لم يتغيّر شيء في جنوب لبنان!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 20 كانون الأول 2011 - 6:18 ص    عدد الزيارات 489    التعليقات 0

        

لم يتغيّر شيء في جنوب لبنان!

 


خيرالله خيرالله

من يسيء الى القوة الدولية المرابطة في جنوب لبنان منذ العام 1978 والتي تحوّلت الى قوة دولية "معززة" منذ حرب صيف العام 2006، انما يخدم اسرائيل بطريقة او باخرى. لم تكن اسرائيل يوما تريد الاستقرار في جنوب لبنان. ربما ارادت الانتقام من القرار الحكيم الذي اتخذه لبنان في العام 1967 عندما رفض دخول الحرب، فحرمها من مبرر لاحتلال جزء من الجنوب.
ارتكب العرب ما عجزت اسرائيل عن ارتكابه. فرضوا على لبنان في العام 1969 توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم الذي جعل جزءا من الارض اللبنانية خارج سلطة الدولة وسيادتها. ألقوا بالمقاتلين الفلسطينيين في ما كان يسمّى "فتح لاند" كي يكون جنوب لبنان الجبهة الوحيدة المفتوحة مع اسرائيل في حين اغلقت كل الجبهات العربية الاخرى بما في ذلك جبهة الجولان.
أراد العرب التكفير عن ذنوبهم أمام شعوبهم بعد الخطأ القاتل الذي ارتكبوه في العام 1967. ارادوا التعويض عن الهزيمة التي ألحقتها بهم اسرائيل عن طريق الانتقام من لبنان واللبنانيين وكأنّ الانتصار على لبنان بديل من الانتصار على اسرائيل!
استطاعت مصر استعادة اراضيها المحتلة عن طريق المفاوضات. استطاعت الاردن بفضل الحسّ السياسي الذي لا مثيل له للملك حسين، رحمه الله، استعادة حقوقها في الارض والمياه في العام 1994 مع توقيع اتفاق وادي عربة مع اسرائيل. كان في استطاعة الاردن فعل اكثر من ذلك بكثير تنفيذا للقرار الرقم 242 الصادر عن مجلس الامن. لكنّ العرب كانوا اصرّوا منذ العام 1974 في قمة الرباط على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. لم يتوقف الزعماء الذين جمعتهم القمة عند نقطة مهمة، بل اساسية، تتمثل في ان الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، كانت عندما احتلتها اسرائيل في العام 1967 تحت السيادة الاردنية.
أجبر العرب الاردن على دخول الحرب عن طريق المزايدات والخداع. مع ذلك، كانت المملكة الاردنية الهاشمية، بعد حرب 1967، في وضع قانوني افضل مئة مرة من منظمة التحرير الفلسطينية في اي مفاوضات في شأن مستقبل الضفة الغربية نظرا الى انها معنية مباشرة بارض احتلّت عندما كانت تحت سيادتها. اما منظمة التحرير، فانّ مشكلتها تكمن في انها لم تكن يوما دولة وهي تحتفل اليوم، في السنة 2011، بانها اصبحت عضوا كامل العضوية في الاونيسكو!
كان في الإمكان ترك الاردن تسعى الى استعادة الارض وتسليمها لاحقا للفلسطينيين الطامحين الى ان تكون لهم دولتهم المستقلة. الدولة المستقلة حق لا يختلف في شأنه مواطنان عربيان يمتلكان حدّا ادنى من العقل والتعقل. لكنّ العرب، على راسهم النظام السوري، شاؤوا المتاجرة بالفلسطينيين وقضيتهم على حساب لبنان واللبنانيين وكأنهم يريدون من لبنان دفع ثمن استخدام العقل والتعقل للمحافظة على ارضه كما فعل في العام 1967.
من يستعيد تطور الاحداث في جنوب لبنان منذ العام 1969، يكتشف ان الخيط الرفيع الذي يربط بينها هو الرغبة الاسرائيلية في ان تكون المنطقة خارج سلطة الدولة اللبنانية. هناك حلف غير مقدس بين كل الساعين الى استمرار حال اللاحرب واللاسلم في المنطقة عن طريق ابقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة. في الماضي كان هناك اتفاق ضمني في هذا الشأن بين النظام السوري واسرائيل. في الوقت الحاضر هناك اتفاق ضمني آخر بين اسرائيل من جهة والمحور الايراني- السوري من جهة اخرى وذلك بعدما اصبح الجنوب تحت سيطرة مقاتلي "حزب الله" الذي مرجعيته في طهران وليس فيّ مكان آخر.
هل مكتوب على أهل الجنوب البقاء تحت رحمة الحلف الاقليمي غير المعلن الساعي الى إبقاء هذه المنطقة اللبنانية بالذات في حال تراوح بين الغليان والتوتر؟ يبدو ان ذلك وارد جدا. لم يتغيّر شيء في جنوب لبنان منذ ما يزيد على خمسة وثلاثين عاما. ففي العام 1976، عندما حصل النظام السوري على الضوء الاخضر الاميركي بدخول لبنان عسكريا بهدف "وضع يده على المسلحين التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية"، اعطت اسرائيل موافقتها على ذلك. كان الاميركيون، عبر هنري كيسينجر بالذات، يريدون وقتذاك ان تشمل عملية الانتشار العسكري السوري كلّ مناطق الوجود الفلسطيني المسلح. وافقت اسرائيل على ذلك في البداية، لكنها ما لبثت ان فرضت ما يسمّى "الخطوط الحمر". كان أهمّ ما في "الخطوط الحمر" بقاء القوات السورية خارج الجنوب اللبناني. توقّف السوريون بقدرة قادر عند نهر الاولي...
استنادا الى ديبلوماسي اميركي رافق تلك المرحلة عن كثب، كانت الحجة التي ساقتها اسرائيل انها في حاجة الى "الاشتباك مع الفلسطينيين بين وقت وآخر". رحل المسلّحون الفلسطينيون من جنوب لبنان في العام 1982. كان لدى اسرائيل في مرحلة معينة مشروع مختلف يشمل كلّ لبنان. عندما فشل هذا المشروع لاسباب عدة يحتاج شرحها الى كتاب، عادت الى استراتيجيتها الاصلية التي اقرّت في العام 1976. بوجود المسلحين الفلسطينيين او في غيابهم، لم يتغيّر شيء في جنوب لبنان.
مثلما همّشت القوة الدولية في العام 1978، يبدو مطلوبا تهميش القوة الدولية "المعززة" التي انتشرت بعد حرب صيف 2006.
نعم، لم يتغيّر شيء في جنوب لبنان في غياب الوعي اللبناني الشامل لاهمّية وقف المتاجرة بالجنوب واهله وضرورة استعادة تلك المنطقة الغالية وضعها الطبيعي بعيدا عن المزايدات والشعارات الفارغة. ولكن ما العمل، عندما تكون هناك اطراف لبنانية لا تريد ان تعترف بانّ لبنان حافظ على اراضيه في العام 1967 لانّه استخدم عقله اوّلا رافضا ان يضع مصلحة اي طرف آخر فوق مصلحته؟...

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,953,030

عدد الزوار: 7,651,978

المتواجدون الآن: 0