح التحرّريّة والديموقراطيّة التي باتت تطبع بعمق أوساطًا شعبيّة مؤثّرة وواسعة، وتجلَّت في الانتفاضات الشعبيّة وإسقاط النظامَين الاستبداديَّين الماضيَين. لذا، فقد تحوّلت بسرعة مبادئُ الحريّات العامّة والخاصّة والمساواة بين الرجل والمرأة ودور الدين في الحقل العامّ مصدرَ نزاع بين الإسلاميّين الممسكين بالحكم والتيّارات اليساريّة والعلمانيّة.
وقد برز التباس خطاب الإسلام السياسيّ في سعي روادّه لفهم المسائل المطروحة ضمن حدود تفسيرهم الإسلام، أو، بكلام آخر، من خلال أولويّة تفسيرهم الإسلام على مبادئ الحريّات والديموقراطيّة. وقد قاربوا تلك المسائل، بوجه خاصّ، انطلاقًا من نظرة شموليّة تهمّش الفرد لمصلحة «الأمّة» بصفتها جماعة مقدّسة ليس أفرادها غير رعايا أو أعضاء، وليس من دورٍ لحريّة اختيارهم. لقد أصبح الإسلام السياسيّ أسير تناقضاته الداخليّة بقدر ما يبيّن عجزه عن فهم روح التغيير في المجتمع والقائمة على انعتاق الفرد من البُنى التقليديّة الاجتماعيّة والدينيّة. غير أنّ السؤال الذي يُطرح في ضوء التطوّرات الأخيرة يتّصل بفرص تقدّم البديل الديموقراطيّ إزاء انكفاء الإسلام السياسيّ في كلٍّ من مصر وتونس.
في مصر، يتّخذ المشهد السياسيّ عشيّة الانتخابات الرئاسيّة منحى دراميًّا بدأ قبيل عزل الرئيس محمد مرسي وإخفاق وساطات الاتّحاد الأوروبيّ والولايات المتّحدة، تواكبه اضطرابات أمنيّة غير مسبوقة في البلاد واستفحال الأزمة الاقتصاديّة. فالتوقيفات الممنهجة تطاول عشرات الألوف من الإخوان المسلمين وعدد من المعارضين الآخرين، في وقت قرّر فيه الإخوان مواجهة السلطة القائمة بالتظاهرات، فضلاً عن قيام بعض المجموعات المنسوبة إلى الجهاديّين بعمليّات تطاول رجال أمن وعسكريّين ومؤسّساتهم، وبوجه خاصّ في سيناء. أمّا القوى الديموقراطيّة وغير الإسلاميّة عمومًا - من يساريّة وليبراليّة وقوميّة - والتي يزيد عدد أحزابها عن الخمسين حزبًا، فلم تستطع أن تشغل المشهد السياسيّ بعد انكفاء الإخوان، بسبب عجزها عن التوحّد على برنامج سياسيّ واضح، وبالتالي عدم إيجادها بديلاً من المؤسّسة العسكريّة لمواجهة خطر الإخوان المستمرّ. وانضّم حزب النور السلفيّ الذي أظهر برغماتيّة لافتة في التعاطي مع تطوّرات الأوضاع المحليّة، إلى مؤيّدي عزل الرئيس مرسي وترشيح المشير عبد الفتّاح السيسيّ، معتبرًا أنّه أفلح في الحفاظ على الشريعة والهويّة الإسلاميَّين في الدستور الجديد، وأنّ ما من بديل في الوقت الحاضر من هذا الدستور ومن الاتّكال على الجيش بصفته العمود الفقريّ لضمان الاستقرار.
ليس من علامات إذًا تشير إلى خريطة طريق ديموقراطيّة في مصر. ويعزّز هذا الاستنتاجَ إعلانُ جماعة الإخوان منظّمةً إرهابيّة، وإصدار قانون قاسٍ مناهض للتظاهر، وتبنّي موادّ غير ديموقراطيّة في الدستور الجديد تقوّي سلطة الجيش على حساب المجتمع المدنيّ وتحافظ على مبادئ الشريعة الإسلاميّة كمصدر رئيسيّ للتشريع، ودعمُ الأنظمة الخليجيّة المحافظة عودةَ العسكر إلى الحكم - دعم تمثّل بتقديم مساعدة ماليّة قدرها 14 مليار دولار ستكون بيد النظام الجديد وسيلة لتثبيت شعبيّته في بلد يرزح فيه 40 في المئة من عدد سكّانه البالغ 95 مليون نسمة تحت خطّ الفقر.
لن يكون هنالك تقدّم ديموقراطيّ في مصر ما دام الجيش يتمتّع دستوريًّا بالقدرة ليكون اللاعب الأقوى على الساحة السياسيّة، وفي ظلّ سياسة تُقصي مكوّنًا سياسيًّا واجتماعيًّا مهمًّا من المجتمع يُقصد به جماعة الإخوان المسلمين، ولا تأخذ طموحات الشبيبة لمشاركة فعّالة في الحياة السياسيّة على محمل الجدّ. وفي المقابل، لن تُفتح سبل الديموقراطيّة من دون أن يكون لجماعة الإخوان الجرأة للقيام بنقد ذاتيّ لنهجها السياسيّ يؤدّي إلى استيعاب معاني انعتاق الفرد في ضوء مبادئ الحداثة، وإلى فصل الدين عن الدولة وتحرير الدين من الصراعات السياسيّة، ومن دون توحّد القوى الديموقراطيّة على برنامج سياسيّ واضح وواقعيّ.
أمّا في تونس فالمشهد يبدو أشدّ تفاؤلاً بالمستقبل الديموقراطيّ بفضل مرونة حزب النهضة وسيادة جوّ التوافق بين قوى المجتمع المدنيّ بعد سلسلة اضطرابات وتظاهرات واعتصامات. ذلك أنّ التوتّر تصاعد بين حزب النهضة الحاكم وخصومه العلمانيّين بسبب تعثِّر الحزب الإسلاميّ في الحكم وتراجع النموّ الاقتصاديّ وتفشّي الانفلات الأمنيّ، فضلاً عن الخلاف على عمل الجمعيّة التأسيسيّة المكلّفة وضع دستور جديد.
