أخبار وتقارير...سلفيو مصر.. غالبية تقاطع انتخابات الرئاسة وأقلية مع السيسي...التحول الديمقراطي في تونس: من الخلاف إلى التوافق؟ ...حرب الغاز الأوروبية - الروسية: بروكسيل تبحث عن بدائل وعين موسكو على بكين....الرأي العام الفلسطيني يمنح عباس مساحة كافية للمناورة

رئيس وزراء أسكوتلندا يوجه آخر نداء من أجل الاستقلال وسالموند دعا مواطنيه لاغتنام فرصة العمر....التمرد في الشرق الأوكراني يتعزز رغم مساعي كييف للتهدئة ومئات الموالين لروسيا يحتلون مباني حكومية ....

تاريخ الإضافة الإثنين 14 نيسان 2014 - 7:40 ص    عدد الزيارات 1762    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

الرأي العام الفلسطيني يمنح عباس مساحة كافية للمناورة
ديفيد بولوك
ديفيد بولوك هو زميل كوفمان في معهد واشنطن ومدير منتدى فكرة.
"في 4 أبريل 2014، خاطب ديفيد بولوك، دينيس روس، وروبرت ساتلوف منتدى سياسي في معهد واشنطن. ويستند المرصد السياسي التالي على تصريحات السيد بولوك للمناسبة بأكملها. وسيتم نشر ملاحظات السيد ساتلوف بشكل منفصل."
 بينما تسعى الولايات المتحدة جاهدة نحو إنقاذ محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، أضحى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة أكثر استعداداً لقبول تنازلات دبلوماسية مما تشير إليه المواقف الرسمية أو توجهات النخبة. ويشير عدد من استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً من قبل مختلف خبراء رأي فلسطينيين في هذا المجال، إلى جانب المناقشات المتعمقة مع باحثين فلسطينيين وغيرهم في أواخر آذار/مارس، إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتمتع بقدر أكبر من الحرية لعقد صفقات عما كان متصوراً في الغالب. وتأتي استطلاعات الرأي المذكورة هنا من "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" و "مركز العالم العربي للبحوث والتنمية"، اللذيْن مقرهما في رام الله، و "المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي"، الذي مقره في بيت لحم.
"الشارع" الفلسطيني أكثر مرونة من نخبته
في اجتماعات خاصة عُقدت مؤخراً بين سياسيين وخبراء فلسطينيين في رام الله في أواخر آذار/مارس، أوضحت مناقشات دائرة حول استطلاعات الرأي الجديدة غير المنشورة ولكنها تحظى بقدر كبير من الموثوقية، أن عموم السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة غالباً ما يكونون أكثر ميلاً نوعاً ما نحو تقديم تنازلات عما تقدمه كبار شخصياتهم السياسية والإعلامية والمهنية والأكاديمية. على سبيل المثال، أظهرت مقارنة عقدت بين نتائج اثنين من استطلاعات "مركز العالم العربي للبحوث والتنمية" ["أوراد"] أجريت في شباط/فبراير و آذار/مارس أن 49% من عموم المستطلعين يؤيدون "المفاوضات المستمرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل" مقابل 39% من النخبة. وبالمثل، قال 44% من عموم المستطلعين، ولكن 31٪ فقط من النخبة، أنهم "قد" يقبلون بوجود عسكري إسرائيلي مؤقت في وادي الأردن.
وفيما يتعلق ببعض القضايا، يشير التباين إلى الاتجاه المعاكس؛ فعلى سبيل المثال، في استطلاع رأي حول إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح أجاب نصف النخبة الذين شملهم الاستطلاع بـ "ربما"، لكن الخُمس فقط ممن شملهم الاستطلاع من الشارع الفلسطيني أعطى الإجابة نفسها. ومع ذلك، وعند استطلاع رأي الشارع بخصوص حزمة شاملة تضم هذه التنازلات وغيرها، نجد أن 48% من الشارع يوافق عليها، بالمقارنة مع 41٪ فقط من النخبة الفلسطينية. ويؤيد استطلاع منفصل لـ "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" جرى بين 20-22 آذار/مارس، هذا التحليل لشريحة أكثر مرونة من الجمهور. ومن بين خريجي الجامعات، عارض 72% توسيع نطاق محادثات السلام؛ ولكن هذه النسبة كانت أقل من ذلك بكثير بين صفوف الأميين حيث بلغت 54%.
قضية الدولة اليهودية مسببة للشقاق بصفة خاصة، لكن عموم السكان أقل معارضةً لها
إن التفاوت بين توجهات النخبة وعموم السكان واضح بشكل خاص بشأن مسألة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. ففي اثنين من الاستطلاعات التي أجريت مؤخراً، رأى 15% فقط من النخبة أنهم "قد" يقبلون هذا الاقتراح - بيد أن 40% من عموم السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة أعربوا عن ذات الرأي. وقد أظهرت إحدى الدراسات المسحية أنه في حين يرفض ثلثا خريجي الجامعات إبرام صفقة تتضمن الاعتراف بالدولة اليهودية، إلا أن 43% فقط من الأميين يتبنون هذا الرأي. وقد أظهرت استطلاعات أخرى للرأي أنه منذ عام 2006 قبل ما يصل إلى ثلثي عموم الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة، الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، إلا أن هذا الرقم قد انخفض منذ ذلك الحين إلى نطاق 40%.
ومن المحتمل أن يعود سبب هذا الانخفاض إلى عدة عوامل وهي: إصرار الحكومة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على هذا الشرط؛ والرفض الصارم من جانب الحكومة الفلسطينية له؛ والتراجع العام في الثقة الشعبية بشأن عملية السلام. وعلى الرغم من جميع هذه الإشارات السلبية الجديدة، فلا تزال تجدر الإشارة إلى أن هذه الأقلية الكبيرة من الشعب الفلسطيني تستمر في قوبل المفهوم المثير للجدل المتمثل في الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. وعلاوة على ذلك، فمن المثير للدهشة أن المعارضة الأقوى لا تبدو متمركزة بين صفوف الجماهير، بل في الطبقات العليا.
القضايا الداخلية، وليس إسرائيل، تحظى بأولوية قصوى
من بين النتائج الأكثر إثارة للدهشة الواردة في أحدث تقارير هذه الدراسة المسحية أن أياً من القضايا المشار إليها سابقاً لا تتقدم في سُلّم الاهتمامات على الأولويات المحلية. وبالأحرى، فإن الفلسطينيين، مثلهم مثل معظم الناس في معظم الأماكن، يولون اهتماماً أكبر بالشؤون الداخلية من تلك الخارجية. وعندما طُلب ممن شملهم الاستطلاع اختيار "المشكلة الأخطر التي تواجه المجتمع الفلسطيني اليوم"، اختار نحو الثلثين القضايا الداخلية: الفقر والبطالة (27٪)؛ انعدام الوحدة الوطنية (21٪)؛ أو "الفساد في بعض المؤسسات العامة" (10٪). واختار رُبع واحد فقط منهم "استمرار الاحتلال وأنشطة الاستيطان" باعتبارها أكثر المشاكل التي يواجهونها خطورةً، في حين استشهد 10٪ بـ "الحصار وإغلاق المعابر الحدودية في غزة."
