عبّاس زكي: لا تزال الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني

تاريخ الإضافة الجمعة 17 نيسان 2009 - 11:35 ص    عدد الزيارات 769    التعليقات 0

        

 

عباس الصباغ...  منظمة التحرير الفلسطينية بعد 45 عاماً على تأسيسها [1 من 2]
عبّاس زكي: لا تزال الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني
أبو عماد الرفاعي: البناء منهار ويحتاج إلى عملية إعادة هيكلة تراعي المتغيّرات
هل لا تزال منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد 45 عاما على تأسيسها، تسعى الى تحقيق الهدف الاساسي الذي قامت من اجله، الا وهو تحرير كامل تراب فلسطين من البحر الى النهر اضحت مجرد هيكلية عاجزة عن توحيد الفصائل المنضوية تحت لوائها؟ لقد تصاعدت في الآونة الأخيرة، وخصوصاً بعد حرب غزة، المطالبة باعادة هيكلتها وثمة من همس بضرورة الغائها. فكيف تنظر بعض الفصائل الفلسطينية الى المنظمة.
في العام 1964 قررت شخصيات فلسطينية، على رأسها احمد الشقيري، تأسيس منظمة فلسطينية تضع في سلم اولوياتها انشاء الدولة الفلسطينية والعمل عبر الوسائل المختلفة بما في ذلك المقاومة العسكرية، للوصول الى الهدف المنشود. وعقد مؤتمر مدينة القدس في شهر ايار، اعلنت فيه ولادة منظمة التحرير الفلسطينية.
عمل الشقيري على اقامة علاقات طيبة مع الدول العربية، وخصوصا مصر التي قادها آنذاك الرئيس جمال عبد الناصر ورفع شعار "فلسطين من البحر الى النهر". لكن هزيمة1967 والاحباط العربي قلبا المعادلة، ودفعا مصر الى ان تتخلى عن دعمها للفلسطينيين الذين وقعوا ضحية تآمر وتخاذل عربي - اسلامي – اميركي. ورفض عبد الناصر اللجوء الى السلاح بعد الهزيمة، مما دفع الشقيري الى التنحي عن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وحل مكانه ياسر عرفات (ابو عمار) رئيس حركة "فتح" الذي تولى قيادة المنظمة، ثم اصبح رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وضمت المنظمة عددا من الفصائل ذات اتجاهات فكرية وايديولوجية عدة. واضافة الى "فتح" (اكبر فصيل في المنظمة)، شكلت الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين العمود الفقري للمنظمة.
زكي: هي الممثل الوحيد للفلسطينيين
يعتبر ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي ان المنظمة هي الإنجاز الأهم الذي تحقق عبر مسيرة الثورة الفلسطينية، وهي تجمع الفلسطينيين في الداخل وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وتحتل مكانة مرموقة على الصعيدين العربي والدولي، ويضيف "انها عضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية واكثر من مراقب في الأمم المتحدة ونائب رئيس في اكثر المنظمات الدولية كالمؤتمر الإسلامي وعدم الإنحياز والوحدة الأفريقية... الخ.
كل هذا يعزز التفعيل المتواصل لمؤسساتها وهياكلها لتكون قادرة على استيعاب قدرات الشعب الفلسطيني وطاقاته ومواجهة تحديات القضية الفلسطينية على اكثر من صعيد والحضور اللائق في المحافل العربية والدولية عبر عملية التطوير الدائم".
ويرى زكي ان الإئتلاف الجبهوي للفصائل والاحزاب والقوى لا يعني ان مشهد القسمة والتناحر غير موجود، لكن المنظمة هي المانع والحاجز امام الإنهيار الفلسطيني لأن محاولات تجاوز المنظمة تؤدي الى المجهول...!
