الأبعاد الثقافية لصناعة القرارالسياسي التركي ومفهوم الأمن القومي الجديد

تاريخ الإضافة الأربعاء 21 أيلول 2011 - 6:31 ص    عدد الزيارات 581    التعليقات 0

        

الأبعاد الثقافية لصناعة القرارالسياسي التركي ومفهوم الأمن القومي الجديد

فشل الأمن القومي العربي وتقاسم الفراغ

موازين القوى العربية الحالية دون الكامن منها تستبعد ادوارهم جملة وتفصيلا,تستدعي تقاسماً لأرثهم الثقيل,فهل من مستثمر سياسي عبقري عربي بعد اغتيال وزير خارجية العرب رفيق الحريري يحاكي الداهية تشرشل في قمة القطبين الكبيرين الذي حجز مكاناً للندن في "يالطا"رغم اوراقه الهزيلة لأقتسام العالم عقب الحرب الكونية يسترق للعرب بعض من فتاة امجاد ودور او يؤخر من سقوط مريع!؟اعادت احداث"11 أيلول في نييورك"خلط اوراق المنطقة والعالم وبدت الى العلن سؤة الأمن القومي العربي عارية حتى من ورقة التوت بعجز دبلوماسيتها عن تجنيب اافغانستان والعراق وفلسطين ولبنان.. الكأس المرة بتداعياتها البنيوية على النظام الرسمي والواقع الشعبي العربي على حد سواء,حدث ذلك بداية صعود عهد العثمانيين الجدد الى المنصة الذين ادركوا صعوبة تيمم المنطقة بصعيد القوميات البعيدة عن ثقافة تستند لمياه حضارية مشتركة عميقة,وقد خبروا جيداً ابعاد السياسة الدولية فكانت معارضة البرلمان التركي الشهيرة للعسكريتاريا الأمريكية تجاه العراق بداية الفتح الدبلوماسي والسياسي المستقل الجديد على وقع مقايضات اقليمية ودولية,ليس بعيداً نسبياً عن واشنطن وسائر منظومة الأطلسي وما يعرف بورثة حلف وارسو من موسكو الى بكين ينشط الأتراك والأيرانيون والأسرائيليون لملئ الفراغ الذي احدثه فشل الأمن القومي العربي,المهم هنا ماهية الأوراق التقاطعية والتعارضية التي يملكها كل فريق آحادياً وثنائياً اقليمياً ودولياً ونقاط قوة وضعف,شيئ عميق حصل في الثقافة السياسية التركية ادى الى خيارات استراتيجية صائبة اقترنت بقفزة اقتصادية مهمة مقابل ترهل اصاب الثنائيتان الأخيرتان مما حدا بالكثير من المحللين التصويت لصالح العامل التركي لقيادة المرحلة الأقليمية,الشديدة الأيحاء في مسألة الأسقاطات الثلاث:حيث الواقع هو انعكاس لأسقاطات الحضارة على الثقافة والثقافة على السياسة..فيما خص ربيع العرب يبدو الدور التركي اشد مرونة في القاهرة وطرابلس الغرب ودمشق وتونس في حين تبدو اوراق طهران في دمشق وتل ابيب في القاهرة هزيلة للغاية,وحين نقول الدور في العلوم السياسية فهذا يعني التصورات والأستراتيجيات التي يصوغها صانع القرار السياسي فيما يخص توجيهات السياسة الخارجية لبلاده,رغم العزف الجماعي لأحفاد محمد الفاتح يعتبر وزير خارجية تركيا الحالي احمد داوود أوغلو صاحب كتاب"العمق الأستراتيجي" احد ابرز مهندسي السياسة الخارجية,فماذا يقول عن تصوراته في