قضية السجناء أكثر إثارة للخلاف من المستوطنات
من المثير للاهتمام، أن آخر استطلاعات "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" يشير أيضاً إلى أن قضية السجناء هي أكثر بروزاً، وربما أكثر أهمية للجهود الرامية إلى إحياء محادثات السلام، من بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وسوف تتحول الآراء حول توسيع نطاق تلك المحادثات من نسبة الإجابة بالنفي التي بلغت 55% لتصل نسبة الموافقة إلى 51% إذا وافقت إسرائيل على تجميد بناء المستوطنات بشكل جزئي. ولكن الدعم لاستمرار المفاوضات سوف يقفز إلى 65٪ إذا فرجت إسرائيل عن المزيد من السجناء. وحتى أن أكثر من (68٪) من الذين شملهم الإستطلاع سيوافق على تأجيل الانضمام إلى هيئات دولية إضافية في مقابل إطلاق سراح وجبة جديدة من السجناء. وعلى نفس المنوال، أظهرت نتائج أحد استطلاعات "المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي" التي جرت في آذار/مارس أن ثلاثة أرباع الفلسطينيين يرون أن الإفراج عن السجناء قضية محورية للحفاظ على استمرارية محادثات السلام. ورداً على أحد الأسئلة المفتوحة، حصلت قضية السجناء على نسبة أعلى من قضية المستوطنات (35% مقابل 33%) كشرط لاستمرار المفاوضات.
تأييد واسع لبديل الأمم المتحدة؛ ربع ... سوف يختار "حل الدولة الواحدة"
أظهرت دراسة أجريت مؤخراً وجود دعم شعبي عارم (86%) يؤيد اتخاذ السلطة الفلسطينية خطوات أحادية الجانب للانضمام إلى المنظمات الدولية. واستفاضة في هذه النقطة، تشير دراسات أخرى إلى أن هذا التأييد سينخفض بشكل كبير، ليصل إلى حوالي 60%، إذا نجم عن هذا القرار فرض عقوبات اقتصادية أمريكية.
وهناك احتمال بديل أو أطول مدى يتمثل في العمل من أجل إقامة دولة واحدة تجمع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتمنحهم حقوقاً متساوية، وهو الاحتمال الذي يجذب حالياً تأييداً من ما يقرب من ربع عموم السكان، ويشمل ذلك حوالي 30٪ من سكان الضفة الغربية. وفي حين أن هذا لا يزال يمثل رأي أقلية، إلا أنه يمثل زيادة كبيرة على مدار السنوات الماضية. والأسباب الأكثر احتمالاً هي مزيج من تزايد خيبة الأمل الشعبية حول احتمالات التوصل إلى حل الدولتين، وتجديد التصورات حول التحدي الديموغرافي الفلسطيني لإسرائيل في النهاية، وزيادة الوعي تدريجياً بحركة نزع الشرعية عن إسرائيل باعتبارها "دولة فصل عنصري". 
الانتفاضة المسلحة لن تحوز سوى على تأييد الأقلية
عندما سُئل الفلسطينيون عما إذا كانوا سيدعمون شخصياً المعارضة المسلحة ضد إسرائيل، كانت إجابة حوالي الثلث منهم بالإيجاب (وبنسبة أعلى نوعاً ما في غزة). لكن هناك إحصائية أخرى من المحتمل أن تكون أكثر تبياناً، نظراً لأنها أقل ارتباطاً بالشحن السياسي. فحين سؤالهم حول "ما الذي يعتقدون حدوثه على الأرجح حال فشل الجولة الحالية من المفاوضات"، يرى 25% فقط من الفلسطينيين اندلاع "انتفاضة أخرى". وتقول نسبة متساوية من االمجيبين أن "الرئيس عباس سيعود إلى الأمم المتحدة"؛ ويتوقع 11% انهيار السلطة الفلسطينية تماماً. بيد أن الرد الأكثر شيوعاً (34%) حول الذي سيحدث كان "لا شيء".
ما يقرب من نصف سكان الضفة الغربية يوافقون على الاتصالات العملية مع إسرائيل
من بين النتائج الأكثر أهمية التي انطوت عليها هذه الاستطلاعات الأخيرة هي الردود على أشكال مختلفة من التعاون العملي مع الإسرائيليين. على الرغم من الحملة شبه الرسمية التي تشنها حركة «فتح» ضد "التطبيع"، إلا أن سكان الضفة الغربية هم في الواقع منقسمون بشكل قوي جداً حول أشكال عديدة للتواصل مع الإسرائيليين. إذ يرى ما بين 43% و49% أنه من المقبول الترحيب بزيارة الإسرائيليين، وإجراء مناقشات سياسية معهم، والتحدث الى صحفيين إسرائيليين، وتحسين العلاقات التجارية مع إسرائيل، والتعاون في مجال المشاريع العلمية أو البيئية أو الصحية. ولكن فقط عندما يتعلق الأمر بالرياضة أو الفعاليات الثقافية ترفض أغلبية كبيرة (66%) مثل هذه الاتصالات بشدة. والمعارضة الشعبية لجميع هذه الخيارات أعلى نوعاً ما في غزة، لكن القيود الأمنية تجعل مثل هذه الاتصالات شبه مستحيلة هناك على أي حال.
التداعيات السياسية
الخلاصة الرئيسية من هذا التحليل هي أنه خلافاً للمفاهيم الخاطئة الشائعة، يوفر الرأي العام الفلسطيني مجالات للمسؤولين الأمريكيين أثناء سعيهم لصياغة السياسات بشأن القضايا الأساسية. فالتركيز على إطلاق سراح السجناء، أكثر من التركيز على تجميد الاستيطان، يتفق بصورة أفضل في الواقع مع المطالب الشعبية الفلسطينية وتفضيلات الحكومة الإسرائيلية على حد سواء. وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يؤدي إعداد عقوبات أمريكية - ضد أي تحركات أحادية إضافية من جانب السلطة الفلسطينية - إلى خفض التأييد الشعبي الفلسطيني لمثل هذه الخطوات. وربما يواجه حث السلطة الفلسطينية على تقديم تنازلات بشأن قضية الدولة اليهودية، كجزء من صفقة سلام، مقاومة شعبية ضئيلة بدرجة مدهشة. وفي هذا الأثناء، قد يلقى الدعم الأمريكي للتنمية الفلسطينية الاقتصادية - بل ودعمها للتعاطي الإسرائيلي الفلسطيني ذو المنفعة المتبادلة باعتباره بديلاً أكثر شعبية من المواجهة العنيفة - صدى واسعاً بشكل غير متوقع في صفوف المجتمع الفلسطيني.
 
التمرد في الشرق الأوكراني يتعزز رغم مساعي كييف للتهدئة ومئات الموالين لروسيا يحتلون مباني حكومية في ثلاث مدن على الأقل

كييف - موسكو: «الشرق الأوسط» .... تزايدت مظاهر التمرد في مناطق الشرق الأوكراني، أمس، رغم الزيارة التي أداها رئيس الوزراء الأوكراني إلى تلك المناطق، ومحاولته نزع فتيل الأزمة الناجمة عن احتلال متظاهرين موالين لروسيا مباني حكومية ومطالبتهم بالانضمام إلى روسيا، أو على الأقل إجراء استفتاء حول توسيع الحكم الذاتي.
وذكرت الشرطة أن متظاهرين موالين لروسيا سيطروا أمس على مبنيين في مدينة سلافيانسك بشرق أوكرانيا، يضم أحدهما المقر المحلي لجهاز أمن الدولة. ولم يواجه المتظاهرون الذين كانوا يحملون هراوات وناهز عددهم مائتين أي مقاومة، فيما شوهد عشرات من عناصر شرطة مكافحة الشغب أرسلوا إلى المكان لحماية المبنى يضعون أشرطة برتقالية وسوداء بلوني المؤيدين لروسيا.