ويختم "هذا يتطلب العمل الجاد وبوعي جماعي ضمن اطارها لحل اي مشكلات وتذليل اي عقبات تحول دون ذلك. ونحن الآن في جولة نهائية للحوار الجاري في القاهرة، مستفيدين من التجارب المرة والقاسية ومدركين المخاطر والتحديات التي تفرضها وبكل عنف نتائج انتخابات الكنيست في 10 شباط الماضي بوصول المتطرفين بزعامة الليكود الى تشكيل حكومة اسرائيل، الأمر الذي تطلب جهداً اضافياً لتعزيز دور المنظمة ودوائرها ومؤسساتها الصلبة بما يحقق الإلتفاف الشعبي ويصلّب الوحدة الفلسطينية في اطارها على هدى اتفاق القاهرة وأي مبادرات تحقق الإجماع الفلسطيني".
الحركات الاسلامية : اعتراض وملاحظات
بعد انهيار المنظومة الاشتراكية بدأ نجم الحركات الإسلامية الفلسطينية بالسطوع، وعلى رأس هذه الحركات حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، و"حركة الجهاد الاسلامي" مما اضعف القوى العلمانية الفلسطينية، بما فيها "فتح" الفصيل الأساسي في منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد سيطرة حماس على قطاع غزة ثم صمودها ابان العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع اضافة الى فوزها الساحق في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة بدأت هذه الاخيرة تطالب جديا باعادة هيكلة المنظمة، ونقل عن رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" خالد مشعل مطالبته بالغاء المنظمة. لكن الفصائل الفلسطينية الموزعة على ضفاف معسكري الإعتدال والممانعة ابرمت اتفاقاً في القاهرة نصّ على اعادة هيكلة المنظمة. وفي السياق يرى ممثل "الجهاد" في لبنان ابو عماد الرفاعي ان المنظمة في حاجة الى اعادة هيكلة لان المنظمة في واقعها الراهن "لا يمكن ان تكون إطاراً جامعاً للفصائل الفلسطينية او حتى ممثلاً يعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني وتطلعاته في التحرير والعودة، هذا ان كنا لا نزال نتحدث عن منظمة تحرير. الا ان هذا الموقف في حاجة الى تفصيل اكثر، وربما نحن في حاجة للعودة الى الوراء لتقويم اداء المنظمة عبر مسيرة نضال الشعب الفلسطيني، لنعلم ما اذا كانت المنظمة لا تزال منسجمة مع ذاتها ومع الغاية التي قامت لاجلها.
فخلال ما يزيد على اربعة عقود من تاريخ النضال الفلسطيني، مرت المنظمة التي انشئت على يد النظام العربي الرسمي وبقرار من المؤتمر الفلسطيني في القدس بتاريخ 28/05/1964 بمراحل كثيرة وطرأت عليها تحولات عدة، واذا كنا في صدد الحديث عن كونها لا تزال تمثل الاطار الجامع للفصائل الفلسطينية ام لا، فلا بد من التأكيد بأن الاطار الجامع لا بد ان تتوافر فيه شروط ذاتية وموضوعية كي تلتقي حولها الفصائل كلّها.
واذا تجاوزنا الوجود الفلسطيني في الأردن، ومعارك أيلول الأسود، والوجود الفلسطيني في لبنان بين الأعوام 1968 و1982، ومن ثم الانتقال الى تونس، نستطيع ان نقول ان عام 1974 شكل نقطة التحول الاهم في تاريخ المنظمة وخروجها المحرمات – الثوابت التي كانت من مبررات وجودها وقيامها. فبعدما كانت المنظمة ترفض مشروع الملك حسين ومبادرة روجرز عام 1969، وخصوصاً أنها تتجاهل الأراضي المحتلة عام 1948، ولأنها تقود للإعتراف بـ"إسرائيل". اقر المجلس الوطني البرنامج المرحلي المعروف بالنقاط العشر، لتأتي دعوة الرئيس الراحل ياسر عرفات وكلمته الشهيرة – فيما بعد- من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ترجمةً لهذه المقررات والتحولات في وسائل واهداف واستراتيجيات المشروع الوطني الفلسطيني الذي تقوده منظمة التحرير".