وفي أعقاب عزل الرئيس مرسي واغتيال السياسيّ اليساريّ شكري بلعيد، تغيّرت الأوضاع بشكل سريع، ولا سيّما بعد اغتيال سياسيّ يساريّ ثانٍ هو محمّد البراهمي. فقدّم حزب النهضة تنازلات حكوميّة ودخل في حوار مع قوى المجتمع المدنيّ أدّت إلى إصدار دستور جديد في 26 كانون الثاني 2014 يُضفي صبغة مدنيّة على الدولة ويحافظ على ديموقراطيّتها وعلى حقوق المرأة وحريّة التعبير والحريّة الدينيّة، ويضع الدين في إطار يفتح آفاقًا جديدة على تفاعل الإسلام والديموقراطيّة إيجابيًّا.
فبالرغم من أنّ مقدّمة الدستور تنصّ على تمسّك الشعب التونسيّ بتعاليم الإسلام والمادّة الأولى على أنّ الإسلام دين الدولة، فليس ثمّة إشارة إلى دور الشريعة كمصدر للتشريع. إنّ الخبرة التونسيّة تبدو في النهاية الأقرب إلى تحقيق نموذج ديموقراطيّ عربيّ إسلاميّ قابل للحياة.
 
اللاجئون الفلسطينيون: أوهام الهجرة
النهار...حسين علي شعبان – لندن... باحث
مفهوم "الهجرة" بمعناه القانوني العام للاتحاد الاوربي والخاص لحكوماته المستقلة يستثني اللاجئين الفلسطينيين. فهؤلاء ليسوا مواطنين، ولا تنطبق عليهم معايير المواطنة كما التشريعات النظرية غير النافذة لشريعة حقوق الانسان.
هنا نقدم المثاليين التاليين: في 1994 وبعد طرد الفلسطينيين من ليبيا بشكل جماعي، امر وزير الداخلية اللبنانية ميشال المر بمنع دخول اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في لبنان، كما رفضت الحكومة السورية السماح لهؤلاء بدخول الاراضي سوريا كونهم غير مسجلين لديها. انشأ اللاجئون الفلسطينيون يومها ولسنوات عدة مخيما لهم عند الحدود التركية – السورية في "باب الهوا".
لم يعد اي من هؤلاء الى لبنان الا بشكل فردي وبأساليب وطرق معروفة. الفلسطينيون في العراق كان مصيرهم أكثر مأسوية. فبعد التنكيل بهم في 2003 سدت سبل النجاة عليهم واغلقت في وجوههم المنافذ الحدودية لجميع الدول العربية المجاورة؛ فأقاموا لأنفسهم مخيما في الصحراء. أي من بلدان الاتحاد الاوروبي الحامية لحقوق الانسان لم يقبل لأسباب مالية او حتى سياسية هجرة او لجوء اي لاجئ فلسطيني اليها. منظمات حقوق الانسان الدولية اصابها يومها الصم والعمى فكانت البرازيل الحل حيث تشرد من نوع جديد.
في المقابل تؤكد تجارب كثيرة ان طلبات الهجرة الفردية للاجئين فلسطينيين لديهم ما يكفي من الموارد النقدية وسبل الاستثمار المالي الى بلدان اسكندنافية، كمثال لا للحصر، قد رفضت بشكل مطلق. كان الرد في جميع الحالات انهم لاجئون. ليس هذا وحسب بل ان حق الحصول على تأشيرة لزيارة ابن او اخ او شقيق في واحدة من بلدان الاتحاد الاوروبي تعتبر معجزة لا ينالها الا من لبى الشروط التعجيزية المعقدة للتأشيرة.
اللجوء وحق الحماية
القوانين الدولية والاقليمية التي تجيز للأفراد حق التنقل وطلب الحماية واللجوء لأسباب سياسية انسانية واجتماعية تستثني اللاجئين الفلسطينيين؛ لأسباب قانونية بالدرجة الاولى، مردها ان الذين انشأوا "وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الادنى" حرصوا على استبعاد لا بل اقصاء اللاجئين الفلسطينيين من الحقوق القانونية التي تصونها بنود مفوضية الامم المتحدة للاجئين (UNHCR).
منتصف سبعينات القرن الماضي وثمانيناته استقبلت المانيا وبعض الدول الاسكندنافية لأسباب سياسية مجردة واخرى مصلحية انانية الكثير من اللاجئين الفلسطينيين. لكن لا بد من ملاحظة ان عملية استقبال وقبول اللاجئين تمت بشكل فردي لا جماعي. وعلى الرغم من ان حرب الابادة التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان (1985 - 1989) دفعتهم الى اللجوء، لكن ذلك وفي جميع الحالات كان يتم بطرق غير قانونية اي التهريب وعبر سماسرة وتجار. لم تمنح اي من الحكومات الأوروبية حق اللجوء السياسي تاليا الاقامة الدائمة للاجئين الفلسطينيين الا في حالات فردية نادرة، فقد عانى الفلسطينيون تحكم المحققين الامنيين بمصيرهم.
أما في المملكة المتحدة وفرنسا فقد كان وما زال قبول طلب الحماية المقدم من لاجئ فلسطيني يجابه بالرفض المطلق. وزارة الداخلية في المملكة المتحدة عمدت حتى النصف الثاني لعقد تسعينات القرن الماضي الى طرد اي طالب لجوء فلسطيني واعادته على عقبيه من حيث أتى. في 1997 استبدلت وزارة الداخلية البريطانية سياسة الطرد الفوري بسياسة ادخال طالبي اللجوء الفلسطينيين الى البلاد والابقاء على ملفاتهم مركونة لسنوات طويلة ريثما تصدر الوزارة مرسوما يمنحهم حق الإقامة الدائمة لأسباب انسانية، لمن حالفه الحظ.