وعموما، بات مئات الناشطين الموالين لروسيا يحتلون مباني عامة في عدد من مدن الشرق الأوكراني، رغم توجه رئيس الوزراء آرسيني ياتسينيوك إلى دونيتسك، إحدى كبرى مدن شرق أوكرانيا الناطق بالروسية، أول من أمس، وتقديمه وعودا بمنح تلك المدن صلاحيات أوسع وعدم ملاحقة أي من المسلحين في حال سلموا أسلحتهم. ويحتل هؤلاء الناشطون وبعضهم مسلح، منذ الأحد الماضي، مقر الإدارة المحلية في دونيتسك ومقر أجهزة الأمن في لوغانسك، وهما مدينتان كبيرتان في شرق أوكرانيا تقعان على بضع عشرات الكيلومترات من الحدود الروسية.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الروسية، أمس، إن تهديد السلطات الأوكرانية الموالية لأوروبا بمهاجمة المتظاهرين الموالين لموسكو والذين استولوا على مقار عامة جديدة في شرق أوكرانيا، أمر «لا يمكن قبوله». وذكرت الخارجية الروسية في بيان أنه خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره الأوكراني أندريه ديشتشيتسا «شدد الجانب الروسي على مسؤولية السلطات الحالية في كييف عن منع أي لجوء إلى القوة في جنوب وجنوب شرقي أوكرانيا». وأضاف البيان أن «تهديدات كييف الدائمة بشن هجوم على المباني التي احتلها المتظاهرون في دونيتسك ولوغانسك لا يمكن القبول بها». ودعا لافروف الجانب الأوكراني إلى «التحرك فقط في شكل سلمي، عبر الحوار، مع أخذ المطالب المشروعة لجنوب وجنوب شرقي أوكرانيا في الاعتبار، بما في ذلك مشاركة ممثلين لهذه المناطق في عملية الإصلاح الدستوري».
وكان وزير الداخلية الأوكراني آرسين افاكوف هدد في وقت سابق الانفصاليين باستخدام القوة في حال عدم تسليمهم أسلحتهم. لكن تحرك الحكومة الأوكرانية حمل مساعي للتهدئة أيضا. فقد أدى رئيس الوزراء ياتسينيوك أول من أمس زيارة إلى دونيتسك وقدم ضمانات قد لا ترضي الأكثر تطرفا من بين الموالين لروسيا. وقال ياتسينيوك إن «الحل لا يجري عبر القوة» وعرض تقديم ضمانات إلى الانفصاليين. وتعهد بأن يقترح قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة في 25 مايو (أيار) المقبل إجراء تعديلات دستورية لـ«ضمان توازن السلطة بين السلطة المركزية والمناطق» قبل الانتخابات الرئاسية في 25 مايو. كما تعهد بعدم المساس بالقوانين التي تعطي اللغات الأخرى غير الأوكرانية صفة رسمية. وقال إن «أحدا لن يسعى بأي ذريعة إلى الحد من استخدام لغة شائعة».
إلا أن الانفصاليين المدعومين من موسكو يطالبون بإدراج النظام الفيدرالي في الدستور، وهو ما ترفضه كييف، وترى أنه يفسح المجال أمام تمزيق البلاد، ولذلك فهي ترفض أن تذهب أبعد من النظام «اللامركزي». ولم يجر ياتسينيوك أي اتصال مباشر مع الانفصاليين، إلا أن رينات أحمدوف، أغنى رجل في البلاد والذي يتمتع بنفوذ كبير في المنطقة، لعب دور الوسيط.
وفي الوقت الذي هددت فيه كييف وواشنطن الاستخبارات الروسية بالوقوف وراء الاضطرابات في الشرق، أكد وزير الخارجية الروسي أول من أمس أن موسكو «ليس لديها عملاء ولا عسكريون» في المنطقة. ورد لافروف على اتهامات واشنطن وكييف قائلا إن «التحريض على مشاعر معادية لروسيا على خلفية عنصرية وكراهية للأجانب في العديد من دول الاتحاد الأوروبي وتزايد عدد المجموعات القومية المتطرفة والتساهل إزاء النازية الجديدة سواء في أوكرانيا أو في أماكن أخرى يهدد بشكل واضح استقرار أوروبا».
ويخشى الغرب وكييف من أن يشهد شرق أوكرانيا سيناريو مشابها لما حصل في القرم شبه الجزيرة الأوكرانية التي ألحقت بروسيا في مارس (آذار) الماضي بعد استطلاع للرأي لم يعترفا به.
وفي محاولة لحل الأزمة بين الشرق والغرب والتي أثارتها الأحداث في أوكرانيا وهي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الباردة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية انعقاد اجتماع رباعي في 17 أبريل (نيسان) الحالي في جنيف بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأضافت الوزارة أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيتوجه إلى جنيف «لمواصلة جهود نزع فتيل الأزمة في أوكرانيا وإيجاد حل دبلوماسي». وكان مبدأ عقد هذا الاجتماع أعلن هذا الأسبوع، وتوافق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري على إجراء «مشاورات مباشرة». ويفترض أن يمثل أوكرانيا في جنيف وزير خارجيتها أندري ديشتشيتسا، وأن تمثل كاثرين أشتون الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أول من أمس، فرض عقوبات على سبعة أشخاص سبق أن عاقبهم الاتحاد الأوروبي، هم ستة مسؤولين في القرم ومسؤول أوكراني سابق، إضافة إلى مجموعة غاز في القرم. وقال مساعد وزير الخزانة الأميركي ديفيد كوهين إن «القرم أرض محتلة. سنواصل فرض عقوبات على من يستمرون في انتهاك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها».
 
رئيس وزراء أسكوتلندا يوجه آخر نداء من أجل الاستقلال وسالموند دعا مواطنيه لاغتنام فرصة العمر

لندن: «الشرق الأوسط» .... وجه رئيس الوزراء الأسكوتلندي أليكس سالموند أمس، خطابا أكد فيه أن التصويت على الاستقلال المرتقب في سبتمبر (أيلول) المقبل يتعلق بمستقبل البلاد وليس مستقبل حزبه. وذكر سالموند في مؤتمر الحزب الأسكوتلندي الوطني في مدينة أبردين، وهو المؤتمر الأخير للحزب قبل إجراء الاستفتاء التاريخي المرتقب أن «التصويت بنعم في سبتمبر ليس تصويتا لأجلي أو لحكومة للحزب الأسكوتلندي الوطني في 2016. وإنما هو تصويت من أجل حكومة في أسكوتلندا يختارها شعب أسكوتلندا، تطبق السياسات التي يؤيدها شعب أسكوتلندا». وأضاف أن «حكومة تقرر الضرائب والاقتصاد والأمن الاجتماعي والتوظيف والهجرة وعائدات النفط والغاز والسياسة الأوروبية ومسائل أخرى هي حاليا تحت سيطرة وستمنستر». وتابع أن «المسألة تتعلق بوضع مستقبل أسكوتلندا بيد أسكوتلندا».
وكان سالموند افتتح مؤتمر الحزب أول من أمس، وحث الوفود على اغتنام «فرصة العمر» في الاستفتاء المقرر في 18 سبتمبر المقبل. وأطلق سالموند نداءه في المؤتمر الذي عقد في الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الأسكوتلندي الوطني، وهو المؤتمر الأخير للحزب قبل إجراء الاستفتاء الذي يمكن أن يفضي إلى نهاية ارتباط أسكوتلندا بالمملكة المتحدة المستمر منذ 300 سنة. وقال سالموند أمس إنه في حال صوت شعب أسكوتلندا بنعم فإن العمل سيبدأ «فورا» لأجل الانتقال إلى الاستقلال.
