تقارير..تعافي أفغانستان

مؤشرات اندماج الصراعين السوري والعراقي

تاريخ الإضافة الإثنين 11 آذار 2013 - 5:49 ص    عدد الزيارات 1709    القسم دولية

        


 

مؤشرات اندماج الصراعين السوري والعراقي
معهد واشنطن....مايكل نايتس... مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن.
انتقل الصراع في سوريا خلال الأسبوع الماضي إلى العراق بطرق غير مسبوقة. ففي 2 آذار/مارس، أصبح "معبر اليعربية" الحدودي مسرحاً للقتال بالأسلحة الثقيلة، مما أجبر قوات النظام المدافعة عن الموقع على الانسحاب إلى داخل العراق ودفع قوات الأمن العراقية إلى فتح النيران على ثوار "الجيش السوري الحر". وبعدها بيومين، تعرض موكب أفراد عسكريين سوريين لكمين في شرق العراق أثناء عودتهم إلى وطنهم، مما أدى إلى وفاة واحد وخمسين سوري وعراقي. وسواء شن هذا الهجوم مقاتلون سوريون دخلوا العراق أو مقاتلون قائمون داخل العراق من المتعاطفين مع الثوار، فإن التداعيات واضحة وجلية: وهي أن الحدود لم تعد تمثل عقبة أمام انتشار الحرب. وفي الوقت الذي تشتد فيه التوترات الطائفية داخل العراق، فإن آخر ما تريده البلاد هو أن تصبح مشاركاً نشطاً في الصراع السوري الذي يكتسي بصبغة طائفية متزايدة.
الخلفية
لقد سعت الحكومة العراقية بقيادتها الشيعية منذ فترة طويلة إلى تسوية الأزمة في سوريا عن طريق التفاوض على نحو يحول دون تحقيق الثوار السنة لانتصار كامل، وهو ما يتوافق عن قرب مع مواقف الدول الأخرى المؤيدة للأسد مثل إيران وروسيا. لقد عملت العراق على تزويد النظام بدعم هائل غير مباشر لتعزيز قدرته العسكرية المتضائلة، وقد تم استغلال الطرق والمجال الجوي العراقي لنقل الأسلحة من إيران إلى سوريا. كما أن بغداد غضّت الطرف عن حركة المسلحين الشيعة العراقيين عبر الحدود الذين يقاتلون إلى جانب النظام فضلاً عن متطوعي «حزب الله» اللبنانيين (على سبيل المثال، وجود "كتيبة أبو الفضل العباس" بالقرب من منطقة "السيدة زينب" في سوريا).
وفي الوقت ذاته أدان المسؤولون العراقيون الدعم الخارجي للثوار السوريين. ففي 22 شباط/فبراير، وجه وزير النقل هادي العامري (قائد منظمة بدر الشيعية) اتهامات إلى تركيا وقطر بتسليح "جبهة النصرة"، وهي لواء من الثوار تابع لـ تنظيم «القاعدة في العراق». وهو يرى أن توفير "المال والسلاح للقاعدة [في سوريا] يعد بمثابة إعلان عمل عسكري ضد العراق". وفي 27 شباط/فبراير، حذر رئيس الوزراء نوري المالكي قائلاً "إذا انتصرت المعارضة، فسوف تندلع حرب أهلية في لبنان، وستحدث انقسامات في الأردن، فضلاً عن اندلاع حرب طائفية في العراق".