مأساة غرق اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين في قوارب الهاربين من جحيم بلدانهم ليست الا نموذجا مصغرا لمأساة طالبي اللجوء الافارقة وغرقهم في المتوسط على بعد أميال لا بل امتار من احلامهم. ومأساة اللاجئ الفلسطيني في لبنان وحكايته مع اللجوء قديمة قدم النكبة الفلسطينية. تعمقت هذه الازمة في السنوات الاخيرة وتحوّل المخيمات محميات طبيعية تأوي الخارجين عن القانون من تكفيريين وارهابيين لا بل حتى تجار المخدرات وتجار اطفال ومنحرفين. وهنا بعض النماذج السريعة:
1 - يتشارك المتدينيون والحزبيون في تناوب الاعتداء على حقوق اللاجئين في مخيماتهم. فهنا مكبر صوت اطلقه صاحبه عن آخره بنشيد "شعلوا النار بهالخيام وارموا كروتت التموين"، يكفّر اللاجئ بالثورة التي لا تحترم حقه في الراحة وهي تمارس خطابا تضليليا. قبل ان ينتهي ذلك الثورجي من خطابه المنافي للواقع يبدأ متدين بالزعيق من وراء مكبر صوته داعيا الناس للصلاة، ولا يكتفي المؤذن برفع الآذان، بل انه يرفع الاذان مرة تلو المرة ويقيم الصلاة من وراء مكبر صوته في بيوت اللاجئين رغما عنهم. مختصر القول خصوصية الناس وحقهم في الراحة داخل جدران بيوتهم حق ممنوع يتقاسمه تجار الثورة والطائفية ومتطرفون لا يردعهم القانون ولا تحكمهم الاخلاق.
2 - تحوّل الكثير من المخيمات أواكاراً للخارجين والفارين من وجه العدالة والقانون. مخيم عين الحلوة كمثال لا للحصر يتحول ليلا مناطق نفوذ وسيطرة لمسلحين مقنعين لا علاقة لهم بهموم اللاجئين وحياتهم ومستقبلهم، فيتعذر على اللاجئين الخروج من بيوتهم ليلا حتى لزيارة اقاربهم.
3 - في مخيمات أخرى اتخذ تجار المخدرات من الاحياء مركزا لأنشطتهم. ففي مخيم شاتيلا كمثل يتباهى احد زعماء الحارات ان تجار المخدرات ليسوا في منطقة نفوذه بل في الحي المجاور.
4 - القائمون على المخيمات من لجان شعبية، في نهر البارد مثلا وزعماء جماعات حزبية افلست ماليا منذ زمن بعيد يبتزون موظفي المنظمات الدولية والوفود الاجنبية الزائرة، في حين تحوّل القائمون على الكثير من المنظمات الاهلية، "منظمات الاحسان" التي تعتمد على مساعدات جهات خارجية اجنبية، تحوّلوا مخبرين لجمع المعلومات وتقديمها لمن يهمه امر تدمير المجتمعين الفلسطيني واللبناني.
زيارات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان لم تخرج عن الاطار الرسمي والبرتوكولي وخطابات المداهنة والمجاملة التي لا علاقة لها بايجاد حلول للأزمة. وفصائل منظمة التحرير نأت مجتمعة وفرادى بنفسها عن هموم اللاجئ الفلسطيني لتنشغل بنعيق حزبي يزيد احباط اللاجئ الفلسطيني احباطا. والحركات الاسلامية المناوئة للمنظمة منشغلة بالازمات الاقليمة ولا تعنيها هموم اللاجئ الفلسطيني.
النتيجة، تمسك بعض اللاجئين الفلسطينيين بقشة الهجرة وما يرافقها من دغدغة لأضغاث احلام وإسكات موقت للأوجاع والهموم. وأخيرا لابد من الاشارة الى حقيقة ان تجربة اللاجئين الفلسطينيين الى البلدان التي قبلت لجوءهم كانت وما زالت مخيبة لآمال الحكومات المركزية والمحلية وحتى لأرباب العمل، هذا عدا عن فشل هؤلاء في تنظيم انفسهم ومساعدة المجتمع او اقله ابناء المخيم الذي جاؤوا منه. لذلك ننصح الباحثين عن ملاذ آمن ان يدققوا في تعابيرهم وشعاراتهم.
 
الجولة القادمة في غزة
Middle East Report N°149 25 مارس 2014
مجموعة الأزمات الدوليةالقدس/مدينة غزة/بروكسل
25 آذار/مارس 2014
الملخص التنفيذي
لقد تلاشى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة خلال الأشهر القليلة الماضية وبات ثمة خطر في أن ينتهي مفعوله نهائياً وبشكل مفاجئ. في اليوم الذي أعقب قتل إسرائيل لثلاثة من أعضاء الجهاد الإسلامي في اشتباكات على الحدود في 11 آذار/مارس 2014، أطلقت المجموعة، وبتنسيق مع حماس فيما يبدو، أكبر وابل من الصواريخ باتجاه إسرائيل منذ آخر تصعيد كبير (عُرِف في إسرائيل باسم عملية عامود الدفاع)، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012. بعد أقل من يوم من الوساطة، تمكّنت مصر من استعادة الهدوء. لكن مع تراجع حظوظ حماس ومعاناة غزة من أسوأ عزلة وقيود اقتصادية منذ سنوات، فإن المسألة باتت على الأرجح مسألة وقت قبل أن تتطور هذه الاشتباكات إلى مواجهة كبرى ـ ما لم يتوصل الطرفان إلى تفاهم يقضي بتمديد الهدوء الهش السائد حالياً. بالنظر إلى عزلة حماس وتدهور علاقاتها مع القاهرة، يَصعُب تخيُّل تنفيذٍ كامل لوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر لوضع حد للقتال عام 2012. رغم ذلك فإن اتفاقية تحوي العناصر الرئيسية لوقف إطلاق النار يمكن أن تقلل من فرص انجرار حماس وإسرائيل إلى صراع لا ترغب فيه حالياً أي منهما، ومن شأنه في الوقت نفسه أن يساعد الطرفين على الحصول على مزايا تتجاوز مسرح العمليات بين غزة وإسرائيل.
