إطلالة على المشهد الفلسطيني

تاريخ الإضافة الإثنين 18 كانون الثاني 2016 - 6:58 ص    عدد الزيارات 333    التعليقات 0

        

 

إطلالة على المشهد الفلسطيني
إياد مسعود
لم تعد السياسة الانتظارية تجدي نفعاً في الحالة الفلسطينية، بعد أن سقط الرهان على الوصول إلى حل مع الجانب الإسرائيلي تحت الرعاية الأميركية. اعتذار وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أداء أي دور لاستئناف المفاوضات موقف قاطع، يضع الحالة الفلسطينية أمام واقع سياسي جديد يستوجب سياسة جديدة تخرج بالحالة الفلسطينية من وضع الركود إلى وضع الحركة الهادفة.

في الوقت نفسه، يتبدى يوماً بعد يوم، أن سياسة حكومة نتنياهو تزداد تعنتاً، وليس هناك ما يدل على أنها ستمنح للتسوية فرصة جديدة، سيلفان شالوم أبلغ صائب عريقات، كما أوضح في «القدس العربي» (27/12/2015)، أن على الفلسطينيين أن يأتوا إلى أي مفاوضات مجردين من أي شرط، وأن يقدموا، إلى جانب ذلك ما يؤكد أنهم أخمدوا الانتفاضة الشبابية، ووضعوا لها حداً، الأمر الذي يعني أن شالوم يريد فتنة فلسطينية داخلية، قد تكون دموية، ويريد أن يكلف الأجهزة الأمنية لتكون بديلاً لجيش الاحتلال في تصفية نشطاء الانتفاضة وشبانها، مقابل مفاوضات عبثية، أثبتت تجربتها، خلال العشرين عاماً مضت أنها لم تتقدم خطوة واحدة عملية ومفيدة إلى الأمام.

أما على الصعيد الإسرائيلي، فإن نتنياهو يدفع باتجاه تعزيز أوضاعه على رأس المؤسسة الإسرائيلية، وكذلك على رأس حزب «الليكود»، لذلك دعا إلى انتخابات ليكودية داخلية مبكرة في شباط (فبراير) القادم، لإعادة تزكيته زعيماً، ليس لليكود فقط، بل لعموم اليمين، بلا منازع وبلا منافس، وبحيث يضمن تسيده على إسرائيل، وإضعاف منافسيه في اليمين المتطرف، وإضعاف، أكثر فأكثر لأحزاب اليسار الصهيوني.

على الصعيد الفلسطيني الداخلي، لا تسير الأمور كما يرام، وكما يتمنى المواطنون. فالانقسام مازال يشل الحالة السياسية ويعطل إمكانية معالجة ملفات عدة مازالت معلقة، منها ملف حصار قطاع غزة، وملف فتح معبر رفح، وملف إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي، وإعادة تشغيل مطار القطاع، وبناء المرفأ البحري وغير ذلك من الضرورات التي تعيد تأهيل القطاع ليصبح صالحاً لسكن البشر، بعد أن هدد الخبراء بأن بقاء القطاع على ما هو عليه، سيجعل منه في العام 2020 منطقة غير قابلة للسكن.

أما في الضفة الفلسطينية، فإن العجز المالي في خزينة السلطة يكاد أن يتحول إلى مرض عضال يعطل إمكانياتها على إدارة الشأن العام. وهو عجز تراكمي، يمتد إلى 3 سنوات سابقة، دون أن يتمكن رئيس الحكومة ووزير ماليته من توفير حلول، خاصة في ظل الضغوط التي تتعرض لها حكومة رامي الحمدلله، من الجهات المانحة، خاصة الولايات المتحدة لدفع السلطة لتليين موقفها أكثر فأكثر (في ظل المفاوضات السابقة)، ودفعها، حالياً، للتورط في قمع الانتفاضة وإحباطها. ولم يعد سراً القول أن الرئيس محمود عباس بدأ منذ أيام بمشاورات من خلف الستار، بعيداً عن أعين المراقبين، للبحث في مصير الحكومة الحالية، وإمكانية تشكيل بديل عنها، يتوسع فيها تمثيل القوى الفلسطينية، وتكون أبوابها مشرعة حتى لحركتي حماس والجهاد إن هما رغبتا في تحمل المسؤولية عن إدارة الشأن العام الفلسطيني.

هذه المشاورات، تستمر بصمت، كما أكد مقربون من «المقاطعة»، بينما تواصل اللجنة التحضيرية لانعقاد المجلس الوطني أعمالها برئاسة رئيس المجلس سليم الزعنون. وقد توقفت اللجنة مؤخراً أمام أمرين، يؤدي حلهما إلى منح دورة المجلس القادمة أبعاداً جديدة.

الأمر الأول أن ينعقد المجلس خارج الأراضي الفلسطينية لإتاحة المجال أمام الجميع للحضور والمشاركة، ولنزع ذريعة من أمام البعض في إن الوصول إلى رام الله عبر حواجز الاحتلال بشكل عائقاً. هذا الأمر حله إما بيد القاهرة، وبشكل خاص مقر جامعة الدول العربية، وإما بيد الأردن، حيث مقر رئاسة المجلس الوطني. وكما تفيد المعلومات فإن المشاورات تتواصل مع العاصمتين للوصول إلى حل، دون اسقاط احتمال عقده في عاصمة ثالثة كالجزائر على سبيل المثال.

الأمر الثاني أن ينعقد بصيغة وطنية جامعة، بحيث تشارك فيه فصائل وقوى مازالت تقف خارج م.ت.ف (حماس والجهاد) أو أنها تقف خارج اللجنة التنفيذية للمنظمة (كالصاعقة والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة).

وتؤكد المناقشات التي شهدتها اللجنة التحضيرية على أن هناك حرصاً على إشراك هذه القوى في دورة المجلس الوطني القادم، بحيث تستعيد المنظمة دورها كخيمة جامعة للكل الفلسطيني، وبحيث تشكل هذه الخطوة تمهيداً لإنهاء الانقسام.

المشهد الفلسطيني، كما رسمناه، مع إضافة الانتفاضة الشبابية التي تتحضر لدخول شهرها الخامس، يؤكد أن الفلسطينيين يقفون عند لحظة «تاريخية»، على خلفية قراءاتها قراءة صحيحة، واتخاذ القرارات المناسبة، يتقرر مستقبل الحالة الفلسطينية. ووفقاً لرأي يكاد يكون كاسحاً، فإننا نرى أن المطلوب هو دعوة «الإطار القيادي المؤقت» في الحالة الفلسطينية، برئاسة الرئيس عباس، لإعادة دراسة المشهد، والتدقيق في تفاصيله، وصياغة رؤية وطنية جامعة، ترسم استراتيجية جديدة، وقرارات واجراءات جريئة، وبحيث يقلب الفلسطينيون الطاولة في وجه إسرائيل، والولايات المتحدة (هي تودع رئيسها)، ويقررون أن الحل المناسب للقضية الفلسطينية هو الذي يستجيب لهذه الاستراتيجية ولهذه القرارات. ولعل قرارات المجلس المركزي (آذار/مارس/2015)، ووثيقة الوفاق الوطني (حزيران 2006)، تشكل في مجموعها الرؤية الفلسطينية الوطنية الجامعة.
 

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,800,660

عدد الزوار: 7,214,693

المتواجدون الآن: 93