ويضيف "لا شك في ان منظمة التحرير استطاعت استثمار الزخم والدعم الشعبي اللامحدود لها لخفض سقف المطالب الفلسطينية تدريجاً، وتغطية انحرافاتها عن المبادئ والأسس التي قامت عليها، حيث واصلت المنظمة الهبوط في خط تنازلي مستقيم. فمن الميثاق القومي الى الميثاق الوطني والدولة الديمقراطية التي تقبل اليهود في فلسطين، ومن تحرير كامل التراب الفلسطيني الى أقامة سلطة الشعب الفلسطيني على اي بقعة يتم تحريرها وما عرف بالبرنامج المرحلي، ومن رفض القرارين 242 و338 من المجالس الوطنية المتعاقبة الى القبول الخطي- أثناء حصار بيروت عام 1982 بقرارات الأمم المتحدة كلها الخاصة بالقضية الفلسطينية من دون استثناء هذين القرارين. ولم يتوقف هذا الخط التنازلي بل تعزز لنصل الى اعلان الدولة الفلسطينية والإعتراف ضمناً بـ "إسرائيل"، والقبول بالشروط والمطالب الاميركية، وهو ما نتج منه فتح حوار فلسطيني – اميركي في تونس، والذي مهد لمفاوضات سرية انتهت بتوقيع اتفاق اعلان المبادئ (اوسلو) في البيت الابيض بتاريخ 13/09/1993، والذي اسقط المطالب الفلسطينية كلها، وانشأ السلطة الوطنية الفلسطينية بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية. ولم نقف عند هذا الحد، فحتى ميثاق المنظمة تم تغييره في شهر نيسان 1996، اذ تم الغاء اهم بنوده الجوهرية المتعلقة بثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه.
لا يخفى على احد ان قرار انشاء السلطة الفلسطينية، الذي تمخضت عنه اتفاقية اوسلو، كان في مثابة عملية الغاء او تجميد لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث اصبح دورها هامشيا وبدأ بالتراجع تدريجا وبشكل شبه مبرمج، اذ دأبت الاطراف العربية والدولية على احلال السلطة الفلسطينية والتعامل معها بدلا من منظمة التحرير. وحتى مؤسسات المنظمة تم تهميشها او استبدالها بمؤسسات جديدة تابعة للسلطة الفلسطينية ومنافسة لها، ولم يبق منها الا الهيكل الخارجي والاسم. فالمجلس الوطني من المفترض ان يجتمع كل عام ولفترة انتخابية محددة في النظام الاساسي بثلاثة اعوام، الا ان هذا الامر تم اهماله مقابل التجديد للاعضاء او زيادة عدد اعضاء المجلس من الرئيس الراحل ياسر عرفات، حتى وصل عدد اعضائه الى زهاء 800 عضو معينين وغير منتخبين".
تذويب والغاء
وينتقد الرفاعي حلول محمود عباس محل الرئيس الراحل ياسر عرفات في رئاسة المنظمة والسلطة، لان ذلك عزز عملية التذويب والالغاء هذه حتى باتت المنظمة مجرد اسم بعيدة عن الفعل والتاثير، وخصوصا ان اللجهة التنفيذية اصبحت تحصيل حاصل لا تجتمع الا للموافقة على ما يطرحه رئيسها، ولتمرير الاتفاقات والمعاهدات المختلفة، كما ان معظم اعضاء اللجنة انتهت مدتهم الفعلية والقانونية، ولا يحققون النصاب القانوني، مما يضعها قانونا في حكم الملغية والمنتهية بتغيب اكثر من ثلث اعضائها لأسباب مختلفة.
ويختم: "لقد واظب الشعب الفلسطيني على النظر الى المنظمة بوصفها انجازا وطنيا مهما لاعتبارات كثيرة، لكن الاهم ان المنظمة وان كانت غير صالحة بوضعها الراهن لتكون اطارا جامعا للشعب الفلسطيني، فهذا لا يعني العمل على الغائها او رفضها، بل بالعكس، نحن في حاجة الى اعادة النظر ليس بهيكليتها فحسب بل بكل جوانبها وابعادها، وخصوصا ان البناء منهار وهو في حاجة الى اعادة بناء حقيقية تراعي المتغيرات على الخريطة السياسية الفلسطينية وتستفيد من التجارب المريرة التي خاضتها المنظمة حتى يومنا هذا.
