"حزب الله" يكرر لبنانياً تجربة بن لادن.... وإيران ليست حليفة للفلسطينيين والعرب

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 نيسان 2009 - 12:18 م    عدد الزيارات 683    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر     
"حذّر مسؤول عربي كبير جهات دولية وإقليمية رسمية من الابعاد اللبنانية للمواجهة القائمة بين مصر وحزب الله نتيجة اتهامات القاهرة لقيادة الحزب بالتآمر من خلال خلايا سرية تابعة لها تضم لبنانيين وفلسطينيين وعرباً مكلفين تقديم مساعدات عسكرية وغير عسكرية الى حماس في قطاع غزة ومكلفين ايضاً العمل ضد النظام وتنفيذ هجمات ضد اهداف اسرائيلية واجنبية ومصرية مما يشكل تهديداً جدياً للامن القومي المصري وانتهاكاً لسيادة مصر وخرقاً لقوانينها وتحدياً لمؤسساتها الشرعية. وشدد المسؤول العربي الكبير على ان حزب الله يتحرك وينشط كصاحب مشروع اقليمي يتحدى بقوة السلاح ارادة اللبنانيين وتطلعاتهم، وكأداة تنفيذية لمخطط ايراني على امتداد المنطقة يتعارض في مضمونه مع مصالح اللبنانيين وسائر الدول والشعوب العربية ويشكل خطراً عليها".
هذا ما اكدته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية وعربية وثيقة الاطلاع في باريس، وكشفت ان المسؤول العربي ركّز على ثلاثة امور اساسية تتعلق بالابعاد اللبنانية لقضية المواجهة بين مصر و"حزب الله" هي:
اولاً ان "حزب الله" يتصرف على اساس انه يريد استخدام لبنان كقاعدة انطلاق لنشاطات واعمال متنوعة على صعيد المنطقة تتم تحت غطاء دعم المقاومة، وتدخل في الواقع في اطار الخطط الايرانية الهادفة الى زعزعة امن الدول العربية المعتدلة واستقرارها، وعلى رأسها مصر والسعودية، والداعمة للبنان المستقل، وكأن الحزب يريد ان يكرر في لبنان تجربة اسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" في افغانستان حين حوّل هذا البلد قاعدة انطلاق لهجمات ارهابية ضد اميركا ودول اخرى.
ثانياً، ان "حزب الله" يستغل امتلاكه دولة مسلحة تابعة له ومستقلة عن الدولة اللبنانية الشرعية لكي يحاول ان يعطي لبنان دوراً مختلفاً جذرياً عن دوره الطبيعي بحيث يصبح هذا البلد ساحة مواجهة مفتوحة مع دول عربية معتدلة وكذلك مع اسرائيل خدمة لمصالح سوريا وايران، وساحة مواجهة مشاركة في تعميق الانقسام الفلسطيني لمصلحة حماس والقوى الرافضة حل النزاع سلمياً، وساحة تصدير للثورة الايرانية ولمخططاتها الى عدد من دول المنطقة.
ثالثاً، ان مشروع "حزب الله" الاقليمي هذا القائم على التدخل في شؤون دول اخرى وعلى مساندة القوى المتشددة يشكل تهديداً جدياً للبنان وللسلم الاهلي فيه لانه اكبر من قدرات هذا البلد وطاقاته، ولان تنفيذه يتم خارج اطار الدولة والسلطة الشرعية وخارج اطار التوافق الوطني، اذ ان الحزب لم يحصل على تفويض من اللبنانيين لتنفيذ مشروعه هذا المتعارض مع مصالح اللبنانيين.