إن التصعيدات الدورية بين إسرائيل ومقاتلي غزة هي القاعدة وليست الاستثناء. لقد شهدت الحدود المشتركة أحداث عنف ثانوية منتظمة تتخللها تصعيدات قصيرة ومكثّفة عادة عندما يشعر أحد الأطراف أو كلاهما بأن القواعد الضمنية للاشتباك قد تم تجاوزها. حماس وإسرائيل تتحركان نحو مثل هذا الصدام منذ 3 تموز/يوليو 2013، عندما أطيح بالرئيس المصري محمد مرسي، وأطلقت القاهرة، كجزء من حملتها ضد الإخوان المسلمين والجهاديين السلفيين في سيناء، حملة لزيادة عزلة غزة بإغلاق الأنفاق الواقعة تحت حدودها مع مصر. من بين الأدوات المحدودة المتاحة لحماس للتعامل مع تراجع حظوظها المشارَكة غير المباشرة في تصعيد عسكري على أمل أن تفضي أزمة جديدة إلى تخفيف مؤقت للحصار على الأقل؛ وتوجيه اهتمام العالم إلى المعاناة الاقتصادية الناجمة عنه؛ وزيادة التعاطف مع غزة في مصر وبلدان أخرى؛ وإحراج قادة مصر بشأن دورهم في سوء المعاملة الذي تتعرض له غزة.
في الوقت الراهن، ترفض حماس هذا الخيار، حيث لا تستطيع تحمّل جولة جديدة من الأعمال العدائية. إنها تعاني عزلة سياسية ومصاعب اقتصادية حادة. لا تستطيع الاعتماد على تعاطف مصر، كما لا تستطيع الحصول على أسلحة جديدة خلال أو بعد أزمة مستقبلية. حماس مقيّدة بأعباء الحكم؛ كما أنها لا تستطيع تحمّل تبعات أي هجوم إسرائيلي. نتيجة لذلك فقد اختارت هذا الشهر بديلاً أقل حدة ومخاطرة يتمثل في منح مجال أوسع لفصائل أخرى ترغب بمهاجمة إسرائيل.
حركة الجهاد الإسلامي، ومن خلال عمليتها الانتقامية الهائلة لمقتل مقاتليها، وجدت فرصة في التحرك إلى واجهة الكفاح الوطني. على النقيض من حماس، فقد أظهرت وفاءاً مستمراً لمبدأ المقاومة، ومن خلال التفاوض المباشر مع مصر على وقف إطلاق النار خرجت من عباءة حماس واتخذت موضعاً كلاعب إقليمي. حماس، من جهتها، وجدت فائدة في التصعيد إذ إنه يبعث برسالة مفادها أن غزة لن تبقى مكتوفة الأيدي في وجه العزلة والبؤس.
كان منطق قادة حماس، وهم محقون في ذلك، أنه طالما ظلت الحركة خارج المواجهات وظل إطلاق الصواريخ محدوداً من حيث المسافة والمدة، فإنه يمكن تجنب حدوث مواجهة كبرى. وكانت حسابات إسرائيل صائبة أيضاً حيث تقوم بمعايرة ضغوطها على غزة لإرسال إشارة بجديتها حيال حماس، دون أن توجّه ضربة من الشدة بحيث تفضي إلى مواجهة أكبر بكثير أو تهدد سيطرتها على القطاع، حيث لا ترى إسرائيل أي بديل واقعي أفضل لهذه السيطرة. مثل هذه التقييمات حافلة بالمخاطر. لا يرغب أي من الطرفين حالياً بالدخول في مواجهة على نطاق واسع، كما يأمل الطرفان على الأقل بالمحافظة على التوازن الهش أو تمديده إن أمكن، إلاّ أن العمليتين الإسرائيليتين الرئيسيتين خلال السنوات الست الماضية، والتصعيدات الثانوية العديدة التي وقعت بينهما، تُظهر احتمال التوصل إلى حسابات خاطئة في نهاية المطاف.
إذا كان أي من الطرفين لا يرغب بالقتال، فإن أياً منهما لا يرغب أيضاً في الدفع نحو السلام. كلاهما مقتنعان بأن ثمة جولة جديدة قادمة، ولذلك فإنهما لن تتخذا خطوات عسكرية من شأنها أن تسيء إلى وضعهما. لكن إذا كان من غير الممكن التوصّل إلى وقف إطلاق نار صلب، فإن بوسعهما أن ينفّذا أحادياً ترتيبات أكثر محدودية تحقق احتياجاتهما الرئيسية على المدى القصير. لغزة ثلاثة احتياجات رئيسية. إن ما يمكن أن يُسمّى حياة طبيعية يتطلب ما يكفي من الوقود، وخصوصاً الديزل من أجل توليد الكهرباء؛ ومواد البناء الضرورية للنشاط الاقتصادي والمحافظة على البنية التحتية الأساسية؛ وفتح معبر رفح بين غزة ومصر بشكل يمكن الركون إليه، لدخول وخروج الأشخاص (أما السلع فيتم تقديمها من قبل إسرائيل). بالنسبة لإسرائيل، فإن الأمر الجوهري هو وقف الصواريخ. لا يستطيع أي من الطرفين الحصول على كل ما يريده؛ ومن المرجح أن تبقى المنطقة الحدودية محظورة على غزة، وأن تظل مناطق صيد الأسماك خاضعة للقيود، والأهم من ذلك أن تستمر القيود المفروضة على الواردات وأن يستمر منع التصدير ـ وهو الوضع القائم، وعلى نحو متزايد منذ الانتفاضة الثانية. كما لا تستطيع إسرائيل، وبموجب أي سيناريو باستثناء الاحتمال غير المرجَّح للتوصل إلى اتفاقية سلام إسرائيلية ـ فلسطينية، أن توقف بشكل كامل الصواريخ التي لا تزال تتساقط على أراضيها طوال تلك الفترة تقريباً. إلاّ أنه يمكن للطرفين استعادة الوضع الذي أظهرا في الماضي استعدادهما للتكيّف معه.
إن تقييما واقعياً يتطلب الإقرار بأن العمليات العسكرية ستستمر على الجانبين. ويتمثل السؤال حالياً في كيفية المحافظة على هذه العمليات ضمن حدود ضيقة نسبياً، وبالتالي المحافظة على حياة الناس وخلق فضاء للتعامل مع القضايا السياسية الأوسع. بقدر ما تتمكن حماس من توفير شيء يقارب الاحتياجات الأساسية لغزة، ستتمكن من فرض إجماع سياسي على الفصائل لوقف الجزء الأكبر من الصواريخ وفرض وقف كامل لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى وذات الأحمال الأكبر. يمكن لجهاز شرطة حماس معالجة ما تبقى، رغم أنه لا يستطيع منع كل الجهات المنفردة التي تحاول شن هجمات من فعل ذلك دون موافقة الفصائل.