ويشمل العمل الذي تحدث عنه الزعيم الأسكوتلندي، تشكيل وفد مفاوض وانطلاق المحادثات مع وستمنستر قبل نهاية سبتمبر. وحول مهام هذا الوفد قال سالموند: «ستلتئم مجموعة تفاوض تضم كل الأحزاب ويطلق عليها فريق أسكوتلندا، وتشمل أعضاء لا ينتمون للحزب الأسكوتلندي الوطني». وأضاف عن الفريق أنه «سيؤمن الخبرة من جميع الأطياف السياسية وخارجها، ومن أسكوتلندا وخارجها».
ويدعو الحزب الأسكوتلندي الوطني للتصويت بنعم، على عكس المحافظين والعمال والليبراليين الديمقراطيين في بريطانيا الذين يريدون أن يبقى شعب أسكوتلندا البالغ عددهم 3.5 مليون نسمة جزءا من المملكة المتحدة. وقالت نائبة رئيس الوزراء نيكولا ستورجن في خطابها أول من أمس، إن الحزب يستعد لتصعيد حملته للتصويت بنعم في الأشهر الخمس التي تسبق الاستفتاء التاريخي في سبتمبر. وأضافت ستورجن: «في هذه الأشهر المقبلة سنضاعف جهودنا، سنبذل جهدا أكبر من أي وقت مضى». وتابعت: «أن الجائزة ليست نهاية الرحلة بل بدء مستقبل أفضل. أسكوتلندا عضو مستقل وحر ومتساو في أسرة الأمم». وانتقدت ستورجن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لرفضه المشاركة في مناظرة وجها لوجه مع سالموند حول مسألة الاستقلال. وقالت: «يمكنني القول اليوم إن رئيس الوزراء الذي وعد بالمحاربة في سبيل الاتحاد بقلبه وعقله وجسمه وروحه لا يزال يسعى لمعرفة الجزء من جسمه الذي يسمح له بالموافقة على إجراء مناظرة مع أليكس سالموند».
يذكر أن أسكوتلندا تتمتع حاليا بحكم ذاتي واسع منذ استفتاء 1997 الذي أعطاها مزيدا من السلطات، كما يملك برلمانها صلاحيات في مجال التعليم والصحة والبيئة والقضاء. غير أن برلمان المملكة المتحدة في لندن لا يزال يتخذ القرارات المتعلقة بالدفاع والسياسة الخارجية، ويريد الحزب الأسكوتلندي الوطني الاستقلال التام.
 
حرب الغاز الأوروبية - الروسية: بروكسيل تبحث عن بدائل وعين موسكو على بكين
الحياة...موسكو - يوليا بوغدانوفا
تلوح في الأفق بوادر جولة جديدة من المعارك ضمن حرب الغاز بين روسيا والاتحاد الأوروبي، وكما في الجولات السابقة عامي 2006 و2009، تلعب أوكرانيا والأوضاع فيها دوراً محورياً في إذكاء الصراع بين موسكو وبروكسيل.
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجه رسالة يخطر فيها القادة الأوروبيين بأن موسكو يمكن أن تلجأ إلى طريقة جديدة في حسابات الغاز مع أوكرانيا على قاعدة الدفع المسبق، محذراً من أخطار تهدد عبور الغاز الطبيعي المتوجه إلى أوروبا عبر أوكرانيا، داعياً إلى تكاتف الجهود لمساعدة كييف اقتصادياً لتجنب الأسوأ. ولفت إلى أن بلده دعم أوكرانيا في السنوات الأخيرة بنحو 35 بليون دولار، وأن الديون الأوكرانية تجاوزت 16 بليوناً.
وأثار موقف الطرفين المتباعد بشأن الأزمة الأوكرانية وضم روسيا شبه جزيرة القرم، خلافات عميقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي، ما ينذر بتراجع العلاقات التجارية التي ترتبط أساساً بإمدادات الطاقة، وخصوصاً الغاز. وتزداد الشائعات حول حرب غاز في ظل العقوبات الغربية ضد روسيا، والتصريحات حول محاولات أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي، وكذلك الجولات الروسية إلى اليابان والصين ومحاولات تسريع صفقة لبيع الغاز من «غازبروم» إلى الصين في محاولة لإيجاد بدائل للسوق الأوروبية.
وأعلنت شركة «إيني» الإيطالية منذ أيام أنها تستطيع الاستغناء عن الغاز الطبيعي من روسيا العام المقبل، ما يهدد مصير مشروع «السيل الجنوبي» لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر البحر الأسود وجنوب أوروبا، وهو مشروع دفعت روسيا بثقل دبلوماسيتها لتمريره للقضاء على حظوظ خط «نابوكو» المدعوم أميركياً لنقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوروبا عبر تركيا.
كما أعلنت أوروبا خطة طموحة لخفض اعتمادها على الغاز الروسي إلى أقل درجة حتى العام 2020 بالاعتماد على تطوير مكامن الغاز الصخري، وزيادة إنتاج الطاقة من الرياح ورفع الواردات من دول أخرى من ضمنها الولايات المتحدة.
وفي خريف عام 2012، بلغت الطاقة التصديرية لشركة «غازبروم» نحو 250 بليون متر مكعب، وينقل معظم الصادرات إلى أوروبا عبر شبكة الخطوط الأوكرانية التي مرّ عبرها في العام الماضي نحو مئة بليون متر مكعب إلى سلوفاكيا، وتشيخيا وألمانيا وفرنسا وسويسرا، والنمسا وإيطاليا والمجر.
وتبلغ قدرة النقل الخاصة بخط انابيب «يامال وأوروبا» 33 بليون متر مكعب في السنة وهو يمر بأراضي روسيا وبيلاروسيا وبولندا ليصل إلى ألمانيا. وفي عام 2010 ضخت روسيا الغاز عبر خط «نورد ستريم» الذي يربطها مباشرة بألمانيا عبر بحر البلطيق وتبلغ قدرته التصديرية 55 بليون متر مكعب.
ومع أن أوروبا تستطيع الحصول على الغاز من مصادر أخرى، لكن هذا الأمر ليس سهلاً، وسيتطلب الكثير من الوقت. والمشكلة هي أن كل الغاز الذي يتم تصديره، يتم توفيره عبر عقود طويلة الأجل، وهذا الوضع يمكن أن يتغير فقط في حال العثور على مصادر ضخمة جديدة للغاز، ما يكاد يكون مستحيلاً.
ويشير رئيس قسم الغاز والفحم والكهرباء في «وكالة الطاقة الدولية»، لازلو فارو، إلى أن أوروبا ستظل لعقود أخرى، أكبر مستهلك للغاز الروسي، ذلك أن تحقيق زيادة حادة في الإنتاج المحلي على حساب استخراج الغاز الصخري سيكون صعباً جداً.
ويستورد بعض البلدان، مثل ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا وفنلندا وتشيخيا وسلوفاكيا وبلغاريا كل حاجاتها من الغاز الروسي. وترغب سلطات الاتحاد الأوروبي في تقليص الاعتماد على روسيا من خلال زيادة كفاءة استخدام الطاقة، والحد من الطلب عليها، وكذلك من خلال استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
حتى ألمانيا، التي بلغت حصتها من الغاز الروسي في العام الماضي 28 في المئة فقط، فهي غير قادرة على الاستغناء عنه، وحتى الآن لم تستطع أن تقلص اعتمادها عليه بوتيرة أسرع، على رغم محاولتها ذلك منذ سنوات. وتزداد مشاكل أوروبا لأن إنتاج الغاز الطبيعي فيها سيتراجع، وسينخفض احتياط الغاز في هولندا وبريطانيا والنروج، علـــى رغم أنها لن تنعدم تماماً.
