المسألة لا تتعلق بنا وحدنا

تاريخ الإضافة الثلاثاء 30 تشرين الأول 2012 - 6:16 ص    عدد الزيارات 806    التعليقات 0

        

 

المسألة لا تتعلق بنا وحدنا
توماس فريدمان()
يمكن تلخيص الخطاب الذي ألقاه ميت رومني بنقطة واحدة: كل الوضع السيئ الذي يمر به الشرق الأوسط اليوم يعود إلى الضعف في قيادة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وإذا كان لهذا الخطاب أي مؤشر حول طبيعة تفكير رومني في السياسة الخارجية، فعلينا أن نشعر بالقلق. لم يكن خطاباً متطوراً في وصف التطلعات المعقدة لشعوب الشرق الأوسط. لم يكن دقيقاً في وصف ما قام به أوباما، أو نزيهاً حيال المواقف السابقة التي أعلنها رومني. كما لم يكن مقنعاً أو خيالياً في ما يتعلق بالخيارات الاسترتيجية البديلة التي يقدّمها. أسوأ رسالة يمكننا توجيهها إلى الشرق أوسطيين اليوم هي أن مستقبلهم كله مرهون "بما نقوم به". إنه ليس كذلك. لم يكن العالم العربي- الإسلامي يوماً أكثر تعقيداً وبحاجة إلى مقارباتنا له ومقاربتهم- بطريقة مختلفة جذرياً كما هو اليوم.
منذ انطلاق الصحوة العربية، حاولت الولايات المتحدة إيجاد الطرق المناسبة للتواصل مع الشبان العرب الذين أطلقوا شرارة الثورات، علماً أن 60% من سكان العالم العربي هم دون الخامسة والعشرين من العمر. لو كان الأمر بيدي، لكنت كلّفت آرن دانكان، وزير التربية والتعليم الأميركي، بإدارة السياسة الأميركية في العالم العربي والإسلامي. نحن بحاجة إلى الخروج من مرحلة الحرب الباردة وصفقات بيع السلام في الشرق الأوسط لإبقاء "الرجل القوي" إلى جانبنا ومتحكماً في السلطة، كما نحن بحاجة لرعاية "السباق إلى القمة" في العالم العربي والإسلامي الذي يساعد عوضاًَ عن ذلك، على تقوية المؤسسات والأشخاص الذين سيريدون طوعاً الوقوف إلى جانبنا.
فلنلقي نظرة على ما يجري في المنطقة. في العراق وأفغانستان، ولسوء الحظ، لم تحل مكان الديكتاتورية أنظمة ديموقراطية، بل "فساد حكومي منتخب". والفساد الحكومي المنتخب هو عندما تستبدل الديكتاتورية بحكومة منتخبة "قبل" بناء مؤسسات المحاسبة والشفافية، في وقت تتكدّس فيه أموال طائلة في العراق بفضل صادرات النفط وفي أفغانستان بفضل المساعدات الخارجية.
وفي هذه الأثناء، شهدنا في تونس، اليمن، مصر، العراق وليبيا انهيار "دول المخابرات" لكننا لم نشهد حتى الآن قيام ديموقراطيات فاعلة مكانها، حيث تكون ألأجهزة الأمنية تعمل تحت حكم القانون. وكما شاهدنا في ليبيا، أدى هذا الفراغ إلى فتح الباب أمام الجهاديين. وكما قال المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية (سي آي آيه) بروس رايدل في مقال في صحيفة "ذي دايلي بيست" "الدول البوليسية القديمة التي تسمى مخابرات بالعربية، كانت ديكتاتوريات متسلطة حكمت شعوبها اعتباطياً وبطريقة سيئة. لكنها كانت ناجحة في محاربة الإرهاب... هذه الحكومات الجديدة تحاول القيام بما لم يقم به العالم العربي من قبل خلق كيانات يطبق فيها حكم القانون وتكون الشرطة السرية مسؤولة أمام المسؤولين المنتخبين. هذا هدف بعيد المنال خصوصاً عندما يحاول الإرهابيون خلق الفوضى".
وفي الوقت نفسه، فإن الاحتقان بين المسلمين السنة والشيعة، مستمر أكثر من أي وقت مضى وهو في لب الحرب الدائرة في سوريا. كما هناك الخلاف بين المسلمين السنة أنفسهم تحديداً بين السلفيين والناشطين التقليديين من الإخوان المسلمين. ثم هناك الصراع بين جميع هذه الأحزاب الإسلامية التي تنادي بأن الإسلام هو الحل للتنمية- والقوى العلمانية الأخرى التي تشكل الغالبية في المجتمعات الشرق أوسطية لكنهم غير منظمين ومنقسمين.
كيف يمكن للولايات الأمتحدة أن تحدث تأثيراً في منطقة تحمل كل هذه الصراعات المتداخلة والأجندات؟ نبدأ بالقول بوضوح إن الحكومات العربية الجديدة تملك كامل الحرية في اختيار المسار الذي تريده لكننا لن ندعم سوى تلك التي توافق على أن: 1) تعليم شعوبها وفقاً لأحدث المعايير المتقدمة؛ 2) تعزيز وضع النساء فيها؛ 3) اعتماد التعددية الدينية؛ 4) أن تعتمد نظام الأحزاب المتعددة، تنظم انتخابات عادية وتسمح بحرية الإعلام؛ 5) أن تلتزم بالاتفاقيات التي وقعتها؛ 6) أن تراقب المتطرفين الدمويين فيها وأن تكون أجهزتها الأمنية خاضعة لسلطة القانون. هذا ما نعتقد أنه "الحل" وسباقنا يوجب علينا أن نموّل المدارس التي تروّج لهذه المبادئ.
لكن عندما نتحدث عن الإخوان المسلمين في مصر أو الحكومة الجديدة في ليبيا، فلا يمكننا أن نسمح لهم بأن يأتوا إلينا ليقولوا: "نحتاج للمال لكن سياساتنا في الوقت الحالي لا تسمح لنا القيام ببعض الأمور. أعطونا فترة سماح". لقد قبلنا هذه الجملة لمدة 50 عاماً من حكامهم السابقين ولم تسر الأمور جيداً. علينا التمسّك بمبادئنا.
سيكون صراعاً طويلاً على جبهات عديدة، وسيتطلب الأمر تغييراً كبيراً في طريقة التفكير في العالم العربي والإسلامي كما يقول حسين حقاني، السفير الباكستاني السابق لدى الولايات المتحدة "سيكون عليهم الانتقال من نظرية نحن ضدهم إلى نظرية نحن بمواجهة مشاكلنا الخاصة". ويضيف: "كما سيكون عليهم التحول من نظرية كنا ضعفاء لأننا كنا تحت الاستعمار إلى نظرية كنا ضعفاء وفقراء ولذلك استعمرونا".
يقول حقاني إنه يمكن سماع أصوات تنادي بهذه النقاط الآن "وأعتقد أنه من الأفضل أن نشجعها بأن نكون واضحين جداً حيال ما ندافع عنه. الشرق الأوسط لن يبتسم لك إلا عندما يبدأ التغيير معهم وليس معنا. في هذه الحالة فقط يمكن أن تفيدهم مساعدتنا حقاً".
ترجمة: صلاح تقي الدين
 
 

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,813,847

عدد الزوار: 7,178,579

المتواجدون الآن: 116