سيرة «عصبة الأنصار» و«جند الشام» و«فتح الإسلام» في عين الحلوة: بدايات أصولية في الثمانينيات... ونهايات واقعية لبنانية وفلسطينية

تاريخ الإضافة الخميس 5 نيسان 2012 - 6:16 ص    عدد الزيارات 763    التعليقات 0

        

 

سيرة «عصبة الأنصار» و«جند الشام» و«فتح الإسلام» في عين الحلوة: بدايات أصولية في الثمانينيات... ونهايات واقعية لبنانية وفلسطينية
كلير شكر
ثلاثة تنظيمات «أصولية» يحتضنها مخيم عين الحلوة تطاردها تهمة «الإرهاب»: «عصبة الأنصار»، «فتح الإسلام» و«جند الشام». لكل منها تاريخها اللبناني والفلسطيني.
حتى اللحظة، لا تزال «عصبة الأنصار» ليست حيّة ترزق وحسب في مخيم عين الحلوة الجنوبي، لا بل تكاد تكون واحداً من أقوى تنظيماته، بعد أكثر من ثلاثة عقود على ولادتها، مع فارق جوهري بين مرحلة التأسيس واليوم، يتمثل بانفتاحها على القوى الفلسطينية الأخرى لا سيما تلك التي توصف بالمعتدلة، وعلى السلطات اللبنانية الرسمية وبعض الأطياف والشخصيات اللبنانية، انطلاقاً من مقاربة واقعية لعلاقاتها مع محيطها القريب والبعيد.
في المقابل، يكاد يذيب جفاف مصادر التمويل كل من «جند الشام» و«فتح الإسلام» في أزقّة المخيم، ويحولهما إلى شتات، لا يزال حتى اللحظة تحت مرمى «العصبة» من جهة، ورصد القوى الأمنية اللبنانية من جهة أخرى، لا سيما أن دائرة نفوذهما «باتت محصورة جداً»، كما يؤكد قيادي فلسطيني.
وتعود أصول «عصبة الأنصار» إلى أواسط الثمانينيات، يوم أنشئت على يد الشيخ هشام الشريدي الذي كان عضواً في «حزب التحرير». اختار بداية الدعوة الدينية كي يسيّر أحوال التنظيم الناشئ، حيث يُقال أن أنصاره اتبعوا فكر «حزب التحرير». وفي «حرب المخيمات»، في النصف الثاني من الثمانينيات، حمل «العصبيون» السلاح وشكّلوا حالة عسكرية. اختاروا أولاً السكن في «حي الصفصاف» وفي «مخيم الطوارئ». مطلع التسعينيات، أنهت حركة «فتح» خدماتها في مخيم عين الحلوة وأقفلت مكاتبها، تاركة الساحة لـ«عصبة الأنصار» كي تتوسع نفوذاً في أماكن تواجدها، وتحديداً في «الطوارئ». حصل الكثير من الاحتكاكات مع الفصائل الفلسطينية، بفعل تكفيرهم لتلك المجموعات، وكان عددهم لا يتجاوز في تلك المرحلة المئتي عنصر.
بعد اغتيال شريدي، كانت الإمارة لـ«أبو محجن» الذي عاد وتوارى عن الأنظار بعد اتهامه باغتيال رئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) الشيخ نزار الحلبي... ومن تلك اللحظة يتولى شقيقه «أبو طارق» قيادة «العصبة».
يقول أحد قياديي المخيم إن «العصبة» اختارت في نهاية التسعينيات طريقاً جديداً لأدائها، يكاد يكون «انقلابياً» على أفكارها «الأم»، فصارت تشارك في اجتماعات الفصائل الفلسطينية في عين الحلوة وبعض القوى اللبنانية في صيدا، ما استدعى خلافاً داخلياً بين أركانها، انتهى بانشقاق مجموعة عرفت بـ«جند الشام» التي كانت تضم في حينه نحو 70 مقاتلاً، أبرزهم عماد ياسين، عبد الرحمن عوض الملقب بـ«أبو محمد شحرور»، غاندي السحمراني، ونصبّوا محمد أحمد شرقية الملقب بـ«أبو يوسف» أميراً عليهم.
في تلك المرحلة، نشطت رحلات «الحج القاعديّ» باتجاه المخيم: سعوديون وعراقيون وغيرهم من جنسيات عربية وطئوا أرض عين الحلوة، عن طريق «تنظيم القاعدة» الذي كان يرسل «مجاهديه» إلى المخيم للجوء إلى «ملاذات الضيافة» التي كانت تؤمّن الإقامة المؤقتة لـمن يعبرون الأراضي اللبنانية باتجاه «أرض الجهاد». يُقال إن أكثر من 20 «غريباً» دخلوا المخيم الصيداوي بين العامين 2004 و2005، لا تزال السلطة اللبناينة تلاحق آثارهم. قيادات المخيم تصرّ على طي هذه الصفحة: لم يعد هناك أي مطلوب منهم، فيما بعض المعنيين بملف المخيم يؤكدون أن ثمة سعوديين مطلوبين، لا يزالون مختبئين في أطراف المربع الفلسطيني الأكثر كثافة ديموغرافية بين مخيمات لبنان.