وبالإضافة إلى انتشار التخوف من رد الفعل المعاكس من الدول السنية ضد العراق الخاضع لحكم الشيعة، فإن المشهد القاتم بشأن المعارضة السورية أصبح يكتسي بتوترات سياسية متصاعدة مع العرب السنة في الداخل. فقد ارتفعت بكثرة اللافتات والشعارات المؤيدة لـ "الجيش السوري الحر" في العديد من الاحتجاجات المناهضة للمالكي في محافظة الأنبار، كما اعترفت الحكومة العراقية منذ فترة طويلة بالروابط العاطفية وشبكات التهريب القائمة بين السوريين والعراقيين على طول "وادي نهر الفرات" و"صحراء الجزيرة".
العنف على الحدود
في بداية تموز/يوليو 2012، نشر الجيش العراقي موارد إضافية لدعم مواقعه على الحدود السورية. وفي الأنبار، تم إرسال وحدات من اللواءين الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والعديد من سرايا الصاعقة إلى قواعد دوريات بالقرب من الحدود، بينما تم نقل عناصر من اللواء الثامن والثلاثين من محافظة ذي قار الجنوبية إلى "معبر ربيعة" الحدودي (الجانب العراقي من "معبر اليعربية" الحدودي) في شمال غرب محافظة نينوى. وبالإضافة إلى الدفاع عن المدن الحدودية من انتشار عدوى العنف، كان الهدف من عمليات الانتشار هذه تضييق الخناق على التعاون الحدودي بين القبائل العراقية والثوار السوريين وكذلك تيسير مرور المعونات العسكرية إلى النظام في دمشق.
تُظهر الأحداث الأخيرة في منطقة الربيعة كيف أن الوضع الحدودي أصبح أكثر هشاشة، مع دخول قوات الجيش العراقي في مصادمات مسلحة أكثر تكراراً مع الثوار السوريين. إن القوات التي يهيمن عليها الشيعة في منطقة الربيعة تعد جديدة نسبياً على المنطقة وتعرضت بشكل متكرر للاستهداف من قبل تنظيم «القاعدة في العراق»، بما في ذلك عن طريق تفجير سيارة انتحاري في تشرين الثاني/نوفمبر أدى إلى إصابة ستة أفراد. وبالإضافة إلى ذلك، قُتل سبعة جنود عراقيين وأُصيب اثنان وعشرون خلال السنة الماضية في تبادل لإطلاق النيران عبر الحدود أو في مواجهات مع المهربين. كما قُتل جنديان مؤخراً في تبادل لإطلاق النيران على الحدود في 2 آذار/مارس. وفي ذلك اليوم أصابت قذائف هاون أُطلقت من سوريا مواقع عراقية، كما أطلق القناصة العراقيون وأطقم الهاون النار على ثوار "الجيش السوري الحر" الذين اقتربوا من "معبر ربيعة" الحدودي بعد أن لاذت قوات الحكومة السورية إلى هناك. وفي اليوم السابق، تسبب صاروخ مدفعية أرض- أرض كبير أُطلق من سوريا -- وصفه المتحدثون الرسميون العراقيون بأنه صاروخ "سكود" يحمل "رأساً حربياً وزنه نصف طن" -- في حدوث فتحة بعمق ثلاثة أمتار شرق ربيعة، على بعد أقل من أربعين ميلاً من مدينة الموصل ثالث أكثر المدن اكتظاظاً بالسكان.
وقد كان حادث يوم الاثنين صادماً بصفة خاصة -- حيث تم إرسال القوات السورية التي دخلت إلى العراق في 2 آذار/مارس إلى "معبر الوليد" في شرق الأنبار من أجل إعادتهم إلى وطنهم، لكن موكبهم تعرض لكمين بقنابل مزروعة على جانب الطريق وقذائف هاون ونيران أسلحة صغيرة بعد فترة وجيزة من وصوله إلى الموقع العراقي. وذكرت التقارير أن اثنين وأربعين جندياً سورياً وتسعة من المرافقين العراقيين لقوا حتفهم.