ووفقاً للسيناريو الواقعي، فإن استهلاك أوروبا سينمو إلى 700 بليون متر مكعب عام 2020، مقارنة بـ 650 بليون متر مكعب حالياً. وسيخفض إنتاج الغاز في المنطقة تدريجاً، ما سيؤدي إلى نقص في كميات الغاز المطلوبة.
وفي ما يتعلق باستبدال الغاز الطبيعي الروسي في أوروبا بالغاز الصخري الأميركي، يرى خبراء روس، أن إمكان إمدادات الغاز من الولايات المتحدة إلى أوروبا، ليست قراراً اقتصادياً بل سياسياً. فالولايات المتحدة لديها حجم كبير بما يكفي من الغاز الذي يمكن تصديره، ولكن حتى الآن لا تتوافر البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز المسال، وهي الطريقة الوحيدة الكفيلة بنقله إلى أوروبا بحراً. وفي السنوات المقبلة، يجري التخطيط لبناء مصنع في ولاية لويزيانا، سيصبح جاهزاً عام 2016 لتصدير الغاز الطبيعي المسال. كما أن 21 شركة اميركية قدمت طلبات لبناء مرافق في الموانئ لتصدير الغاز الطبيعي المسال، حصلت ستة منها على الموافقة. وإضافة إلى الوقت المستغرق في بناء المحطات، ستكون هناك حاجة لبناء ناقلات، وإنفاق مبالغ كبيرة. على المقلب الآخر، تفتقد أوروبا إلى محطات استقبال الغاز المسال إذ يوجد عدد قليل منها في ألمانيا فقط.
وتأمل روسيا بإعادة توجيه صادرات الغاز شرقاً إلى الصين وجنوب شرقي آسيا في حال تفاقم الصراع مع أوروبا. وعلى المدى المنظور فإن المخاوف من انقطاع الإمدادات عبر شبكة النقل الأوكرانية تفوق القلق من تكرار سيناريوات 2006 و2009، والمؤكد أن موسكو التي يعتمد اقتصادها على صادرات الغاز، ستسعى إلى عدم حصول ذلك، كما أن أوروبا التي لم تتعافَ بعد، تخشى من آثار ارتفاع الأسعار ما يدفع الجانبين إلى ايجاد حلول وسط إلى حين إيجاد بدائل.
 
التحول الديمقراطي في تونس: من الخلاف إلى التوافق؟
حبيب السايح
حبيب السايح هو محلل تونسي في مجال المخاطر السياسية ومدير "معهد خير الدين" - مركز أبحاث مخصص لتعزيز الحرية الفردية والأفكار المتعلقة بالسوق الحرة في تونس. كما هو باحث في زمالة "تشيفننغ" في قسم دراسات الحرب، في كلية "كينغز كوليدج" في لندن، وأحد المساهمين في منتدى فكرة.
في الأسبوع الأول من نيسان/أبريل، شارك 39,000 عضو من أعضاء "حزب النهضة" - الفصيل الإسلامي الرائد في تونس - في استفتاء داخلي لتحديد ما إذا كان سيتم تأجيل المؤتمر الوطني المقبل للحزب أم لا، حيث يتم عادة اختيار مجلس تنفيذي جديد للحزب. وقد وافق أكثر من 70  في المائة من الأعضاء على الحفاظ على تماسك الحزب من أجل التركيز على الفوز في الجولة المقبلة من الانتخابات التشريعية بدلاً من مواجهة خطر التعرض لانقسامات داخلية. وفي المقابل، لا تزال الأحزاب المختلفة في المعارضة العلمانية غير منظمة ومنقسمة حسب طموحاتها - وبعد مرور أشهر من المساعدة في الضغط على الائتلاف الحاكم بقيادة "حزب النهضة" لترك السلطة والموافقة على خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، لا تتمكن هذه  الإحزاب من الاتحاد، سواء ضد خصومها الإسلاميين أو حول مشروع سياسي مشترك. والأهم من ذلك، يواجه الإسلاميون والعلمانيون على حد سواء مهمة شاقة في إقناع الناخبين التونسيين المتشككين بشكل متزايد بأنهم جادين في معالجة القلق الاجتماعي والاقتصادي والأمني في البلاد بدلاً من التطاحن مع بعضهم البعض.
من أزمة إلى حوار
في تموز/يوليو 2013، اغتيل النائب اليساري محمد البراهمي، الأمر الذي أثار أزمة سياسية في تونس هي الأكبر منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي عام 2011. وحيث أن ما يقرب من ثلث أعضاء الجمعية التأسيسية قد حمَلوا الحكومة التي يترأسها الإسلاميون المسؤولية الأخلاقية عن جريمة القتل - التي جاءت بعد فترة ليست طويلة من حادث اغتيال سياسي آخر - شخصية تتمتع بمكانة عالية في شباط/فبراير، دخل هؤلاء الأعضاء في إضراب مفتوح. كما نظم نواب المعارضة جنباً إلى جنب مع الآلاف من المحتجين المستلهمين من الانتفاضة ضد الرئيس الإسلامي محمد مرسي في مصر، اعتصاماً طالبوا فيه بحل الجمعية، ونصبوا مخيمات أمام مبنى البرلمان لمدة تقارب ثلاثة أشهر.
ولم يؤدي ذلك الاعتصام إلى وقف اعتماد الدستور الجديد للبلاد فحسب، بل إلى ارتفاع حدة التوتر أيضاً بين "جبهة الإنقاذ الوطني" الممثلة للكتلة العلمانية وائتلاف السلطة الثلاثية المشتركة [الترويكا] الحاكم، الذي يضم "حزب النهضة" واثنين من حلفائه غير الإسلاميين هما "التكتل" و "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية". هذا وقد رفض أنصار المعارضة - الذين يَنظر إليهم أنصار الترويكا على أنهم مجموعة من الانقلابيين المحتملين الذين رفضوا التحول الديمقراطي في البلاد - أي نوع من الحوار مع الحكومة. ورداً على ذلك، شن مدنيون موالون للإسلاميين حملة على المحتجين في الأيام الأولى للاعتصام، كما قامت قوات الشرطة بضرب عضو برلمان من يسار الوسط.
وفي النهاية، سادت فكرة السعي لإيجاد حل سلمي بين جميع الأطراف، ولكن ليس بشكل كامل بسبب النضج المفترض للأحزاب السياسية التونسية التي كانت منشغلة في التحدي والمعارضة. وبعد قيام ضغط من قبل أربع جهات فاعلة رئيسية في المجتمع المدني هي "الاتحاد العمالي التونسي للشغل"، و "الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية " (جمعية لأرباب الأعمال)، و "نقابة المحامين التونسيين"، و "رابطة حقوق الإنسان"، اضطر ائتلاف الترويكا والمعارضة - غير المخلصة بدرجة كبيرة - إلى المشاركة في "الحوار الوطني". هذا وقد سهلت دول ومنظمات دولية شريكة بشكل أكبر في قيام ذلك الحوار من خلال تجميد جهودها المالية الرامية إلى دعم عملية التحول الديمقراطي البطيئة وغير المنتظمة في تونس. ومن خلال قيام مفاوضات شاقة برئاسة اللجنة الرباعية المشكلة من المجتمع المدني، اتفق الطرفان أخيراً على خارطة طريق تتضمن اعتماد دستور توافقي وتعيين حكومة تصريف أعمال محايدة في كانون الثاني/يناير. ومنذ ذلك الحين تم تكليف الحكومة بقيادة رئيس الوزراء مهدي جمعة بالتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية قبل نهاية العام.