يجزم أحد قياديي عين الحلوة أن هؤلاء أبعدوا عن رقعة اللاجئين أو ألقي القبض عليهم على حواجز الجيش اللبناني عند مداخل المخيم، بعدما تخوفت القوى الفلسطينية من مخاطر هذا «اللجوء السياسي»، وانعكاساته على أوضاع المخيم، ما اضطر «الكفاح المسلح» في تلك الأيام إلى السؤال عن هوية كل مستأجر يريد أن يكون جاراً للفلسطينيين، حفاظاً على سلامة اللاجئين.
بتقدير القيادي الفلسطيني فإن «القاعدة» عجزت عن إيجاد موطئ قدم لها في مخيم عين الحلوة، لا سيما أن القوى الفلسطينية نبذت القوى السلفية التي حاولت استمالة بعض الإسلاميين، إذ أن تركيبة المخيم السياسية الاجتماعية الفسيفسائية لا تسمح بنمو الحالة الأصولية، ولهذا فشل مشروعهم قبل ولادته. ويكشف أنه خلال الفترة الأخيرة، كل من سأل «تنظيم القاعدة» عن دعم مادي له، عبر توجيه رسائل إلى مجموعات «قاعدية» في العراق، كان الرد بأن عليهم التوجه إلى سوريا في هذه الأيام كي يحصلوا على الدعم.
«عصبة الأنصار» التي اتهمت باعتناق «مذهب» تنظيم «القاعدة» تقدم اليوم نفسها على أنّها «شيخ صلح» المخيم. تحاول التقريب بين الفصائل الفلسطينية، تنأى بنفسها عن الصراعات الداخلية، ويقول مسؤولوها بالفم الملآن: لا مصلحة لدينا بـ«الطخ» على الجيش اللبناني. لدى هؤلاء لائحة طويلة من الأسباب التي تدفعهم إلى اعتماد نهج جديد في أدائهم، يصفه كما يصفه فلسطينيون آخرون، بـ«الانفتاحي» على بقية مكونات المخيم كما الجهات اللبنانية، الرسمية وغير الرسمية. ذلك التغيير بدأ مذ شعر «العصبيون» أن كل القوى الفلسطينية على اختلاف تطرفها وحدّة أفكارها، ترفض الاحتكاك مع القوى الأمنية اللبنانية. أقله، هذا هو العذر العلني الذي تقدمه. فوجدت نفسها من دون غطاء «من أهلها» ومعزولة عن محيطها. «الصراع مع «حركة فتح» مكلف والصراع مع الجيش اللبناني خاسر»... إلى أن قررت الالتفات الى تكوين بيئة حاضنة من أبناء المخيم.
يقرّ هؤلاء أنهم يتشاركون مع «القاعدة» في «اللغة الشرعية». يتقاطعون في الفهم الفقهي للشؤون الدنيوية. يعترفون بقدرتهم على استخدام هذا «السلاح»، ولكن «لم يعد هناك من قناعة لسلوك هذ الطريق». ويؤكدون أنه لا وجود لتنسيق تنظيمي مع «القاعدة» أو حتى سياسي، «لكل منا أجندته الخاصة واعتباراته». يجزم أحد قياديي «العصبة» قائلاً إن «القاعدة» لم تضع لبنان يوماً على أجندة أهدافها، ليس أرضاً جهادية، «وإذا ما راجعنا العمليات العسكرية التي شهدتها الأراضي اللبنانية، لأمكن لنا ان نلمس لمس اليد، أن جميعها لم تُنفذ وفق نمط إسلامي أو «قاعدي» بتعبير آخر». لا مجال للمناورة في هذا الملعب، «لتنظيم «القاعدة» نمط معروف في تنفيذ العمليات لا يمكن القفز فوقه». ويقول: نحن أبلغنا مسؤولين من هذا التنظيم، بضرورة الابتعاد عن لبنان، لما في ذلك من أضرار قد تلحق بنا جميعاً.
بتقديره أن «عدوان تموز» 2006، كان فرصة ذهبية بالنسبة لـ«القاعدة» للقيام بعمليات عسكرية، فيما لو كانت خلاياها نائمة على الأراضي اللبناني، كما أن أحداث السابع من أيار 2008 قدمت فرصة جديدة كي تستفيق تلك الخلايا... ولكن في كلا الحالتين لم تظهر لمسات هذا التنظيم، ما يعني بالمنطق أن لبنان ليس مقراً أو ساحة جهادية لـ«القاعدة».
