البُعد الفلسطيني لـ"الربيع العربي"

تاريخ الإضافة الجمعة 9 كانون الأول 2011 - 6:06 ص    عدد الزيارات 526    التعليقات 0

        

البُعد الفلسطيني
لـ"الربيع العربي"

 


ناصيف حتي

يطرح السؤال كثيراً حول مدى علاقة "الربيع العربي" أو التحولات الحاصلة في العالم العربي من جهة والقضية الفلسطينية من جهة أخرى. ويرى البعض خاصة في الأوساط الرسمية والفكرية والإعلامية الغربية أن رياح التغيير في العالم العربي التي رفعت شعار الكرامة والمشاركة السياسية وانطلقت من ظروف اقتصادية ضاغطة وصعبة، تجاهلت القضية الفلسطينية وقد تهمشها مع مرور الوقت. لكن حقيقة الأمر تذهب عكس هذا المنطق الذي يكشف تمني البعض من جهة أو تبسيط في القراءة أو قصور في الرؤية وفي فهم خصوصيات العالم العربي من جهة أخرى.ذلك أن عنوان الكرامة الذي كان العنوان والمحرك لحركة التغيير ليس أحادي المفهوم باعتبار أن الشق أو البعد العربي الهوياتي المشترك يبقى مكوناً أساسياً من الهوية الوطنية في الدول العربية ولو بتأثيرات مختلفة، وعنواناً سياسياً وتعبوياً مؤثراً في صياغة رؤية المواطن العربي للوضع الدولي ولمواقف الأطراف الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ولا أدل على ذلك سوى سلبية صورة الولايات المتحدة عند الرأي العام العربي بسبب موقفها الفلسطيني بشكل خاص وحالة العداء لإسرائيل أياً كانت الهوية السياسية أو الانتماء الوطني أو الاجتماعي أو الاقتصادي للمواطن العربي.
أولاً، إن مكوّنات الكرامة فيها جزء وطني خاص وجزء عربي، وفيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وليست الكرامة مسألة أحادية أو إلغائية لبعد من طرف بعد آخر ولو كان المحرك في حالة معينة وإطار معين ينتمي الى الجانب الوطني الداخلي سواء كان الطابع الغالب عليه سياسياً أو اقتصادياً.
ثانياً، إن مجمل الحركات الاحتجاجية في المرحلة السياسية التي تلت التغيير أو التي تعيش في خضم التغيير، تحتل عندها مسألة الهوية موقعاً مهماً في إيديولوجيتها وخاصة في الإسلاموية منها أياً كانت طبيعة هذه الحركات وتعددها، ومن يتحدث عن هوية ما فوق وطنية جامعة تبقى القضية الفلسطينية المكوّن الأساسي فيها والمعبر الواضح عنها.
وثالث هذه الأمور أن التغييرات الحاصلة تؤدي الى قيام "أنظمة مفتوحة" أياً كانت درجات الحرية والديموقراطية في عملية بنائها لكنها تختلف عن الأنظمة البائدة في عودة الحراك السياسي إليها وعودة الإحياء المجتمعي فيها، وبالتالي كما هي حالات المجتمعات الديموقراطية المتقدمة تشترك مع هذه الأخيرة على الأقل في آليات وصيغ مختلفة في البداية، في أن السياسة الخارجية بمختلف مسائلها وخاصة الأساسية منها تصبح جزءاً لا يتجزأ من السياسات الداخلية وبالتالي لا يعود من الممكن إبقاء السياسات الخارجية كما هي الحال في الأنظمة المقفلة أو في الأنظمة شديدة السلطوية بعيدة عن تأثير الأولويات والخيارات المجتمعية.
هذه العناصر الثلاثة تؤكد الربط العضوي بين تطور مسار القضية الفلسطينية التي تعيش منذ فترة غير قصيرة لحظة انسداد كلي في الافق فيما يتعلق بمسار تفاوضي معطل منذ سنوات على الصعيد الفلسطيني الاسرائيلي وتهميش دولي متزايد، باعتبار ان قضايا الصراع الاستراتيجي في المنطقة وعليها، وكذلك قضايا التغيير في العالم العربي، هي قضايا ضاغطة، وان احتواء وادارة القضية الفلسطينية امر ممكن ودون أي تكلفة كبيرة.
لكن ما قد يحصل هو انتقال عدوى مناخ التغيير العربي الى الاراضي الفلسطينية المحتلة وقيام انتفاضة فلسطينية وحركة احتجاج اسوة بما حصل وهو حاصل في بعض الدول العربية. لكن خصوصية هذا الوضع عندما يقوم انه يحصل في ظل احتلال قائم ومستمر مما يضفي طابعاً خاصاً وشحنة رمزية قوية وأزمة ذات بعد استراتيجي خارجي اقوى تكون لها دون شك تداعيات سياسية في عالم عربي يتغير وصياغة جديدة لأدوار أطراف عربية عدة وانعكاسات هامة على العلاقات العربية مع أطراف دولية أساسية خاصة تلك التي اتخذت مواقف مؤيدة أو متفهمة ومسايرة، للتغيير الحاصل في العالم العربي واردات مد جسور مع القوى الدجديدة، اذ يبقى السؤال القادم يتمحور حول الموقف الذي ستتخذه منحيث طبيعته وقوته وفاعليته فيما يتعلق بالحالة الفلسطينية اسوة بموقفها في الحالات العربية الأخرى.
ناصيف حتي

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,976,540

عدد الزوار: 7,653,367

المتواجدون الآن: 0