ما هو مستقبل الترويكا؟
لقد اتبع ائتلاف الترويكا الإجراء الصحيح برفضه تسليم السلطة إلى حكومة غير منتخبة وإصراره على بقاء الجمعية التأسيسية كما هي. ومن غير المهم إذا فعل ذلك سعياً وراء تحقيق مصالحه الخاصة أو المصلحة الوطنية - فمثابرته المستمرة قد فتحت الباب أمام "الحوار الوطني"، وبالتالي أدت إلى الحفاظ على الديمقراطية التونسية.
غير أن نتائج الحوار جاءت ضد مصلحة الإسلاميين إلى حد ما لأن خارطة الطريق تعكس إلى حد كبير مطالب المعارضة العلمانية. فالموافقة على دستور علماني معتدل والتخلي عن السلطة لصالح حكومة تكنوقراط تكون مهمتها الرئيسية عكس تعيينات "حزب النهضة" وسياساته هي أمور لم يتقبلها أنصار القاعدة الشعبية للحزب بصدر رحب، حيث انتقدوا الموقف "المتساهل" لقيادتهم لفترة من الوقت. وفور انتهاء الحوار، كان يبدو أن هذا الحزب المتنوع للغاية - على الرغم من المظاهر - قد فقد قليلاً من تماسكه الذي غرسه فيه أحد مؤسسيه راشد الغنوشي. وبالفعل أدت المهمة الصعبة المتمثلة بتعزيز التوافق والإجماع بين الأعضاء من خلال تقديم تنازلات إلى إلقاء الضوء على الانقسامات داخل "حزب النهضة" وحفزت إحداث عدد من الانشقاقات.
وحتى مع ذلك، عزز "حزب النهضة" من موقفه على الساحة السياسية التونسية بإبداء المرونة المطلوبة، فضلاً عن الالتزام الراسخ بالديمقراطية. وقد تجلى هذا الالتزام مرة أخرى خلال الاستفتاء الداخلي الذي تم إجراؤه الأسبوع الماضي. غير أن المؤهلات الديمقراطية قد لا تكون كافية لضمان تحقيق الحزب لفوز صريح آخر في صناديق الاقتراع.
وستقرر الهيئة الاستشارية الداخلية لـ "حزب النهضة" فيما إذا كانت ستدفع بمرشح في الانتخابات الرئاسية القادمة. ووفقاً للمتحدثة باسم الحزب يسرى الغنوشي التي مقرها في لندن، هناك اتجاه قوي للامتناع عن الدفع بمرشح رئاسي، على الرغم أن "كل الخيارات مفتوحة". وتمشياً مع جهود "حزب النهضة" للظهور كمؤيد لفكرة تقاسم السلطة، وبناء توافق في الآراء، وتحقيق التوازن في البلاد، يمكن تفسير هذا الموقف أيضاً بإدراك الإسلاميين أنهم لا يستطيعون الفوز بنسبة 50 في المائة من الأصوات في انتخابات وطنية. وعليه فمن المرجح دعم "حزب النهضة" لمرشح غير إسلامي، إلا إذا قرر رئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي - الذي قدم مؤخراً استقالته من منصب الأمين العام للحزب - ترشيح نفسه للإنتخابات. وقد اكتسب الجبالي ثقة بعض العلمانيين بعد انخراطه في عملية النقد الذاتي في أعقاب اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد، لذا فقد يكون هو الشخصية الوحيدة في "حزب النهضة" التي لديها ما يلزم لردم الهوة بين حزبه والناخبين غير الإسلاميين. وبعد تقديم استقالته، أعلن أنه قد يرشح نفسه كمستقل بدعم من "بعض الأحزاب السياسية."
أما فيما يتعلق بالانتخابات التشريعية، التي ستحدد الائتلاف الحاكم المقبل، يواجه "حزب النهضة" والأحزاب العلمانية على حد سواء استحالة الفوز بأغلبية في البرلمان. ولا يبدو أن قادة "حزب النهضة" - الذين سيضطرون إلى الدخول في ائتلاف حال رغبتهم في الوصول إلى أية وزارة مرة أخرى - منزعجين من هذا الاحتمال. وبعد تقييم واقعي لميزان القوة المتشرذم، فمن المرجح أن يكون "حزب النهضة" قد أعاد تركيزه على الفوز بأكبر أقلية فضلاً عن ميزة اختيار رئيس الوزراء المقبل.
وفي الوقت نفسه، يحاول شريكان لـ "حزب النهضة" في الترويكا استعادة شعبيتهما المفقودة. وقد بدا "حزب التكتل" في غاية الضعف منذ أن بدأ أنصاره ينظرون إليه على أنه غير ثابت على مواقفه وخاضع لـ "حزب النهضة". وسوف يواجه حزب يسار الوسط صعوبات بالغة للبقاء في المعارضة إلا إذا أعاد الاتصال بحلفائه السابقين في الترويكا. وفيما يتعلق بـ "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي يتزعمه الرئيس منصف المزروقي، فإنه يستعيد بعض الزخم في الجنوب وأجزاء أخرى من البلاد من خلال مواصلة حملة قومية لحماية الموارد. ووسط احتجاجات حول توزيع الثروة النفطية في محافظة تطاوين الجنوبية، لجأ "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"، جنباً إلى جنب مع مختلف الاتحادات والمنظمات غير الحكومية، إلى أحكام الدستور الجديد فيما يتعلق بالسيادة الوطنية على الموارد الطبيعية لطلب إعادة النظر في تراخيص التنقيب عن النفط والغاز الممنوحة منذ استقلال تونس.
خمسون ظلاً للعلمانية
على الرغم من الإيفاء بمطالب المعارضة، إلا أن خارطة الطريق لـ "الحوار الوطني" لم تكن فعلياً الانتصار الذي سعت من أجله الأحزاب العلمانية. وفي الواقع، أزالت المفاوضات النقاب عن حالة الانقسام والتفكك التي تعتري المعارضة، والتي قد يظهر أثرها الضار في الانتخابات المقبلة. فـ "جبهة الإنقاذ الوطني" - التي كان من الممكن أن تغدو منبراً لاستراتيجية انتخابية مشتركة - قد تصدعت بسرعة عندما حان الوقت لاختيار رئيس مجلس وزراء الحكومة الانتقالية.
واليوم، يستجدي كل من يُطلق عليهم أحزاب "الوسط" كامل انتباه الناخبين، إلا أن الفروق التي تميز بين هذه الأحزاب غير مفهومة لعموم الشعب التونسي. وقد همشت "الجبهة الشعبية" - الفصيل اليساري المتشدد السابق لـ "جبهة الإنقاذ الوطني" - نفسها بتبنيها وجهات نظر اشتراكية متشددة، واتباعها أجندة مناهضة بشدة لـ "حزب النهضة" بالإضافة إلى رفضها توحيد قواها مع الرموز السابقة من "التجمع الدستوري الديمقراطي"، الحزب الذي كان يحكم في عهد بن علي. وبالتأكيد ستُترجم هويتها المميزة بشدة في عدد من مقاعد البرلمان، ولكن من المرجح أن تستتبع آراؤها المتشددة عزلة دائمة بغض النظر من هو الفائز.