في هذه الأثناء يمكن للفلسطينيين، والإسرائيليين والمجتمع الدولي أن يحضّروا الأرضية للمصالحة الفلسطينية وإعادة بناء أساسيات عملية سلام فقد الطرفان منذ أمد بعيد الأمل فيها. على نطاق أوسع، ما هو لمصلحة غزة، وحتى لمصلحة حماس، يمكن أن يكون أيضاً لمصلحة إسرائيل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. مع تطلّع الولايات المتحدة لتمديد المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية إلى ما بعد نيسان/أبريل، يمكن لعباس المطالبة بخطوات للتخفيف من حصار غزة وتحسين الوضع الاقتصادي فيها كشرط لذلك. من شأن ذلك أن يحسّن مكانته في غزة، وهو أمر مهم حالياً بالنظر إلى أن منتقديه داخل فتح، خصوصاً أعضاء فتح في غزة، يشنون حملة علنية ضده. يمكن لإسرائيل، إذا قبلت بمطالب عباس، أن تحقق مكاسب من حيث إنه سيعزى إليها الفضل في اتخاذ تدابير تقلل من مخاطر تصعيد جديد، وفي نفس الوقت تقلل من التكاليف الأخرى التي قد يترتب عليها دفعها لتمديد المفاوضات.
كما في جميع المسائل الإسرائيلية ـ الفلسطينية، فإن حتى الأهداف المتواضعة تكون طموحة جداً، وهذا ينطبق بشكل مضاعف على غزة. في منطقة متغيرة ومتحوّلة، تشكّل غزة ساحة تتبارى فيها الدول واللاعبون من خلال ولاءاتهم ومنافساتهم، بما في ذلك السلفيين بمختلف أصنافهم؛ ومصر؛ والإخوان المسلمين من خلال تنظيمهم المحلي، حماس؛ وإيران؛ وحزب الله؛ ودول الخليج؛ والطامحين بالسلطة داخل فتح. ما يشكّل عقبة رئيسية أمام التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم هو أن لا إسرائيل ولا حماس تمتلك الآن ما تريده، إلاّ أن كلاهما تمتلكان أهم ما تحتاجانه على المدى القصير. لقد ضمنت إسرائيل وقفاً لإطلاق النار، رغم عدم الالتزام الكامل به؛ كما أن حماس تتمتع بالسيطرة على غزة، رغم الظروف الصعبة. لا يرغب أي من الطرفين بتقديم المزيد، حتى ولو كان ضئيلاً، مقابل ما يمتلكه أصلاً. لكن إذا لم يفعلا، فإن كليهما قد يخسران ما بحوزتهما الآن.
 
 
كيف يمكن ان تغيّر الأزمة الأوكرانية العالم؟
بروكسيل - رويترز
يهدد تمسك كلّ من موسكو والغرب بمواقفه في المواجهة المستمرة بعد ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، بإمتداد الأزمة إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة وتجاوزها. وتبرز سيناريوهات مختلفة لما قد تحدثه الأزمة الأوكرانية من تغيرات في المواقف والسياسات في مختلف أنحاء العالم، في ما يأتي عشرة منها:
1- تراجع روسي: تراجع دور روسيا في الشؤون الدولية بصفة موقتة على الأقل. إذ استبعدت موسكو فعلياً من مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، وجمدّت مساعيها للإنضمام إلى "منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي" و"وكالة الطاقة الدولية، وألغيت لقاءات القمة الغربية مع موسكو حتى إشعار آخر.
كذلك تعثرت محاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإستخدام مجموعة "البريكس" للدول الناشئة، للتخفيف من حدة العزلة التي فرضها الغرب، بسبب قلق الصين والهند إزاء مشكلة ضم القرم.
2- تنشيط حلف شمال الأطلسي: من المقرر زيادة الدوريات الجوية لحلف "ناتو" ومناوراته العسكرية في بولندا ودول البلطيق. كما أن وارسو تريد الإسراع في نشر أنظمة الدفاع الصاروخي في وسط أوروبا.
وفي ظل الضغط الأميركي، ستعيد بعض الدول الاوروبية النظر في شأن إنفاقاتها الدفاعية المتدنية. وستزيد السويد وفنلندا المحايدتان جهودهما الأمنية وستعززان تعاونهما مع الحلف الاطلسي تخوفاً من خطر روسي محتمل.
3- تنويع مصادر الطاقة: يعاد رسم خريطة الطاقة في أوروبا لخفض الإعتماد على النفط والغاز الروسيين. ومن المقرر أن تبني دول الإتحاد الاوروبي المزيد من محطات إستقبال الغاز الطبيعي المسال، وتطور شبكات الأنابيب، وتزيد إمدادات الغاز من الجنوب عن طريق جورجيا وتركيا إلى جنوب أوروبا ووسطها. علماً أنّ الإتحاد الأوروبي يحصل على ثلث إحتياجاته من النفط والغاز من روسيا، ويمر 40 في المئة من الغاز الروسي عبر أوكرانيا. وربما تتطلع أوروبا الآن للإستفادة من إحتياطيات الغاز الصخري والتوسع في توليد الكهرباء من الطاقة النووية.
4- العامل الصيني: قد يتغير التحالف الديبلوماسي بين روسيا والصين اللتين تصوتان معاً غالباً في مجلس الأمن. وقد يحدث تقارب جديد بين البلدين عن طريق شراكة أقوى في مجال الطاقة ومد خطوط أنابيب جديدة لضخ النفط والغاز من روسيا إلى بكين، إذا رفضت أوروبا قبول الامدادات الروسية. وقد تفتر العلاقات بين البلدين إذا نأت الصين بنفسها عن تصرفات بوتين، ورأت فوائد أقل في توثيق العلاقات مع موسكو.