اولى الملاحظات التي تتبادر الى الذهن عند الحديث عن اعادة الهيكلة تتصل باحتفاظ السيد محمود عباس بمنصبي رئيس اللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية. والحال ان ادراك المآل الذي وصلت اليه منظمة التحرير، يعني الحاجة الى تفرغ كامل للبحث في شؤونها وشجونها، اذا كانت النية متجهة الى احيائها او انهاضها فعلا. اما الوضع الراهن فيعكس احد امرين. اما الابقاء على المنظمة عنوانا اثريا ملحقا بالسلطة بلا وجود فعلي، واما اجراء خطوات تزيينية على مبنى منها، والقول اننا نعيد البناء.
ربما يتساءل بعضهم: هل المنظمة ضرورة؟ والجواب نعم. فسبب الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الموزع بين الاراضي المحتلة عام 1948، والاراضي المحتلة عام 1967، وبلدان الشتات، فانه في حاجة الى مرجعية وطنية جامعة تؤكد وتجسد عمليا وحدة الشعب في كل اماكن وجوده ووحدة ارضه. اضافة الى كونها تحظى – حتى الآن – باعتراف عربي واسلامي ودولي، يستحيل في الظروف الراهنة ان يحصل عليه اي اطار جامع جديد أو بديل. وبعكس السلطة التي نتجت من اتفاق مع الاحتلال، فان المنظمة هي منجز عربي وفلسطيني وهي بهذه الصفة ليست حصيلة لحظة طارئة، بل هي في نشأتها اداة اصيلة وضرورية للكفاح من اجل حق الشعب الفلسطيني في ارضه، وبناء كيانه السياسي الوطني على هذه الارض كلها.
في ضوء هذه الاعتبارات، يصبح السؤال المطروح هو: اي منظمة تحرير نريد؟ فالمنظمة التي لم تلحظ حتى في "الميثاقين"، وفي برامجها السياسية المتلاحقة، "اسلامية" فلسطين لا يمكنها ان تنهض الآن من دون القوة الاسلامية، والتي هي اساسية في المشهد الفلسطيني اليوم، ممثلة بحركتي "الجهاد" و"حماس"، وما احدثته هاتان الحركتان الجهاديتان في الواقع الفلسطيني، وهذا يعني ان البرامج التي كانت انعكاسا لتوجهات القوى التي شكلت المنظمة، يجب ان تكون انعكاسا لبرامج وواقع القوى الفاعلة اليوم، ونظرتها الى الصراع والى مهمة المنظمة".
 
 [2 من 2]...
علي فيصل: قيام السلطة الوطنية لا يلغي وظيفة المنظمة
مروان عبد العال: ليس لدى "حماس" رغبة في تفعيل دورها
تعتبر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ثاني اكبر فصيل فلسطيني بعد "فتح" في منظمة التحرير الفلسطينية. وتميز زعيمها الراحل جورج حبش بثورويته الفائضة وخلافاته مع ابو عمار حول عملية السلام والصلح مع اسرائيل، اما "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" فلها ملاحظاتها على اداء المنظمة. ماذا يقول ممثلا هاتين الجبهتين في لبنان عن المنظمة؟
من الطبيعي بعد مرور ما يزيد على اربعة عقود على انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ان تكون منظمة التحرير بمؤسساتها كلها خاضعة لجملة من التطويرات، بما ينسجم وطبيعة التغييرات التي طرأت على العالم واثرت بالتالي على طبيعة النضال الفلسطيني ومساره. كما من الطبيعي ان يكون شعار اعادة بناء مؤسسات المنظمة وتفعيلها جزءا من برامج الفصائل الفلسطينية كلها وخصوصا فصائل منظمة التحرير، انطلاقا من الحرص على هذه الكيانية التي لا تزال تشكل الاطار الجامع للشعب الفلسطيني اينما وجد.
والمنظمة، كونها الاطار التمثيلي الجامع الذي يمثل جميع الفلسطينيين اينما وجدوا وعلى مختلف انتماءاتهم السياسية، هي تعبير عن شرعية انتزعها الشعب الفلسطيني بتضحيات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين.