ومن بين الأحزاب العلمانية، يظهر أن "نداء تونس" هو الحزب الوحيد القادر على تحدي "النهضة". ويبدو أن الحزب، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي البالغ من العمر سبعة وثمانين عاماً، يفقد تعدديته. فبعد أن كان الحزب يضم توليفه متباينة من القوميين والسياسيين اليساريين والحرس القديم والاشتراكيين، إلا أنه شهد في الآونة الأخيرة ظهور كبار رموز "التجمع الدستوري الديمقراطي"، الأمر الذي أدى بدوره إلى إقدام بعض أعضاء اليسار على الاستقالة. ويمثل حزب السبسي النظام القديم بصورة كبيرة مقارنةً بالجبهة الثورية المتحمسة الأقل جاذبية الآن. وفي المرحلة القادمة، سيكون بمقدور هذا الحزب الاعتماد على النفوذ الاقتصادي لـ "التجمع الدستوري الديمقراطي" وشبكاته الإقليمية من المقاتلين، التي لا تضاهيها من حيث الحجم سوى شبكات "حزب النهضة" الإقليمية.
وإذا نجح العلمانيون في نهاية المطاف في التغلب على خلافاتهم وتشكيل تحالف كبير قبل خوض الانتخابات، فسيضحى بمقدورهم جمع أغلبية كبيرة بما يكفي لحكم البلاد دون الحاجة إلى الحصول على مساعدة من "حزب النهضة". ولكن إذا فشلوا في توحيد صفوفهم قبل بدء الانتخابات، فسيضطر بعضهم إلى الالتفاف حول "حزب النهضة"، الذي من المرجح أن يحصل على أكبر الكتل البرلمانية - إن لم يكن أكبرها مرة أخرى. والسيناريو الأخير يعلق بكل تأكيد في أذهان العديد من الأحزاب العلمانية، بما في ذلك "نداء تونس"، الذي دخل بالفعل في مناقشات مع الحزب الإسلامي المهيمن.
والفائز سيكون...
في تونس كان الشعور بالارتياح تجاه تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة مهدي جمعة لم يعكس كم العداء الشعبي الكبير تجاه "حزب النهضة"، بل أظهر غضب الشعب وسخطه على الحياة السياسية المثيرة للجدل في مجتمع منقسم. وقد ألقت الحدود الأيديولوجية بين هويتين متنافيتين بظلالها على المظالم الاجتماعية والاقتصادية للسكان الفقراء.
وحتى الآن، وعد جمعة بمعالجة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تونس، خاصةً فيما يتعلق بعجز الموازنة الذي وصل إلى مستوى قياسي نتيجة زيادة الرواتب الحكومية بنسبة 50 في المائة وارتفاع الإعانات الموروثة عن الإدارة السابقة بنسبة 300 في المائة. وقد تمخض عن زيارة رئيس الوزراء الأخيرة إلى واشنطن ضمان قرض بقيمة 500 مليون دولار أمريكي كانت تونس في أمس الحاجة إليه، بيد أن ذلك لن يكون كافياً لسد فجوة التمويل، إذ أن الحل الصحيح سوف يتطلب اتخاذ تدابير تقشفية وتطبيق إصلاحات هيكلية لم يُعلن عنها بعد. ورغم ذلك، فإن رفع العلاقات الأمريكية التونسية إلى مستوى "الشراكات الاستراتيجية" التي تركز على التعليم والأمن والتعاون الاقتصادي هو أمر هام. ومن الممكن أن تساعد الشراكات الاستراتيجية، من بين مزايا أخرى، في تصحيح التوجهات بين العديد من التونسيين بأن الدعم الغربي لم يضاهي الأهمية الرمزية والاستراتيجية لبلادهم، التي تم التقليل من شأنها. وبفضل المرونة التي أظهرها المجتمع التونسي، لا تزال إمكانيات هذه الشراكة قابلة للإنقاذ وتستحق مزيداً من الاهتمام بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى التي تملك مؤهلات ديمقراطية أقل إثارة للغبطة. إن زيادة الدعم الأمريكي هي إشارة مشجعة، في الوقت الذي تحاول فيه تونس الرجوع إلى الطريق الصحيح من خلال تحويل التركيز السياسي من الأيديولوجية إلى الإصلاح الفعلي.
وفي الواقع، فإن الخط الفاصل بين العلمانيين والإسلاميين - حتى المسلم مقابل "الكافر" - الذي هيمن على انتخابات 2011 تحل محله الآن تدريجياً المخاوف الاقتصادية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالأمن، باعتبارها القضايا السياسية الأساسية. وعلى وجه التحديد، إن أي سياسي يخفق في تقديم حلول ملموسة لمواجهة الصعوبات الاقتصادية في تونس سوف يُعاقب في صناديق الاقتراع. فلن يكون بمقدور الإسلاميين استجداء الشعب بخطابهم الديني، وسيتم نبذ العلمانيين مرة ثانية إذا لم يكن لديهم ما يقدمونه غير أجندتهم المعادية للإسلاميين. وفي الواقع، فيما يخص العديد من الناخبين الذين ذهبت اهتماماتهم بالمشاركة الديمقراطية أدراج الرياح بفعل السياسات المتعنتة، فإن الضرر قد وقع بالفعل، مما سيجعل المقاطعة الفائز الأكبر في الانتخابات المقبلة.
 
(النور) يدعم المشير وأكثرية التيار السلفي تؤيد عودة مرسي
سلفيو مصر.. غالبية تقاطع انتخابات الرئاسة وأقلية مع السيسي
إيلاف...صبري عبد الحفيظ
لا يزال التيار السلفي في مصر منقسمًا على نفسه خصوصًا تجاه الإجماع على مرشح رئاسي واحد، ففي حين أيد حزب النور ترشح السيسي، قررت قواعد كبرى من التيارات السلفية مقاطعة الانتخابات ومتابعة النضال "الإخواني" لإعادة مرسي إلى الحكم.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تقترب الانتخابات الرئاسية في مصر، لتبدأ مرحلة جديدة تنهي بشكل قاطع مرحلة حكم الإخوان، وتقضي على آمالهم في عودة الرئيس السابق محمد مرسي إلى الحكم مرة أخرى.
وبينما أعلنت غالبية الأحزاب السياسية التقليدية تأييدها للمرشح عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، وأعلنت أحزاب وتيارات ثورية دعمها للمرشح حمدين صباحي، فإن التيار السلفي في مصر انقسم على نفسه، إذ أعلن حزب النور تأييده للسيسي، وقررت الغالبية العظمى من قيادات وقواعد التيار مقاطعة الانتخابات، والوقوف إلى جانب نضال جماعة الإخوان المسلمين من أجل عودة ما تعتبره "الشرعية ورفض الانقلاب"، ممثلة في الرئيس السابق محمد مرسي.
حزب النور يؤيد السيسي
عندما تدخل الجيش المصري بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي، لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، في 3 يوليو/ تموز الماضي، استجابة لمظاهرات حاشدة، كان حزب النور السلفي، ممثلًا في الأمين العام للحزب جلال مرة، حاضرًا مشهد النهاية، الذي تصدره السيسي وقيادات الجيش، إلى جانب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني.
وبارك حزب النور ممثلًا في جميع قياداته الخطوة، التي اعتبرتها غالبية رموز وقيادات التيار السلفي، سياسيًا ودينيًا، "انقلابًا عسكريًا"، ومنذ تلك اللحظة صار التيار الإسلامي ينظر إلى حزب النور وقياداته على اعتبارهم "خونة".
لم يتغير المشهد كثيرًا بعد مرور عشرة أشهر على عزل مرسي، ومازال التيار السلفي منقسمًا، ما بين غالبية تتبنى خيار "عودة الشرعية ورفض الانقلاب"، وأقلية، ممثلة في حزب النور، تؤيد السيسي في السباق الرئاسي.