5- القيادة الأميركية: إستعادت واشنطن بعضاً من دورها القيادي على المستوى العالمي، بعدما ضعف نتيجة ظهور قوى ناشئة، وبفعل سياسة الانكفاء على الداخل التي انتهجها الرئيس باراك أوباما.
ودفعت الأحداث إلى إستعادة الولايات المتحدة لدورها التقليدي كـ"زعيمة للعالم الحر"، على رغم قرار أوباما الإنسحاب من الحرب في العراق وأفغانستان والتحول الإستراتيجي نحو آسيا.
وطغت الأزمة الاوكرانية على الغضب الأوروبي بسبب التجسس الأميركي على الإتصالات العالمية، وفرضت ضرورة التعاون.
وفي بروكسيل، ناشد الاوروبيون أوباما الأسبوع الماضي بيع الغاز الصخري لأوروبا، وإتفق الجانبان على الإسراع في محادثات لإبرام إتفاق للإستثمار والتجارة الحرة بين طرفي المحيط الأطلسي.
6- القيادة الألمانية: عززت المشكلة الأوكرانية الدور القيادي لبرلين في أوروبا. فألمانيا هي القوة الإقتصادية المسيطرة، وتملك القدرة على إتخاذ قرارات حاسمة في أزمة منطقة اليورو. والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل هي المحاور الأوروبي الرئيسي مع بوتين.
وسيكون إستعداد ألمانيا لتقليص اعتمادها على روسيا في موارد الطاقة المعيار الرئيسي لمدى إستعداد بقية أوروبا للوقوف في وجه موسكو.
كما أنّ مركل هي التي تدير العلاقات مع يوليا تيموشينكو التي قد يسبب ترشحها للرئاسة مزيداً من التوترات في أوكرانيا.
7- توحد أوروبا: تعززت الوحدة بين أعضاء الإتحاد الأوروبي في الوقت الراهن بفعل عودة الخطر الخارجي، وقد يساعد ذلك في التغلب على بعض النزاعات القديمة بين قادة الإتحاد الأوروبي.
ويتوقع ديبلوماسيون أوروبيون أن تسرع بولندا سعيها للإنضمام إلى اليورو الاوروبي من أجل الإحتماء بالنواة الداخلية لأوروبا مثلما فعلت دول البلطيق. وبالتالي سيعجل دخول بولندا نادي اليورو إنتشار العملة الموحدة لكل دول الإتحاد الأوروبي بما في ذلك الدنمارك، على رغم أنّ السويد وبريطانيا ستحتفظان على الأرجح بعملتيهما.
8- التنافس على آسيا الوسطى: يسعى بوتين من جهة، والغرب من جهة أخرى، الى التقرّب من أنظمة الحكم الديكتاتورية في آسيا الوسطى في أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان، والتغاضي عن سجلات حقوق الانسان فيها.
وإذا ضعفت روسيا إقتصادياً، فإنّ هذه الدول ستريد الإبقاء على حضورها في المعسكر الغربي.
9- التعاون الأميركي الروسي: سيستمر التعاون بين البلدين في القضايا الأمنية العالمية لأن موسكو لها مصلحة في ذلك تجنباً لعزلة أكبر. لكن التوترات محتملة بسبب قضايا سورية وإيران وأفغانستان وكوريا الشمالية، ويمكن أن تضغط روسيا عبر التعاقد لتزويد دمشق أو طهران بنظام الدفاع الجوي الصاروخي "إس 300".
10- مستقبل بوتين: الزعيم الروسي قريب الآن من ذروة التأييد الشعبي له بسبب موجة المشاعر الوطنية التي تصاعدت مع أزمة شبه جزيرة القرم. لكن عدم الإستقرار قد يتزايد إذا تعرض بوتين لضغوط من كبار رجال الأعمال الغاضبين من فقدان قيمة أنشطتهم، وفقدان إستثمارات أجنبية في روسيا، ومواجهة قيود على السفر، وتجميد أصولهم في الغرب. ومع ان معظمهم موالون بنسبة 150 في المئة في الوقت الراهن، لكن الأمور قد تتغير في غضون ستة أشهر.
 
حوار الولايات المتحدة الاستراتيجي مع المغرب والجزائر: الجزء الثاني
ڤيش سكثيفيل
ڤيش سكثيفيل هي زميلة الجيل القادم في معهد واشنطن.
يتوجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هذا الأسبوع إلى الرباط والجزائر لإعادة عقد الحوار الاستراتيجي الذي تم إرجاؤه في تشرين الثاني/نوفمبر عندما اضطر الوزير إلى السفر إلى جنيف لإجراء مفاوضات عاجلة بشأن إيران. وفي حين أن المواضيع الأوسع التي سيتم مناقشتها لا تزال كما هي، إلا أن بعض التطورات المحددة في الموقف الدبلوماسي للبلدين ستشكل أيضاً أساساً للمحادثات.
يمثل المغرب والجزائر أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة ويرجع ذلك بشكل كبير إلى قدرتهما على استئصال النفوذ المتنامي لـ "تنظيم «القاعدة» في المغرب الإسلامي". هذا وتتواصل الإجراءات المتخذة ضد هذه الجماعة المتطرفة في جيوب كلا البلدين وكذلك في المساحات غير الخاضعة للسيطرة في منطقة الساحل الشاسعة. بيد، غالباً ما يعبر البلدان ذاتهما عن سخطهما عندما تركز الولايات المتحدة على إدارة الأزمات بدلاً من المصالح طويلة الأجل لتحالفاتها ذات الصلة. وقد تأسس "الحوار الاستراتيجي" في أواخر 2012 - بداية مع المغرب وفي وقت لاحق مع الجزائر - باعتباره فرصة لإعادة تأكيد الالتزامات الحالية، والسماح بإبداء اهتمام دبلوماسي رفيع المستوى بالمنطقة، ومواءمة السياسات، وربما التقدم في النهاية نحو شراكات أكثر أهمية.
والمغرب - الذي سيشارك فيه كيري في ترأس الحوار مع وزير الخارجية صلاح الدين مزوار - يبدو مهماً للولايات المتحدة من عدة جوانب. وبعيداً عن دعمه في عمليات مكافحة الإرهاب، فإن المغرب مستقر نسبياً كما أن عدد المتطرفين المحليين في البلاد على ما يبدو أقل مما هو عليه في دول المنطقة الأخرى. كما أنه يدعم تحالفه مع الولايات المتحدة من خلال الانخراط في تبادلات ثقافية وتعليمية.