ويمثل الهجوم عدداً من السوابق في المنطقة. إذ أن منطقة الرطبة في محافظة الأنبار هي مركز للشاحنات على الطرق المؤدية إلى سوريا والأردن، وقد عاود تنظيم «القاعدة في العراق» الظهور هناك مجدداً منذ عام 2010. كما كانت منطقة الصحراء الغربية غير الخاضعة للسيطرة مسرحاً للعديد من الأحداث المروعة، أبرزها اكتشاف قطع رؤوس ثلاثة مشايخ بارزين في تموز/يوليو 2011 وتفجيرهم لمنع دفنهم، ومجزرة أيلول/سبتمبر 2011 لواحد وعشرين حاجاً شيعياً كانوا يستقلون حافلة في النخيب. وربما يشير الترتيب المسبق لكمين 4 آذار/مارس أن المواكب السورية أمر منتظم الحدوث في المنطقة، وأن المهاجمين تلقوا معلومات مسبقة من مصادر محلية في صفوف السكان المحليين أو قوات الأمن.
التداعيات على سياسة الولايات المتحدة
من الواضح أن اندماج حركات التمرد السورية والعراقية سيضر بمصالح العراق وسوريا والولايات المتحدة على حد سواء. لذا يجب على واشنطن أن تُشرك بغداد لمنع انتقال الحرب من سوريا إلى أكثر من ذلك داخل العراق، وهو ما قد يبث الحيوية مجدداً في تمرد العرب السنة المحتضر. وعلى وجه الخصوص، يجب على واشنطن أن تذكِّر بغداد بقوة بالتبعات المزعزعة للاستقرار في حالة المبالغة في ردود فعل القوات الحكومية أو الجماعات الشيعية، لا سيما لو أخذوا إجراءً ضد مجتمعات السنة الداخلية في محاولة لاستئصال الجهاديين العراقيين والسوريين.
كما ينبغي على واشنطن أن تُحجِّم من رواية بغداد المتصاعدة بشأن احتجاجات السنة في العراق ووصفها بأنها مجرد "انتشار للعنف من سوريا"، وهي رواية أعلن عنها مستشار الأمن القومي فالح الفياض في 25 شباط/فبراير. فتصريحه بأن "الانقسامات في سوريا قد تؤثر على وحدة العراق" تخفي وراءها حقيقة أن فشل بغداد في دعم المصالحة الطائفية منذ عام 2009 كان محفزاً رئيسياً لغضب السنة وأن ذلك الوضع يجب تصحيحه. إن الموجة الحالية من الاعتقالات "الوقائية" في أجزاء يقطنها السنة في العاصمة وحولها لا تعمل سوى على زيادة مخاطر انتشار العنف التي حذر منها الفياض. وسوف يطمئن مجتمع السنة لو تعاملت بغداد بحزم مع الجماعات الأمنية الشيعية الجديدة، مثل "جيش المختار"، التي تسعى إلى استغلال الخوف الطائفي المتزايد داخل المجتمع الشيعي من خلال التهديد بتطهير المناطق المختلطة من السنة.
كما قد تأتي لحظة انفجار حقيقية بعد الإطاحة بنظام الأسد، حيث قد تتصادم حينها فرحة السنة العراقيين مع القمع الحكومي في بغداد والمناطق المحيطة. ولو جاءت تلك اللحظة، يجب أن يكون القادة والدبلوماسيون الأمريكيون على استعداد لتكريس جهودهم لدى الحكومة العراقية في وقت سيتجه فيه جُل الاهتمام إلى الأحداث الجارية في سوريا. وستحتاج واشنطن أيضاً في ذلك السيناريو إلى الضغط على الفصائل في سوريا ما بعد الأسد لعدم التدخل في العراق.
 