صناعة ذلك القرار بعد المفاضلة العقلانية للدولة العميقة التي تنبهت لعبثية الفصل بين العقل والقلب؛والتاريخ والجغرافيا؟" أهم عامل تاريخي يفرق بين الثقافة السياسية لتركيا وغيرها من المجتمعات هو ذلك الموروث التاريخي,تركيا كانت مركزاً لحضارة اسست نظاماً خاصاً بها في الماضي,(لازمها العجز دونه)وقد جلبت الحضارة الجديدة جبهة ضد هذا المركز السياسي وجعلته يفقد علاقته بمرور الوقت ويؤثر على البنية السياسية..العنصر الأساسي الذي يفرق بين الثقافة السياسية التركية وبين المجتمعات الأخرى هو ذلك التوتر الموجود بين عناصر الأستمرار التاريخي الذي تهب عواصفه من العصور السابقة ويستمر تأثيره في المجتمعات وبين الأنكسار التاريخي الراديكالي الذي يعد الأساس الأيديولوجي للنظام السياسي, ولا يوجد ذلك الأنكسار التاريخي الذي يوجه النظام السياسي في اي مجتمع وبين المؤسسات والهوية التي تحقق الأستمرارية في البنية التحتية الثقافية المؤثرة في المجتمع كما هو الحال في تركيا,ففي حالة الثورة الفرنسية والبلشفية والمجتمع الياباني الذي اعترته رغبة التجديد الجامحة حد الولع,لكنه في كل هذة الحالات لم يحدث ذلك الأنكسار التأريخي الذي محا عناصر الأستمرارية مثلما حدث في السياسة العثمانية-المشكلة الساسية التي عانت منها تركية على راي داوود اوغلو هي الأنسجام والتوافق بين موروث الثقافة السياسية وبين النظام السياسي الذي تأسس(زمن اتاتورك) على الأستلحاق بمحيط حضارة أخرى بسعي النخب السياسية الحاكمة.ويضيف اوغلو "بعمقه الأستراتيجي":بعد الحرب العالمية الثانية وجدت تركيا نفسها بميزان العولمة والأقليمية بشكل غير مؤهل من الناحيتين الأستراتيجية والنفسية حتى بوضع حسبان تراكمها المعرفي والنفسي بالشكل الذي يؤهلها لعمل تكتيكي او لوجستي وهو الدور الذي تخلت عنه وهي تواجه مشكلات تتعلق بالأمن والسياسة الخارجية بشكل جاد في مناطق تقع خارج حدودها مثل البوسنة وأذربيجان وهو ما وضع تركيا امام حقيقة أنها مضطرة لأعادة تقويم مقاييس الثقافة والجغرافيا والأقتصاد والسياسة والأمن والتحرك من خلال الموقف الذي كشف لأول مرة عن مكانتها الدولية في القرن القادم اذا ما استطاعت التجديد السياسي الداخلي الراسخ والمؤثر مستفيدة من امكاناتها الجيوبوليتيكية والجيوأقتصادية وميراثها التاريخي الغني ويضيف اوغلو بتفاصيل السياسة التركية الجديدة فيقول"رغم التغيرات الدينامية التي شهدها النظام الدولي في السنوات الأخيرة ظلت تركيا بمظهرها الخارجي ثابتة بمنأى عن التغيير سواء بأعتبار مكانتها في العلاقات الدولية أو بنائها الداخلي"تثير عجلة الجمهورية التركية الثالثة مع الثلاثي عبدالله غول؛رجب طيب اردوغان؛احمد داوود اوغلو ورثة الثنائي تورغوت اوزال ونجم الدين اربكان الى منظور واعد