ومنذ إرجاء حوار تشرين الثاني/نوفمبر، عمل المغرب على تعزيز وضعه في دول الساحل الواقعة إلى جنوبه. ففي شباط/فبراير، على سبيل المثال، سافر الملك محمد السادس إلى مالي وغينيا والجابون وساحل العاج للإشراف على اتفاقات التعاون الاقتصادي والتنمية والتجارة ومكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية. ويأتي تواصل المغرب الخارجي في وقت تعاني فيه دول شمال أفريقيا المجاورة من اضطرابات - وهي دول سعت في السابق إلى بناء نفوذ دبلوماسي في القارة. ورغم أن النفوذ الدبلوماسي للجزائر سوف يظل قوياً على الأرجح، إلا أن الجمود الداخلي في تونس، وليبيا - التي على وشك أن تصبح دولة فاشلة - كلها عوامل تمنح المغرب فرصة للصعود. وفي ظل وضع تونس المهتز - التي كانت في يوم من الأيام منافس المغرب من حيث الاستقرار والحداثة - يستطيع المغرب أن يبعث بمؤشرات حول وضعه "الاستثنائي" إلى الولايات المتحدة.
وربما يكون من باب المفارقة أن المغرب استفاد من اضطرابات جيرانه، حيث جذب المستثمرين والسياح الذين كانوا يستثمرون عادة في أجزاء أخرى من المنطقة ويقومون بزيارتها. وقد عززت تلك التطورات من سعي الرباط لكي تصبح رائداً إقليمياً، مع إبداء اهتمام جديد بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وهذه اليد الممدودة قد تساعد المغرب في الحصول على دعم لمزاعمه القديمة بشأن الصحراء الغربية - وذلك من حلفائه في الساحل وشركائه الغربيين على حد سواء. إن تزايد النفوذ في القارة الأفريقية يحمل في طياته كذلك وعداً بتزايد الفرص التجارية، وربما الوصول إلى الموارد الطبيعية، في وقت تراجعت فيه التجارة وجهود التكامل فيما بين دول المغرب العربي.
يجب النظر أيضاً إلى تكثيف المغرب لتواجده في الساحل في سياق إقصائه السابق من المبادرات متعددة الأطراف مثل "لجنة أركان العمليات المشتركة"، التي يقع مقرها في الجزائر والتي تشمل كذلك مالي والنيجر وموريتانيا. والنقطة الأخرى التي تجدر الإشارة إليها هي عدم عضوية المغرب في الاتحاد الأفريقي، على الرغم من أن المغرب اختار الانسحاب من هذه الهيئة. ومع ذلك، فإن الفكرة بأن أمن الساحل لا يهم المغرب - وهي حجة غالباً ما كانت تدفع بها الجزائر التي تشمل أراضيها الجنوبية جزءاً من الساحل - تم إضعافها من خلال "إعلان الرباط" بقيادة المغرب في أيلول/سبتمبر، والذي أقر إنشاء منشأة تدريب مشتركة لأمن الحدود. وقد نالت هذه الجهود الثناء من جماعات مستاءة ومتحمسة لتشويه سمعة الجزائر بسبب أدائها في اضطرابات مالي، وعمليات مكافحة الإرهاب، بل ودورها الإقليمي بشكل عام. وعلاوة على ذلك، ألمح الإعلان إلى إعادة مواءمة نفوذ الساحل بما يصب في صالح المغرب.
وفي الجزائر، سوف يشارك كيري في رئاسة الحوار مع وزير الخارجية رمضان العمامرة. وسيكون من بين مواضيع النقاش الجوهرية على الأرجح تنويع اقتصاد الجزائر، في ضوء تراجع إنتاج النفط في البلاد، وهو اتجاه له تداعيات هامة على التجارة بين الولايات المتحدة والجزائر وعلى قدرة الجزائر على توزيع الإيرادات وإرضاء شعب يزداد جنوحه للهياج. وتضغط الولايات المتحدة منذ فترة من أجل أن تنوع الجزائر من قطاعاتها التصنيعية والتصديرية، فضلاً عن فتح أسواقها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجزائر، شأنها شأن المغرب، تتولى تنظيم مبادرات اقتصادية في منطقة الساحل.
والبند الآخر الذي يمكن إدراجه على جدول الأعمال هو قيمة الجزائر كشريك في مكافحة الإرهاب. ففي العام الماضي، منح الجزائريون فرنسا حقوقاً غير مسبوقة للطيران في أجوائها في بداية عملية "القط النمر" - وهو التدخل المستمر في شمال مالي بهدف مجابهة انتهاكات المقاتلين الإسلاميين في الأجزاء الوسطى والجنوبية الأكثر كثافة بالسكان في البلاد. وقد سعت الجزائر كذلك إلى تسهيل المحادثات بين الحكومة المالية والطوارق بشأن منح استقلالية أكبر للطوارق في منطقة شمال مالي المتنازع عليها والمعروفة باسم أزواد. وغني عن القول أن الجزائر تسعى دائماً إلى تجنب طلب مساعدة المغرب في مثل هذه المبادرات.
وفي مالي ومنطقة الساحل بشكل عام، كانت الجزائر ذو الطابع العسكري المتزايد تسعى إلى مكافحة الإرهاب من خلال القوة الخشنة. ويتناقض هذا النهج مع اسلوب المغرب في استخدام القوة الناعمة، ويشمل ذلك تصدير نموذج الفقه الديني الرسمي الذي تقوده البلاد والمساجد التي تتولى الدولة تمويلها وإدارتها ونموذج المرشدات الدينيات. لكن الجزائر نفسها بدأت مؤخراً بعض ممارسات القوة الناعمة. ويتبع كل من المغرب والجزائر بصفة أساسية مدرسة الفقه المالكي الإسلامية، وعقب المبادرة التي بدأها المغاربة في أيلول/سبتمبر، اتخذت الجزائر خطوات نحو تصدير نموذجها الديني الذي تديره الحكومة إلى مالي. ومن ثم يبدو أن نهج الجزائر السابق القائم على "استئصال الإرهاب ومواصلة استئصاله" على حدودها قابلاً للتعديل.