تعافي أفغانستان
معهد واشنطن...دانيال غرين... دانيال غرين هو زميل سوريف في معهد واشنطن ومحارب قديم في الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق.
عندما وصلت إلى ولاية أُروزجان بأفغانستان في عام 2005 للعمل بصفتي المسؤول السياسي لوزارة الخارجية الأمريكية في "فريق إعادة الإعمار الإقليمي" بمدينة تارين كوت، كانت الولاية عبارة عن معقل معزول للبشتون لا توجد فيها طرق ممهدة ولا تغطية لشبكات الهواتف الجوالة ولا كهرباء ولا مدارس للفتيات ولا حتى مرافق رعاية صحية أو فرص تعليم محترمة.
ورغم أن ولاية أُروزجان لا تُعد ولاية استراتيجية بسبب صغر حجمها، إلا أنها لعبت دوراً أكبر في تاريخ أفغانستان وكانت نقطة انطلاق مساعي الرئيس قرضاي في عام 2001 لتدشين انتفاضة ضد حركة طالبان من خلال استغلال شبكة حلفائه القبليين في المنطقة.
كان التمرد أكثر إزعاجاً من كونه تهديداً وجودياً لحكومة ولاية أفغانستان الوليدة، التي كان يقودها زعيم حرب أعور. وعلى نفس المنوال، كانت معظم الإدارات الحكومية تحت رئاسة قادة لم يحصلوا على تعليم جيد ولديهم إحساس محدود بمعنى الخدمة العامة. وقد حظيت مساعينا لتعزيز الحوكمة الجيدة والتطوير وإعادة البناء بقبول جيد لكنها كانت متواضعة إلى حد كبير في ضوء الاحتياجات الكبيرة للشعب.
عندما رحلت عن أُروزجان في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 بعد رحلة استمرت 10 أشهر، كان "فريق إعادة الإعمار الإقليمي" المكون من 90 شخصاً قد حقق تقدماً ملحوظاً وثابتاً. إذ كان قد عمل على تيسير إجراء انتخابات ناجحة لمجلس الولاية ومجلس الشعب (وليسي جيرغا)، وإنشاء أول مدرسة للفتيات وغير ذلك الكثير، فضلاً عن إنهاء تعبيد طريق يربط بين الولاية والطريق السريع الرئيسي لأفغانستان، إلى جانب العديد من مشروعات التحسين الأخرى.
لقد أنجزنا الكثير لولاية تشتمل على خمس مديريات ويتجاوز تعداد سكانها 250,000 نسمة موزعون على مئات القرى المعزولة الواقعة في أحضان الأودية الوعرة والصحاري الحارقة.
ثم عُدت إلى أُروزجان في حزيران/يونيو 2006 بناء على دعوة من السفارة الأمريكية في كابول لتسهيل نقل إدارة "فريق إعادة الإعمار الإقليمي" من القيادة الأمريكية إلى القيادة الهولندية. ورغم أن فترة تغيبي لم تتجاوز السبعة أشهر، إلا أن الولاية كانت قد تحولت من مكان آمن نسبياً، حيث كانت أعمالنا ترتكز على حفظ السلام والتنمية، إلى مكان للحرب المفتوحة مع شن مئات من مقاتلي طالبان لأعمال قتالية عبر أنحاء الإقليم على نحو يحول دون الكثير من الأعمال التي كنا نقوم بها. وهذا يرجع جزئياً إلى عزلة الشعب نتيجة السلوك الجشع للمسؤولين الحكوميين والانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية في المنطقة والعدد المحدود لقوات الأمن الأفغانية.
وعبر أرجاء جنوب أفغانستان في عام 2006، عاد تمرد طالبان لكن بحجم وكثافة وقوة على الفتك غير مسبوقة منذ الغزو الأمريكي في عام 2001. لقد ولّت أيام المعارك القصيرة، عندما كانت حركة طالبان توقف الاشتباك لأن الدعم الجوي لقوات التحالف في طريقها، والهجمات غير المنتظمة كانت تشمل عبوات ناسفة، وقعت في معظمها على حدود الولاية. وكان التمرد في عام 2006 أضخم حجماً وأكثر انضباطاً ويباشر عملياته بطريقة أخذت طابع الجيوش التقليدية بشكل متزايد.
لقد كانت طالبان آنذاك تجتاح مراكز المديريات وتهاجم قواعد العمليات الأمامية وتستخدم أساليب أكثر تقدماً مثل القناصة والهجمات الانتحارية والعمليات المشتركة. ورغم أن "فريق إعادة الإعمار الإقليمي" استمر في مباشرة أعماله، إلا أن العنف حدّ من قدرته على الحركة والمناورة بشكل كبير، وتعين تعليق العديد من برامجنا.
لقد اتضح أن السنوات السلمية نسبياً من 2001 إلى 2005 في ولاية أُروزجان كانت تعبّر عن سلام زائف، حيث كثفت حركة طالبان التمردية من جهودها لإعادة تأكيد سيطرتها على الولاية وأرغمت الحكومة الأفغانية وقوات التحالف على التراجع من الولاية.