الاستراتيجية الحربية الحقيقية.... وكشفت المصادر الاوروبية والعربية ذاتها ان هذا المسؤول العربي المعني مباشرة بقضية شبكة حزب الله في مصر شرح لجهات دولية وعربية رسمية حقائق هذه القضية والموقف المصري منها مركّزاً على المسائل والنقاط الآتية:
1 – ان الهدف الحقيقي لحزب الله من ارسال المساعدات العسكرية وغير العسكرية سراً الى غزة عبر الاراضي المصرية ليس دعم الفلسطينيين وقضيتهم، بل دعم وتثبيت دولة حماس الانفصالية المرتبطة بالمحور الايراني – السوري والتي يضعف استمرار وجودها الموقف الفلسطيني عموماً كي يساهم في عرقلة التوصل الى حل سلمي للنزاع الفلسطيني – الاسرائيلي. وقد اخطأ الحزب حين منح نفسه الحق في ان يتدخل في الشؤون الفلسطينية بهذا الشكل، وان يقرر من جانبه طريقة معالجة قضيتهم. اذ لو ان الهدف الحقيقي للحزب مساعدة الفلسطينيين فعلاً لكان عليه ان ينسّق مع السلطة الوطنية الفلسطينية لانها هي المرجعية الشرعية للشعب الفلسطيني المعترف بها عربيا ودولياً، لكنه اختار دعم فريق فلسطيني متمرد على السلطة هو حركة حماس التي تشكل الذراع الفلسطينية للمحور الايراني – السوري كما يشكل الحزب الذراع اللبنانية لهذا المحور.
2 – ان مقاومة حماس المسلحة محدودة التأثير بسبب قدراتها الضعيفة جداً، اذ ان هذه المقاومة تزعج اسرائيل لكنها في المقابل تزيد التطرف فيها وتجلب الدمار والخراب والموت على اوسع نطاق للفلسطينيين كما حدث خلال حرب غزة الاخيرة. وهذه المقاومة لم ولن تحقق، بسبب موازين القوى غير المتكافئة بين حماس واسرائيل، اي مكاسب وانجازات ملموسة للفلسطينيين تساعدهم على تأمين حقوقهم ومطالبهم المشروعة واقامة دولتهم، بل انها تضعفهم وتعمّق الانقسام في صفوفهم ما دامت حماس متمسكة بخيارها هذا في معزل عن السلطة الفلسطينية وتضع شروطاً وعقبات عدة امام الحل الملائم الوحيد، وهو تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتوحيد الموقف الفلسطيني في التعامل مع اسرائيل ومع سائر الدول الاخرى المعنية بالامر بما يؤمن دعماً واسعاً دولياً وعربياً للقضية الفلسطينية. والسبب الحقيقي لاقدام الحزب على انشاء خلاياه السرية هذه في مصر هو انه ينفذ مع حماس استراتيجية ايرانية – سورية مشتركة تهدف الى اظهار عجز الفلسطينيين عن توحيد صفوفهم وعن اتخاذ القرارات الملائمة، وعجز الدول العربية المعتدلة عن مساعدتهم وذلك من اجل محاولة تعزيز الموقف التفاوضي لطهران ودمشق في تعاملهما مع الدول الكبرى وخصوصاً مع اميركا.
3 – اذا كان حزب الله يريد ان يعتمد مع حماس فعلاً خيار المقاومة المسلحة الجدية والمتمتعة بقدرات عسكرية حقيقية لمواجهة اسرائيل ولالحاق الاضرار بها، فيجب ان يضع المحور الايراني – السوري استراتيجية حربية للتعامل مع الدولة العبرية تقوم على اساس فتح جبهة الجولان المغلقة منذ عام 1974 امام العمليات العسكرية، وارسال قوات ايرانية الى الاراضي السورية للمشاركة في هذه العمليات وفي القتال ضد الاسرائيليين، على ان يرافق ذلك اقدام المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين على تنفيذ هجمات في وقت واحد ضد الدولة العبرية انطلاقاً من الاراضي الفلسطينية واللبنانية. لكن ايران وسوريا ترفضان بشكل قاطع التورط في اي نوع من انواع المواجهة العسكرية المباشرة مع اسرائيل، وتكتفيان باستخدام حماس وحزب الله وتنظيمات اخرى من اجل خدمة مصالحهما واهدافهما على اراضي الغير، وتعملان على ابقاء لبنان ساحة مواجهة مفتوحة مع اسرائيل وعلى اعتماد خيار المقاومة المسلحة المحدودة وغير المتكافئة والمدمرة للفلسطينيين انطلاقا من غزة.
