وقائـع جديـدة تفـرض قواعـد مختلفـة للانتخابـات النيابيـة

تاريخ الإضافة الخميس 13 تشرين الثاني 2008 - 8:45 ص    عدد الزيارات 1007    التعليقات 0

        

خضر طالب

لم يتنبه المعترضون والمتحفظون على زيارة وزير الداخلية زياد بارود إلى دمشق وما أنتجته من اتفاق على تشكيل لجنة متابعة مشتركة، أن تلك المآخذ تقفز فوق الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وسوريا، وخصوصاً في متن معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق الموقعة بين البلدين التي لا تزال شرعية ودستورية ولم تخضع لأي تعديل.
كما لم ينتبه المصفقون لنتائج تلك الزيارة إلى أن الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة أمنية مشتركة هو أقل مما ورد في تلك المعاهدة التي نصت في البند رقم ٥ من المادة السادسة، على أن من مهمة لجنة شؤون الدفاع والأمن اقتراح التدابير المشتركة للوقوف بوجه أي عدوان أو تهديد لأمنهما القومي أو أية اضطرابات تخل بالأمن الداخلي لأي من الدولتين...
وبين سطور الاعتراض والتأييد، ثمة حقائق بدأت تخترق الوقائع، ومفادها أن الإطار الذي توضع فيه العلاقات اللبنانية ـ السورية في هذه المرحلة هو إطار »مؤقت وانتقالي« يؤسس لمرحلة أخرى تطوي صفحة العلاقات المتردية من دون أن تفتح صفحة العلاقات السابقة بكل شوائبها وآلياتها وحيثياتها.
وبغض النظر عن السياق الذي سلكته الاعتراضات على مسألة تشكيل اللجنة الأمنية المشتركة بين البلدين، التي ربما لم تراع التفويض الأمني المعطى لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي وضع في عهدته وزارتي الدفاع والداخلية، فإن المخاوف التي عبرت عنها بعض قيادات ١٤ آذار إنما تترجم الرصد المتصاعد للمسائل الأمنية المشتركة بين البلدين، وهي وإن لم تستطع مواجهة الرئيس سليمان لعجزها عن سحب التفويض المعطى له في هذا المجال، إلا أن رؤيتها لتطور العلاقة الأمنية بدأت تنتقل من مرحلة اختبار النوايا إلى الخشية من الاستدراج الأمني.
وقد أدرك قادة ١٤ آذار أن الرئيس سليمان الذي يبذل جهوداً استثنائية للسير بين النقاط الساخنة في السياسة لن يسمح بالتنازل عن الدور الأمني الذي أنيط به بالرغبة العربية ـ الدولية والقبول الداخلي، وإن على مضض، وبالتالي فهي تحاول أن تتفادى مشكلة معه لكي لا تضعه في موقع الخصم، وقد وجدت نفسها مضطرة للتعامل معه من باب هذا التفويض الذي يسمح له بأن يضع »نقطة على السطر« في النقاش حول كل المسائل الأمنية، ومن بينها حتماً العلاقة الأمنية بين لبنان وسوريا، خصوصاً أن الوقائع تشير بما لا يقبل الشك إلى وجود قرار كبير إقليمي ـ دولي بإقفال مسارب الرياح الأمنية في لبنان من بوابة ملاحقة خلايا تنظيم »فتح الإسلام« التي يكفي ذكر اسمها للحصول على مباركة خارجية لكل الخطوات التي يمكن اتخاذها لإنهاء تلك »الجيوب« التي بقيت من مخلفات معارك مخيم نهر البارد.
أمام تلك المعطيات، بدا أن الوقائع الأمنية المتتالية تسبق الحسابات السياسية الداخلية، وتحشر عناوينها القوى المرتابة ممّا أنتجته زيارة وزير الداخلية إلى العاصمة السورية، وهي أيضاً تقطع الطريق على كثير من الاستهدافات السياسية التي كان يمكن أن تكون من أبرز عناوين المرحلة المقبلة، خصوصاً أن سقوط تلك العناوين يعطل مفاتيح هامة جداً كان يجري إعدادها لتكون حجر الزاوية في المواجهات الانتخابية المقبلة.
في الحقائق التي لم يعد ممكناً تجاوز عناصرها العديدة، يمكن تسجيل خمس نقاط على حروف المواقف المعلنة والمستورة من نتائج »القمة الأمنية« اللبنانية ـ السورية في دمشق:
١ـ إعادة رسم طبيعة العلاقة الأمنية ونوعيتها ومسارها وشكلها بين لبنان وسوريا، بما لا يعيد الحقبتين السابقتين: حقبة ما قبل العام ،٢٠٠٥ وحقبة ما بعدها. أي الإقرار المتبادل بدور الأجهزة الأمنية وخصوصيتها، والانتقال من مرحلتي الإشراف عليها أو الخصومة بينها إلى مرحلة التعاون المشترك.
٢ـ تكريس مرجعية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في القضايا العسكرية والأمنية، مما يعني أن زيارة وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش إلى دمشق لا تزال قائمة وفق الأجندة الموضوعة، وإن حصل تأخير »طبيعي« في موعدها لحين انعقاد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء بعد عودة الرئـيس سليمان من نيويورك.
٣ـ عزل الخصومات السياسية عن الملفات الأمنية وعن أداء أجهزة الأمن وسلوكها، مهما كانت مواقف بعض الأطراف اللبنانيين من سوريا أو موقفها منهم.
٤ـ فك الارتباط بين سلوك الدولة اللبنانية، ومواقف القوى السياسية المؤيدة أو المعارضة لسوريا، ولا بد من التمعّن بموقف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الإيجابي من زيارة الوزير بارود.
٥ـ الإقرار، بالحب والرضى أو بالإكراه والاضطرار، بأن لا مفرّ من صياغة دور الأجهزة الأمنية اللبنانية، بما يتماهى مع قاعدة التعاون المتعدد الأوجه مع الأجهزة الأمنية السورية في مختلف الجوانب الأمنية، إن تلك المتعلقة بالمعابر الحدودية أو تلك المرتبطة بملاحقة الشبكات والخلايا التي تهدد الأمن والاستقرار في كلا البلدين. وهذا الأمر يفتح الباب مباشرة على إجراءات في الجهة اللبنانية بشأن طبيعة إقامة بعض رموز المعارضة السورية وقواها في لبنان.
ربما تكمن التفاصيل الأكثر دقة في تحديد تلك النقاط وطرق استخدامها وتفسيرها، إلا أن أحداً لن يستطيع القفز فوق الحقائق الجديدة التي بدأت ترخي بظلالها في ضفتي البلد، خصوصاً مع تمحور النقاش على عناوين جديدة، ومع انقلاب الأدوار الذي سمح لسوريا بالانتقال إلى موقع الهجوم الذي أجبر خصومها في لبنان على الانكفاء للدفاع...
في المحصلة، يبدو أن الانتخابات النيابية المقبلة ستسير وفق استراتيجيات مختلفة، وكلما اقترب أوانها سترتفع سخونة المواجهات تحت سقف العناوين التي تفرض قواعد جديدة للمعارك الانتخابية...

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,547,197

عدد الزوار: 7,637,153

المتواجدون الآن: 0