 لم يأت انجاز المنظمة كمنحة من هذه الدولة او تلك ولم تكن منّة من هذا النظام الرسمي او ذاك، بل ان منظمة التحرير استمدت شرعيتها التمثيلية، سواء على المستوى الفلسطيني او المستويين الاقليمي والدولي، من التوافق الوطني بين قوى الشعب الفلسطيني وتياراته، ومن نضالها المتواصل على امتداد اكثر من ربع قرن، وحصولها على شرعية سياسية وقانونية وثوروية في آن.
صحيح ان المنظمة ولدت في زمن النهوض الفلسطيني والعربي القومي وفي زمن الانتصارات التي حققتها حركات التحرر العالمي ووجود الاتحاد السوفياتي والمنظمومة الاشتراكية ودول عدم الانحياز الداعمة القضية الفلسطينية، غير انها تحولت على يد أبناء الشعب الفلسطيني إطارا وطنيا "تنتظم فيه حركة التحرر الوطني الفلسطينية بفصائلها وتياراتها وقواها السياسية المختلفة، وبنت لنفسها برنامجها السياسي الوطني (العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة) وشقت طريقها تحت سقف هذا البرنامج لتحتل موقعها في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية، وأصبحت إطارا يتوحد فيه شعب فلسطين الذي صارت له ممثلياته في العالم كله، بعدما كان مجرد تجمعات غير معترف لها بكيانيتها السياسية.
فيصل: انتخاب مجلس وطني جديد
عضو المكتب السياسي في "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" علي فيصل يعتبر ان ثمة قضيتين يحاول بعضهم ان يخلط بينهما هما: قضيتا المعنى والمبنى، اي المكانة التمثيلية للمنظمة والاصلاح.
ويوضح "إن إعلان القاهرة (2005) ووثيقة الوفاق الوطني ( 2006) أقرتا ضرورة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير عبر إعادة انتخاب مجلس وطني جديد، بموجب قانون انتخابي يستند إلى مبدأ التمثيل النسبي الكامل. كذلك أقرت الوثيقة عناوين البرنامج السياسي للحركة الوطنية الفلسطينية، وإذا ما جرى الربط بين قضية إصلاح المنظمة والبرنامج الذي تبنته وثيقة الوفاق الوطني، بات واضحا أن الجهود الوطنية يجب أن تنصب على تطبيق الوثيقة المذكورة، وليس بالدعوة إلى مرجعية بديلة.
وان إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية ضرورة وطنية، قومية، دولية، لا يجب أن يدخل في التكتيكات السياسية النفعية. فمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية منذ دخلتها فصائل المقاومة في العام 1969 أصبحت ولا تزال الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والكيانية الوطنية الفلسطينية، فلسطينيا، وعربيا، وإسلاميا، ودوليا. ففي الأمم المتحدة وكل المؤسسات الدولية تمت من خلال المنظمة إعادة النهوض بالشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية، وذلك بعد سنوات من الضياع أعقبت النكبة الفلسطينية والعربية الكبرى في العام 1948، التي أدت إلى طمس الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية.
لذلك، فإن قيام السلطة الفلسطينية لم يلغ ولا يجب ان يلغي وظيفة منظمة التحرير، انطلاقا من خصوصية القضية الوطنية الفلسطينية بين شعب يعيش فوق ارضه، بمواطنيه ولاجئيه، وجزء آخر من هذا الشعب يعيش في منافي اللجوء والشتات. ما يعني ان قيام السلطة الفلسطينية وحتى بناء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 لن يكون المحطة الختامية في مسيرة التحرر الوطني للشعب الفلسطيني. ولأن الامر كذلك، فان قيام السلطة، والدولة حتى، لا يلغي الحاجة الموضوعية الى استمرار بقاء منظمة التحرير كاطار موحد للشعب الفلسطيني وحركته الوطنية التحررية. من هنا، فإن تغييب المنظمة وموقعها التمثيلي ستكون له تداعياته السياسية والقانونية على اوضاع الفلسطينيين الذين لم تتحقق لهم سبل العودة الى ديارهم وممتلكاتهم وفقا لما نص عليه القرار الرقم 194".