الدور السوري والدور الايراني....
4 – تصرف حزب الله على اساس ان مصر ساحة مستباحة يستطيع التحرك فيها كما يشاء وتشكيل خلايا سرية والقيام بنشاطات مختلفة وفقا لما يلائمه مستخدما لتغطية اعماله هذه ذريعة دعم المقاومة، وعلى اساس ان هذه الذريعة كافية وحدها لتأمين "شرعية" لكل ما يقوم به في هذا البلد. لكن حزب الله ليس صادقا في توجهه هذا، اذ لو اراد فعلا اعتماد خيار المقاومة المسلحة في التعامل مع اسرائيل باي ثمن، وبقطع النظر عن موقف هذا البلد العربي او ذاك، لكان عليه ان ينشط في سوريا وليس في مصر. ذلك ان مصر استعادت كل اراضيها المحتلة بعدما وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل فاصبحت هذه المعاهدة وثيقة دولية مدعومة رسميا من مجلس الامن ومن المجتمع الدولي عموما بحيث يؤدي اي انتهاك لها الى ردود فعل اسرائيلية واميركية ودولية تنعكس سلبا على الاوضاع في مصر، ومن شأنها جر هذا البلد الى نزاع مسلح جديد مع الدولة العبرية. اما سوريا فلا تزال ارضها محتلة منذ عام 1967 وهي وقعت اتفاق فك ارتباط مع اسرائيل عام 1974 لكنها ترفض منذ ذلك الحين السماح باي نشاطات عسكرية ضد اسرائيل انطلاقا من اراضيها، كما ترفض اعتماد الخيار العسكري لاستعادة الجولان المحتل وتصر على اعتماد الخيار الديبلوماسي والسلمي وحده على رغم ان هذا الخيار لم يحقق اي نتائج حتى الآن. ولذلك فان ثمة دوافع ومبررات "وطنية" اقوى يستطيع حزب الله، لو اراد، الاعتماد عليها للتحرك سرا في الاراضي السورية من اجل ارسال مقاتلين منها الى اسرائيل وتهريب الاسلحة عبرها الى شبكات مقاومة يتم تشكيلها من عرب الجولان. لكن حزب الله لم يفعل ذلك بل اختار القيام بنشاطاته السرية هذه في الساحة التي تنسجم مع اهدافه ومخططاته السياسية، فانتهك سيادة مصر وبدا فخورا ومعتزا بعمله هذا، ليس من اجل مساعدة  الفلسطينيين بل من اجل خدمة المحور الايراني – السوري الراغب في اضعاف الدول العربية المعتدلة لكي يقنع اميركا والدول الكبرى الاخرى بان هذا المحور هو القوة الصاعدة الجديدة في الشرق الاوسط، وانه يجب بالتالي التعاطي والتفاوض معه لكي يتمكن المسؤولون الاميركيون والاوروبيون من معالجة مشاكل المنطقة. وفي هذا المجال اكد المسؤول العربي الكبير ان نظام الرئيس بشار الاسد يحاول باستمرار اعطاء انطباع بانه اكثر الانظمة العربية دعما للمقاومة، لكنه في الواقع يرفض المجازفة بارضه ومصالحه من اجل الفلسطينيين، لذلك هو يعارض بشكل مطلق السماح لتنظيم مسلح كحزب الله بامتلاك الاسلحة والعمل في الاراضي السورية.
