كيف ندير المفاوضات مع إسرائيل؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 27 كانون الثاني 2016 - 6:09 ص    عدد الزيارات 319    التعليقات 0

        

 

كيف ندير المفاوضات مع إسرائيل؟
أحمد فؤاد أنور 
تشير الدلائل إلى أن إحياء المسار التفاوضي العربي - الإسرائيلي بات قريباً. فقد تقرّر أخيراً وبعيداً من وسائل الإعلام، أن يشهد الثلث الأخير من الشهر الجاري، في الأردن وتحت مظلة أميركية، لقاءً استطلاعياً يكثّف فيه الخبراء جهودهم لاستئناف المفاوضات، التي تسعى إسرائيل الى جعلها مباشرة، فيما يلوّح أبو مازن بالدعوة إلى «مؤتمر دولي» يتجاوز به الصلف الإسرائيلي.
وعلى صعيد موازٍ ستُجرى، شئنا أم أبينا، مفاوضات ما للتنسيق أو للتشاور حول اسم الشخصية التي ستتولى قيادة الجانب الفلسطيني في مرحلة ما بعد أبو مازن. فكيف ندعم المفاوض الفلسطيني بأوراق ضغط على حكومة نتانياهو؟
الأمر يحتاج الى تجديد الخريطة المعرفية لإسرائيل، فلا يمكن أن نبني مواقفنا على خلافات الشرقيين والغربيين، فيما المفاوض القاطن في شمال تل أبيب يختلف نفسياً واجتماعياً عن ذلك القاطن في جنوبها (يمكن المفاوض هنا أن يستعين بخبراء مصريين من جيل الرواد كقدري حفني، أو من جيل الوسط كعلي شوشان). والمتديّن لا يختلف فقط مع العلماني، بل يختلف أيضاً وبشدة مع المتدين من المعسكر المناوئ له. وكما أن في تحليل الأدب هناك من يستخدم «عتبات النص» لفهم المتن وتوجهاته ومضامينه، يجب أن ننظر إلى المفاوض ومواقفه عبر تحليل شخصيته وتوجهاته وتوجهات بيئته الدقيقة. فإذا كان المفاوض يقيم في القدس، فهذا يدل على تشدد أكبر من ذلك المقيم في تل أبيب. وإذا كان خريج مدارس دينية، فيجب تحليل إلى أي مدرسة دينية ينتمي. وإذا كان قد حارب في صفوف الجيش الإسرائيلي، فأي حروب خاضها وهل أصيب فيها؟ أما إذا كان مقيماً في مستوطنة، فيجب حشد الرأي العام العالمي ضده وإبعاده من طاولة التفاوض تماماً، نظراً إلى تطرّفه العقائدي الخطير الذي لن تجدي معه أية مرونة أو حتى تنازلات.
ويجدر بنا هنا، أن نقرّ بأن عملية متابعة الداخل الإسرائيلي لم تعد غاية في الصعوبة مقارنة بالأوضاع السابقة، فهناك حالة من «الفقر الشديد» تقترب من «الإفلاس» التام في بنك الشخصيات العامة في إسرائيل، بدليل أن نتانياهو لم يجد من ينافسه أخيراً على رئاسة ليكود، وتم إلغاء الانتخابات الداخلية في الحزب، كما عاد الفاسد أرييه درعي الى السياسة مجدداً، بل إلى منصبه السابق وزيراً للداخلية، على رغم إدانته بالفساد. وهناك الحديث عن تولّي ابن نتانياهو، يائير، منصباً قيادياً داخل ليكود على رغم حداثة سنّه، وانعدام خبرته، تمهيداً لخلافة أبيه. هذا إلى جانب عائلات كان لها دور أساسي في المشهد السياسي عند توزيع المناصب.
ونحن نبحث عن سبل دعم المفاوض الفلسطيني، يجب أن نوجّه جهودنا لرصد وتحليل أبعاد وتبعات الجدل المتنامي حول فرض الشريعة اليهودية على الجميع وما يستتبع ذلك من شلل تام مساء كل جمعة ونهار كل سبت، وتهرب من الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، وعدم قدرة العلماني على الشراكة التجارية مع المتدين أو التزاوج أو حتى التريض، فهل ينزلق الصدام إلى حرب أهلية؟ وكيف نتعامل إذا تولى سدة الحكم في إسرائيل في أي انتخابات مبكرة مقبلة للمرة الأولى، رئيس وزراء متدين ينفذ فتاوى الحاخامات؟
من ناحية أخرى، يجب الانتباه جيداً الى معالجة فطنة لقضية شائكة ستحاول إسرائيل بالقطع استثمارها لمصلحتها، وهي قضية خلافة أبو مازن، فلا يمكن إنكار تمايزات وتفضيلات داخل «فتح»، وقد تعمل العناصر الشابة على تأجيج احتجاجات داخلية على خلفية اقتصادية واجتماعية ضد السلطة وضد «فتح» لخلط الأوراق، وهي أمور تحتاج إلى تطمينات ومشاورات ماراثونية ستحملها أية مفاوضات رسمية أو غير رسمية مقبلة. وفي المقابل، يمكن أن يلوح المفاوض الفلسطيني باحتمالية تحول «هبَّة السكاكين» من خلال أفراد ليست لهم سجلات سابقة في أعمال المقاومة وغير منخرطين في تنظيم سياسي، إلى تحرك منظم يشل المجتمع الإسرائيلي اقتصادياً.
وإذا كانت لنا في هذا السياق كلمة أخيرة للمفاوض الفلسطيني، فلتكن: ننصح بدراسة متعمّقة ومتجدّدة للداخل الإسرائيلي، وبالانتهاء قريباً وبحكمة من حسم ملف خلافة أبو مازن وتحديد شخصية الرجل الثاني في القيادة وإيكال بعض الملفات والصلاحيات له، والعمل على وقف الانقسام مع «حماس»، أو أقله تقليل خسائره، وممارسة جهود دولية حقيقية للإفراج عن القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، والدفاع بقوة عن شخصيات بحجم صائب عريقات إزاء حملات التشويه المنظمة ضده، واستغلال المواقف الأوروبية المطردة نحو دعم الحق الفلسطيني، والاستفادة من عودة روسيا الى دورها الدولي المحوري، وبالتأكيد، الاستناد إلى مصر.
* أكاديمي مصري
 

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,804,856

عدد الزوار: 7,214,834

المتواجدون الآن: 96