بيد أن المغرب الذي وسّع نطاق جهوده للتدريب الديني إلى تونس وليبيا، لا يزال يبدو سائداً في المنافسة على كسب النفوذ في مالي. ويمكن أن يرجع الفضل، جزئياً، إلى التصور المألوف بأن الجزائر ترى مالي كدولة تابعة إلى الدعاية الحكومية المغربية. كما يعتبر المغاربة أكثر "قبولاً" من الجزائريين، وهذه نقطة نفوذ أخرى.
الاعتبارات المستقبلية
1. يمكن تعزيز قبضة الجزائر إذا لم تنجح مساعي القوة الناعمة التي ينتهجها المغرب وتدعمها الولايات المتحدة بقوة مع مرور الوقت. لم نر بعد ما إذا كانت مساعي المغرب لتدريب الأئمة الماليين وغيرهم سوف تكلل بالنجاح، لا سيما في المناطق التي تأصلت فيها ديناميات المتطرفين بقوة على الصعيد المحلي، وأصبحت تأخذ في بعض الأحيان طابعاً قبلياً، ومن ثم ليس دينياً وإنما جنائياً. وفي الواقع أن الفارق الرئيسي بين نهج البلدين في التعامل مع "تنظيم «القاعدة» في المغرب الإسلامي" هو أن المغرب ينظر إلى «القاعدة» باعتبارها جماعة أيديولوجية بينما يراها الجزائر تنظيم إجرامي. وكلا النهجين يمثل أهمية، كما أن الأسئلة بشأن موقف المغرب لها ما يبررها. وقد يكون المغاربة قادرون على استئصال المشاركة وأعمال التجنيد المحدودة، لكن التعامل مع القيادة وروابطها بالجماعات الإجرامية، يشكل تحدياً آخر. إن عدم قدرة المغرب على تطهير حدوده من العناصر الإسلامية المتطرفة قد وفّر مادة خصبة للمشككين. وأي ضعف متصور في موقف المغرب ربما يعزز من موقف الجزائر باعتبارها "الخيار الأفضل" لشراكة مكافحة الإرهاب في المغرب العربي. وفي غضون ذلك، فإن النهج الثنائي يوفر ميزة استراتيجية للولايات المتحدة في مكافحة "تنظيم «القاعدة» في المغرب الإسلامي"، وينبغي على واشنطن مواصلة العمل بشكل منفصل مع كل بلد.
2. ربما كان الأداء الهزيل للجزائر أثناء أزمة رهائن سوناطراك عام 2012 حادثاً معزولاً. لقد قال البعض إن هذا الحادث الذي استولت فيه مجموعة من المقاتلين التابعين لـ "تنظيم «القاعدة» في المغرب الإسلامي" على منشأة غاز في عين أميناس، التي تعرض فيها عشرات الرهائن إلى القتل، أظهر أن الجزائر ضعفت كشريك في مكافحة الإرهاب. لكن منذ ذلك الحادث ضاعفت الجزائر جهودها لحماية بنيتها التحتية النفطية وحماية العمال الأجانب. وفي غضون ذلك أُعيد افتتاح منشأة سوناطراك رسمياً.
3. ينبغي أن تظل إدارة أوباما على وعي بالسخط المتنامي في الجزائر. كسبت مؤخراً بعض الحركات التي تستهدف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة - مثل "حركة بركات" و جبهة "رفض" - الكثير من الزخم. وعلى مدار الأسابيع القليلة القادمة، يرجح أن يكون رجال الدولة الجزائريون منشغلين بالشؤون السياسية الداخلية المرتبطة بانتخابات 17 نيسان/أبريل. وفي حين يخطط الوزير كيري لمناقشة مسألة "تعزيز المجتمع المدني" مع الحكومة الجزائرية، إلا أنه من غير المرجح أن يمارس ضغوطاً قوية لتطبيق إصلاحات سياسية قبل الانتخابات المقبلة. وعلى الرغم من أنه ينبغي على واشنطن أن تراقب حركات المعارضة، إلا أنه يجب عليها أن تتذكر أن بوتفليقة لا يزال يتمتع بدعم كبير على المستوى الوطني - وأن المزايا الاقتصادية والخبرة في مكافحة الإرهاب التي تقدمها القيادة الحالية هي رائعة جداً بما لا يبرر الإخلال بشكل كبير بالوضع الراهن.
4. لا تزال التحديات أمام الإدارة الأمريكية قائمة فيما يتعلق بالصحراء الغربية. يبقى التوازن الصعب في إثبات التعاطف بشأن الجوانب الإنسانية للوضع مع دعم حل تفاوضي يأخذ في الاعتبار المصالح الإقليمية للمغرب. ويستطيع الوزير كيري أن يضع بصمته الشخصية على العملية الجديدة التي أيدها الرئيس أوباما لدى استضافته الملك محمد السادس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وكان الهدف من اللقاء ذاته هو تعزيز العلاقات الثنائية عقب قرار مجلس الأمن الصادر في 2013 والقاضي بإدراج فقرة لمراقبة حقوق الإنسان في قرار التجديد لـ "بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية". وقد ذهلت المغرب من الإجراء الذي ساندته الولايات المتحدة، ونشبت إثر ذلك أزمة ثنائية متكاملة الأركان. وفي 24 آذار/مارس فقط، أدلت الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر بشهادتها أمام لجنة خاصة في الكونغرس الأمريكي بشأن الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان ضد المنشقين الصحراويين وضغطت من أجل توسيع مراقبة حقوق الإنسان بموجب تفويض "بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية". يتعيّن على كيري التطرق إلى هذا الأمر بحذر: ففي الوقت الذي تكون فيه الأصوات الداعية إلى إحداث تحول سياسي مشروعة وتستحق إفراد مساحة لها، تحتاج الإدارة الأمريكية إلى مواصلة العمل والتعاون مع المغاربة الذين لا يزالون يشعرون بالغضب جراء أزمة العام الماضي.
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,559,718

عدد الزوار: 6,955,102

المتواجدون الآن: 77