5 – يركز المسؤولون المصريون حملاتهم على الدور الايراني في هذه القضية، ويمتنعون حتى الآن عن شن حملة مباشرة وقاسية على النظام السوري. لكن الواقع هو ان المسؤولين المصريين يدركون تماما ان نظام الاسد شريك ايضا في مؤامرة حزب الله هذه لانه مرتبط ارتباطا وثيقا بالاستراتيجية الايرانية ولانه لا يزال يرفض المصالحة الحقيقية مع مصر والسعودية والدول العربية المعتدلة لان هذه المصالحة تقوم على اساس توحيد الموقف العربي في التعامل مع الجمهورية الاسلامية وبذل جهود عربية مشتركة لاحباط التدخلات الايرانية السلبية والخطرة في شؤون عدد من الدول، ووضع حد لمساعيها الهادفة الى فرض الهيمنة الايرانية على المنطقة وضرب المصالح العربية الحيوية وتهديد الامن القومي العربي. وفي هذا المجال اكد المسؤول العربي الكبير للجهات الدولية والعربية الرسمية المعنية بالامر "ان ايران ليست دولة حليفة للفلسطينيين والعرب بقطع النظر عما يردده الايرانيون وحلفاؤهم، بل ان ايران حليفة لذاتها ولمصالحها، وهي تستغل حلفاءها الفلسطينيين واللبنانيين والعرب وتشجعهم على المواجهة المسلحة مع اسرائيل، لكنها تمتنع في المقابل عن المشاركة في القتال معهم. كما انها تعجز عن ايجاد اي حلول لمشاكلهم بسبب ضعف علاقات المحور الايراني – السوري مع الدول البارزة والمؤثرة اقليميا ودوليا. ولن تصبح ايران حليفة حقيقية للعرب ما لم تعترف بحقهم المشروع في ممارسة سيادتهم على أراضيهم، وفي اتخاذ القرارات التي تلائم شعوبهم ومصالحهم، وما لم تتعامل باحترام مع سلطاتهم الشرعية وتتقبل او تتفهم وجهات نظرهم ومواقفهم في ما يتعلق بمعالجة قضايا المنطقة، وما لم تتوقف عن التدخل سلبا في الشؤون العربية وعن زرع الشقاق والخلافات في صفوف الفلسطينيين والعرب، وما لم تمتنع عن محاولة فرض مطالبها وشروطها على العرب بالقوة او بوسائل الضغط المختلفة".
6 – الحملة السياسية والاعلامية القاسية التي تشنها مصر على حزب الله لها مبرراتها واسبابها. فهي تعكس خطورة هذه القضية وتهدف الى تسليط الاضواء بقوة على "الدور التخريبي" لايران وحلفائها في الشرق الاوسط، وعلى مساعي الجمهورية الاسلامية لتصدير ثورتها الى دول عربية عدة من اجل زعزعة الامن والاستقرار فيها بايد عربية، وتهديد انظمتها خدمة لمخططاتها التوسعية الحقيقية في المنطقة. وقد انزعج حزب الله والمسؤولون الايرانيون من هذه الحملة السياسية – الاعلامية قدر انزعاجهم من اكتشاف الخلايا السرية التي زرعوها في مصر، لان هذه الحملة تؤدي الى ايجاد رأي عام مصري وعربي ولبناني معاد للدور الايراني ورافض لمشروع حزب الله الاقليمي الذي يستهدف دولا عربية عدة خدمة لمصالح المحور الايراني – السوري المتشدد والذي يقوم على اضعاف القضية الفلسطينية فعلا وكذلك على اضعاف السلطات الشرعية وتهديد السلم الاهلي في عدد من الدول عبر القيام بنشاطات تخريبية او استخدام القوة المسلحة واعمال العنف والتهديد المختلفة، وبقطع النظر عما يمكن ان تعانيه شعوب هذه الدول وتتكبده من خسائر بشرية ومادية، ومن دون ان يؤدي ذلك الى تقوية الموقف الفلسطيني واللبناني والعربي في التعامل مع اسرائيل واخطارها وتهديداتها المختلفة في المنطقة.

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,558,715

عدد الزوار: 7,637,454

المتواجدون الآن: 0