إذ يدعم حزب النور السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وشكل لجانًا من شبابه في حملة لطرق الأبواب، من أجل حث المصريين على التصويت له. وقال نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، إن ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة كان أمرًا متوقعًا.
النور يفضل السيسي
أضاف في بيان للحزب، أنه سبق وقال رأيه الشخصي في المشير السيسي، وتقديره لقدرته على إدارة المؤسسة التي يتولى رئاستها. متوقعًا أن يفوز السيسي في الانتخابات الرئاسية. وتابع: "ذكاؤه (السيسي) وقدرته على اكتساب حب الناس الأكبر والأصغر منه، إضافة إلى أن لديه شعبية كبيرة وفرصته أكبر من غيره".
ولفت إلى أن الحزب لم يتخذ قراره بشكل رسمي لتأييد السيسي. لكنه أشار إلى أن الإتجاه العام داخل الدعوة السلفية في الإسكندرية هو لمصلحة تأييد السيسي. وقال إنه "منتظر لقاء قريب مع المشير السيسي لاستيضاح باقي المعايير، التي سبق أن أعلن عنها، كما إنهم منتظرون ظهور البرنامج الانتخابي بطريقة رسمية"، منوهًا بأن الحزب "سوف يتخذ القرار بصورة مؤسسية من خلال مجلس الشورى العام للدعوة السلفية".
وفي محاولة منها لإستيضاح رؤية الحزب والدعوة السفلية بشكل أكثر عمقًا، إتصلت "إيلاف" بالدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية، مرات عدة، وبعثت إليه برسالة على هاتفه المحمول، إلا أنه لم يرد. كما اتصلت بكل من شريف طه، المتحدث باسم الحزب، ويونس مخيون رئيس الحزب، ونادر بكار، القيادي في الحزب، إلا أنهم جميعًا لم يردوا على هواتفهم الجوالة.
مدارس واتجاهات متعددة
التيار السلفي في مصر ليس مدرسة واحدة، بل ينقسم إلى مدارس عدة، ويعتبر حزب النور ممثلًا للدعوة السلفية في مدينة الإسكندرية فقط. ويقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، علي بكر: "من المعروف لدى المتخصصين في التيارات الدينية، أن السلفيين في مصر ليسوا تيارًا واحدًا، وأن مصر عرفت ظهور الاتجاهات السلفية بالمعنى العام مع بواكير ظاهرة الصحوة الإسلامية في مفتتح القرن الماضي. غير أن خريطة الاتجاهات السلفية شهدت، مع توالي السنين، حالة من التنوع في الأفكار والرؤى".
أضاف في دراسة له بعنوان "الخريطة الفكرية للتيارات السلفية في مصر"، أن "القاسم المشترك بين التيارات السلفية عقب الثورة المصرية، هو المشاركة في الحياة السياسية، وتأسيس الأحزاب، والمشاركة في الانتخابات البرلمانية، رغم أن بعضًا من هذه التيارات كان يرى قبل الثورة عدم جواز المشاركة السياسية والعمل الحزبي من الناحية الشرعية".
وأوضح بكر في دراسته: "رغم التصاعد السلفي في المجتمعات العربية والإسلامية بشكل عام ـ وفي مصر بشكل خاص - فقد ظلت هذه الخريطة السلفية تتسم بتعقيدات وتداخل الخيوط إلى الحد الذي بات معه من الصعوبة في مكان الإحاطة الدقيقة بمكونات الخريطة السلفية في الساحة المصرية، والوقوف على أفكارها ورموزها، واتجاهاتها، ومحددات الافتراق والتمايز".
غير مؤثر سلفيًا
يرى السلفيون أن حزب النور لم يعد مؤثرًا في المجتمع المصري، منذ انشقاق 150 قياديًا عنه بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول 2012.
وقال النائب السابق في مجلس الشعب عن حزب النور، رشيد عوض، لـ"إيلاف": حزب النور فقد قواعده في مختلف أنحاء الجمهورية منذ أن انشق 150 من قياداته، وأنشأوا حزب الوطن، برئاسة الدكتور عماد عبد الغفور، مساعد الرئيس السابق محمد مرسي.
وأضاف أن حزب الوطن ورث مقار حزب النور وشعبيته في مختلف المحافظات، ولم يبق له تواجد إلا في مدينة الإسكندرية، مقر الدعوة السلفية التي انبثق منها الحزب.
مقاطعة سلفية
ورغم أن حزب النور قرر المشاركة في الإنتخابات الرئاسية ودعم السيسي، إلا أن الإتجاه العام لمعظم فصائل التيار هي المقاطعة. وقال الدكتور أحمد بديع، المتحدث باسم حزب الوطن لـ"إيلاف" إن الجميع يعتبر أن ما حدث (في 3 يوليو/ تموز الماضي) انحراف عن المسار الديمقراطي، وإلغاء لإرادة الجماهير التي خرجت في العديد من الاستحقاقات الإنتخابية، وارتداد عن مبادئ الثورة".
وانتقد بديع الطرق الأمنية في الأزمة السياسية الراهنة في مصر، وقال إن الأزمة لا تحلّ بالقوة والعنف، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون هناك حوار مجتمعي موسع، وأن تؤدي مؤسسات الدولة دورها المنوط بها والمتعارف عليه، وألا تتدخل سلطة ما في العمل السياسي، والعودة إلى المسار الديمقراطي، في إشارة إلى تدخل الجيش في السياسة وإزاحة الرئيس مرسي عن الحكم.
حول تجاوز الواقع والزمن لمطلب عودة الرئيس السابق محمد مرسي إلى الحكم، قال بديع إن "الرئيس مرسي ليس المشكلة، ولكنه جزء من الحل، ويمكن أن يعود لمدة نصف ساعة ليفوّض شخصًا آخر وينتهي دوره". وتابع: "نحن مدركون أن الشعب لا يريد عودة مرسي، ونحن لا نطالب بذلك، بل نطالب بعودة المسار الديمقراطي، ومبادئ ثورة 25 يناير، وعدم الارتداد عنها".
غير قانونية
وقال إن التيار السلفي في مصر "على قلب رجل واحد" من الانتخابات الرئاسية الحالية، مشيرًا إلى أن شعبية حزب النور تآكلت في الشارع المصري إلى حد كبير، على حد قوله.
وحسب وجهة نظر الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، فإن معظم قواعد التيار السلفي ترفض ما يجري في مصر منذ عزل مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، من الألف إلى الياء. وقال لـ"إيلاف" إن حزب النور فقد جميع قواعده، ولم تبق له سوى أعداد بسيطة للغاية في محافظتي الإسكندرية والبحيرة، مشيرًا إلى أن "حزب النور فقد شعبيته تدريجيًا، حتى تلاشت، بسبب تأييده للانقلاب العسكري".
واعتبر سعيد أن "أي عملية تجري بعد 3 تموز/يوليو 2013، سواء انتخابات أو استفتاء، هي عملية غير قانونية، لأنها لم تأت في وضع قانوني"، منوهًا بأن الجبهة السلفية، وإن كانت ترفض الأوضاع الحالية، إلا إنها لن تأخذ إجراء حاسمًا، إلا بعد تروٍ، لرؤية ما يمكن أن يستجد: هل ستجري انتخابات أم سيكون التفويض؟.
 

المصدر: مصادر مختلفة

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,495,742

عدد الزوار: 6,952,929

المتواجدون الآن: 69