ويؤكد فيصل أن منظمة التحرير الفلسطينية" لا تزال ضرورة وطنية نضالية ولم تفقد دورها التاريخي. وهو ما يدعو الى التأكيد مجددا ان النضال الآن ينبغي ان ينصب في اتجاه اعادة الاعتبار الى المنظمة باستعادة البرنامج الوطني المشترك ومن خلال اعادة بناء مؤسساتها على اساس من الديموقراطية والتعددية الائتلافية بعيدا من الاستئثار والتفرد في عملية صوغ القرار، والاستفادة بذلك من واقع المكانة التمثيلية للمنظمة التي لا تزال مصونة عربيا ودوليا، ومكانتها النضالية والسياسية التي ما زالت ايضا محفوظة وسط الشعب الفلسطيني". ويضيف: "ان منظمة التحرير هي الوعاء والاطار السياسي والقانوني الذي يجب ان يتسع للجميع، وحين يتحدث بعضهم اليوم عن اطار بديل لمنظمة التحرير فهم يتنكرون لكل ما قدمه شعبنا من تضحيات ليس آخرها تضحيات شعبنا خلال العدوان على غزة. وقد أثبتت وقائع العدوان على غزة ان فصائل منظمة التحرير ("الجبهة الديموقراطية" و"الشعبية" و"فتح") قاومت العدوان كما قاومت "حماس" و"الجهاد" في نفس الخندق، وقدمت كلها شهداء في الدفاع عن أبناء شعبنا، وأعدادا متقاربة من الشهداء، وأداء متشابها جداً، وكان يمكن أن يرتقي لو استجابت "حماس" لندائنا بتشكيل جبهة مقاومة متحدة وغرفة عمليات عسكرية مشتركة.
إن الدعوة الى بناء مرجعية فلسطينية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تشكل نقلة خطرة في العلاقات الوطنية الفلسطينية. فهي تقطع الطريق على الدعوات الى حوار وطني شامل ينهي الانقسام ويستعيد الوحدة الداخلية، وتنذر بإدامة الانقسام وتكريسه، الأمر الذي يفتح الباب للعبث بشرعية التمثيل الفلسطيني، ويعرض المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني لمخاطر حقيقية، ويضعف حركة الالتفاف الشعبي والدولي حول القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة لشعب فلسطين.
لقد اكدت تجربة الانقسام المميت التي عاشتها الساحة الفلسطينية على مستوى السلطة بجناحيها في رام الله وغزة ان منظمة التحرير شكّلت صمام أمان لناحية الحفاظ على موقعها التمثيلي وابقاء القضية الفلسطينية حاضرة على "أجندة" المجتمع الدولي، وخصوصا في ظل الحصار الذي فرض على الشعب الفلسطيني منذ حملة "السور الواقي" على الضفة الغربية، حيث كان الهدف الغاء الحقوق الفلسطينية بشكل كامل تحت عنوان "غياب الشريك الفلسطيني" وصولا الى العدوان على قطاع غزة والاهداف السياسية التي من ضمنها استحضار المشاريع الاسرائيلية السابقة الهادفة الى فرض حلول اقليمية بالحاق قطاع غزة بمصر وضم الضفة الغربية الى الاردن".
عبد العال: أمام قوى أليسار مهمات جسام
لا تزال "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ترفض ما تسميه سياسة التسويف وكذلك عارضت اتفاق اوسلو الموقع بين منظمة التحرير واسرائيل في العام 1993.
عضو المكتب السياسي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" مروان عبد العال يعتبر ان موضوع المنظمة من أكثر العناوين إشكالية وحساسية والتباسًا، وبالتالي يحتاج تناوله إلى درجة وافرة من المسؤولية.