واتضح أنه بغض النظر عن مدى براعتنا في قتال طالبان، إلا أننا لم نكن ننجز أمناً مستداماً يتولى قيادته الأفغان. لم نكن نخسر المعركة، لكن من المؤكد أننا لم نكن نحقق انتصاراً أيضاً. وعندما عُدت إلى أُروزجان في عام 2012 لجولة استمرت ثمانية أشهر بصفتي أحد ضباط قوات الاحتياط الذين تم استدعاؤهم مع البحرية الأمريكية، شعرت أنني محظوظ جداً برؤية التغييرات الهائلة التي حدثت في الولاية. كنت أعمل ضابط تواصل قبلي وسياسي، حيث كنت أستغل علاقاتي بأعضاء القبائل المحليين وأعضاء حكومة الولاية لتقديم نصائح إلى الوحدات العسكرية الأمريكية العاملة في المنطقة.
وأحياناً تكون التفاصيل الصغيرة هي التي تخبرك بحدوث تغير جذري. فحالة العجلة المصحوبة بالفوضى التي اتسمت بها الولاية في الحرب المفتوحة حل محلها شعور بالاستقرار وثقة المجتمع بقدرته على توفير الأمن لسكانه. لقد كانت الشرطة ترتدي زياً رسمياً، وهذا ليس بالأمر الهين، كما أنهم انتشروا بأعداد كثيفة عبر أنحاء عاصمة الولاية والمنطقة. كان بمدينة تارين كوت بازار مكتظ ومنطقة ريفية شهدت أعمال تطوير غير منظمة لأن الطريق المعبَّد الرابط بين الولاية وقندهار قد تمت إطالته ليصل إلى المديريات المحيطة. لقد أصبح الجيش الأفغاني ينتشر بشكل أكبر بكثير كما أن "برنامج عمليات إرساء الاستقرار في القرى التابع لقوات العمليات الخاصة الأمريكية" زاد من تواجد "الشرطة المحلية الأفغانية" في القرى.
كما انتشرت في المنطقة قوات أمن أكبر حجماً بكثير وبات واضحاً أن المؤسسات الأفغانية الأكثر نضجاً تصنع فارقاً حقيقياً. كما شهدت الولاية زيادة كبيرة في أعمال التطوير والتنمية، وشمل ذلك توفير تغطية كاملة لشبكات الهواتف الجوالة وإنشاء مدرسة ثانوية للفتيات وإنشاء عيادات وطرق إضافية وإنشاء ست جسور جديدة وكلية جديدة ووضع خطط لإنشاء استاد وتوسيع نطاق تواجد حكومة الولاية. لقد كان الحاكم قائداً مثقفاً وكفؤاً، وكانت إدارات الولاية تحت قيادة أفراد مدربين يمتلكون الموارد الكافية لتقديم الخدمات الأساسية. ورغم أن الهجمات الانتحارية والاغتيالات كانت لا تزال تمثل مصدر قلق، إلا أنه لم يكن بوسع حركة طالبان التمردية تجميع مئات المقاتلين لشن الهجمات التقليدية التي كانت تشنها في عام 2006 والسنوات اللاحقة.
أما على مستوى "فريق إعادة الإعمار الإقليمي"، فقد كانت هناك تغيرات أيضاً. فلقد أصبح تحت قيادة الحكومة الأسترالية، بعد أن رحل الهولنديون في عام 2010، وشهد طفرة هائلة في الموارد والطاقم والقدرات. ورغم أن معظم المدنيين البالغ عددهم عشرين مدنياً تقريباً ضمن "فريق إعادة الإعمار الإقليمي" كانوا من أستراليا، إلا أن أعداد الممثلين للولايات المتحدة تضاعفت. وقد أصبح لدى السفارة الأمريكية "مكتب شؤون الولايات لما بين الوكالات في كابول" الذي تتركز مهامه بشكل أكبر على أعمال التنمية في الولايات، وهو شيء لم يكن موجوداً في عامي 2005 و2006. وجاء دعم اضافي من وجود مدني أكثر قوة وزعامة في "القيادة الإقليمية في الجنوب".
ورغم أنني كنت ملتحقاً بالجيش آنذاك، إلا أنني كنت أعلم مدى التحسن الهائل الذي طرأ على تدريب موظفي الإدارات قبل عمليات الانتشار وذلك بفضل التدريب الاستكشافي المدني في معسكر أتيربيري في إنديانا، الذي يشتمل على قاعدة عمليات أمامية محاكاة.
ومن جوانب عديدة، فإن قدرة الأفغان على الحوكمة -- المتمثلة في زيادة أعداد الأفراد المدربين وزيادة قدرات المؤسسات وتنفيذ العديد من العمليات الأكثر رُشداً -- عكست تطوراتنا في هذا الصدد. ومع استمرار العملية الانتقالية، حظيتُ بشرف رؤية كيف أن جزءاً صغيراً من أفغانستان عايش فترات تعاظم دور التمرد وتراجعه، ونقل الحرب إلى قيادة منظمة حلف شمال الأطلسي، وتغيير السياسة الأمريكية في البلاد ونضج المؤسسات والسياسات الأفغانية. ورغم أنه لا يوجد شيء مؤكد في أفغانستان وأن بعض الأشياء لا تتكشف إلا بمرور الوقت، إلا أنني متفائل أن الأفغان -- وإن في ولاية أُروزجان على الأقل -- مستعدون جيداً لتحمل مسؤولية مستقبلهم والانصراف عن التمرد بما يقدمه من وعود زائفة لخلق مستقبل أفضل.

المصدر: معهد واشنطن

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,480,315

عدد الزوار: 6,993,153

المتواجدون الآن: 69