بعد ظهور «تنظيم القاعدة» في العالم، اختارت «عصبة الأنصار» كما يقول القيّمون عليها، سلوك طريقها. حددت العراق قضية لها: محاربة الأميركيين... وبالفعل، خاضت «العصبة» الكثير من الجولات على أرض بلاد ما بين النهرين، قدّمت أكثر من عشرين «مجاهدا». هناك، كما يقول «العصبيون».
يعترف هؤلاء أن تقريراً وصل إلى القوى الفلسطينية من أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية، يفيد عن وجود سبعة سعوديين من «القاعدة»، لجأوا إلى المخيم. أبلغت «العصبة» بمضمون التقرير مرفقاً باتهام واضح لـ«الأنصار» بإيواء تلك العناصر. وبحسب «العصبة» فإنها لم تتعرف إلّا على ثلاثة من المطلوبين، وقد طلبت منهم مغادرة المخيم، وهذا ما حصل.
تجزم قيادتها أن تلك التجربة باستضافة «قاعديين» لم تتكرر بعد تلك الحقبة، مشيرة إلى أن أهالي المخيم لم يهضموا وجود عبد الرحمن عوض الذي تمّ «ترحيله» وقد قتل أثناء مغادرته إلى العراق، فكيف يمكن السماح بدخول عناصر أصولية أخرى؟
أما «جند الشام» التي ولدت من رحم «العصبة»، فلا تزال تحت «جناحيها» وفق أحد متابعي الملف الفلسطيني. وضم التنظيم عند نشأته مجموعة من المتشددين اللبنانيين الذين فرّوا الى المخيم بعد مواجهات الضنية، لا أحد ينكر وجود «مقاتليها» على أرض المخيم، لكن أكثر من جهة تؤكد أنه تم حل هذا التنظيم في بداية الـ2000، ولا يتجاوز عدد عناصرها العشرين شخصاً، بعدما كانت مصدر توتر في حي التعمير على طرف مخيم عين الحلوة.
حاول شاكر العبسي تشكيل فصيل موال له في عين الحلوة كما فعل في مخيم نهر البارد، وقد اتصل بعدد من الفلسطينيين، وقد ركّز جهوده على بقايا «جند الشام»، لكن تدخل الجيش على أثر تلك المحاولة بالتنسيق مع القوى الفلسطينية للانتشار في منطقتي السكة والتعمير حاصر تلك الحالة. ولم يتمكن العبسي في تلك المدة القصيرة من إنشاء تنظيم، بل اتكل على بعض الأفراد ممن كانوا ضمن «جند الشام». وبعد خروجه من عين الحلوة، انفرط عقد هؤلاء، وعادوا إلى منازلهم، كما يجزم القيادي ذاته، لا سيما أنهم لم يجدوا مرجعية خارجية تؤمن لهم الدعم، على أنواعه.
وكان التنظيم دخل على خط الأزمة السياسية الداخلية في لبنان، حيث وجّه إنذاراً في العام 2005 «بذبح كل من يتعامل مع الإدارة الغربية»، كما هدد «السلطة الحاكمة» ومن يدعمها والأكثرية النيابية، وجميع من وصفهم بـ«المتواطئين مع الإرادة الغربية الأميركية والفرنسية والمشاريع الإسرائيلية». كما سبق وأرسل بيانات الى دار الإفتاء الجعفري في صور تهدد باغتيال تسع شخصيات شيعية في لبنان.
وبرز لهذه الجهة أيضاً دور اللبناني شهاب قدور، الملقب بـ«أبي هريرة»، أحد قادة التنظيم الذين فرّوا من الضنية. وقد اختفى قدور عن الأنظار، ليظهر لاحقاً كقيادي في حركة «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد. وتؤكد بعض التقارير أن «جند الشام» ترتبط بعلاقات وثيقة مع «فتح الإسلام»، من حيث تبادل الخبرات العسكرية والمقاتلين.
ويصف أحد قياديي المخيم تنظيم «فتح الإسلام» بالحالة الاستخباراتية التي تمّ استثمارها من جانب أكثر من فريق، وهي قدمت نفسها على أنها تشكل فريقاً إسلامياً لكنها لم تكن يوماً تنظيماً فلسطينياً. ويقدّر أحد المتابعين للملف الفلسطيني أن من تبقى من عناصرها لا يتجاوز عددهم 25 عنصراً، يتواجدون بين «منطقة التعمير» و«مخيم الطوارئ».

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,801,612

عدد الزوار: 7,214,707

المتواجدون الآن: 91