ويشرح: "إنّ مفهوم المنظمة كإطار وطني أو دور ووظيفة أشمل من عنوان الوحدة الوطنية، وإن كان الأخير مستغرق فيها في مراحل النضال السابقة، حيث تداخلت في المنظمة ورسمت صورتها مفاهيم ومكانة السلطة والدولة والمجتمع ومكانتها في آن. وتكمن الإشكالية الكبرى التي واجهتها منظمة التحرير الفلسطينية في أن الجميع كان يتعامل معها في الممارسة الحقيقية كإطار لوحدة القوى السياسية ومن زاويته الخاصة، وليس تعبيرًا ماديًا ومعنويًا عن المصالح الوطنية الفلسطينية العليا.
نجد ترجمة فعلية لهذه الإشكالية في الطريقة التي تعاملت بها أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية مع منظمة التحرير. لقد تعاملت معها حركة "فتح" مثلاً، ومنذ وقت مبكر، باعتبارها حاملة تنظيميا وسياسيا لبرنامجها الخاص، وبالتالي هبطت بها من المستوى الوطني الجامع والمعبّر عن وحدة الشعب إلى مستوى الإستخدام التنظيمي الفئوي الضيق، وبالتالي رأت من حقها الطبيعي السيطرة على مقدراتها ومؤسساتها كلها.
هكذا، وبدلاً من أن تصبح المنظمة إطارًا لجذب الطاقات المادية، والكفاءات المعنوية لعموم الشعب الفلسطيني، وتدار على أساس رؤية وطنية ترتقي إلى مستوى الصراع المفتوح مع الإحتلال، وتطوّر فعالية الشعب الفلسطيني وترسخ مؤسساته السياسية والإجتماعية على أسس وقيم ديموقراطية، جرى تحويل المنظمة، بفعل السياسة القاصرة، إلى مجرد إطار تستخدمه القوة المهيمنة لتوفير الشرعية لخياراتها وبرنامجها الخاص.
تخطي هذا الفهم وتلك الممارسة الفئوية القاصرة والإستخدامية لمنظمة التحرير كان ولا يزال يشترط امتلاك رؤية سليمة تجاه المنظمة، ترتقي بها إلى مستوى التمثيل الحقيقي لخيرة كفاءات الشعب الفلسطيني. وهذا بدوره يشترط الإنضباط للديموقراطية، التي تشكل الضمانة الأكيدة لكبح العبث أو الإرتداد عن الخيار الوطني الذي تقرره الأغلبية من خلال عملية ديموقراطية تعكس رأي الشعب الفلسطيني ومصالحه وحقوقه وارادته.
ولم تتخط قوى المعارضة، على تلاوينها المختلفة اليسارية والوطنية، هذا الخلل المنهجي. فالمظهر الرئيسي لفكر قوى المعارضة وممارستها كان الإنضباط، بوعي أو من دونه، لأصول اللعبة كما صنعتها وكانت تديرها القوة المهيمنة، وتعاملت مع المنظمة كإطار لتنظيم عمل الفصائل وعلاقاتها، وبالتالي استنزاف الصراع على " الكوتا"، بينما وظيفة المعارضة ودورها هما كبديل ديموقراطي تاريخي شامل قولاً وفعلاً. لم تقصّر القيادة المتنفذة في استخدام عجز المعارضة وضعفها وتشتتها لتعميق حالة الاستنزاف تلك".
إتفاق القاهرة والاصلاح المنشود
وينقد عبد العال عدم تطبيق اتفاق القاهرة ويوضح:" لم تبذل رئاسة السلطة أي جهد جدي لإحياء أو تفعيل المنظمة، ولم تحاول أن تضع اي آليات للبدء في عميلة البناء والتفعيل. وبالنظر إليها من جهات عدة على أنها جزء من إرث الماضي، والذي جعل " اتفاق أوسلو " مجرد وظيفة إستخدامية في الوقت المناسب لفرض استحقاقات سياسية في مسار المفاوضات، لذلك كان من مخاطر هذا الإتفاق تفكيك منظمة التحرير الفلسطينية. من هنا فإنّ حركة "فتح" والرئيس أبو مازن يتحملان المسؤولية الأولى في عدم دفع اتفاق القاهرة إلى التطبيق العملي.