للسياسة الخارجية حسب مفهوم حزب العدالة والتنمية الذي يزاوج بين السياسة الداخلية والتطور على مستوى الديموقراطية ومواجهة المخاطر الأمنية المتصلة بالمسألة الكردية والسياسة الخارجية بمزيد من الأستقلالية,تكمن اهمية الدور التركي الحالي الأنموذج للأسلام المعتدل كحاجة اقليمية ودولية ملحة لأستقرار المنطقة والعالم على المستويين التفصيلي والعام في السلم والحرب بفعل عقلانيته والتزامه بوعي سقوف المجتمع الدولي والأنساني المتعارف عليها دون مغامرات سياسية وامنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية لأن فعل التغيير التراكمي التركي الحالي كان ثورة بحد ذاتها ومركب في الأساس,من هنا يجب النظر الى استقالة القيادة العسكرية السابقة الى انها خطوة متقدمة في مسيرة التسلم والتسليم السلمية بين حقبتين لكل منها شخصيتها الأعتبارية اسدلت الستار على آلام الماضي دون نسيانه تتخطى ما هو معلن مفادها ان المفهوم الجديد للأمن القومي التركي الملتصق بالأمن العربي والأسلامي يتطلب ادوات جديدة حالت دونها مفاهيم العلمنة السابقة التي افقدت المقاربات الديموقراطية مضامينها في رؤوس الجنرالات مع "بولنت اجاويد"واحزاب اليمين واليسار على حد سواء افراطاً وتفريطاً وقد رست تقاليد رؤساء الأركان السابقين على تقويم الأعوجاج الديموقراطي بالأنقلابات واحداثيات التصويب لديهم على ادوار العبور والممر لا المركز والمقر وبالتالي فأن مقاربات ناظر الخارجية التركية السيد اوغلو السياسية تفوق قدرة استيعاب الحرس القديم في ان بعض العسكر لا يدركون تعقيدات السياسة الدولية,وحزب العدالة والتنمية الذي تخطى تجربة"عدنان مندريس"مؤسس الحزب الديموقراطي(1950-1960)والذي تفادى بحنكة وحكمة اسقاطات الحركة الأسلامية المعاصرة لا سيما في مصر والجزائر وقد اخضعها للنقد البناء اعطى للسياسة التركية معناها الديموقراطي والجماهيري عندما جمع بمهارة بين القيم السياسية التي تستلهم المعايير الأسلامية والوطنية والأنسانية وفي الوقت عينه يمارس السياسة من خلال برنامج ومن خلال ادوات السياسة ومكرها ودهاءها وصراعاتها ويعبر اردوغان عن ذلك بلطافته المعهودة"الناس يسألوننا كما لو كنا مفتين؟ولكننا حزب سياسي"ان عبقرية الفهم الأيديولوجي للعمل السياسي تكمن في نظرة العدالة والتنمية في انه لا يرى ضرورة حزب اسلامي في دولة اغلبيتها مسلمة؛لأن الحزب حينها قوة جدلية تعارضية انقسامية في حين الأسلام قوة توحيدية تقاطعية,وينسحب ذلك المفهوم على دور الدولة الأقليمية الأهم في المحيط المماثل حيث تبرز الى العلن اشكالية الدولة المذهبية التي تخطتها تركيا استناداً الى ذلك المفهوم والدور الداخلي,ومن ثم فهم يرون انفسهم حزباً سياسياً يجادل في الواقع السياسي عبر برامج وانجازات واردوغان نفسه كان عمدة

لمدينة اسطنبول بما حقق حينها من ابعاد تنموية على صعيد ادارته ومدينته,وفي ربط الأتراك بجدائلهم القوية بين المقاصد الكلية وبين الأليات الواقعية على المسرح الأقليمي والدولي يقدمون انفسهم كدولة ديموقراطية صاعدة كنموذج يحتذى في النظام العالمي الجديد القيد التبلور,واذا ماتخطينا جدلاً العامل الأسرائيلي التحدي الدائم للمنطقة رغم المشادة الحالية بين تل ابيب وانقرة المحكومة بسقوف موازين القوى الدولية وبقدرة اللوبي الصهيوني وبطليعته"ايباك" في واشنطن دون نفي السماح لأردوغان تقليم اظافر ناتن ياهو,وهو ما عبر عنه احد الوزراء الأسرائيليين بأن كرامة اسرائيل مهمة لكن مصالحها اهم مع انقرة فإن التحدي الأهم في وجه السياسة التركية الجديدة هو من المنطقة الرمادية في العالمين العربي والأسلامي عندما اختارت انقرة الأنحياز الى جانب الشعوب وبالتالي القلق ليس من الديكتاتوريات البائدة أو الديموقراطيات الناشئة والمتعافية بل من اصحاب الصراع العضال الذين علقوا بين الموت والحياة.

زياد علوش(اعلامي كاتب لبناني)

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,549,608

عدد الزوار: 7,637,251

المتواجدون الآن: 0