في اطار الهدف عينه فإنّ حركة حماس ليس لديها الرغبة ولا الإيمان بإحياء منظمة التحرير وتفعيلها من منطلقات مختلفة، كونها أولاً ليست بالأساس في إطار المنظمة، وثانيًا نظرتها الى المنظمة التي لا ترى فيها في هذه المرحلة إلا إطاراً ميتاً لا ضرورة لإحيائه. كما ترى أن ميثاق المنظمة لا يتضمن أو يتلمس البعد الإسلامي في النضال الوطني، إنما يقتصر على البعد العلماني، بالإضافة إلى أنها ترى أن وزنها في مؤسسات المنظمة يجب أن يساوي وزنها في المجلس التشريعي، ولا ترى أهمية لبعض الفصائل التي لا وزن لها داخل المنظمة على حساب حضورها وفعلها هذا من دون أن نفصل مفاعيل الإنقسام الفلسطيني، بعد إقدام حركة حماس على الحسم العسكري في قطاع غزة، وما شكله كإضعاف لامكان التوافق على تطبيق إعلان القاهرة ووثيقة الأسرى. كما أن ردود الفعل للسلطة في رام الله على الحسم العسكري في قطاع غزة عبر المراسيم الرئاسية وتشكيل وزارة جديدة وممارسات ميدانية ضد حركة "حماس"، قد جعلت من إحياء وتفعيل منظمة التحرير أمراً ليس وارداً في المدى المنظور على أساس اتفاق القاهرة. وفي ظل هذا التباعد والإنقسام والرؤى المختلفة تتجلى عمليات التنافس والإستقطاب والتجييش وتركيز السلطات في كل من رام الله وغزة، كما كانت عشية الحرب على غزة، واستمرّت بوتيرةٍ أكثر ارتفاعاً بعدها، في لغة التخوين والتكفير والتشكيك مما أدى إلى صب الزيت مجدداً على نار الإنقسام".
ويختم عبد العال معتبرا "إنّ إنجاح الحوار يحتاج إلى بيئة حوار، وقبل ذلك إلى إرادة حوار، على أن يكون الحوار ذا بعد وطني شامل في تناول كل الموضوعات المطروحة ويشمل كل القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، ويخرج باتفاق مرتبط بآليات عمل وطنية وليس بحوارات ثنائية تنتهي بحصص فئوية. لذلك "الجبهة الشعبية" جادة في التمسك بمواقفها الثابتة من جهة ونظرتها الى منظمة التحرير الفلسطينية من جهة أخرى، وتعي أن وظيفتها الوطنية والكفاحية والسياسية وتمثيلها للشعب الفلسطيني عموما يتطلبان إعادة هيكلتها وبنائها، بما يجعل من السلطة الفلسطينية ذراعا لها في الداخل وليس بديلا عنها، وأن عملية البناء والإصلاح وتفعيل المؤسسات تتم عبر المجال الديموقراطي التنظيمي في إخضاع تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني للإنتخابات وفق التمثيل النسبي الكامل، وعبر إنخراط كل القوى الوطنية والإسلامية ومشاركتها في عملية البناء، والهدف السياسي استعادة روح المنظمة كحركة تحرر وطني لكل الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وفق استراتيجية فلسطينية عليا تعكس وحدة الأرض والشعب والقضية الفلسطينية كثوابت وطنية ووفق برنامج وطني كفاحي يخدم نضالنا المشروع لتحقيق حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
 • • •
يبقى البحث عن بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية طريقا شائكا امام الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. علماً ان زهاء 68% من الفلسطينيين يعيشون في الدول المجاورة لفلسطين وفي انحاء العالم و لم يشاركوا في الانتخابات. السؤال: هل هؤلاء يجدون في المجلس التشريعي الفلسطيني ممثلاً لهم؟
اشارة الى اننا حاولنا مراراً الاتصال بممثل "حركة حماس " في لبنان الدكتور اسامة حمدان للوقوف على رأيه في هذا الموضوع، لكننا لم نصل الى نتيجة.
 

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,574,686

عدد الزوار: 7,638,047

المتواجدون الآن: 0